ألمانيا.. دور مخابرات أمريكية في كشف انفصاليين مسلحين!
٨ نوفمبر ٢٠٢٤
تمكنت السلطات الألمانية من توجيه ضربة لمجموعة من المتطرفين اليمينيين في ولاية ساكسونيا بناءً على إرشادات حاسمة من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (FBI). ما علاقة حزب البديل من أجل ألمانيا بمجوعة النازيين الجدد هذه؟
إعلان
يعود الفضل في الضربة التي نفذتها السلطات الأمنية الألمانية ضد جماعة إرهابية يمينية مشتبه بها اسمها "الانفصاليون الساكسونيون" إلى إرشادات جاءت من مكتب التحقيقات الفيدرالي . وهذا ما أثبتته تحقيقات استقصائية أجرتها وسائل إعلام ألمانيا عمومية وصحيفة "زوددويتشه تسايتونغ". وبحسب تلك التحقيقات، أوقع زعيم المجموعة والمتهم الرئيسي نفسه عندما تحدث عن خططه لأشخاص لمرشدين خلال دردشات على الإنترنت.، حسب ما نقل موقع "تاغسشاو" التابع للقناة الألمانية الأولى.
وصباح يوم الثلاثاء (السادس من تشرين الثاني/نوفمبر 2024)، قامت الشرطة بتفتيش العديد من العقارات في نحو 20 موقعاً في ألمانيا وبولندا والنمسا، واعتقلوا ثمانية مشتبه بهم. ويتهمهم مكتب المدعي العام الاتحادي بالتحضير لما يطلق عليه "اليوم إكس" من خلال تدريبات عسكرية والتدريب على حرب الشوارع، ومن خلال استعدادهم لخوض معارك مسلحة ضد المختلفين في الرأي وضد الأقليات.
وحول ذلك يقول المدعي العام إنَّ أفراد هذه المجموعة قد أعدوا أنفسهم لاحتلال مناطق في جزء من ولاية ساكسونيا، وإغلاقها بميليشيات يمينية متطرفة، وكذلك ارتكاب جرائم تطهير عرقي ضد المهاجرين وأفراد أجهزة الدولة هناك. وحسب المدعي العام كانت المجموعة تتحدث عن القيام بـ"محرقة". ولذلك فقد اتُّهمت هذه المجموعة بنيتها إسقاط النظام بعنف في "اليوم إكس"، وارتكاب جرائم قتل.
ألمانيا ... بعد الفوز التاريخي لليمين الشعبوي
02:13
جناح مسلح "جاهز" للتحرك
ويبدو أنَّ زعيم المجموعة والمتهم الرئيسي، يورغ س.، قد أوقع نفسه بعد كشفه في قنوات عنصرية على الإنترنت تفاصيل عنه وعن أعضاء مجموعته وخططهم المفترضة. ويفترض بحسب معلومات وسائل الإعلام الألمانية المعنية أنَّ شخصاً مخبراً يعمل موظفاً في مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، كان يتواجد في إحدى هذه الدردشات.
وهكذا تمكنت السلطات من مواجهة يورغ س. و"إخوته"، الذين ما يزال بعضهم في سن المراهقة. وحسب موقع "تاغسشاو" نشر هذا الرجل المتهم بتزعم المجموعة صوراً لأشخاص يرتدون ملابس عسكرية مموهة ومعدات عسكرية واقية داخل غابات.
وحسب الإعلام الألماني، أبلغ يورغ س. المرشد عن علاقاته بالأحزاب اليمينية، وشدد على وجود قسم مسلح في حركة سياسية جاهز للعمل في حال انهيار الدولة.
ويذكر أنَّ ثلاثة من المتهمين المعتقلين الآن هم أعضاء في حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي وفي منظمته الشبابية. ولذلك فقد أعلن يوم الأربعاء حزب البديل من أجل ألمانيا أنَّه طرد بأثر فوري من الحزب الأعضاء المشتبه بهم في المجموعة.
إعلان
زرع مخبر في مجموعة "الانفصاليين الساكسونيين"
لم تعتمد السلطات الأمنية في تحقيقاتها ضد يورغ س. ومجموعته الإرهابية المشتبه بها فقط على المحادثات في تطبيق تيليغرام، بل يبدو أن مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية قد تمكن كذلك من زرع مرشد في هذه المجموعة.
وحسب ما رشح من معلومات، أبلغ يورغ س. هذا المصدر البشري في هذا العام عن وجود مجموعة تجري تحت إشرافه تدريبات مسلحة في غابة. وقال حينها يورغ س. للمصدر بأنَّ المجموعة تقوم بتمرينات داخل مبانٍ مهجورة قديمة على الاقتحام عبر النوافذ والاقتحام التكتيكي فوق سلالم الدرج.
وبحسب الاتهام أنَّ يورغ س. قد تحدث بعد ذلك بصراحة للمصدر عن مجموعة "الانفصاليين الساكسونيين" مشدداً على الاختصار الخاص "إس إس" (SS) الذي يشير إلى وحدات النخبة النازية، التي كانت تشكل الحماية الشخصية لأدولف هتلر، وكانت مسؤولة خلال النظام النازي عن ترحيل اليهود والأقليات الأخرى والمختلفين في الرأي إلى معسكرات الاعتقال وقتلهم.
هل يمنع حزب "البديل" مشروع بناء أول مسجد بمئذنة في تورينغن؟
05:25
This browser does not support the video element.
أبناء متطرف يميني معروف في النمسا
ووفق موقع "تاغسشاو" الألماني أعرب يورغ س. عن أنَّه يسعى بجانب الكفاح المسلح من أجل انفصال ولاية ساكسونيا عن جمهورية ألمانيا الاتحادية ونيل اعتراف نظام بوتين بهذه الدولة القومية الجديدة، على ما يبدو إلى إشعال صراع عنصري.
وفي يوم الثلاثاء، تم اعتقال يورغ س. في بولندا مع أخوين آخرين متهمين، ينحدران من عائلة نمساوية معروفة ومقربة من حزب الحرية النمساوي اليميني المتطرف. ويذكر أنَّ والدهما كان من أشهر المتطرفين اليمينيين في النمسا في التسعينيات. ويبدو أنَّ مكتب المدعي العام الاتحادي يعتبر الأخوين جزءاً من النواة الصلبة في مجموعة "الانفصاليين الساكسونيين".
أعده للعربية: رائد الباش
"مواطنو الرايخ".. متطرفون ألمان يخططون لإسقاط الدولة
يُعرف عن أعضاء حركة "مواطني الرايخ" التطرف اليميني والعنف وعدم الاعتراف بجمهورية ألمانيا الاتحادية التي تأسست بعد انهيار النازية. فما هي هذه الحركة؟ وما الخطر الذي تشكله؟ وكيف تتعامل معهم ألمانيا؟
صورة من: picture-alliance/chromorange/C. Ohde
ماذا يعتقد أعضاء الحركة؟
ترفض حركة "مواطني الرايخ" وجود شيء اسمه الدولة الألمانية الحديثة، ويصرّ أعضاء الحركة على أن الامبراطورية الألمانية لا تزال قائمة بحدود 1937 أو حتى بحدود 1871. تقول الحركة إن ألمانيا حاليا لا تزال محتلة من لدن القوى الأجنبية، وأن البرلمان والحكومة وكذلك السلطات الأمنية، ليست سوى دمى متحكم فيها من تلك القوى.
صورة من: picture-alliance/SULUPRESS/MV
فولفغانغ إبل.. أول "مواطني الرايخ"
فولفغانغ إبل من برلين الغربية هو أول من قال باستمرار وجود "دولة الرايخ". عمل إبل في خدمة القطارات المحلية ببرلين التي أدارتها آنذاك حكومة ألمانيا الشرقية تحت اسم "دويتشه رايشسبان". وعند تسريحه من وظيفته عام 1980، زعم بأنه كان موظفا حكوميا بالفعل في "دولة الرايخ" ولا يمكن إقالته من قبل مؤسسة قامت بعد الحرب. لكنه خسر كل الدعاوى القضائية التي رفعها ليتبنى بعد ذلك نظريات متطرفة وعنصرية.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Ebener
ماذا يفعل أعضاؤها؟
يرفض المنتسبون للحركة أداء الضرائب أو الغرامات. يعتبرون أن كل ما يجنونه مالهم الخاص وأن ممتلكاتهم كالمنازل هي أمور بعيدة تماما عن أيّ تنظيم أو إشراف من سلطات الدولة. يرفض أعضاؤها كذلك الإقرار بالدستور الألماني وبقية القوانين الموجودة في البلد، لكنهم في الآن ذاته يرفعون عدة دعاوى قضائية! يقومون بإعداد أوراقهم الخاصة غير المعترف بها كجوازات السفر ورخص القيادة.
صورة من: picture-alliance/Bildagentur-online/Ohde
كيف تطوّرت الحركة؟
بدأت الحركة سنوات الثمانينيات، لكن ما بدا أنه مجموعة ضعيفة دون قيادة، تطوّر إلى حركة من حوالي 19 ألف منتسب بحسب ما تؤكده الاستخبارات الألمانية. حوالي 950 من أعضائها تم تصنيفهم متطرفين من أقصى اليمين. على الأقل ألف عضو في الحركة يملكون رخص حيازة السلاح، وعدد كبير منهم يتبنون إيديولوجيات معادية للسامية وللأجانب.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Weihrauch
ما هي سمات أعضائها؟
يبلغ معدل أعمار أعضاء المجموعة 50 عاما. الرجال هم الجنس الأكثر حضورا داخلها. كما تجذب أشخاصًا يعانون من مشاكل مالية واجتماعية. يترّكز أعضاؤها بشكل أكبر في جنوبي وكذلك شرقي البلاد. من أشهر أسمائها، أدريان أرساخي، متوج سابق بلقب أكثر رجال ألمانيا وسامة. يقضي حاليا عقوبة بسبع سنوات، منذ الحكم عليه عام 2019 بعد إطلاقه النار وتسبّبه بجروح لرجل شرطة.
صورة من: picture-alliance/dpa/H. Schmidt
المنعطف الخطير
تُعتبر قضية فولفغانغ ب. ، الذي حُكم عليه بالسجن مدى الحياة عام 2017 بعد إدانته بقتل ضابط شرطة، هي المنعطف الذي دفع السلطات الألمانية إلى التعامل بشكل أكثر جدية مع متطرّفي هذه المجموعة. قام هذا المُدان بإطلاق النار على ضباط كانوا يفتشّون منزله بحثًا عن إمكانية حيازته أسلحة نارية. أحدثت الجريمة ضجة كبيرة وجذبت أنظار العالم كما طرقت ناقوس الخطر حول العنف اليميني المتطرف في ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
جهود متأخرة
يتهم متتبعون ألمانيا بأنها لم تأخذ لمدة طويلة التهديد الذي تمثله هذه المنظمة على محمل الجد، ففي 2017 فقط بدأت الأجهزة الأمنية الألمانية لأول مرة بتوثيق الجرائم ذات الخلفية المتطرفة بين المجموعة. منذ ذلك الحين، تكرّرت المداهمات الأمنية لأهداف الحركة، كما قامت السلطات بحظر العديد من أنشطتها وفروعها. كذلك حقق جهازا الشرطة والجيش داخلياً لمعرفة إذا ما وُجد أعضاء أو متعاطفون مع الحركة بين صفوفهما.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Zinken
"إخوة" عبر العالم
رغم إعلان تشبثها بـ"الامبراطورية الألمانية"، إلّا أن عددا من أعضائها ظهروا مع العلم الروسي، ما قوّى اتهامات للحركة بأنها مدعومة من روسيا لأهداف تضرّ بالسلطات الألمانية. هناك تشابه بين "مواطني الرايخ" والحركة الأمريكية "حرية على الأرض" التي يؤمن أعضاؤها أنهم لا يحترمون إلّا القوانين التي تناسبهم بها وبالتالي فهم مستقلون عن الحكومة وقوانينها.
صورة من: DW/D. Vachedin
الأمير هاينريش الثالث عشر.. قائد المؤامرة
تزعم الأمير هاينريش الثالث عشر مجموعة "مواطني الرايخ" المتهمة بتدبير مؤامرة الانقلاب التي كشفت عنها السلطات مؤخرا. كان هاينريش قد خسر كل القضايا التي رفعها لاستعادة ممتلكات تعود لحقبة القيصر. وزعم بعد ذلك أن جمهورية ألمانيا الاتحادية قامت على أسس غير صحيحة، مرددا عبارات معادية للسامية وروج لإحياء الإمبراطورية وزعم أنه جرى تفكيكها ضد رغبة الشعب. إعداد: سامانثا إيرلي، رينا غولدينبرغ (ترجمة إ.ع/ م.ع)