أعلن الجيش الألماني بدء عملية إجلاء الرعايا الألمان من جنوب السودان التي شهدت معارك عنيف على مدار أيام الماضية. ونائب الرئيس رياك مشار يأمر قواته بالانسحاب خارج العاصمة بجوبا في تحرك يذكر بما وقع قبل سنتين.
إعلان
بدأت اليوم الأربعاء (13 يوليو/ تموز 2016) أولى عمليات إجلاء مواطنين ألمان من دولة جنوب السودان التي شهدت معارك عنيفة على مدار الأيام الماضية. وأعلنت الخارجية الألمانية اليوم أنه تمّ نقل أول المواطنين الألمان على متن طائرات تابعة لسلاح الجو الألماني إلى خارج البلاد. ووفقا للبيانات، يقيم في جنوب السودان حاليا نحو مئة ألماني. كما يعتزم السلاح الجوي الألماني المساعدة في إجلاء رعايا من دول الإتحاد الأوروبي ودول أخرى إلى خارج جنوب السودان.
في هذه الأثناء، قال متحدث باسم نائب رئيس جنوب السودان ريك مشار اليوم الأربعاء إن مشار انسحب مع قواته خارج العاصمة جوبا لكنه لا يخطط لخوض حرب. وأنهى اتفاق لوقف إطلاق النار جرى التوصل إليه قبل ثلاثة أيام قتالا عنيفا لقوات مشار مع قوات رئيس جنوب السودان سلفا كير.
ويشبه انسحاب اليوم ما وقع في ديسمبر كانون الأول عام 2013 حين بدأت حرب أهلية استمرت لعامين بعد أن سحب مشار - الذي كان كير أقاله من منصبه كنائب له - قواته من جوبا وقاد بعدها تمردا شاملا.
وقال جيمس جاتديت داك المتحدث باسم مشار في نيروبي لوكالة رويترز إنه "كان علينا الانسحاب من قاعدتنا (في جوبا) لتجنب مزيد من المواجهة". وعن موقع تواجد ريكار مشار قال المتحدث "إنه حول العاصمة لكن لا يمكنني أن أقول أين موقعه (تحديدا)".
ولم يتضح سبب النزاع الأخير بين كير ومشار اللذين تنافسا على السلطة حتى قبل استقلال جنوب السودان عن السودان في 2011. ووقع كير ومشار اتفاق سلام في أغسطس آب عام 2015 لكنهما يواصلان منذ شهور مناقشة التفاصيل. وعاد مشار إلى جوبا في أبريل/ نيسان وجرى إعادة تنصيبه نائبا للرئيس في خطوة هدفت لدعم السلام.
و.ب/ ي ب (د ب أ، رويترز)
60 عاماً من الحرب والسلام في جنوب السودان
عاد قائد المتمردين في جنوب السودان ريك مشار إلى العاصمة جوبا، قادماً من منفاه في أثيوبيا. وبمقتضى اتفاق السلام الموقع بينهما في شهر آب/ أغسطس 2015 يعيد الرئيس سيلفا كير تعيين مشار نائباً له بحماية عسكرية خاصة به.
صورة من: AFP/Getty Images
بعد حرب استقلال طويلة ودامية، انفصل الجزء الجنوبي من السودان وقامت عليه جمهورية جنوب السودان. واندلعت هذه الحرب عام 1955، حيث قاتل مسيحيو جنوب السودان من أجل الاستقلال عن الشمال حتى قبل أن ينقل المستعمرون البريطانيون صلاحياتهم إلى حكومة الخرطوم.
صورة من: picture-alliance/dpa/Pendl
تمتع جنوب السودان نسبياً بحالة من السلم والحكم الذاتي للفترة من عام 1972 إلى 1983، قبل أن يسقط مجدداً في أتون حرب أهلية. وخاضت الحركة الشعبية لتحرير السودان وذراعها العسكري قتالاً، قاده الجنرال جون قرنق، ثم سرعان ما انقسمت الحركة بين سيلفا كير ورياك مشار.
صورة من: picture-alliance/dpa/Rosenthal
في يناير/ كانون الثاني 2011 صوت سكان جنوب السودان لصالح الاستقلال في استفتاء شعبي. وصار سيلفا كير رئيساً للدولة ورياك مشار نائباً له. واستندت الدولة الوليدة على اتفاق سلام أبرمه قرنق عام 2005 قُبيل مقتله في حادث تحطم مروحية بعد أسابيع من التوقيع.
صورة من: AP
لكن التحالف بين خصوم الأمس وحلفاء اليوم لم يدم طويلاً، فبعد سنتين من إعلان الاستقلال في تموز/ يوليو 2013 تجاهل الرئيس كير نائبه مشار وجميع أعضاء الحكومة الآخرين. وفي خطوة ذات دلالة ارتدى بزته العسكرية مجدداً عند إلقائه إحدى خطاباته أمام وسائل الإعلام، متهماً مشار وحلفاءه بمحاولة الانقلاب عليه. وكانت تلك بداية الحرب الأهلية مستمرة.
صورة من: Reuters
لقي خمسون ألف شخص على الأقل حتفهم في هذا النزاع، وأُجبر أكثر من 2.4 مليون شخص على ترك منازلهم، وفشلت جميع محاولات إنهائه. وفي أيار/ مايو 2014 أُعيد تشكيل بعثة تابعة للأمم المتحدة مكونة من 14000 عنصر للانتشار في مواقع محددة لحماية المدنيين.
صورة من: Reuters
تمخض لقاء بين كير (يسار الصورة) ومشار (يمين الصورة) في أيار/مايو 2015 بأديس أبابا عن اتفاق لوقف إطلاق النار، وهو ما بعث الآمال مجدداً بتحقيق السلام، لكن تلك الآمال سرعان ما تبخرت، إذ اندلع القتال بين أنصارهما بعد ساعات من التوقيع. وأخفق القائدان في الالتزام بالاتفاق والأسوأ من ذلك أنهما فقدا السيطرة على المقاتلين التابعين لهما بحسب ما قال مراقبون.
صورة من: Reuters
بصعوبة ولد اتفاق السلام الأخير الموقع في آب/ أغسطس 2015، إذ رفض الرئيس سيلفا كير في البدء التوقيع لكنه رضخ أخيراً للضغوط الدولية. كان جزء من الصفقة هو ضمان حماية عودة مشار من منفاه في أثيوبيا. وتمثل الخلاف الرئيسي بعدد الجنود ونوعية الأسلحة التي ستكون تحت سيطرته في جوبا.
صورة من: Reuters/G. Tomasevic
بينما حول النزاع البلاد إلى ركام من الدمار قال مفوض حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة سعيد رعد الحسين إن كلاً من القوات الحكومية والمتمردين يلجؤون إلى الاغتصاب كوسيلة للإرهاب والحرب. وهو ما دفع مجلس الأمن لإرسال لجنة للتحقيق في هذا الشأن.