رحبت ألمانيا بقرار تركيا إطلاق سراح ثمانية نشطاء حقوقيين كانوا معتقلين لديها، وفي حين رأى البعض أن هذا يمكن أن يكون مؤشرا لتحسين العلاقات، طالب سياسيون ألمان بالتشدد مع تركيا بما يخص صادرات الأسلحة والمفاوضات مع أوروبا.
إعلان
رحب وزير الخارجية الألماني زيغمار غابريل بإطلاق سراح ثمانية من النشطاء الحقوقيين في تركيا، من بينهم مواطن ألماني ومديرة الفرع المحلي لمنظمة العفو الدولية، ووصف ذلك بأنه "إشارة مشجعة".
وأشار غابريل إلى أن القرار أظهر أنه تمت الاستجابة للمطالب الألمانية بسيادة القانون والمحاكمة العادلة، غير أنه حذر من أن هذا الحكم لا يجب أن يصرف الانتباه عن حقيقة أن هناك ألمانا آخرين ما زالوا محتجزين في تركيا "لأسباب لا يمكن فهمها".
وأضاف: "سنواصل الضغط من أجل إيجاد حل وإطلاق سراح (المعتقلين)"، مشيرا إلى أنه "على الجانب التركي أن يفهم أن المجتمع المدني النابض بالحياة هو ضمان لخطاب سياسي حيوي". كما أشاد غابريل بعمل منظمة العفو الدولية، قائلا إن المنظمة الحقوقية "صوت مهم وينبغي ألا يتم إسكاتها".
ومن المتوقع أن يعود ناشطان حقوقيان أوروبيان إلى بلديهما اليوم الخميس(26 تشرين الأول/أكتوبر 2017) بعدما أفرجت تركيا عنهما بعد احتجازهما لثلاثة شهور بتهم تتعلق بالإرهاب. وكان الألماني بيتر شتويتنر وزميله السويدي علي غروي بين ثمانية من نشطاء حقوق الإنسان تم الإفراج عنهم في وقت متأخر أمس الأربعاء بناء على حكم قضائي، حيث طلب الادعاء التركي إنهاء احتجازهم قبل المحاكمة.
من جهته أعرب المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفان زايبرت عن سعادته بإطلاق سراح السجناء وقال في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر "أخيرا بيتر شتويتنر ونشطاء آخرون تم إطلاق سراحهم. نحن سعداء من أجلكم، ونفكر بالآخرين الذين ما يزالون في السجن".
وكانت مديرة مكتب منظمة العفو الدولية في تركيا ،إيديل إيسر، بين المجموعة أيضا. وقال شتويتنر للصحفيين عقب إطلاق سراحه من سجن محاط بإجراءات أمنية كبيرة في منطقة سيليفيري غرب اسطنبول :"نتقدم بجزيل الشكر لكل من دعمونا في المحكمة ودبلوماسيا وبتضامنهم".
ومن المرجح أن يستقل شتويتنر وغروي طائرة إلى برلين بعد ظهر اليوم أو مساء اليوم ، حسبما صرح محاميهما مراد بدور أوغلو لوكالة الأنباء الألمانية. وتستأنف محاكمة الناشطين الاثنين ومحاكمات الناشطين الآخرين الشهر المقبل. وفي حال الإدانة، يواجهون عقوبة تصل إلى السجن 15 سنة. وبقي مسؤول منظمة العفو الدولية في تركيا،تانر كيليتش، خلف القضبان. وتستأنف محاكمته اليوم في مدينة إزمير.
من جهتها أكدت البرلمانية من حزب الخضر كلوديا روت أن إطلاق سراح المعتقلين كان "مفاجئا"، وبدون سبب واضح وقالت السياسية في مقابلة مع شبكة NDR الإعلامية "إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يحاول احتجاز الرهائن والتفاوض بشأنهم مع ألمانيا". وأكدت السياسية الألمانية على ضرورة مراجعة السياسة الألمانية بخصوص تركيا خاصة فيما يتعلق بصادرات الأسلحة والاتحاد الجمركي والمحادثات بشأن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
ووفقا للسياسي من الحزب الديمقراطي المسيحي مايكل شتوبغين، فإن إطلاق تركيا لسراح المعتقلين يمكن أن يكون إشارة لخفض مستوى التوتر بين تركيا والاتحاد الأوروبي وقال في مقابلة مع إذاعة دويتشلاند فونك "لا يجب نسيان أن هناك ألمان وأتراك أخرين ما يزالون في المعتقلات التركية".
ع.أ.ج/ ح ع ح (د ب ا، أ ف ب، رويترز)
العلاقات التركية الأوروبية ـ محطات من الاتفاق والاختلاف
العلاقات التركية الأوروبية، والتركية الألمانية على وجه الخصوص، لم تكن يوما في غاية التناغم، لكنها شهدت خلال السنة الماضية فترة تقارب مصالح، أعقبتها توترات بلغت أوجها عقب محاولة الانقلاب الفاشلة ضد أردوغان.
صورة من: picture-alliance/dpa/Sagolj/Zivulovic/Kombo
أفضت أزمة تدفق اللاجئين على أوروبا إلى تقارب المصالح بين أنقرة وبروكسل، حيث عول الأوروبيون على أنقره في وقف هذا التدفق عبر أراضيها، فيما وجدت تركيا فرصتها في الاستفادة من هذه الفرصة التي قلما جاد بها الزمن.
صورة من: Getty Images/M. Cardy
يقضي الاتفاق باستقبال تركيا اللاجئين الذين يتم إعادتهم من اليونان مقابل استقبال أعضاء الاتحاد الأوروبي للاجئين سورين بطريقة قانونية، لكن هذا الاتفاق تضمن شروطا ما تزال خلافية منها إعفاء الموطنين الأتراك من تأشيرة الدخول إلى الاتحاد الأوروبي، وقيام تركيا بتعديل التشريعات المتعلقة بمكافحة الإرهاب. وهنا كانت العقد في المنشار أمام هذا الاتفاق.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/L. Pitarakis
المستشارة أنغيلا ميركل، التي تتحمل بلادها العبء الأكبر لتدفق اللاجئين، تزعمت جهود تقريب وجهات النظر بين الاتحاد الأوروبي وتركيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nietfeld
لكن العلاقات بين برلين وأنقرة توترت بعد تبني البرلمان الألماني قرارا يصنف مجازر الأرمن عام قبل مئة بأنها "إبادة جماعية".
صورة من: Getty Images/AFP/S. Gallup
وما تزال العلاقات بين تركيا وألمانيا فاترة إثر قرار البرلمان الألماني فضلا عن إحباط أنقرة مما اعتبرته تضامنا فاترا معها في أعقاب الانقلاب العسكري الفاشل في 15 يوليو/ تموز، والذي بدأ على خلفيته فصلا جديدا من التوتر بين أنقرة والاتحاد الأوروبي.
صورة من: picture-alliance/dpa/T. Bozoglu
فإثر حملة الاعتقالات وما أسمي بحملة "التطهير" التي نفذتها وتنفذها أنقرة على خلفية محاولة الانقلاب تلك وتكميم الأفواه، تصاعدت الانتقادات الأوروبية لأنقرة، ما أفضى مجددا إلى توترات في العلاقات وعرض الاتفاق بشأن اللاجئين للجمود وربما للفشل قريبا.
صورة من: picture-alliance/Zuma/T. Adanali
وكرد على محاولة الانقلاب رفضت أنقره تعديل قانون مكافحة الإرهاب المثير للجدل، كما أنها تسعى لاستصدار تشريع لإعادة العمل بعقوبة الإعدام التي كانت أنقره قد ألغتها بطلب من الاتحاد الأوروبي ضمن شروط مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد. وهذا ربما يشكل رصاصة الرحمة على هذه المفاوضات. (الصورة لأردوغان مع رئيس البرلمان الأوروبي مارتين شولتز)
صورة من: picture-alliance/epa/J. Warnand
وظهرت دعوات من داخل الاتحاد الأوروبي لوقف محادثات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، حيث شككت النمسا في قدرة تركيا على الوفاء بالمعايير الأوروبية الخاصة بالديمقراطية. لكن الاقتراح النمساوي لم يحظ سوى بدعم ضئيل داخل الاتحاد رغم الاستياء داخل التكتل إزاء أنقره.
صورة من: picture-alliance/AA/E. Atalay
في بداية سبتمبر/أيلول الماضي سعى الاتحاد الأوروبي مع تركيا لاختبار الأجواء لعودة التقارب بين الجانبين عقب التوتر منذ الانقلاب الفاشل، وقال وزير خارجية لوكسمبورج جان أسيلبور "نحتاج لتقارب ونحتاج لتطبيع الوضع". وقد عقد أول اجتماع بين وزراء خارجية التكتل مع وزير شؤون الاتحاد الأوروبي في تركيا عمر جليك، كما زارت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني تركيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/F.Aktas
لكن التوتر عاد مجددا بين أنقره والاتحاد الأوروبي وبينها وبين برلين على خلفية تضييق أنقره على حرية الصحافة واعتقال صحفيين، وكذلك اعتقال نواب معارضين مؤيدين للأكراد. ووصل الأمر بأردوغان مؤخرا إلى اتهام برلين بـ "إيواء إرهابيين"، وهو ما رفضته برلين.