دروب الصحفي ليست مفروشة بالورود، حتّى في بلده مسقط رأسه، فما بالك في بلد اللجوء. وما الصعوبات التي يواجهها خدم صاحبة الجلالة (الصحافة)؟ ومن يمد للصحفيين يد العون في ألمانيا؟ DW تابعت قصص نجاحهم وهمومهم.
إعلان
غصت القاعة الرئيسية في مؤسسة "هاينرش بول"، القريبة من حزب الخضر، أمسية احد ايام السبت بحضور كثيف، فاضطر كثيرون إلى الجلوس على الدرج الجانبي للقاعة. وأنصت الحضور بانتباه للمفكرين السوري صادق جلال العظم والإيراني نفيد كرماني في ندوتهما المعنونة "سوريا من الداخل". بين الحضور صحفية سورية لاجئة تسجل الحوار، وتدون انطباعاتها، وبعد انتهاء الندوة تتنقل بخفة بين الحضور والمحاضرين لاستطلاع آرائهم. سيكون التقرير الإذاعي باكورة تقارير أملود المير للقسم العربي بهيئة الإذاعة والتلفزيون في ولايتي برلين وبراندينبورغ(RBB).
رحلة الألف ميل تبدأ بتدريب
التقرير الإذاعي هذا ليس الأول لأملود في ألمانيا، فقد سبق وأن شاركت ببرنامج باللغة الألمانية على الراديو الثقافي العموميDeutschlandradio Kultur. "سيبث تقرير لي نهاية الشهر القادم باللغة الألمانية حول النساء السوريات" كما تقول أملود التي تقترب من إكمال شهرها التاسع والعشرين في ألمانيا في حديثها إلى DW.
أما مواطنها باسل الحمدو فلم يكمل عامه الأول، بيد أنه استطاع وضع قدمه هو الآخر على أول الطريق. "خلال مشاركتي في المؤتمر العالمي للصحافة الاستقصائية في النرويج تقدم إليّ أحد العاملين فيCorrectiv وعرض عليّ فرصة تدريبية"، حسب ما يقول باسل. تأسس مركز Correctivللصحافة الاستقصائية قبل سنة ونصف وهو "مستقل وممول من التبرعات الفردية والمؤسسات الوقفية"، حسب تصريح أدلى به لـDW الصحفي فريدرك رشتر وهو أحد العاملين في المركز .
مشاركون في الصحافة الاستقصائية
بعد انتهاء التدريب حصل باسل على عقد عمل جزئي في المركز، فشارك في عدة تحقيقات استقصائية، منها التحقيق "عن سفن استخدمت لتهريب اللاجئين من مرسين إلى إيطاليا" و"السلاح من أوكرانيا إلى ميناء طرطوس السوري الواقع تحت سيطرة النظام السوري"،حسب ما جاء في التحقيق المنشور في وسائل إعلام ألمانية. رفض باسل كشف تفاصيل عن عمله، ولكن بعد إلحاح ذكر باقتضاب أنه شارك في التحقيق في قضية الفساد في الدوائر الألمانية المختصة بملف اللجوء، وقضية فساد شخصية رياضية عربية كبيرة في الفيفا.
في نفس السياق، ومنذ وصوله إلى ألمانيا قبل عام ونصف بدأ خالد العبود بنسج شبكة علاقات ومعارف. ومن خلالها تعرف على المسؤولة عن قسم "المجتمع والدين" في الراديو الثقافي لتلفزيون ولايتي برلين وبراندينبورغ Kulturradio RBB. وهو اليوم يشارك مع شادي في إعداد وتقديم برنامجٍ نصف شهري طوله ثلاث إلى خمس دقائق. ينحدر شادي هو الآخر، من عائلة لاجئة قدمت إلى ألمانيا منذ فترة بعيدة. يتوجه برنامج Radio Tandemللمجتمع الألماني وتقوم فكرته على تقديم رؤية خالد وشادي لمواضيع شتى مثل اعتداءات رأس السنة في كولونيا، واللغة العربية، ومعرض الأسبوع الأخضر، والآثار السورية، وحزب البديل من أجل ألمانيا.
بين هنا وهناك: الحرية، والمدير، واللغة!
لا يخلو الأمر من اختلافات وتباين بين ألمانيا والعالم العربي وينسحب ذلك على بيئة العمل وظروفه وأخلاقياته. يقول خالد أنه يتمتع هنا بحرية أكبر في اختيار المواضيع ويتابع: "لا أقفال هنا على لساني أو على قلميّ تمارس عليّ دور الرقيب". أما باسل فهو معجب ب"عدم وجود حواجز بين زملاء العمل وبين المدراء، فالكل فريق واحد، والهالة التي يرسمها المدراء وكبار الصحفيين العرب حول أنفسهم غير موجودة". غير أنه يشكو من البيروقراطية والروتين: "في إطار أحد التحقيقات، اضطررت للانتظار شهرين للحصول على موعد لمقابلة مسؤول، ومن ثم عاد ورفض الأمر برمته". ويوافقه خالد الرأي، ولكنه يعود ويستدرك: "ربما تكون للبيروقراطية إيجابية لكون كل شيء مدون ولن يضيع حق أحد".
أما أملود فتجد اختلافاً في "محيط العمل؛ فالزملاء يحاولون المساعدة، والعمل مخطط ومنظم. في تجاربي السابقة كان يغلب طابع العفوية. أشعر بالحرية؛ فلم يحاول أحد من الزملاء أو المسؤولين فرض وجهة نظره علي أو الضغط لفرضها". خاضت ألمود معترك العمل الصحفي في سوريا والسعودية. "لم تكن تخرج أي معلومة من المكتب الصحفي، الذي عملت فيه في سوريا، إلا بعد موافقة المخابرات. وفي السعودية تعرضتُ لمضايقات كوني امرأة وأعمل مع زميلي في المكتب لوحدنا دون مَحْرَم". أجمع الجميع على أن اللغة أكبر صعوبة تواجههم، حتى أن أملود أجابت على سؤالنا حول أكبر ثلاث صعوبات تواجهها بالقول: "اللغة ثم اللغة ثم اللغة".
الجهد الشخصي والعلاقات يقهر البيروقراطية
تحول البيروقراطية أحياناً بين الصحفيين وبين فرص التدريب. "قبل أن نصادف باسل في النرويج، بحثنا عن متدرب سوري. لم نوفق ولم يساعدنا مركز العمل، لأن هذا الأمر لم يكن من مهامه في السابق. منذ الصيف الماضي تم تجاوز هذه المعضلة وأصبح من مهام مركز العمل إيجاد تدريب مناسب للاجئين"، كما يقول فريدرك رشتر من مركز الصحافة الاستقصائية. مقابل ذلك، لم يقم الصحفيون اللاجئون بمحاولات لتنظيم أنفسهم في هيكل يمكنهم من مخاطبة الجهات الداعمة بصوت واحد. بل مضى كل منهم شاقاً دربه لوحده.
تقوم عدة مؤسسات بالعمل على تمكيّن ودعم الصحفيين اللاجئين والمهاجرين، من بينها مؤسستا Neue Deutsche Medienmacherوhostwriter. "لم تسفر اللقاءات مع العديد من المؤسسات المعنية عن شيء. على سبيل المثال، لم تستطع أي جهة إصدار بطاقة صحفية لنا"، يقول باسل. فيما أكد خالد أن القضية "تتوقف على العلاقات والنشاط الشخصي أكثر من دعم المؤسسات". أما أملود فتقول: "تعرفت بجهود شخصية على شبكة الصحفيين الشبابJournalists.network. نظمت المؤسسة لنا عدة لقاءات وورش وأوصلونا بعدة إعلاميين".
لم يستطع كثير من الإعلاميين حتى الآن الحصول على فرصة عمل ثابتة مستقرة تمكنهم من الوقوف على أقدامهم. غير أن الأمل لا زال يحدوهم: "أتمنى الحصول على تدريب مكثف في مؤسسة صحفية مرموقة، ومن ثم الحصول على فرصة عمل ثابتة"، تختم أملود الحديث وتمضي وراء حلمها.
أروع وأفضل الصور الصحفية العالمية لعام 2015
صور تمس شغاف القلب وأخرى تبعث على الأسى والحزن. عام 2015 كان عاماً حافلاً بالأحداث، وهو ما انعكس على صور الصحفيين التي تحكي المعاناة والتشرد والحرب. نعرض لكم هنا أكثر الصور الصحفية تحريكاً للمشاعر في عام 2015.
صورة من: Getty Images/AFP/S. Al-Doumy
صورة العام 2015 العالمية: التقطها الصحفي وارن ريتشاردسون في 28 أغسطس/ آب 2015. وهي تظهر رجلاً على الحدود المجرية - الصربية يحمل طفلاً في الساعة الثالثة صباحاً ويمرره من تحت الأسلاك الحدودية الشائكة، في تجسيد لمأساة اللاجئين والأمل بحياة جديدة.
صورة من: Warren Richardson
ضباب على مدينة تيانجين الصينية: صورة التقطها المصور تشانغ لي في العاشر من ديسمبر/ كانون الأول عام 2015 للمدينة وهي غارقة في الضباب. وكانت هذه المدينة الصينية الشمالية قد تعرضت في فصل الصيف لانفجار مستودع مواد كيماوية خطرة نتيجة التخزين غير الصحيح على ما يبدو، وتضررت عشرات آلاف المنازل والشقق جراء الانفجار.
صورة من: Zhang Lei/Tianjin Daily
استغلال تلاميذ المدارس الدينية الإسلامية في السنغال: صورة التقطها المصور البرتغالي ماريو كروز في مجموعة صور تحت عنوان "تلاميذ المدارس القرآنية" الإسلامية في السنغال. فقد جاء الطلاب لتعلم القرآن في المدرسة، لكن زعمائهم الدينيين أجبروهم على التسول وأساؤوا معاملتهم وضربوهم، أو حبسوهم كما حدث لعبد الله البالغ من العمر 15 عاما الذي يظهر هنا في الصورة وهو يجلس وحيدا وراء القضبان.
صورة من: Mário Cruz
الحياة اليومية في الصين: في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 البارد يمشي رجال في مدينة شانشى الصينية ساحبين أغراضهم معهم على الطرق الجليدية، وخلفهم تظهر أعمدة وسُحُب كثيفة من الدخان المتصاعد في الهواء من محطات الفحم. صورة التقطها الكندي كيفين فراير. العلماء ودعاة حماية البيئة ينتقدون سياسة الطاقة الصينية، وذلك لأن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون تؤجِّج ظاهرة الاحتباس الحراري كما أنها ضارة للغاية بالصحة.
صورة من: Kevin Frayer/Getty Images
الحياة اليومية في القطب الجنوبي: سافر المصور الأسترالي دانييل بريهولاك إلى القارة القطبية الجنوبية لإنجاز تقرير مصوَّر. وفي أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 التقط هناك صورة لباحث علميّ تِشيليّ وخلفه كنيسة الثالوث الأرثوذكسية الروسية.
صورة من: Daniel Berehulak
الحرب تترك بصماتها على الأجساد: طبيب يعالج الشاب يعقوب (عمره 16 عاما) في مستشفى كردي في سوريا، وتوجد حروق في جميع أنحاء جسد الشاب المقاتل المنتمي لعناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). التقط البرازيلي ماوريسيو ليما هذا المشهد بتاريخ الأول من أغسطس/ آب 2015. وفي الخلفية تظهر صورة لعبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني المعتقَل.
صورة من: Mauricio Lima/The New York Times
لاجئون على سواحل اليونان وقارب مكتظ يجسد أزمة اللاجئين الأوروبية. صورة التقطها المصور الروسي سيرغي بونوماريف في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، ويوثّق فيها لحظة وصول لاجئين في قارب صغير إلى سواحل جزيرة ليسبوس اليونانية.
صورة من: Sergey Ponomarev/The New York Times
التحرش بالنساء واغتصابهن في الجيش الأمريكي: تظهر في هذه الصورة الملتقَطة في مارس/ آذار 2015 الجندية الأمريكية ناتاشا شوت (عمرها 21 عاما) التي تخدم في الجيش الأمريكي، وقد تعرضت للاعتداء من قبل المشرف عليها. في مجموعة صورها الفوتوغرافية تعرض المصورة الصحفية الأمريكية ماري كالفرت جنديات أمريكيات تعرضن للاغتصاب أو للاعتداء الجنسي. وهي تريد من خلال ذلك حشد الرأي العام ولفت انتباهه إلى هذه المشكلة.
صورة من: Mary F. Calvert
عاصفة فوق سيدني: تسونامي من الغيوم التي توالت على شاطئ بوندي بمدينة سيدني الأسترالية في يوم السادس من نوفمبر/ تشرين الثاني 2015. ولم يكن المصور الأسترالي روهان كيلي الوحيد الذي أخرج كاميرته بهدف التقاط الصورة، لكن صورته هذه كانت الأكثر إثارةً للإعجاب.
صورة من: Rohan Kelly/Daily Telegraph
القرود المهددة بالانقراض في إندونيسيا: صورة القرد المسمى "إنسان الغاب" تنحدر من شمال جزيرة سومطرة في إندونيسيا، التقطها المصور الأمريكي تيم لامان مذكّراً بحياة قرود "إنسان الغاب" في البراري وبأن هذه الحيوانات مهددة من جميع الجوانب، عبر التجارة غير القانونية للحيوانات الأليفة وكذلك من خلال قطع البشر للأشجار وإزالتهم للغابات.
صورة من: Tim Laman
مخيم للاجئين في صربيا: أزمة اللاجئين جسّدت في الأشهر الماضية الصوت الأعلى لهجةً في أوروبا. وهذه صورة التقطها السلوفيني ماتيتش زورمان في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2015 لطفلة في مخيم اللاجئين الصربي خلال انتظارها في طابور للتسجيل، والرداء البلاستيكي الواقي من المطر يضرب على وجهها.
صورة من: Matic Zorman
عواقب انفجار مفاعل تشيرنوبيل النووي: كرَّس المصور الياباني كازوما أوبارا مجموعة من صوره لعواقب انهيار مفاعل تشيرنوبيل. وهي الكارثة النووية التي حدثت عام 1986 وراح ضحيتها عدد لا يحصى من الناس. وقد قام بتحميض فيلم سلبي أوكراني تم العثور عليه في مدينة بريبيات المهجورة قُرب تشرنوبيل، موقظاً بذلك أشباح الماضي النائمة.
صورة من: Kazuma Obara
السقوط أثناء الرياضية: حقق المصور النمساوي كريستيان فالغرام المركز الأول في فئة التصوير الرياضي، بتوثيقه في الثامن من فبراير/ شباط 2015 لحظة سقوط المتزلج التشيكي أُوندريج بَنْك وتحطم أدواته الرياضية، خلال بطولة العالم في ولاية كولورادو. لكن المتسابق أصيب بجروح طفيفة فقط ونَهَضَ مواصلاً السباق.
صورة من: Christian Walgram/GEPA pictures
هُواة رياضة الهوكي في الريف: صورة التقطها المصور الروسي فلاديمير بيسنيا أثناء مرافقته فريقاً من لاعبي الهوكي الهُواة خلال إعداده تقريرا عنهم.
صورة من: Vladimir Pesnya/Sputnik
الإرهاب في سوريا: المصور السوري سمير الدومي تنقّل بكاميرته في مدينة دوما، إحدى ضواحي دمشق. القوات الحكومة السورية هاجمت المدينة مرارا وتكرارا نظراً لأنها أحد معاقل المعارضة المسلحة. سلسلة أعماله المصورة تظهر الدمار وتحكي عن العنف الممارَس ضد السكان في سوريا.