برلين ترصد مليار يورو لمكافحة الإيدز والسل والملاريا بالعالم
صلاح شرارة د ب أ
١٢ أكتوبر ٢٠٢٥
في خطوة تؤكد التزامها المستمر بالصحة العالمية، أعلنت ألمانيا تخصيص مليار يورو لصالح صندوق التمويل العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا خلال السنوات الثلاث المقبلة. هذه الخطوة حظيت بإشادة، لكنها لم تسلم من الانتقادات.
رغم الإشادة الواسعة بألمانيا انتقدت "المؤسسة الألمانية لمكافحة الإيدز" انخفاض قيمة المساهمة الألمانية بمقدار 300 مليون يورو مقارنة بالفترة السابقة (2023–2025). صورة من: picture-alliance/dpa/Keystone/G. Bally
إعلان
رغم ضغوط التقشف وتخفيضات الميزانية في ألمانيا، أعلنت ريم العبلي رادوفان وزيرة التنمية والتعاون الإقتصادي الدولي عن تخصيص مليار يورو خلال السنوات الثلاث المقبلة لدعم الجهود العالمية في مكافحة الإيدز والسل والملاريا.
وخلال افتتاح مؤتمرالقمة العالمية للصحة في برلين اليوم الأحد (12 أكتوبر/ تشرين الثاني 2025) أكدت الوزيرة الألمانية ريم العبلي رادوفان أن التمويل الجديد للفترة من 2026 حتى 2028 يمثل "إشارة مهمة" على استمرار التزام ألمانيا بحماية الناس من الأمراض المعدية، مشددة على أن مكافحة هذه الأمراض "واجب إنساني وضرورة عقلانية"، لأن مسبباتها لا تعرف حدودًا.
ريم العبلي رادوفان وزيرة التنمية والتعاون الإقتصادي الدولي عن تخصيص مليار يورو خلال السنوات الثلاث المقبلة لدعم الجهود العالمية في مكافحة الإيدز والسل والملاريا.صورة من: Stafanie Loos/AFP
ويستمر المؤتمر في العاصمة الألمانية حتى يوم الثلاثاء 14 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
أثر التمويل: ملايين الأرواح يمكن إنقاذها
وأوضحت العبلي رادوفان أن كل يورو يُستثمر في الصندوق يعود بالنفع، إذ يقوي أنظمة الصحة في الدول الشريكة ويزيد من قدرة العالم على الصمود، مضيفة: "بهذا سننقذ ملايين الأرواح".
وتشمل المساهمة الألمانية أيضًا 100 مليون يورو في شكل مبادلات ديون، ضمن خطة تهدف إلى إنقاذ حياة أكثر من 23 مليون شخص.
الصندوق العالمي: أكبر جهة تمويل متعددة الأطراف
آفاق لمكافحة فيروس نقص المناعة المكتسبة
03:03
This browser does not support the video element.
يذكر أن الصندوق العالمي تأسس عام 2002، ويُعد أكبر جهة تمويل متعددة الأطراف في مجال الصحة للدول الفقيرة، ويعتمد على مساهمات الحكومات والمؤسسات الخيرية والجهات المانحة الخاصة.
انتقادات وإشادة دولية
ورغم الإشادة الواسعة، انتقدت منظمة "دويتشه إيدز هيلفه" (المؤسسة الألمانية لمكافحة الإيدز) انخفاض قيمة المساهمة الألمانية بمقدار 300 مليون يورو مقارنة بالفترة السابقة (2023–2025)، لكنها اعتبرت أن تجنب تخفيض أكبر هو الجانب الإيجابي.
في المقابل، أشاد الملياردير الأمريكي بيل غيتس بالتزام ألمانيا، معتبرًا أنه "سيسهم بشكل حاسم في إنقاذ ملايين الأرواح وإعادة العالم إلى مسار التقدم".
كما أثنى المغني العالمي بونو، المؤسس المشارك لمنظمة "وان"، على الوزيرة العبلي رادوفان، واصفًا إياها بأنها أظهرت "قوة قيادة حقيقية"، ووجه شكره للمستشار الألماني فريدريش ميرتس على دعمه القوي.
تحرير: عبده جميل المخلافي
حقائق وأرقام مخيفة عن الإيدز وفيروس نقص المناعة المكتسب
أثرت جائحة كورونا على الجهود الدولية لمكافحة مرض نقص المناعة المكتسبة والإيدز وسط مخاوف من ارتفاع عدد المصابين وحالات الوفاة. فما هو هذا المرض؟ وما هي علاجاته حتى الآن؟
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Pleul
ما الفرق بين فيروس نقص المناعة المكتسب والإيدز؟
يدل الرمز HIV على فيروس نقص المناعة المكتسب، الذي يدمر خلايا معينة من الجهاز المناعي. بدون علاجه يمكن لمسببات الأمراض مثل البكتيريا والفطريات أو الفيروسات مهاجمة الجسم. فيُصاب بالأمراض المختلفة كالالتهاب الرئوي الحاد. وهنا يصبح الإنسان مريضاً بالإيدز. لا يموت المريض بإصابته بفيروس نقص المناعة المكتسبة، لكن بسبب أحد هذه الأمراض التي لم يعد الجسم قادراً على مقاومتها.
صورة من: picture-alliance/Photoshot/B. Coleman
متى شُخصت الإصابة الأولى؟
رغم الكثير من التكهنات والنظريات عن تاريخ المرض، وبعضها لا يخلو بالتأكيد من نظرية المؤامرة، فقد تم تشخيص أولى حالات الإصابة بالإيدز في الخامس من حزيران/ يونيو 1981 عندما اكتشفت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية عدداً من حالات الإصابة بالالتهاب الرئوي بالمتكيسة الجؤجؤية لدى خمسة رجال من المثليين في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا الأمريكية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/C. Goldsmith
هل ما زال المرض قاتلاً؟
في الثمانينات لم يكن هناك أي أدوية لعلاج العدوى بفيروس نقص المناعة المكتسب، فقد كانت الإصابة به تعني عملياً الإصابة بالإيدز، وكان تشخيص "فيروس نقص المناعة المكتسب" معادلاً لـ "الحكم بالموت". عمَّ حينها الخوف من وباء حقيقي. وفي منتصف التسعينات ظهرت أولى الأدوية في السوق، وكان بمقدورها أن تبطئ تطور المرض على الأقل رغم آثارها الجانبية الخطيرة.
صورة من: Getty Images/T.Weidman
ما حجم خطر العدوى؟
الفيروسات هي المسؤولة عن العديد من الأمراض المعدية لدى الإنسان، بعض الفيروسات كفيروسات الأنفلونزا يمكنها أن تنتقل بسرعة كبيرة نسبياً، ويكفي أحياناً التعرض لسعال الآخرين في الباص مثلاً لانتقال العدوى. لكن انتقال فيروس HIV أكثر صعوبة، إذ لا ينتقل بالتقبيل أو السعال أو استخدام المرحاض ذاته مع مصاب.
كيف تحصل العدوى؟
لا يداهم خطر الإصابة بالفيروس إلا عندما تدخل سوائل الجسم المحتوية على كمية كبيرة من الفيروسات إلى جسم شخص آخر. ويحدث ذلك تقريباً في حالات ثلاث: ممارسة الجنس، وبالحقن الملوثة بدم المصابين عند تعاطي المخدرات مثلاً، وأثناء الحمل والولادة أو الرضاعة الطبيعية من الأم الحاملة للفيروس.
صورة من: picture-alliance/dpa
هل يمكن الشفاء منه؟
فيروس نقص المناعة المكتسبة ما يزال غير قابل للشفاء، لكنه قابل للعلاج. هناك أدوية فعالة تحدد من نشاط هذا الفيروس في الجسم وبالتالي تمنع ظهور الإيدز. هذه الأدوية لها أيضاً آثار جانبية أقل من سابقاتها، لذلك يمكن للأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة اليوم أن يعيشوا حياة طبيعية بمتوسط العمر المتوقع. لكن يبقى من المهم الكشف عن العدوى والمعالجة بالدواء في الوقت المناسب.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/D. Farrell
كيف تؤدي الإصابة إلى الوفاة؟
هنا تكمن المشكلة، إذ ما يزال هناك العديد من الأشخاص المصابين في العالم الذين لا يتلقون أي دواء. وبدون المعالجة يؤدي فيروس نقص المناعة المكتسب في النهاية إلى الوفاة. ما تزال هناك العديد من الإصابات التي لم يتم التعرف عليها بعد، سواء كان ذلك بسبب عدم ذهاب الشخص إلى الطبيب أو بسبب عدم تفسير الأعراض بشكل صحيح أو بسبب عدم وجود طبيب.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Tabassum
الحاجة لمزيد من التوعية
... من جانب آخر ما تزال حكومات بعض دول العالم وأنظمتها تقلل من مشكلة الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب والإيدز أو تغلفها بصمت مطبق لأسباب سياسية أو أيديولوجية أو دينية أو أخلاقية، لتحرم المصابين من فرصة الحصول على العلاج.
صورة من: Getty Images/T.Weidman
كم عدد المصابين بالفيروس حول العالم؟
كشف برنامج الأمم المتحدة المشترك لفيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز أن جائحة كورونا يمكن أن تؤدي إلى رفع عدد المصابين بنحور 293 ألف إصابة جديدة بفيروس نقص المناعة وما يصل إلى 184 ألف حالة وفاة بين مرضى الإيدز. ووفقاً للإحصائيات الأممية العام الماضي كان هناك نحو 700 ألف حالة وفاة بسبب الإيدز عام 2019 ونحو 1.7 مليون إصابة جديدة بفيروس نقص المناعة المكتسبة.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Pleul
90-90-90
كان من المقرر أن يكون هذا العام علامة فارقة في مكافحة الإيدز من خلال تحقيق أهداف استراتيجية "90-90-90"، أي 90 بالمئة من المتعايشين مع الفيروس، 90 بالمئة من المصابين يتلقون العلاج وانخفاض الحمل الفيروسي لدى 90 بالمئة ممن يتلقون العلاج، لكن المساعي الدولية تأخرت في تحقيق تلك الأهداف، ثم جاءت جائحة كورونا لتهدد بالكثير من المكاسب في مكافحة الإيدز.
صورة من: picture-alliance/dpa/L. Bo Bo
دعوات لتحسين إستراتيجيات الكشف
أعلنت وكالة مراقبة الأمراض التابعة للاتحاد الأوروبي ومنظمة الصحة العالمية مؤخراً أن أوروبا الشرقية باتت تشهد ارتفاعاً في حالات فيروس نقص المناعة البشرية المكتسب غير المشخّصة، وسط دعوات لتحسين إستراتيجيات الكشف عن هذا الفيروس المسبّب للايدز. وتشمل المنطقة التي يغطّيها المكتب الأوروبي 53 بلداً، من بينها روسيا ودول عدّة في آسيا الوسطى حيث سجّل أيضا ارتفاع مقلق.