ألمانيا - ارتفاع قياسي في شعبية حزب الخضر وعدد أعضائه
٦ يوليو ٢٠١٩
ضمن مناخ سياسي متجدد، وصل عدد أعضاء حزب الخضر الألماني إلى رقم قياسي وكذلك نسبة شعبيته بين الناخبين. رغم ذلك فإنه يعد حزبا صغيرا مقارنة بحزب المستشارة ميركل، وحليفه الحزب الاشتراكي. ما هو سر هذا التحليق لحزب الخضر؟
إعلان
قال ميشائيل كيلنر، الرئيس التنفيذي لحزب الخضر الألماني إن عدد الأعضاء زاد خلال النصف الأول من العام الحالي بمقدار 10 ألف عضو ليصل إلى 85 ألف عضو، وهي زيادة لم تحدث بمثل هذا المقدار في مجمل عام 2018، وكان عدد أعضاء الحزب بلغ 65 ألف عضو في نهاية 2017. ووصف كيلنر هذا النمو بأنه "مثير للانتباه"، وأضاف " نشهد إقبالا في كل أنحاء ألمانيا ولاسيما في سكسونيا وبراندنبورغ (اللتين ستجري فيهما انتخابات برلمانية قريبا)، وهذا يعطينا قوة وطاقة للمعركة الانتخابية"، حسب ما نقلت ذلك عنه وكالة الأنباء الألمانية.
و من المنتظر إجراء الانتخابات البرلمانية في ولايتي سكسونيا وبراندنبورغ في مطلع أيلول/ سبتمبر المقبل. وعلى الرغم من المستوى القياسي لعدد أعضاء حزب الخضر حاليا، إلا أنه يعد حزبا صغيرا مقارنة بحزب المستشارة الألمانية انجيلا ميركل، المسيحي الديمقراطي وبالحزب الاشتراكي الديمقراطي، إذ بلغ عدد أعضاء حزب ميركل في مطلع العام الحالي نحو 415 ألف عضو، فيما يبلغ عدد أعضاء الحزب الاشتراكي في الوقت الراهن نحو 426 ألف عضو.
ولكن من حيث الشعبية يبدو الأمر مختلفا، إذ تظهر أحدث استطلاعات الرأي استمرار تنامي شعبية الخضر واحتلاله المركز الأول في قائمة الاحزاب الأكثر شعبية بالتقدم نقطة واحدة على تحالف ميركل المسيحي الذي يضم حزبها وحزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي، حيث حصل الخضر في الاستطلاع الأخير للقناة الأولى بالتلفزيون الألماني (ايه آر دي) على 26 بالمائة، فيما حصل المسيحيون على 25 بالمائة والاشتراكيون على 13بالمائة فقط.
ويملك حزب الخضر أصغر كتلة برلمانية في الكتل الست التي يضمها البرلمان الألماني (بوندستاغ) حاليا إذ أن الخضر كانوا قد حصلوا على 8,9 بالماائة في الانتخابات البرلمانية عام 2017. ويرتبط الإقبال على حزب الخضر وزيادة شعبيته بقضايا الحزب الرئيسية المتمثلة في حماية المناخ والبيئة، إذ أن ارتفاع درجة حرارة الأرض يؤرق الكثيرين.
وحسب استطلاع القناة الأولى بالتلفزيون الألماني، فإن 69 بالمائة من الألمان يرون أن الائتلاف الحاكم المكون من تحالف ميركل والحزب الاشتراكي مقصر في جهود حماية المناخ. وأعرب 92 بالمائة ممن شملهم الاستطلاع عن تأييدهم للتوسع في مصادر الطاقة المتجددة، ورأى 68 بالمائة أن رفع أسعار رحلات الطيران عبر تطبيق ضريبة على الكيروسين أمر منطقى.
في سياق ذي صلة، حذّر المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر من المبالغة في التعامل مع قضية حماية المناخ. وأضاف شرودر (75 عاماً) أن المبالغة في التعامل مع قضية المناخ تفسر ارتفاع شعبية حزب الخضر في استطلاعات الرأي، وقال: "لكنني أتنبأ بأن هذا لن يكفي على الدوام للحفاظ على هذه الجمهورية".
م.م/ ع.ج (د ب أ)
ثلاثون عاماً .. حزب الخضر
استطاع حزب الخضر أن يغير النظام السياسي والخارطة الحزبية في المانيا. في الجولة المصورة التالية نلقي نظرة على ثلاثة عقود من تاريخ الحزب.
صورة من: Getty Images
من كان يتوقع هذا آنذاك؟
قبل ثلاثين عاماً وبالتحديد في السادس من آذار / مارس 1983فاز حزب الخضر في الانتخابات التشريعية الألمانية متخطياً نسبة الـ 5% ليصل إلى البرلمان الاتحادي- البوندستاغ. اعتقد كثيرون حينها أن الخضر مجموعة من الفوضوويين وأن حضورهم السياسي مؤقت. فقط قليل من المحللين توقع أن يكون حزب الخضر هو أكثر من الأحزاب نجاحاً التي تأسست في المانيا منذ خمسينات القرن الماضي، وأن يثبت أقدامه في الساحة السياسية.
التحول من "حزب مناهض للأحزاب" إلى حزب حاكم
في البداية كان ينظر إلى حزب الخضر كـ "حزب مناهض للأحزاب"، إذ كانت المجموعات التي اتحدت وشكلت حزب الخضر مختلفة ومتنوعة من حيث انتماءاتها والمواضيع التي تهتم بها. إذ اتحدت في يناير / كانون الثاني عام 1980 مجموعات من حماة البيئة وحركة السلام ومناهضي السلاح والطاقة النووية والمدافعين عن حقوق الانسان والحركات النسائية بالاضافة إلى فنانين معروفين مثل جوزيف بويس.
صورة من: imago/Friedrich Stark
الوصول إلى البرلمان
في التاسع والعشرين من مارس / آذار 1983 توجه نواب حزب الخضر بسعادة وثقة كبيرة في النفس إلى مبنى البرلمان في مدينة بون عاصمة المانية الغربية آنذاك. والنواب الثلاثة في الصورة هم: غيرد باستيان وبيترا كيلي وأوتو شيلي (الثالث من اليسار). وفي تلك الدورة التشريعية كان للخضر 28 نائباً من أصل 520 نائباً في البرلمان الاتحادي- البوندستاغ.
صورة من: imago/Sven Simon
الوزير ذو الحذاء الرياضي
يوشكا فيشر كان أول عضو في حزب الخضر يشارك في حكومة محلية، إذ أصبح وزير البيئة في حكومة ولاية هيسن. ولدى أدائه اليمن الدستورية كان يرتدي سترة رياضية وبنطال جينز وحذاءا رياضياً عوض بدلة رسمية على عادة المسؤولين الحكوميين. وقد سبب ذلك موجة من اللغط آنذاك، واليوم تحول الحذاء الرياضي إلى قطعة تعرض في المتحف الألماني بمدينة أوفنباخ.
صورة من: picture-alliance/dpa
بعيداً عن الموضوع
"الجميع يتحدث عن المانيا ونحن نتحدث عن الطقس" هذا كان شعار حزب الخضر عام 1990 لدى توحيد شطري المانيا، إذ رفض الحزب الطريقة التي تمت بها الوحدة. والنتيجة كانت خسارة الخضر في الجزء الغربي من المانيا في الانتخابات التشريعية، وفوزهم في الجزء الشرقي من البلاد.
صورة من: imago/sepp spiegl
الصراع بين المتشددين والواقعيين
منذ البداية كان هناك صراع بين تارين في حزب الخضر، الأول كان تيار المتشددين الذين يرفضون المشاركة في الحكومة، وتيار الواقعيين الذي يدعو إلى المشاركة وتغيير النظام السياسي من الداخل. وقد وصل الصراع عام 1991 إلى ذروته باستقالة زعيمة المتشددين يوتا ديتفورت وآخرين من الحزب.
صورة من: imago/Sven Simon
الصدمة الكبرى
في اكتوبر/ تشرين الأول عام 1992 تم العثور على جثتي بيترا كيلي، ناشطة السلام المعروفة، وشريك حياتها غيرد باستيان، الأمين العام السابق للحزب. وكشف التحقيقات أن باستيان كان قد أطلق الرصاص على كيلي عندما كانت نائمة فقتلها ثم انتحر، ولم يعرف السبب فيما إذا كان مشكلة شخصية بينهما أم قرار مشترك بالانتحار.
صورة من: AFP/Getty Images
الخضر يزدادون وعياً وواقعية
تخلى الحزب عن بعض مبادئه القديمة التي أثبت الزمن أنها ليست عملية، مثل تبديل نواب الحزب في البرلمان في منتصف الدورة التشريعية. عام 1994 راهن الخضر في حملتهم الانتخابية على الشخصية الكارزيمية وزعيم التيار الواقعي، يوشكا فيشر.
صورة من: picture-alliance/dpa
جيل جديد من الساسة
حكم الاتحاد المسيحي الديمقراطي المانيا بقيادة المستشار الأسبق هيلموت كول 16 عاماً. وفي عام 1998 فاز الحزب الاشتراكي وحزب الخضر في الانتخابات التشريعية. اتفق الحزبان على تشكيل حكومة ائتلافية، وقد وقع على اتفاق الشراكة الحكومية يوشكا فيشر (وزر الخارجية لاحقاً) عن حزب الخضر وغيرهارد شرودر (مستشار المانيا الجديد) وأوسكار لافونتين (وزير المالية) من الحزب الاشتراكي.
صورة من: picture-alliance/dpa
ضرب فيشر بكيس ألوان في مؤتمر الحزب
شهد المؤتمر الاستثنائي لحزب الخضر عام 1999 نقاشاً وجدلاً حادين بسبب سياسة الائتلاف الحكومي الذي يشارك فيه الخضر، وقرار مشاركة المانيا مع حلف الناتو في الغارات الجوية على يوغسلافيا السابقة. وتم نعت يوشكا فيشر، وزير الخارجية ونائب المستشار، بداعية حرب وضربه بكيس يحتوي صباغاً أحمر أاصاب أذنه اليمنى، ما تسبب في تمزيق غشاء الطبل.
صورة من: picture-alliance/dpa
التخلي عن الطاقة النووية
في يونيو / حزيران عام 2000 وقعت الحكومة الألمانية بقيادة المستشار غيرهارد شوردر، والمكونة من ائتلاف حزب الخضر والحزب الاشتراكي، مع مدير عملاق شركات توريد الطاقة E.On على اتفاق يقضي بالتخلي عن الطاقة النووية، وإغلاق آخر محطة طاقة نووية في المانيا عام 2021. وبذلك يكون الخضر قد حققوا هدفاً أساسياً ناضلوا من أجله منذ بداية تأسيس حزبهم، وهو التخلي عن الطاقة النووية.
صورة من: picture-alliance/dpa
تمرد قواعد الحزب
اعتبر كثيرون من مناهضي الطاقة النووية، أن التخلي عنها لا يتم بالسرعة المطلوية. وتوجب على وزير البيئة آنذاك، يورغن تريتين وهو من حزب الخضر، التوقيع على قرار يقضي بنقل النفايات النووية ضمن حاويات معينة. وهذا ما نظر إليه البعض من قواعد حزب الخضر كخيانة. وحمل المتظاهرون في مدينة لونبورغ عام 2001 دمية تمثل وزير البيئة وتظهره كلعبة في يد شركات الطاقة.
صورة من: picture-alliance/dpa
هل يستمر الخضر بعد فيشر؟
بعد ستة أشهر من خسارة ائتلاف الخضر والاشتراكيين للانتخابات التشريعية انسحب يوشكا فيشر من الساحة السياسية وعن النشاط الحزبي. في يونيو / حزيران 2006 ودع الكتلة البرلمانية لحزبه. بعد رحيل فيشر برز سؤال كبير شغل رفاقه من الخضر والمحللين والاعلاميين: ماذا سيحصل للحزب بدون فيشر الذي يعد من أكثر الشخصيات تاثيراً فيه منذ تأسيسه؟ هل سيتمر الحزب قوياً بعد رحيله؟
صورة من: picture-alliance/dpa
لا انهيار في ولاية صناعة السيارات
معجزة للخضر وصدمة للخصوم. في نوفمبر / تشرين الثاني 2011 انتخب فينفريد كريتشمان، من حزب الخضر، رئيساً لوزراء ولاية بادن فوترتمبرغ، التي تعرف بولاية صناعة السيارات. بل حتى أن، فريتس كون، عمدة مدينة شتوتغارت عاصمة الولاية، من حزب الخضر أيضاً، إلا أن شركات سيارات مرسيدس وبروش مستمرة في انتاجها كالعادة.
صورة من: imago stock&people
الاخلاص للمبادئ الأساسية
رغم كل التغييرات والتطورات بقي حزب الخضر وفياً للكثير من مبادئه الأساسية ولاسيما الديمقراطية، مثل انتخاب ممثليه في الحملة الانتخابية من قبل أعضاء الحزب وليس تعيينهم من قبل القيادة. وهو ما حمل بعض المفاجآت، إذ تم انتخاب كاترين غورينغ ايكهارت وهي بروتستناتية من شرقي المانيا، وزعيم التيار اليساري في الحزب يورغن تريتين، وهو من غربي المانيا.