ألمانيا: حزب "البديل" الشعبوي يتجه نحو مزيد من التشدد
٢٢ أبريل ٢٠١٧
قبل خمسة أشهر من الانتخابات التشريعية، وجه الشعبويون الألمان في حزب "البديل" صفعة إلى زعيمتهم بيتري في اليوم الأول من مؤتمر واجه أيضا تظاهرات مضادة كبيرة. ويرى مراقبون أن الحزب بذلك يتجه نحو مزيد من التشدد.
إعلان
تعرضت فراوكه بيتري زعيمة حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي لهزيمة محرجة اليوم السبت (22 نيسان/ابريل 2017) عندما رفض مشاركون في المؤتمر العام للحزب اقتراحها للتحول نحو "التيار السائد". ويرى مراقبون أن رفض مقترح بيتري سيدفع بالحزب الشعبوي إلى المزيد من التشدد.
وتريد بيتري، التي تستلهم مواقف زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبن توسيع القاعدة الانتخابية في بلد عانى من النازية ولكن "التيار المتطرف" في حزبها يشكل الأغلبية ولاسيما في معاقله في شرق البلاد. وتصاعد الخلاف اليوم السبت حين رفض نحو 600 مندوب يجتمعون حتى الأحد في كولونيا مناقشة إستراتيجية تبني "الواقعية السياسية" التي تدافع عنها بيتري.
وتبدي زعيمة التيار "الواقعي" في الحزب اقتناعا بان الأخير سيكون قادرا على المشاركة في الحكم اعتبارا من 2021 إذا تبنى إستراتيجية أكثر اعتدالا. وقالت السبت إن على أعضاء الحزب أن يقرروا ما إذا كان الحزب "قادرا، في نظر الناخبين، على تبني خيار واقعي للمشاركة في السلطة في 2021" و"كيفية" تحقيق هذا الهدف. لكن المندوبين رفضوا التصويت على اقتراحها، في ما اعتبرته صحيفة "بيلد تسايتونغ" الأكثر انتشارا في ألمانيا "صفعة" لبيتري.
وقالت بيتري بعد التصويت ضد اقتراحها إن الحزب "أخطأ" مضيفة أن من يعرف الحزب منذ إنشائه في عام 2013 يدرك "تماما أن عدم وجود إستراتيجية" له كان سببا في الكثير من الانقسامات الداخلية. وقالت "ما دام الحزب لا يوضح الاتجاه الذي يريد السير فيه فإن من يستطيعون التكيف مع هذا الوضع هم أكثر قدرة مني على قيادة تلك الحملة الانتخابية".
كما صوت المشاركون في اجتماع الحزب اليوم السبت لصالح تشكيل فريق من المرشحين الوطنيين للحملة الانتخابية رغم تحذير بيتري من هذه الإستراتيجية.
وأدى إعلان بتري الأربعاء عدم رغبتها في تصدر قائمة حزبها في الانتخابات القادمة إلى إحراجه (الحزب) نظرا لغياب مرشح بديل عنها. وكانت تعرضت لانتقاد شديد من منافسها الرئيسي الكسندر غاولاند (76 عاما) الذي نسف جهودها لاستبعاد كوادر الحزب الذين أدلوا بتصريحات مثيرة للجدل عن النازية. لكنه أمل السبت في أن تضطلع منافسته بدور مهم في الحملة، قائلا إن بيتري هي "وجه مهم وقد تكون الأهم في الحزب".
وساد التوتر أيضا شوارع كولونيا حيث تظاهر الآلاف من سكان المدينة احتجاجا على عقد مؤتمر الحزب اليميني الشعبوي في مدينتهم، مطالبين بـ"التنوع والتسامح". كما انتشر نحو أربعة آلاف شرطي لحفظ الأمن. وأصيب شرطيان بجروح طفيفة في مواجهات مع متظاهرين حاولوا صباحا منع مندوبي الحزب من دخول فندق في وسط المدينة يستضيف المؤتمر.
تراجع شعبية الحزب
ويشار إلى أن الحزب أبصر النور في 2013 وازدادت شعبيته خلال أزمة للاجئين بين العامين 2015 و2016 حين شرعت المستشارة انغيلا ميركل أبواب البلاد أمام نحو مليون طالب لجوء. لكن شعبية الحزب تراجعت في الأشهر الأخيرة بحسب الاستطلاعات مع وقف تدفق المهاجرين واندلاع نزاعات داخله.
ويسعى الحزب الممثل في 11 من 16 ولاية ألمانية، إلى التوافق خلال مؤتمره على برنامج يتيح له في الخريف دخول البرلمان الاتحادي (البوندستاغ). ومن أبرز نقاط برنامجه هذا منع لم شمل عائلات اللاجئين الموجودين في ألمانيا وسحب الجنسية الألمانية من المهاجرين المدانين بـ "جرائم مهمة" أو إعلان عدم انسجام الإسلام مع الثقافة الألمانية.
ز.أ.ب/أ.ح (رويترز، أ ف ب)
مظاهر متعددة للتطرف في شرق ألمانيا
رغم أن اليمين المتطرف ظاهرة لا تقتصر على بلد معين، إلا أن الحكومة الألمانية أعربت مؤخرا عن قلقها من تنامي كراهية الأجانب ومعاداة الإسلام في الولايات الألمانية الشرقية. جولة مصورة في مظاهر التطرف اليميني بشرق ألمانيا.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Michael
أعربت الحكومة الألمانية عن قلقها إزاء تنامي كراهية الأجانب والتشدد اليميني في شرق ألمانيا، محذرة من أنهما يشكلان تهديدا على السلم الاجتماعي وينفر المستثمرين الأجانب. الإحصائيات الأخيرة تؤكد هذه المخاوف: ففي عام 2014 مثلا سجل 47 من الاعتداءات ذات الدوافع العنصرية في شرقي ألمانيا، على الرغم من عدد السكان فيها لا يشكل سوى 17 بالمائة من إجمالي سكان البلاد.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Balk
فمثلا، على الرغم من أن نشاط النازيين الجدد لا يقتصر على ألمانيا فحسب، بل سجل في عدد مناطق من العالم على غرار أمريكا والنرويج، إلا أن حزبهم "حزب ألمانيا القومي الديمقراطي" لم ينجح حتى الآن في الدخول إلى البرلمانات المحلية والمجالس المحلية إلا في شرقي ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Bimmer
شكلت مدينة دريسدن، بولاية سكسونيا شرقي ألمانيا، مهد ومعقل حركة "أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب" (بيغيدا) التي تتظاهر منذ أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2014 ضد الإسلام والمسلمين وتواجد الأجانب في ألمانيا. وقد بلغت هذه الاحتجاجات ذروتها مع تدفق سيل اللاجئين، وأغلبيتهم من سوريا، على ألمانيا العام الماضي.
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Stratenschulte
خلال احتجاجاتهم الليلية التي تنظمها حركة "أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب" (بيغيدا) لم يتوان اليمينيون المتطرفون عن التعبير عن رفضهم لقدوم اللاجئين إلى ألمانيا. في إحدى المظاهرات حمل أحدهم لافتة تصور أناسا في قطار – وذلك في إشارة إلى أن أغلبية اللاجئين قدموا إلى ألمانيا في القطارات انطلاقا من المجر والنمسا – وقد كتب عليها بالإنجليزية: "اللاجئون غير مرحب بهم، عودوا بعائلاتكم إلى أوطانكم".
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Schutt
اليمين المتطرف يرفضو أيضا التعددية الثقافية في إشارة إلى المهاجرين، الذين يعيشون في ألمانيا منذ عقود، ويعتبرونها دخيلة على الثقافة الألمانية. في الصورة أحد المتظاهرين في احتجاجات نظمتها حركة بيغيدا في مدينة دريسدن وهو يحمل لافتة كتب عليها "يجب وقف التعددية الثقافية. وطني (يجب) أن يبقى ألمانيّا".
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Burgi
كثيرا ما شهدت مدن شرق ألمانيا احتجاجات متكررة ضد اللاجئين وتنديدات بالمستشارة ميركل التي يتهمونها بفتح الأبواب على مصراعيها أمام "من هب ودب" دون أن تعير اهتماما لمخاوفهم ومشاكلهم. وفي الواقع، فقد شهد حزب المستشارة، الحزب الديمقراطي المسيحي، تراجعا في الانتخابات البرلمانية المحلية لعدد من الولايات الألمانية، وليس في شرق ألمانيا فقط.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Meyer
إضرام الحرائق في مآوي اللاجئين أو في البنايات المخصصة لإيواء اللاجئين أحداث - وإن لم تقتصر على ولايات شرق ألمانيا - تحسب على اليمين المتطرف وعلى كارهي الأجانب بصفة عامة واللاجئين بصفة خاصة. الصورة تظهر بناية خصصت لإيواء اللاجئين في بلدة باوتسن وهي تحترق. كما أظهرت التحقيقات فيما بعد أن الحريق كان بفعل إجرامي.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Löb
بعدما سمع اليمنيون المتطرفيو أن طائفة الأحمدية تريد أن تبني مسجدا بمنطقة نائية في إيرفورت بولاية تورينغن، شرقي ألمانيا، حتى سارعوا للاحتجاج رغم أن الأمر لم يتعد طور التخطيط. ورغم أن هذا المسجد الذي لايزال مجرد حبر على ورق هو الأول من نوعه في الولاية بأسرها والثالث في شرقي ألمانيا (باسثناء برلين)، إلا أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" الشعبوي يرى فيه مشروعا بعيد المدى لأسلمة ألمانيا.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Michael
الاحتجاج على بناء المساجد من قبل البعض في ألمانيا ليس بالأمر الجديد. بيد أن البعض استخدم وسائل أخرى للتعبير عن احتجاجه: ففي عام 2013 ومع انطلاق أشغال بناء أول مسجد في مدينة لايبتسغ وثاني مسجد على الإطلاق في شرق ألمانيا (باستثناء برلين) قام مجهولون بوضع رؤوس خنازير دامية على أرضية المبنى. حادث مماثل تكرر بعدها بثلاث سنوات عندما وضع مجهولون خنزيرا صغيرا ميتا أمام مسجد في المدينة ذاتها.
صورة من: picture-alliance/dpa
لأكثر من 10 سنوات ويمنيون متطرفون، ينشطون في إطار ما يسمي بالخلية النازية السرية انطلاقا من مدينة تسفيكاو بشرق ألمانيا، يقتلون أناسا في مختلف أنحاء ألمانيا. والمتهمون هم أوفه موندلوز، أوفه بونهارت (في الصورة – في الوسط) وبيآته تشيبه. ضحاياهم: ثمانية أتراك ويوناني وشرطية. دافعهم في ذلك هو كراهيتهم للأجانب. وإلى حدود عام 2011 كان الرأي العام يجهل هوية هؤلاء وأن القتلة هم من اليمينيين المتطرفين.