كشفت بيانات حكومية عن ارتفاع في عمليات الترحيل خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري. تزامن هذا مع استمرار الاحتجاجات ضد تصريحات المستشار فريدريش ميرتس عن الهجرة و "مظهر المدن".
كشفت بيانات حكومية عن ارتفاع كبير في عدد عمليات الترحيل في ألمانيا خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري.صورة من: Arnulf Hettrich/imageBROKER/picture alliance
إعلان
أفادت بيانات حكومية بارتفاع عدد عمليات الترحيل من ألمانيا بشكل ملحوظ هذا العام خلال الفترة من يناير/كانون الثاني وحتى سبتمبر/أيلول الماضي حيث جرى ترحيل 17 ألفاً و651 شخصا.
وبحسب رد الحكومة الألمانية على طلب إحاطة من الكتلة البرلمانية لحزب "اليسار"، فإن هذا العدد يمثل زيادة تقارب الخمس عن عدد عمليات الترحيل خلال الفترة ذاتها من العام الماضي حيث جرى ترحيل 14 ألفاً و706 أشخاص.
ووفقاً للبيانات الحكومية، فقد جاءت الغالبية العظمى من المرحلين من تركيا (1614 شخصاً) وجورجيا (1379 شخصاً). وكان ما يقرب من خمس المرحلين (3095 شخصا) من الأطفال أو البالغين.
وانتقدت خبيرة الشؤون السياسة الداخلية في حزب "اليسار"، كلارا بونغر، هذا التطور بشدة، وقالت في تصريحات لصحيفة "نويه أوسنابروكر تسايتونغ": "عندما يتعلق الأمر برفع عدد عمليات الترحيل، تكاد السلطات لا تعرف أي محظورات". وأضافت أن "عمليات ترحيل جماعية إلى بلد مثل تركيا، التي تقمع اليساريين والأكراد والمعارضين؟ في ظل الأوضاع السياسية الحالية في ألمانيا يبدو أن ذلك لا يمثل أي مشكلة".
أثارت تصريحات فريدريش ميرتس عن "مظهر المدن" في المانيا، حالة من الجدل واحتجاجات في عدد من المدن.صورة من: Annette Riedl/dpa/picture alliance
احتجاجات ضد ميرتس
في هذا الإثناء، تتواصل في بعض المدن الألمانية خلال عطلة نهاية الأسبوع احتجاجات ضد التصريحات الأخيرة للمستشار الألماني فريدريش ميرتس بشأن "مظهر المدن" في ضوء الهجرة.
ومن المتوقع أن يشارك نحو 5 آلاف شخص في احتجاجات بعدة مدن ألمانية اليوم السبت؛ ففي هامبورغ ستبدأ مظاهرة عند الساعة الواحدة ظهرا. ويتوقع تنظيم مظاهرات يشارك فيها المئات في مدينتي ماغديورغ ونورنبرغ.
ويأتي ذلك في أعقاب احتجاجات شارك فيها الاف في مدن ألمانية عديدة خلال الأيام الماضية على خلفية تصريحات صدرت عن ميرتس قال فيها الأسبوع الماضي إن حكومته تعمل على تصحيح أخطاء سابقة في سياسة الهجرة. وأضاف: "لكن لا يزال لدينا بالطبع هذه المشكلة في مظهر مدننا، ولهذا السبب تقوم وزيرة الداخلية الاتحادية بتسهيل وتنفيذ عمليات ترحيل واسعة النطاق".
وفي الأيام التالية، أثارت تصريحات ميرتس ردود فعل واسعة؛ إذ حذر منتقدوه في البداية، ثم سياسيون من داخل الائتلاف الحاكم، وحتى نائبه في منصب المستشار، من استخدام لغة تثير الانقسام عند تناول قضايا الهجرة.
وأوضح ميرتس الأربعاء الماضي أنه كان يشير بتلك التصريحات إلى المهاجرين الذين لا يمتلكون تصاريح إقامة أو وظائف ولا يلتزمون بالقوانين الألمانية.
تحرير: خالد سلامة
ألمانيا واللاجئون.. كيف تغير الحال منذ الترحيب الكبير في 2015؟
أغلبية الألمان كانت في عام 2015 مع استقبال اللاجئين ومنحهم الحماية. ولكن الأمور لم تستمر كذلك، حيث تراجعت نسبة التأييد للاجئين بشكل متسارع اعتباراً من مطلع عام 2016. نستعرض ذلك في هذه الصور.
صورة من: Odd Andersen/AFP/Getty Images
ميركل وعبارتها الشهيرة
"نحن قادرون على إنجاز ذلك". عبارة قالتها المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في هذا المؤتمر الصحفي للحكومة، الذي عقد بتاريخ 31 أغسطس/آب 2015. لم تكن تعرف حينها أن الجملة ستدخل التاريخ الألماني الحديث، وتسبب استقطاباً في البلاد، ويتحول الرأي العام الألماني من مرحب بنسبة كبيرة باللاجئين، إلى تناقص هذه النسبة بمرور السنوات.
صورة من: Imago/photothek/T. Imo
تأييد كبير لاستقبال اللاجئين
حتى مع ارتفاع أعداد طالبي اللجوء إلى ألمانيا من حوالي 41 ألف طلب لجوء في عام 2010 إلى 173 ألف طلب لجوء في 2014، كانت الأغلبية الساحقة من الألمان، في مطلع عام 2015، مع استقبال اللاجئين وتقديم الحماية لهم.
صورة من: Martin Meissner/AP Photo/picture alliance
أول محطة ترحيب
صيف وخريف 2015 شهد ذروة موجة اللجوء الكبيرة. فبعد أخذ ورد على المستوى السياسي الألماني، ومع الدول الأوروبية المجاورة، سمحت ألمانيا ودول أوروبية أخرى بدخول طالبي اللجوء إليها. مئات الآلاف دخلوا البلاد خلال أسابيع قليل. وظهرت صور التعاطف معهم من جانب السكان الألمان. وكان ذلك واضحاً للعيان في محطات القطارات وفي مآوي اللاجئين.
صورة من: Sven Hoppe/dpa/picture alliance
التأييد حتى على مدرجات الملاعب
وحتى على مدرجات ملاعب كرة القدم، في مباريات الدوري الألماني (بوندسليغا)، شاهد العالم عبارات الترحيب باللاجئين، كما هنا حيث رفعت جماهير بوروسيا دورتموند هذه اللافتة العملاقة بتاريخ 25 أكتوبر/تشرين أول 2015.
وبالمجمل وصل إلى ألمانيا خلال عام 2015 وحده حوالي 890 ألف طالب لجوء.
صورة من: picture-alliance/G. Chai von der Laage
الرافضون لاستبقال اللاجئين أقلية في 2015
بنفس الوقت كان هناك رافضون لسياسة الهجرة والانفتاح على إيواء اللاجئين، وخاصة من أنصار حركة "بيغيدا" (أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب)، الذين كانوا يخرجون في مسيرات، خصوصاً في شرق البلاد، للتعبير عن رفضهم لاستقبال اللاجئين. كما كانت تخرج مظاهرات مضادة لحركة "بيغيدا" وداعمة لاستقبال اللاجئين.
صورة من: Reuters/F. Bensch
ليلة الانعطاف الكبير
وبقي الرأي العام منفتحاً على استقبال اللاجئين حتى ليلة حاسمة، مثلت علامة فارقة في قضية الهجرة واللجوء في ألمانيا. فبينما كان العالم يودع عام 2015 ويستقبل 2016، والاحتفالات السنوية تقام أيضا في المدن الألمانية، وردت أنباء متتالية عن عمليات تحرش بالكثير من الفتيات في موقع احتفال برأس السنة في مدينة كولن (كولونيا). أكثر من 600 فتاة تعرضن للتحرش والمضايقات.
صورة من: DW/D. Regev
تعليق لم الشمل لحملة الحماية المؤقتة
من تلك اللحظة بدأ المزاج العام في التغير وأخذ حجم التأييد لاستقبال اللاجئين يتراجع في الرأي العام الألماني. وبدأ التشديد في قوانين الهجرة واللجوء، كتعليق لم الشمل لمدة عامين للاجئي الحماية الثانوية (المؤقتة)، بموجب القانون الذي صدر في ربيع عام 2016، والذي صدر في عهد وزير الداخلية آنذاك توماس دي ميزير.
صورة من: Getty Images/AFP/J. McDougall
الهجوم على سوق عيد الميلاد في برلين 2016
وقبل أن يودع الألمان عام 2016 بأيام قليلة، أتت كارثة جديدة صدمت الرأي العام: هجوم بشاحنة على سوق لعيد الميلاد في العاصمة برلين، نفذه اللاجئ التونسي سميح عمري. 13 إنسان فقدوا حياتهم في الهجوم، وأصيب 63 آخرون. حصيلة مؤلمة ستترك ندوباً في المجتمع.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
حزب البديل يدخل البرلمان للمرة الأولى
استفاد من هذه الأحداث حزب البديل لأجل ألمانيا اليميني المناهض لسياسة الهجرة واللجوء الحالية والرافض لاستقبال اللاجئين كلياً. ليدخل الحزب البرلمان الألماني لأول مرة في تاريخه، محققاً المركز الثالث في الانتخابات البرلمانية الاتحادية التي أقيمت في سبتمبر/أيلول 2017، بنسبة 12.6 بالمئة.
صورة من: Reuters/W. Rattay
استمرار الاستقطاب
شهدت السنوات اللاحقة استمرار الاستقطاب في المجتمع، خصوصاً مع بعض الهجمات التي نفذها لاجئون، بدوافع إرهابية. أمر قلص الدعم الشعبي للهجرة. إلى أن تراجعت الشعبية، وبات قرابة ثلثي الألمان في استطلاعات الرأي يريدون استقبال أعداداً أقل من اللاجئين أو وقف استقبالهم كلياً.