ألمانيا: السجن لنجم تواصل اجتماعي سلفي لإدانته بالاحتيال
خالد سلامة د ب أ
١٦ يوليو ٢٠٢٥
أدانت محكمة ألمانية نجم تيك توك إسلاموي وزوجته بتهمة الاحتيال عن طريق جمع نصف مليون يورو كتبرعات ومن ثم صرفها لغير الهدف المعلن عنه.
المحكمة: المتهم صاحب سوابق في قضايا احتيالصورة من: Trischberger Rupert/Zoonar/picture alliance
إعلان
أصدرت المحكمة الإقليمية في مدينة دوسلدورف الألمانية، اليوم الأربعاء (16 تموز/يوليو 2025)، حكماً بالسجن ثلاثة أعوام بحق نجم التيك توك الإسلاموي "عبد الحميد" لإدانته بالاحتيال في جمع تبرعات بغرض التربح.
كما أصدرت المحكمة في نفس القضية حكما بالسجن 21 شهراً، مع إيقاف التنفيذ، بحق زوجته المتهمة معه في القضية.
وبحسب لائحة الاتهام، جمع الداعية في 37 حالة، بين عام 2021 ومنتصف أكتوبر/ تشرين الأول 2024، ما يقارب نصف مليون يورو من التبرعات، لكنه لم يخصص منها، باعترافه، إلا جزءاً ضئيلاً للأغراض المعلن عنها، فيما استخدم الجزء الأكبر منها لتمويل نمط حياة فاخر. ومن المقرر أن تصادر السلطات عائدات الجريمة، البالغة 496 ألف يورو، من المتهم وزوجته المتهمة معه في القضية.
وقررت المحكمة تعليق تنفيذ مذكرة التوقيف الصادرة بحق المتهم حتى موعد دخوله السجن، مع فرض شروط صارمة. وكان المتهم دخل السجن بالفعل منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2024، وهو صاحب سوابق في قضايا احتيال.
إعلان
اعترافات
وخلال تلاوة حيثيات الحكمين، أشاد القاضي بـ "اعتراف المتهمين الكامل في وقت مبكر جداً من المحاكمة، وإبدائهما الندم". وأوضح أن زوجة المتهم التي فتحت حسابات مصرفية لاستقبال التبرعات، "كانت على علم بعملية الاحتيال واستفادت منها".
وبحسب اعترافه، فإن الداعية السلفي كان يدعو المسلمين عبر قنواته على مواقع التواصل الاجتماعي إلى التبرع لمشروعات إنسانية. وقد دخلت الأموال إلى حساباته، وحسابات زوجته، وجزء منها دخل إلى حسابات شقيقته وصديقة له. وخلال مداهمة لمنزله، صادرت السلطات من المتهم الذي يتلقى إعانات اجتماعية، مبلغ 20 ألف يورو نقداً، وساعات يد فاخرة، وحقائب نسائية فاخرة، وعدداً من السيارات.
وكان الادعاء العام طالب بالحكم على المتهم بالسجن ثلاثة أعوام وتسعة أشهر، مشيراً إلى "الطبيعة المشينة للغاية للجريمة"، وحجم الضرر الكبير، وطول فترة ارتكاب الجريمة. أما بحق المتهمة البالغة من العمر 33 عاماً، فقد طالب الادعاء بعقوبة سجن مع وقف التنفيذ لمدة عامين. بينما طالب محامو الدفاع بعقوبات أخف بكثير، مشيرين إلى أن الزوجين - اللذين عقدا قرانهما وفقا للشريعة الإسلامية - قدما اعترافات شاملة، ما أدى إلى تقليص إجراءات المحاكمة بشكل كبير.
وكانت هيئة المحكمة عرضت على المتهم منذ بدء المحاكمة حكماً مخففاً لا يتجاوز ثلاثة أعوام وأربعة أشهر حال قدم اعترافاً كاملاً، وهو ما فعله لاحقاً.
وتجدر الإشارة إلى أن الأحكام الصادرة لم تصبح نهائية بعد.
"أسلوب حميمي"
ويعد عبد الحميد الذي لم يتم ذكره اسمه كاملاً، من أبرز المؤثرين الجدد في الأوساط الإسلاموية. وقد وصل، من خلال منصتي تيك توك وإنستغرام، إلى مئات الآلاف من المتابعين وحصد عشرات الملايين من "الإعجابات".
وتصف هيئة حماية الدستور(الاستخبارات الداخلية) في ولاية شمال الراين-ويستفاليا محتوى خطاباته هناك، التي كان يقدمها بأسلوب حميمي وهو يرتدي في الغالب ملابس رياضية، بأنه يتسم بطابع "سلفي متطرف".
وتعتبر الأجهزة الأمنية مقاطع الفيديو التي ينشرها بوابة لبدء عملية تطرف، خصوصاً بين فئة الشباب من ذوي التعليم المحدود. وكانت هيئة حماية الدستور حذرت من أن "عبد الحميد" يواصل ما بدأه بيير فوغل، عبر تقديم "السلفية المتطرفة" إلى جمهور أوسع. ويعتبر بيير فوغل، الملاكم المحترف السابق، من أبرز الوجوه السلفية في ألمانيا.
تحرير: عماد غانم
السلفيون في ألمانيا... أنشطة مختلفة والهدف واحد
يبدو المشهد السلفي في ألمانيا في صور مختلفة، فهو يضم العديد من المتطرفين المستعدين للقيام بأعمال عنف. كما يستغل هؤلاء كل فرصة لنشر مواقفهم المتشددة، من خلال القيام بأنشطة أو تظاهرات لجذب الشباب للتنظيمات المتطرفة.
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Stratenschulte
استغلال المساجد لأهداف إيديولوجية
تقدر السلطات الأمنية عدد السلفيين المتشددين في ألمانيا بنحو 6500 ولكن ليسو جميعا مستعدين لاستخدام العنف. ويستغل هؤلاء المساجد لجذب الشبان ونشر التطرف بين المسلمين مثل مسجد النور في برلين الذي قامت السلطات الأمنية بإغلاقه، حيث كان يعتبر معقلا لسلفيين متشددين حسب هيئة حماية الدستور.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Zinken
توزيع القرآن بالمجان
بغرض نشر دعايتهم والتواصل مع الراي العام يستغل سلفيون حملة توزيع القرآن بالمجان في العديد من المدن الألمانية، أطلقوا عليها اسم "إقرأ"!
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Fassbender
صلاة وسط شارع عمومي
يحاول السلفيون استغلال كل فرصة ومكان لنشر فكرهم واكتساب المزيد من المؤيدين. في الصورة مجموعة من السلفيين الذي تجمعوا في شارع قرب أكاديمية الملك فهد بمدينة بون لأداء الصلاة. تم ذلك بالقرب من تجمع لحزب "Pro NRW" اليميني المناهض للمهاجرين والإسلام، والذي اعتبر ذلك استفزازا له فحصل اشتباك بين أنصاره والمصلين في الشارع.
صورة من: dapd
"شرطة الشريعة"
عام 2015 قام سلفيون بدوريات عبر شوارع مدينة فوبرتال في ولاية شمال الراين فيستفاليا وكأنهم أفراد شرطة لحماية الشريعة، وتسبب ذلك في استياء عام على مستوى ألمانيا بأكملها.
صورة من: picture-alliance/dpa/O. Berg
الرأس المدبر لشبكة تجنيد الشبان
هناك بين السلفيين جهاديون يتعاونون مع تنظيمات إرهابية مثل تنظيم "الدولة الإسلامية"، حيث يجندون الشباب في ألمانيا لخدمة تلك التنظيمات. ومن ابرز هؤلاء أبو ولاء العراقي الذي اعتقلته الأجهزة الأمنية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 . وقال المدعي العام الاتحادي، فرانك بيتر، بأنه يشكل "الرأس المدبر لشبكة تجنيد الشبان للقتال في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية".
صورة من: picture alliance/dpa/Al Manhaj Media
استعداد للقيام بأعمال عنف
ينظم السلفيون مظاهرات لحشد مؤيديهم واستعراض قوتهم. أثناء تلك المظاهرات غالبا ما تقع اشتباكات بينهم وبين الشرطة التي تحاول تفريقهم، بسبب ما يقومون به من أعمال عنف وتخريب.
صورة من: picture-alliance/dpa
جماعات مناهضة للسلفيين
مقابل السلفيين المتشددين هناك جماعات يمينية متطرفة مناهضة مثل مجموعات "هوليغانز ضد السلفيين" التي تنظم مظاهرات رافضة للسلفيين. وأحيانا تحدث اشتباكات بينهم وبين السلفيين، كما حصل في إحدى المظاهرات بمدينة كولونيا في تشرين الأول/ اكتوبر، شارك فيها الآلاف.
صورة من: picture-alliance/dpa/Roberto Pfeil
مشاركة نسائية في التحركات السلفية
المشهد السلفي لا يقتصر على الرجال فقط، بل إن هناك نساء منهم يشاركن في النشاطات والتجمعات السلفية، كما في الصورة خلال تجمع لأحد أبرز زعماء السلفيين في ألمانيا بيير فوغل بمدينة أوفينباخ عام 2014.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. Roessler
مداهمة مقرات السلفيين وجمعياتهم
تقوم الشرطة بين الحين والآخر بمداهمة مساجد ومقرات جميعات سلفية وبيوت مسؤوليها وتعتقل المطلوبين منهم، كما تُغلق المكاتب والمقرات التي تعود إلى تلك الجمعيات التي يشتبه قيامها بنشاطات غير قانونية.
صورة من: picture-alliance/dpa/C. Gossmann
حظر جميعة سلفية متشددة
يسعى السلفيون من خلال نشاطاتهم إلى نشر الفكر الإسلامي المتشدد وتقديم "الإسلام على أنه دين العنف والكراهية والزواج القسري والإرهاب"، كما جاء في أحد مقاطع الفيديو على الإنترنت للجمعية السلفية "الدين الحق" التي تم حظرها من قبل السلطات الألمانية واعتُقل أحد مؤسسيها وأبرز وجوهها ابراهيم أبو ناجي.
صورة من: picture-alliance/Geisler-Fotopress/R. Harde
محاكمة مشتبه به
من يلجأ إلى العنف من بين السلفيين يقبض عليهم وتتم محاكمته مع حفظ حقه في محاكمة عادلة بوجود محامي الدفاع. في الصورة: السلفي مراد ك. بجانب المحامي أثناء جلسة المحاكمة في بون بتهمة الإيذاء الجسدي ومقاومة موظف عام أثناء القيام بمهامه.