ألمانيا - حكم قضائي لصالح لاجئة يطلق معركة تفتيش الهواتف
٣ يونيو ٢٠٢١
رفع لاجئون في ألمانيا دعاوى قضائية ضد تفتيش هواتفهم خلال تقديم طلبات اللجوء، فيما قضت محكمة في برلين لصالح إحدى الدعاوى وبعدم قانونية الإجراء، لكن هذا الحكم ليس سوى بداية معركة قانونية حول قضية تفتيش الهواتف.
إعلان
لم يكن أمام فرحناز س. سوى تسليم هاتفها عندما تقدمت بطلب لجوء في ألمانيا في مايو/آيار عام 2019. وفي ذاك التوقيت، قدمت فرحناز شهادة الزواج ووثائق أخرى تثبت أنها من أفغانستان، لكن لم يكن معها جواز سفر لذا فإن واحدا من أول الأمور التي طلبها منها موظفو الهجرة كان هاتفها.
وتستعيد فرحناز هذا اليوم وتقول "لا اتذكر إذا كنت قد قمت بفتح الهاتف لهم أم اعطيتهم كلمة المرور. لكن كان بمقدرهم الوصول إلى كل شيء 'في هاتفي".'
واستعادت فرحناز هاتفها بعد 44 دقيقة فيما استخدمت السلطات برنامجا لفحص البيانات على جهاز الهاتف بحثا عن أي شيء يدل على المكان الذي أتت منه.
وبعد وقت قصير، طلب الموظف المعني بفحص طلب اللجوء الذي تقدمت به فرحناز، الحصول على نتائج فحص هاتفها وبعد شهر تم رفض طلب اللجوء . فرحناز ليس الاسم الحقيقي إذ طلب محامي فرحناز تغيير اسمها خوفا من أي تداعيات.
ويعد تفتيش الهواتف المحمولة خلال إجراءات التقدم بطلبات اللجوء أمرا شائعا في ألمانيا. لكن حالة فرحناز على الأقل غير قانونية، وفقا لما قضى به قضاة محليون في العاصمة برلين.
منذ 2017، تمكنت السلطات الألمانية من تحليل بيانات الهواتف المحمولة الخاصة باللاجئين إن لم يكونوا يمتلكون جوازات سفر أم بطاقات هوية سارية للتأكد من هويتهم.
لكن في ثلاث دعاوى منفصلة في عموم البلاد، رفع طالبو لاجئو دعاوى قضائية ضد الدولة بسبب هذه الممارسة وذلك بدعم من نشطاء مدافعين عن الحقوق المدنية. ويؤكدون أن تفيش الهواتف ليس فعالا وتطفليا وأسلوبا مبالغ فيه.
وكانت المحاكمة التي جرت الثلاثاء وتابعتها DW، بمثابة أول جلسة استماع للدعاوى الثلاث وقد يحمل قرار المحكمة تأثيرا طويل الأمد حيال كيفية استخدام السلطات الألمانية للتكنولوجيا خلال النظر في طلبات اللجوء.
وقالت لي بيكمان المحامية لدى جمعية الحقوق المدنية ومقرها برلين: "إن الحكم يشير إلى أن إجراء تفتيش الهواتف بشكل كامل من قبل المكتب الاتحادي للهجرة وشؤون اللاجئين غير قانوني".
وأضافت أن الحكم قد يكون له تأثيرا مباشرا على المحاكات الأخرى وآخرا غير مباشر حيال شكوى لم تُحسم بعد من قبل هيئة مراقبة حماية البيانات في ألمانيا.
فقد تقدمت جمعية الحقوق المدنية ومقرها برلين مع جميعات أخرى في فبراير / شباط بطلب إلى أولريش كيلبر الذي يشغل منصب المفوض الاتحادي لحماية البيانات وأمن المعلومات، للنظر في تفتيش هواتف طالبي اللجوء.
وعلى عكس محكمة برلين، فإن مكتب كيلبر يمتلك سلطة إصدار أوامر إلى المكتب الاتحادي للهجرة وشؤون اللاجئين لوقف هذا الإجراء. ويتوقع أن يصدر مكتب كيلبر قراره في غضون الأسابيع القليلة المقبلة.
ورفض المكتب الاتحادي للهجرة وشؤون اللاجئين الإدلاء بأي تصريح حيال الحكم الذي صدر عن محكمة برلين، مبينا أنه لا يمكنه التعليق قبل نشر قرار المحكمة. ويتوقع أن يتم نشر الحكم خلال أسبوعين.
وفي سائر العالم، تستخدم سلطات الهجرة بشكل متزايد التكنولوجيا لتحليل الهواتف المحمولة وصفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بطالبي اللجوء.
ومع ذلك، فليس من باب الصدفة أن يثير هذا الأمر رد فعل قانوني قوي في ألمانيا إذ أنها شهدت في القرن العشرين نظامين سلطويين ما جعل الألمان أكثر حساسية عندما يتعلق الأمر بحماية خصوصيتهم.
وقال ماتياس لينرت - محامي فرحناز - إن قرار المحكمة يرسل رسالة قوية مفادها أن المكتب الاتحادي للهجرة وشؤون اللاجئين يجب ألا يمتلك سلطة الوصول إلى بيانات طالبي اللجوء أو تخزينها. وأضاف "أن هذا الأمر لا يمكن تصور حدوثه مع بيانات المواطنين الألمان دون سبب كاف."
ولا يتوقع لينرت أن الحكم الذي صدر الثلاثاء سيكون له تاثير فوري أو عاجل، لكنه قال إن الحكم قد يسفر عن رفع دعاوى مماثلة لقضية فرحناز لإجبار المكتب الاتحادي للهجرة وشؤون اللاجئين على تغيير هذه الممارسة في نهاية المطاف.
وخلال المحاكمة، اتفق محامو فرحناز وممثل سلطات الهجرة على أنه إذا قرر المكتب الاتحادي للهجرة وشؤون اللاجئين الطعن في القرار، فإن القضية ستحال مباشرة إلى أعلى محكمة إدارية في ألمانيا ومقرها لايبزيغ. وفي هذه الحالة، سيقرر قضاة هذه المحكمة إمّا تأييد الحكم الذي أصدرته محكمة برلين أو إلغاءه.
ويمكن لقضاة محكمة لايبزيغ أيضا إحالة القضية إلى المحكمة الدستورية التي تملك سلطة إلغاء التعديل الذي أٌقر في 2017 والذي سمح بتفتيش الهواتف في بداية إجراءات النظر في طلبات اللجوء.
وقال لينرت إنه لا يزال هناك قضيتين يـُنتظر البت فيهما أمام محاكم محلية أخرى، مضيفا أن القضية الأولى رفعها لاجئ سوري فيما رفع الثانية لاجئ من الكاميرون.
ويرى مراقبون أن تداعيات قرار محكمة برلين تشير إلى أن المعركة ضد تفتيش هواتف اللاجئين قد بدأت للتوء.
يانوش ديلكر / م ع
اللاجئون في ألمانيا - من "ثقافة الترحيب" إلى "سياسة الترحيل"
في خريف عام 2015، فتحت ألمانيا أبوابها للآلاف من اللاجئين. وكان تفهم الألمان لمآسي هؤلاء ملفتا جداً. إلا أن أحداثاً عديدة قلبت ثقافة الترحيب إلى مطالب بالترحيل. بالصور: محطات من السياسة الألمانية تجاه اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Fischer
بداية الموجة
في 25 آب/ أغسطس 2015، علقت ألمانيا تنفيذ اتفاق دبلن تجاه اللاجئين السوريين. وينص الاتفاق على إعادة اللاجئين إلى بلد دخلوه في الاتحاد الأوروبي. وبعدها بأيام قالت المستشارة ميركل إن التغلب على موجة اللجوء؛ "مهمة وطنية كبيرة"، كما أصرت على أن "ألمانيا ستنجح في هذه المهمة". وخشيةً من مأساة تحل بآلاف اللاجئين، قررت ميركل إلى جانب النمسا استقبال اللاجئين، وكان ذلك في الخامس من أيلول/ سبتمبر 2015.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
استقبال وترحيب
مثلت ""ثقافة الترحيب" عنصراً مهماً في استقبال اللاجئين في خريف 2015. وقد حظي اللاجئون عند وصولهم إلى عدد من المدن الألمانية بترحيب منقطع النظير من جانب المتطوعين من المواطنين الألمان والأجانب المقيمين في ألمانيا. وبادر هؤلاء المتطوعون إلى تقديم المساعدة المعنوية والمادية للعديد منهم. ففي ميونيخ مثلاً، تم إنشاء مطاعم مؤقتة للاجئين المنتظرين تسجيل أسماءهم لدى الشرطة، ونقلهم إلى مراكز الإيواء.
صورة من: picture alliance/dpa/J. Carstensen
أزمة السكن
عدد كبير من اللاجئين قصد ألمانيا بعد قرار ميركل عام 2015. الأرقام المتزايدة للاجئين شكلت تحديا كبيراً للألمان. وبدأت مدن ألمانية باستعمال المباني الخالية أو المهجورة كمراكز إيواء للاجئين، فيما استدعت السلطات الحكومية المختصة الموظفين المتقاعدين للعمل من جديد في مراكز اللاجئين. ويعتبر هذا المعطى واحداً من المؤشرات الأخرى التي فرضت على ألمانيا دخول تحدٍ جديدٍ، بسبب اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Fassbender
بداية أحداث قلبت الموازين
كانت أحداث كولونيا، التي وقعت في ليلة رأس السنة الجديدة 2016/2015 بداية فاصلة لتغير مزاج الألمان تجاه اللاجئين. حيث شهدت تلك الليلة عملية تحرش جماعي كبرى لم تشهدها ألمانيا من قبل. تلقت الشرطة مئات البلاغات من نساء تعرضن للتحرش والسرقة وفتحت الشرطة أكثر من 1500 تحقيق لكن السلطات لم تنجح في التعرف إلا على عدد قليل من المشتبه بهم، الذين كانت ملامحهم شرق أوسطية وشمال إفريقية، طبقا لشهود.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Böhm
مطالب بالترحيل
أعمال التحرش الجنسي في كولونيا، ليلة رأس السنة، تسببت في موجة استياء واسعة في ألمانيا بداية من عام 2016، وقد دفعت كثيرين للمطالبة بتشديد القوانين لترحيل الجناة وجعلت آخرين يطالبون بتفادي تجريم فئة معينة في المجتمع. وكانت حركة "بغيدا" أهم الأطراف، التي دعت إلى وقف تدفق اللاجئين على ألمانيا. وتعارض هذه الحركة الشعبوية بوجه خاص إيواء لاجئين من دول إسلامية بدعوى أن ثقافتهم لا تنسجم مع القيم الغربية.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
تحديد سقف لعدد اللاجئين
على خلفية اعتداءات كولونيا ليلة رأس السنة، وجد زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي المحافظ آنذاك هورست زيهوفر في الواقعة فرصة للتأكيد على طلبه الرئيسي المتمثل في تحديد سقف أعلى لعدد اللاجئين المسموح لهم بدخول ألمانيا. لكن ميركل كانت قد رفضت الأمر في مؤتمر حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" (البافاري) في ميونيخ.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
هجمات متفرقة ينفذها لاجئون
وقام بعض اللاجئين بأعمال عنف و"إرهاب" جعلت مؤيدين كُثراً يسحبون دعمهم لسياسة الترحيب. ومن أبرز هذه الاعتداءات، ما حصل بمدينة أنسباخ جنوبي ألمانيا. فقد فجَّر طالب لجوء سوري عبوة ناسفة من صنعه وهو ما أدى إلى مقتله وإصابة 12 شخصاً. كما أصاب طالب لجوء آخر (2016) خمسة أشخاص بجروح بفأس وسكين على متن قطار في فورتسبورغ.
صورة من: Reuters/M. Rehle
هجمات معادية للاجئين
وفي المقابل قام أشخاص بالاعتداء على مجموعة من مراكز إيواء اللاجئين مثل إضرام الحريق في مركز فيرتهايم. كما شهدت بعض المدن الألمانية مظاهرات معادية لاستقبالهم. هذه التصرفات دفعت المستشارة ميركل للقول إنه لا تسامح مع اليمينيين المتطرفين الذين يقومون بهجمات ضد اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Engmann
عملية دهس وراءها داعش!
في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2016 اهتزت برلين لفاجعة الدهس بشاحنة، التي أدت لمقتل 12 شخصاً وإصابة 48 آخرين. هذا العمل الإرهابي قام به لاجئ في ألمانيا، فقد وُجهت التهمة لأنيس العامري، وهو تونسي الجنسية، كان يبلغ حينها 24 عاماً، باختطاف شاحنة بولندية ضخمة، ودهس بها تجمعاً بشرياً بأحد أسواق أعياد الميلاد في قلب برلين، قبل أن تقتله الشرطة الإيطالية. وقد أعلنت "داعش" فيما بعد تبنيها للاعتداء.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
سياسة ميركل في مرمى الانتقادات
تصاعد الأزمات، وتفاقم المشاكل جعل شعبية المستشارة ميركل تقل، فقد اتهمها منتقدوها بأن سياسة "الباب المفتوح" التي اتبعتها فاقمت الأوضاع من خلال تشجيع المزيد من اللاجئين على الدخول في رحلاتهم الخطرة نحو أوروبا. وفي سبتمبر 2016 بدأت ألمانيا أيضا بعمليات مراقبة مؤقتة على حدودها مع النمسا.
صورة من: Getty Images/J. Simon
هل ستستقبل ألمانيا لاجئين جدد؟
أعلنت المفوضية الأوروبية لشؤون اللاجئين موافقة الحكومة الألمانية على استقبال 10 آلاف لاجئ ضمن برنامج "إعادة التوطين" التابع للاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي يحاول وزير الداخلية الألمانية الإسراع بفتح مراكز جديدة للاجئين تتولى استقبال اللاجئ والبت في قراره ثم ترحيله في حالة رفض طلبه. بالإضافة إلى توجهه نحو التشدد حيال لمّ شمل عائلات اللاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية. إعداد: مريم مرغيش