ألمانيا تدعو إلى محاكمة عادلة ـ نقل إمام أوغلو إلى سجن مرمرة
٢٣ مارس ٢٠٢٥
حثت وزارة الخارجية الألمانية اليوم الأحد (23 مارس/ آذار 2025) على إجراء محاكمة عادلة لعمدة مدينة إسطنبول التركية، أكرم إمام أوغلو، تستند إلى مبادئ القانون.
وقالت وزارة الخارجية الألمانية في تدوينة على صفحتها بموقع "إكس" إن "سجن السياسيين المعارضين والمتظاهرين أثناء الحملة الانتخابية يضر بالديمقراطية". وأضافت الوزارة: "نطالب بتوضيح سريع وشفاف لجميع الادعاءات والمعاملة القانونية لأكرم إمام أوغلو". منبهة إلى بيان تفصيلي لها بشأن سجن أكرم إمام أوغلو، نشرته على صفحتها بالإنرنت.
وقد أمر قاض الأحد بسجن إمام أوغلو بتهمة "الفساد"، بالإضافة إلى عشرات المتهمين معه. وأعلن حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض أن أكرم إمام أوغلو أودع الأحد سجن مرمرة على مشارف إسطنبول.
وعلى الفور أعلنت وزارة الداخلية التركية أنه تم إيقافه عن ممارسة مهامه "مؤقتا" كرئيس لبلدية إسطنبول.
"انتكاسة خطيرة"
ووصف متحدث باسم الخارجية الألمانية ما حدث بأنه يمثل "انتكاسة خطيرة" للديمقراطية في تركيا. وقال المتحدث إنه "يجب ألا يدار التنافس السياسي عبر المحاكم والسجون. ننتظر أن يتم توضيح الاتهامات بشكل شفاف وبأسرع ما يمكن، وأن يُجرى تحقيق وفقا لمبادئ سيادة القانون"، مشيرا إلى أن الأمر نفسه ينطبق أيضا على الاتهامات الموجهة إلى متظاهرين معتقلين.
وأدى اعتقال إمام أوغلو قبل أيام إلى موجة من الاحتجاجات في جميع أنحاء تركيا، حيث خرج عشرات الآلاف إلى الشوارع خلال الأيام الماضية، رغم حظر المظاهرات.
وأسفرت المواجهات عن اعتقال مئات الأشخاص. وفيما يتعلق بالعلاقات مع تركيا، أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية إلى أهمية مسألة سيادة القانون، وقال إن "الامتثال لمبادئ دولة القانون والديمقراطية يظل مكونا أساسيا في علاقاتنا مع تركيا - سواء على المستوى الثنائي أو على مستوى العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا".
احتجاجات في شوارع برلين أيضا
وخرج مئات الأشخاص إلى الشوارع في العاصمة الألمانية برلين اليوم الأحد للإعراب عن احتجاجهم على القبض على عمدة مدينة إسطنبول. ووفقا لتقديرات أولية للشرطة، وصل عدد المشاركين في الاحتجاجات إلى نحو 1300 شخص تجمعوا في ساحة برايتشايدبلاتس في برلين.
وعبر المتظاهرون بصوت عال عن احتجاجهم على ما يجري في تركيا، ورفعوا لافتات كتب عليها، من بين شعارات أخرى: "معا من أجل تركيا ديمقراطية" و"نريد ديمقراطيتنا مجددا" (بالإنجليزية). وانطلق الموكب الاحتجاجي من كنيسة الذكرى باتجاه ساحة أديناور بلاتس. ودعا إلى تنظيم هذه الاحتجاجات مجددا فرع حزب الشعب الجمهوري في برلين.
وكان ما يقدر بنحو 200 شخص تجمعوا أمام بوابة براندنبورغ في برلين احتجاجا على اعتقال إمام أوغلو، وذلك بعد فترة وجيزة من احتجازه يوم الأربعاء الماضي.
دعم كبير لصالح ترشيح إمام أوغلو رغم توقيفه
في غضون ذلك أعلنت بلدية إسطنبول أن 15 مليون ناخب شاركوا الأحد في الانتخابات التمهيدية الرمزية التي نظمها حزب الشعب الجمهوري المعارض، وصوتوا لصالح رئيس بلدية المدينة أكرم إمام أوغلو رغم توقيفه.
وقالت البلدية "من أصل 15 مليون صوت، عبر (أصحاب) 13 مليونا و211 ألف صوت (غير أعضاء في الحزب) عن تضامنهم" مع إمام اوغلو الذي كان سيعلن الأحد مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية المقبلة في 2028.
ومن السجن المحتجز فيه في غرب إسطنبول، رحّب إمام أوغلو بالأنباء الواردة والتي قال إنّها جعلته "سعيدا للغاية".
وقال في بيان أصدرته البلدية إنّ "عشرات ملايين الأشخاص في هذا البلد، الذين يعانون جراء قمع الحكومة، وجراء اقتصاد مدمّر وعدم كفاءة وفوضى، سارعوا إلى صناديق الاقتراع ليقولوا لـ(الرئيس رجب طيب) أردوغان: كفى".
وأضاف "صناديق الاقتراع (انتخابات عامّة) ستأتي، والأمة ستسدد لهذه الحكومة صفعة لا يمكن نسيانها".
تفاصيل أمر سجن أكرم إمام أوغلو
وكانت وكالة فرانس برس قد حصلت على نسخة من القرار الصادر بسجن إمام أوغلو وجاء فيه أن "المشتبه به أكرم إمام أوغلو احتجز بتهم تأسيس وقيادة منظمة إجرامية، وقبول رشاوى، وفساد، وتسجيل غير قانوني لبيانات شخصية، وتلاعب بمناقصات".
وينفى إمام أوغلو جميع التهم الموجهة إليه.
وأكد أمر السجن أنه "على الرغم من وجود شكوك قوية بارتكاب جريمة دعم منظمة إرهابية مسلحة (...)، فإنه ليس من الضروري في هذه المرحلة" إصدار أمر بسجنه لهذا السبب "بعدما تقرر سجنه بتهمة ارتكاب جرائم مالية".
وأوقف حوالى 90 شخصا بالإضافة إلى رئيس بلدية إسطنبول بينهم رئيسا منطقتين في اسطنبول، صدرت بحقهما أوامر سجن الأحد بتهم "فساد" و"إرهاب".
وينتمي هذان المسؤولان المنتخبان إلى حزب الشعب الجمهوري (الاشتراكي الديموقراطي والعلماني)، الذي أنشأه مصطفى كمال مؤسس الجمهورية التركية، والحائز 134 مقعدا في البرلمان، مقابل 272 مقعدالحزب العدالة والتنمية.
خصم أردوغان الأول وكان يستعد للترشح
وانتخب إمام أوغلو البالغ 53 عاما رئيسا لبلدية إسطنبول عام 2019 وأعيد انتخابه لولاية جديدة العام الماضي، ويُعدّ الخصم الأول للرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
وأصبح إمام أوغلو في مرمى حزب العدالة والتنمية الحاكم والرئيس أردوغان بعد ترؤسه بلدية إسطنبول أغنى وأكبر مدينة في البلاد والبالغ عدد سكانها حوالى 16 مليون نسمة.
وأوقف إمام أوغلو فجر الأربعاء بتهم "فساد" و"دعم منظمة إرهابية" على خلفية اتفاق انتخابي بين حزبه وحزب مؤيد للأكراد تتهمه السلطات بالارتباط بحزب العمال الكردستاني الذي تعتبره أنقرة منظمة إرهابية. وتم احتجاز إمام أوغلو قبل بضعة أيام من الموعد المتوقع لإعلان ترشيحه رسميا كمرشح رئاسي عن حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة في تركيا.
وفي الانتخابات المحلية التي جرت في آذار/مارس 2024، فاز حزب الشعب الجمهوري بـ35 عاصمة محافظة في تركيا من أصل 81، متجاوزا حزب العدالة والتنمية بـ11 عاصمة، واحتفظ بالتالي بمعظم المدن الكبرى أو فاز بها مثل العاصمة أنقرة وإزمير وأنطاليا ومدينة بورصة الصناعية الكبرى.
وكان من المقرر أن يُسمَّى إمام أوغلو، الأحد، مرشحا عن حزبه للانتخابات الرئاسية عام 2028، من خلال انتخابات تمهيدية هو المرشح الوحيد فيها.
وأبطلت جامعة إسطنبول الثلاثاء شهادة إمام أوغلو قبل ساعات قليلة من توقيفه، ما أضاف عقبة أخرى أمام مساعيه للترشح إذ ينص الدستور التركي على وجوب أن يكون أي مرشح رئاسي حائزا شهادة تعليم عال.
وفي 2023، منع إمام أوغلو من الترشح للرئاسة بسبب إدانته بتهمة "إهانة" أعضاء اللجنة الانتخابية العليا.
مظاهرات يقودها الشباب
وقرر حزب الشعب الجمهوري الاستمرار في تنظيم الانتخابات التمهيدية الأحد، ودعا جميع الأتراك، حتى أولئك غير المسجلين لدى الحزب، إلى المشاركة، آملا في تحويل التصويت إلى استفتاء.
وأثار توقيف إمام أوغلو، المعارض الرئيسي لأردوغان الأربعاء، موجة احتجاجات غير مسبوقة في تركيا منذ احتجاجات "جيزي" الحاشدة في العام 2013، والتي انطلقت من ساحة تقسيم في إسطنبول.
ويرى مراقبون أن هذه الحركة الاحتجاجية التي يقودها الشباب ليست مدفوعة فقط بما يتعرض له أكرم إمام أوغلو، إنما أيضا بمطالب أخرى بينها الحرية والعدالة والديموقراطية والازدهار.
ص.ش/أ.ح (أ ف ب، د ب أ)