المظاهرات بألمانيا ضد اليمين المتطرف قد تصبح "حركة احتجاجية"
٤ فبراير ٢٠٢٤
بعد نحو شهر من الكشف عن تفاصيل اجتماع يمينيين متطرفين بمشاركة ساسة من حزب البديل اليميني الشعبوي لمناقشة خطط لطرد ملايين الأشخاص المنحدرين من أصول مهاجرة، تتواصل المظاهرات في ألمانيا ضد حزب "البديل" وضد التطرف اليميني.
إعلان
شهدت مدينة بريمن شمال غربي ألمانيا اليوم الأحد (الرابع من شباط/ فبراير 2024) خروج آلاف الأشخاص إلى الشوارع للتنديد بالتطرف اليميني، وذلك مع استمرار أسابيع من الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد في عطلة نهاية الأسبوع. وقدرت الشرطة عدد المشاركين بحوالي 16,500شخص، بينما قدر المنظمون العدد بأكثر من 25 ألف شخص. وتم تنظيم المظاهرة من قبل تحالف جديد في بريمن يضم مجموعات يسارية ومناهضة للفاشية.
وكان حوالي 45 ألف شخص شاركوا في مظاهرة مماثلة في بريمن قبل أسبوع . واندلعت الاحتجاجات المنددة باليمين المتطرف في المدن الألمانية الكبيرة والصغيرة بعد نشر تقرير في 10 من كانون الثاني/يناير الماضي لمجموعة "كوريكتيف" الصحفية الاستقصائية. وكشف التقرير عن تفاصيل اجتماع عُقِد في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي بين أفراد من اليمين المتطرف وبين بعض الساسة من حزب البديل من أجل ألمانيا حيث تمت مناقشة خطط لطرد ملايين الأشخاص المنحدرين من أصول مهاجرة .
وكان أجانب شبكوا أيديهم لتشكيل سلسلة بشرية قبالة المبنى التاريخي للبرلمان (رايشستاغ) في العاصمة الألمانية برلين بعد ظهر أمس السبت. وقالت الشرطة إن أكثر من 150 ألف شخص شاركوا في المظاهرة المناوئة لليمين المتطرف في برلين فيما قدر آخرون عدد المشاركين بـ 300 ألف شخص.
وشارك حوالي 30 ألف شخص في مظاهرة مماثلة أمس السبت في مدينة دريسدن شرقي البلاد وشارك عدد مماثل أيضا في مظاهرة في مدينة فرايبورغ في الغابة السوداء جنوب غرب ألمانيا، فيما شارك نحو ألف 25 شخص آخر في مظاهرة مناهضة للتطرف اليميني في مدينة أوغسبورغ بولاية بافاريا جنوب ألمانيا. وشارك آلاف آخرون في مظاهرات في أماكن أخرى.
وأعربت غالبية المواطنين الألمان عن ترحيبها بهذه المظاهرات، حيث كشفت نتائج استطلاع أجراه معهد "إينزا" لقياس الرأي لصالح صحيفة "بيلد آم زونتاج" الصادرة اليوم الأحد أن 55% من الألمان يؤيدون الاحتجاجات، مقابل 26% اعترضوا عليها و12% لم يبدوا فيها رأيا.
وشمل الاستطلاع أيضا سؤال المشاركين عما إذا كانوا يعتقدون أن الديمقراطية في ألمانيا باتت معرضة للخطر . وأظهرت النتائج أن 61% من المشاركين يعتقدون أن الديمقراطية معرضة للخطر مقابل 33% رأوا أن الديمقراطية ليست كذلك .
الطريق إلى تشكيل حركة اجتجاجية جديدة؟
وعلى الصعيد نفسه صرح باحث جامعي بألمانيا بأنه يرى أن الكثير من المظاهرات في ألمانيا حاليا ضد التطرف اليميني وحزب البديل من أجل ألمانيا (إيه إف دي) اليميني الشعبوي المعارض، خلال الأسابيع الماضية قد تؤدي إلى تشكيل حركة احتجاجية طويلة المدى.
وأوضح الباحث الجامعي، طارق صديق، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أن إحدى الدلائل على ذلك هي أن المظاهرات العديدة ضد اليمين المتطرف تحظى بإقبال منذ شهر تقريبا. وأشار إلى أن الأمر الحاسم في استمرار الحركة سيتمثل فيما إذا كان المشاركون سينضمون إلى تحالفات أم لا وإذا ما كانوا سيتفقون على أهداف واستراتيجيات مشتركة أم لا.
وأوضح أنه تفاجئ من حدوث مظاهرات كبيرة على مستوى ألمانيا بعد أيام قليلة من كشف منصة "كوريكتيف" الإعلامية عن اجتماع عقده يمينيون متطرفون مع ساسة من حزب البديل وأعضاء في الحزب المسيحي الديمقراطي وجمعية "فيرته أونيون"؛ أي اتحاد القيم، في مدينة بوتسدام في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. وأضاف أنه معجب بالتعبئة القوية جزئيا داخل المناطق الريفية أيضا.
يشار إلى أن صديق يعمل بمركز أبحاث النزاعات التابع لجامعة فيليبس بمدينة ماربورغ الألمانية، وهو متخصص في المشاركة السياسية والحركات الاجتماعية.
ع.خ /ع.ج.م (د ب أ)
"مواطنو الرايخ".. متطرفون ألمان يخططون لإسقاط الدولة
يُعرف عن أعضاء حركة "مواطني الرايخ" التطرف اليميني والعنف وعدم الاعتراف بجمهورية ألمانيا الاتحادية التي تأسست بعد انهيار النازية. فما هي هذه الحركة؟ وما الخطر الذي تشكله؟ وكيف تتعامل معهم ألمانيا؟
صورة من: picture-alliance/chromorange/C. Ohde
ماذا يعتقد أعضاء الحركة؟
ترفض حركة "مواطني الرايخ" وجود شيء اسمه الدولة الألمانية الحديثة، ويصرّ أعضاء الحركة على أن الامبراطورية الألمانية لا تزال قائمة بحدود 1937 أو حتى بحدود 1871. تقول الحركة إن ألمانيا حاليا لا تزال محتلة من لدن القوى الأجنبية، وأن البرلمان والحكومة وكذلك السلطات الأمنية، ليست سوى دمى متحكم فيها من تلك القوى.
صورة من: picture-alliance/SULUPRESS/MV
فولفغانغ إبل.. أول "مواطني الرايخ"
فولفغانغ إبل من برلين الغربية هو أول من قال باستمرار وجود "دولة الرايخ". عمل إبل في خدمة القطارات المحلية ببرلين التي أدارتها آنذاك حكومة ألمانيا الشرقية تحت اسم "دويتشه رايشسبان". وعند تسريحه من وظيفته عام 1980، زعم بأنه كان موظفا حكوميا بالفعل في "دولة الرايخ" ولا يمكن إقالته من قبل مؤسسة قامت بعد الحرب. لكنه خسر كل الدعاوى القضائية التي رفعها ليتبنى بعد ذلك نظريات متطرفة وعنصرية.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Ebener
ماذا يفعل أعضاؤها؟
يرفض المنتسبون للحركة أداء الضرائب أو الغرامات. يعتبرون أن كل ما يجنونه مالهم الخاص وأن ممتلكاتهم كالمنازل هي أمور بعيدة تماما عن أيّ تنظيم أو إشراف من سلطات الدولة. يرفض أعضاؤها كذلك الإقرار بالدستور الألماني وبقية القوانين الموجودة في البلد، لكنهم في الآن ذاته يرفعون عدة دعاوى قضائية! يقومون بإعداد أوراقهم الخاصة غير المعترف بها كجوازات السفر ورخص القيادة.
صورة من: picture-alliance/Bildagentur-online/Ohde
كيف تطوّرت الحركة؟
بدأت الحركة سنوات الثمانينيات، لكن ما بدا أنه مجموعة ضعيفة دون قيادة، تطوّر إلى حركة من حوالي 19 ألف منتسب بحسب ما تؤكده الاستخبارات الألمانية. حوالي 950 من أعضائها تم تصنيفهم متطرفين من أقصى اليمين. على الأقل ألف عضو في الحركة يملكون رخص حيازة السلاح، وعدد كبير منهم يتبنون إيديولوجيات معادية للسامية وللأجانب.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Weihrauch
ما هي سمات أعضائها؟
يبلغ معدل أعمار أعضاء المجموعة 50 عاما. الرجال هم الجنس الأكثر حضورا داخلها. كما تجذب أشخاصًا يعانون من مشاكل مالية واجتماعية. يترّكز أعضاؤها بشكل أكبر في جنوبي وكذلك شرقي البلاد. من أشهر أسمائها، أدريان أرساخي، متوج سابق بلقب أكثر رجال ألمانيا وسامة. يقضي حاليا عقوبة بسبع سنوات، منذ الحكم عليه عام 2019 بعد إطلاقه النار وتسبّبه بجروح لرجل شرطة.
صورة من: picture-alliance/dpa/H. Schmidt
المنعطف الخطير
تُعتبر قضية فولفغانغ ب. ، الذي حُكم عليه بالسجن مدى الحياة عام 2017 بعد إدانته بقتل ضابط شرطة، هي المنعطف الذي دفع السلطات الألمانية إلى التعامل بشكل أكثر جدية مع متطرّفي هذه المجموعة. قام هذا المُدان بإطلاق النار على ضباط كانوا يفتشّون منزله بحثًا عن إمكانية حيازته أسلحة نارية. أحدثت الجريمة ضجة كبيرة وجذبت أنظار العالم كما طرقت ناقوس الخطر حول العنف اليميني المتطرف في ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
جهود متأخرة
يتهم متتبعون ألمانيا بأنها لم تأخذ لمدة طويلة التهديد الذي تمثله هذه المنظمة على محمل الجد، ففي 2017 فقط بدأت الأجهزة الأمنية الألمانية لأول مرة بتوثيق الجرائم ذات الخلفية المتطرفة بين المجموعة. منذ ذلك الحين، تكرّرت المداهمات الأمنية لأهداف الحركة، كما قامت السلطات بحظر العديد من أنشطتها وفروعها. كذلك حقق جهازا الشرطة والجيش داخلياً لمعرفة إذا ما وُجد أعضاء أو متعاطفون مع الحركة بين صفوفهما.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Zinken
"إخوة" عبر العالم
رغم إعلان تشبثها بـ"الامبراطورية الألمانية"، إلّا أن عددا من أعضائها ظهروا مع العلم الروسي، ما قوّى اتهامات للحركة بأنها مدعومة من روسيا لأهداف تضرّ بالسلطات الألمانية. هناك تشابه بين "مواطني الرايخ" والحركة الأمريكية "حرية على الأرض" التي يؤمن أعضاؤها أنهم لا يحترمون إلّا القوانين التي تناسبهم بها وبالتالي فهم مستقلون عن الحكومة وقوانينها.
صورة من: DW/D. Vachedin
الأمير هاينريش الثالث عشر.. قائد المؤامرة
تزعم الأمير هاينريش الثالث عشر مجموعة "مواطني الرايخ" المتهمة بتدبير مؤامرة الانقلاب التي كشفت عنها السلطات مؤخرا. كان هاينريش قد خسر كل القضايا التي رفعها لاستعادة ممتلكات تعود لحقبة القيصر. وزعم بعد ذلك أن جمهورية ألمانيا الاتحادية قامت على أسس غير صحيحة، مرددا عبارات معادية للسامية وروج لإحياء الإمبراطورية وزعم أنه جرى تفكيكها ضد رغبة الشعب. إعداد: سامانثا إيرلي، رينا غولدينبرغ (ترجمة إ.ع/ م.ع)