ألمانيا تحلّ جمعية لأصحاب نظريات المؤامرة والفكر المتطرف
١٣ مايو ٢٠٢٥
وجّهت الحكومة الألمانية ضربة إلى أوساط نظريات المؤامرة والعقائد المتطرّفة المتنامية الانتشار في البلد، معلنة حظر أكبر حركات هذا التيّار بتهمة "الإخلال بالنظام الديموقراطي".
وقرر وزير الداخلية الألماني الجديد ألكسندر دوبرينت حظر مجموعة يمينية متطرفة تطلق على نفسها اسم "مملكة ألمانيا"، والتي وصفتها وزارة الداخلية بأنها أكبر ذراع لما يسمى بحركة "مواطني الرايخ".
ووضعت المخابرات الداخلية الألمانية حركة "مواطني الرايخ" تحت المراقبة في عام 2016، بعد وقت قصير من إطلاق أحد أعضائها النار على شرطي أثناء مداهمة منزله.
ويؤمن أنصارها بأن الديمقراطية الألمانية الحالية ما هي إلا واجهة غير شرعية، وأنهم مواطنون في نظام ملكي مستمر، كما يقولون، بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، على الرغم من إلغائه رسمياً.
عمليات مداهمة واسعة
ونُفذت عمليات مداهمة في سبع مناطق استهدفت جمعية "كونيغرايش دويتشلاند" (مملكة ألمانيا) التي تضمّ حوالى 6 آلاف شخص و"تنكر وجود جمهورية ألمانيا الاتحادية وترفض نظامها القضائي"، وفق ما جاء في بيان صادر عن وزارة الداخلية. وشارك "المئات من عناصر الأمن" في عمليات المداهمة، بحسب السلطات.
وأعلنت وزارة الداخلية اليوم الثلاثاء في برلين أن قوات الشرطة تقوم منذ ساعات الصباح الأولى بتفتيش المباني التي تستخدمها المجموعة ومنازل أعضائها القياديين في سبع ولايات ألمانية.
وباتت هذه الجمعية المعروفة اختصارا باسم "كاي آر دي" محظورة اعتبارا من الثلاثاء لأن "أهدافها وأنشطتها تتنافى مع القانون الجنائي وتخالف النظام الدستوري".
وقال وزير الداخلية ألكسندر دوبريندت إن المجموعة الواسعة الانتشار في ألمانيا أنشأت اعتبارا من العام 2012 "دولة موازية وأقامت هيكليات تدخل ضمن نطاق الجريمة الاقتصادية"، مضيفاً أن أعضاء الجماعة أسسوا "دولة مضادة" في ألمانيا ويقوضون حكم القانون واحتكار الدولة لاستخدام القوة، كما أنهم "يدعمون ادعائهم المفترض بالسلطة بروايات المؤامرة المعادية للسامية".
وحتّى لو "لم تضبط بعد أيّ أسلحة في حوزة المجموعة ولم تصنّف بعد في عداد الجماعات المسلّحة"، فلا يمكن اعتبار أتباعها بأنهم "بعيدون عن إلحاق الأذى فيما يراودهم حنين إلى الماضي"، بحسب دوبريندت.
حظر يطال منظمات أخرى
ويطال الحظر أيضاً "المنظّمات المتعدّدة التي تتبع "مملكة ألمانيا" التي أسّست سنة 2012 على يد مدرّب الكاراتيه السابق بيتر فيتتسك الذي نصّب نفسه ملكا ومقرّها في الشرق بالقرب من مدينة فيتينبرغ بين برلين ولايبتسيغ.
وخلال مقابلة في أواخر 2023 مع وكالة فرانس برس في مجموعة من المساكن التي حوّلت إلى "قصر" له علمه وعملته وقوانينه وبطاقات هويّات خاصة، قال بيتر فيتتسك إنه أسّس دولته الخاصة للتصدّي "للتلاعب بالجمهور" السائد في نظره في المجتمع الألماني. وأشار إلى أنه يستضيف في عدّة مواقع أنصارا لديهم "روح ريادية" و"يريدون إحداث تغيير إيجابي في العالم".
وأوقف فيتتسك الثلاثاء مع ثلاثة أشخاص آخرين، بينهم مؤسسون للمنظمة التي أقامت منذ حوالى عشرة سنوات "هيكليات ومؤسسات ترقى إلى مصاف دولة تقريبا" مع نظام مصرفي وشبكة تأمين، وفق ما أفادت النيابة العامة.
"متطرّفين خطيرين"
وتندرج "مملكة ألمانيا" التي صُنّف أتباعها في عداد "المتطرّفين الخطيرين" في سياق التيّار الفضفاض المعروف باسم "مواطني الرايخ" (رايشسبورغر) الذي يجمع تحت رايته جماعات متنوّعة من أصحاب نظريات المؤامرة والفكر اليميني المتطرّف الذين لا يعترفون بسلطة الدولة أو شرعية مؤسساتها.
ويتمسّك كثيرون من هؤلاء بفكرة استدامة الرايخ العائد لما قبل الحرب العالمية الأولى على شكل نظام ملكي. وقد أعلنت مجموعات صغيرة عدّة عن دويلاتها الخاصة. وبحسب الاستخبارات الألمانية الداخلية، كان هذا التيّار يضمّ حوالى 23 ألف عضو سنة 2022.
وقالت وزارة الداخلية الألمانية إنّ "مملكة ألمانيا تتوسع" منذ سنوات. ويسند أتباعها "مآربهم السيادية إلى روايات مؤامرة معادية لليهود"، وهو "أمر غير مقبول في دولة القانون"، بحسب بيان الوزارة. كما تسعى الجمعية إلى التربّح من خلال أنشطة غير قانونية تمارسها منذ سنوات في مجال البنوك والتأمين بالاستناد إلى هيكلياتها الفرعية.
أزمة تصاعد الفكر اليميني
ويواجه الائتلاف الحكومي الجديد في ألمانيا الذي أبصر النور الأسبوع الماضي بقيادة المستشار المحافظ فريدريش ميرتس تنامي الفكر اليميني المتطرّف بعد أن بات حزب "البديل من أجل ألمانيا" أكبر كتلة معارضة في مجلس النواب بعد أن حقق نتيجة قياسية في الانتخابات التشريعية التي أجريت في شباط/فبراير.
وفي عهد المستشار السابق أولاف شولتس، فُكّكت عدّة منظمات تنشط تحت راية "مواطني الرايخ" في عمليات غالبا ما أفضت إلى ضبط أسلحة. وكانت عملية الثلاثاء قيد الإعداد "منذ عدّة أشهر"، بحسب ما كشف وزير الداخلية المعيّن حديثا. وقد اتّسع نطاق هذه الجماعة القائمة منذ الثمانينات بفعل القيود المفروضة إبّان جائحة كوفيد-19.
وأشهر العمليات التي استهدفتها تلك التي تم خلالها تفكيك جماعة مسلّحة كانت تسعى إلى الانقلاب على المؤسسات الديموقراطية في البلد في كانون الأول/ديسمبر 2022. وكانت تلك الجماعة تضمّ بين أعضائها الذين يخضعون للمحاكمة اليوم الأمير هاينريش الثالث عشر وجنود نخبة سابقين ونائبة سابقة من اليمين المتطرّف.
كما ضجت وسائل الإعلام بمخطط دبرته مجموعة أخرى لاختطاف وزير الصحة كارل لاوترباخ احتجاجاً على القيود المفروضة وقت الجائحة.
مراجعة. حسن زنيند