ألمانيا ـ دعوات للتفاعل مع أطروحات ماكرون الأوروبية
٢٨ مايو ٢٠٢٤
عُرف الرئيس إيمانويل ماكرون بأطروحاته الجريئة بشأن بناء وتعزيز الوحدة الأوروبية، غير أن ذلك نادرا ما يلقى تفاعلا إيجابيا في ألمانيا وفق زعماء وقادة سياسيين من ولاية شمال الراين-ويستفاليا التي منحت ماكرون جائزة السلام.
إعلان
انتقد رئيس حكومة ولاية شمال الراين-ويستفاليا الألمانية، هندريك فوست، تردد بلاده في التفاعل مع أطروحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في السياسة الأوروبية. وقال فوست المنتمي إلى الحزب المسيحي الديمقراطي المعارض في مدونة صوتية لمجلة "بوليتيكو" الألمانية إن ماكرون يعمل بشكل "لا يضاهيه فيه أحد من أجل ضمان أن تقدم أوروبا إجابات مشتركة على التحديات الكبرى في هذا العصر"، وأضاف "ماكرون يستحق ردا على دوافعه، وعلى (...) يده الممدودة باستمرار".
ويرى فوست أن الرئيس الفرنسي مصدر إلهام دائم لزيادة القواسم الأوروبية المشتركة، لكنه يفتقد رد فعل من الجانب الألماني، وقال "إنه يأخذ زمام المبادرة في المناقشات السياسية من أجل أوروبا مشتركة وأقوى. لكن ما هو جوابنا؟ يتم توجيه السؤال لنا لأول مرة قبل أن نبادر نحن بالإشارة إلى آخرين".
ماذا لو أنشأت أوروبا جيشها الموّحد؟
02:01
في السياق ذاته انتقد الرئيس السابق لحكومة ولاية شمال الراين-ويستفاليا الألمانية، أرمين لاشيت، علاقة المستشار أولاف شولتس
بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ووصفها بأنها باردة للغاية. وقال مرشح التحالف المسيحي لمنصب المستشار في الانتخابات العامة عام
2021 اليوم الثلاثاء في تصريحات لمحطة "دابليو دي آر 5" الألمانية: "يشعر الجميع بأن هذه ليست الصداقة العميقة والحماس اللذين تحتاجهما
بالفعل هذه العلاقة".
وذكر لاشيت أنه لا يمكن التذرع هنا بأن شولتس ينحدر من هامبورغ، واشار السياسي المنتمي إلى الحزب المسيحي الديمقراطي المعارض إلى أن المستشار الأسبق هيلموت شميت كان أيضا من هامبورج وكان على علاقة وثيقة للغاية خلال شغله المستشارية مع الرئيس الفرنسي في ذلك الحين فاليري جيسكار ديستان، وقال: "العذر بأنه مجرد هامبورغي ليس عذرا".
وأشار لاشيت إلى أن المستشار الأسبق هيلموت كول والرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران حققا أيضا بعد ذلك الكثير لأوروبا، على الرغم من أنهما ينتميان إلى معسكرين سياسيين مختلفين، مضيفا أن المستشارة السابقة أنغيلا ميركل كان عليها أن تتعامل مع ثلاثة رؤساء فرنسيين خلال فترة
شغلها منصبها، وكانت مدركة دائما لحقيقة أنه لن ينجح أي شيء تقريبا في أوروبا بدون فرنسا وألمانيا. وقال لاشيت: "أريد أن أقول ذلك بحذر: نحن
بحاجة إلى المزيد من الإدراك والحماس من المستشار في هذه العلاقات".
وذكر لاشيت أنه لم يكن من الجيد أيضا أن يسافر شولتس وماكرون بشكل فردي لمقابلة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو قبل بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، وقال: "كل منهما أجرى محادثات فردية، وهذا لا يعزز التماسك الأوروبي".
يذكر أنه تم منح لاشيت وسام جوقة الشرف الوطني الفرنسي برتبة قائد عام 2023 تكريما لجهوده في تعزيز العلاقات الفرنسية-الألمانية.
ويتواجد ماكرون في ألمانيا منذ أول الأحد (26 مايو/ أيار 2024) في زيارة دولة تستغرق ثلاثة أيام. وسيتسلم الرئيس الفرنسي جائزة ويستفاليا للسلام اليوم الثلاثاء في مدينة مونستر بولايةشمال الراين-ويستفاليا تكريما لجهوده في تعميق التعاون الأوروبي. وفي خطاب ألقاه في دريسدن أمس الاثنين، دعا ماكرون بحماس إلى الدفاع عن أوروبا وحذر بشكل ملح من تصاعد التطرف فيها.
ح.ز/ ع.غ (د.ب.أ)
الاتحاد الأوروبي - عقود من التقدم والإخفاقات منذ اللبنة الأولى
فيما يلي المحطات الكبرى للاتحاد الأوروبي منذ تأسيس الكتلة الأوروبية وترسيخ بنائها من خطة لتحقيق التكامل بانتاج الفحم لاتحاد عابر للقوميات ومرورا ببريكسيت وأحداث منطقة اليورو وأزمة اللاجئين ووصولا إلى صعود المتطرفين.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/V. Ghirda
في التاسع من أيار/ مايو 1950...
... وضع وزير الخارجية الفرنسي روبير شومان أول حجر في البناء الأوروبي عندما اقترح على ألمانيا بعد خمس سنوات فقط على استسلامها في الحرب العالمية الثانية، تحقيق تكامل في الإنتاج الفرنسي الألماني للفحم والفولاذ في اطار منظمة مفتوحة لكل دول أوروبا. وقعت اتفاقية باريس التي نصت على إنشاء "مجموعة الفحم والفولاذ" بعد عام من ذلك فولدت أوروبا "الدول الست" (ألمانيا وبلجيكا وفرنسا وإيطاليا ولوكسمبورغ وهولندا).
صورة من: picture-alliance/dpa
في 25 آذار/ مارس 1957...
... وقعت الدول الست المعاهدة التأسيسية لأوروبا السياسية والاقتصادية. وقد أسست المجموعة الاقتصادية الأوروبية، السوق المشتركة القائمة على التنقل الحر مع إلغاء الحواجز الجمركية بين الدول الأعضاء. أما المؤسسات ومنها المفوضية والجمعية البرلمانية الأوروبية فلم تُنشأ إلا مطلع 1958.
صورة من: picture-alliance/AP Images
في كانون الثاني/ يناير 1973...
...انضمت بريطانيا والدنمارك وإيرلندا إلى السوق الأوروبية المشتركة، تلتها اليونان (1981) وإسبانيا والبرتغال (1986) والنمسا وفنلندا والسويد (1995). شكلت معاهدة ماستريخت الوثيقة التأسيسية الثانية للبناء الأوروبي ووقعت في السابع من شباط/ فبراير 1992. وهي تنص على الانتقال إلى عملة واحدة وتنشئ اتحاداً أوروبياً.
صورة من: picture-alliance/AP Images
اعتبارا من كانون الثاني/ يناير 1993...
... أصبحت السوق الواحدة واقعاً مع حرية تبادل البضائع والخدمات والأشخاص ورؤوس الأموال. وانتظر الأوروبيون حتى آذار/مارس 1995 ليتمكنوا من السفر بلا مراقبة على الحدود.
صورة من: picture-alliance/blickwinkel/McPHOTO
في الأول كانون الثاني/ يناير2002...
... دخل اليورو الحياة اليومية لنحو 300 مليون أوروبي. وفيما تنازلت معظم دول الاتحاد عن عملاتها الوطنية، اختارت الدنمارك وبريطانيا والسويد فقط الإبقاء على عملاتها.
صورة من: picture-alliance/D. Kalker
أيار/ مايو 2004
وبعد أن كان الأمر أقرب إلى حلم عند سقوط جدار برلين في 1989، جرى توسيع الاتحاد ليضم دولا من شرق أوروبا تدريجياً. قد انضمت عشر دول جديدة إلى الاتحاد الأوروبي في أيار/ مايو 2004 هي بولندا والجمهورية التشيكية والمجر وسلوفاكيا وليتوانيا ولاتفيا واستونيا وسلوفينيا ومالطا وقبرص. وفي 2007 انضمت بلغاريا ورومانيا إلى الاتحاد ثم كرواتيا عام 2013.
صورة من: picture-alliance/dpa
في ربيع 2005...
... دفع رفض الناخبين الفرنسيين والهولنديين للدستور الأوروبي، بالاتحاد الأوروبي إلى أزمة مؤسساتية. ولم يخرج منها إلا باتفاقية لشبونة التي كان يفترض أن تسمح بعمل مؤسسات أوروبا الموسعة بشكل أفضل وتمت المصادقة عليها بصعوبة في 2009.
صورة من: EC AV Service
أزمة مالية خانقة
في السنة نفسها، أعلنت اليونان عن ارتفاع كبير في العجز في ميزانيتها في أول مؤشر إلى أزمة مالية واسعة. طلبت اليونان ثم إيرلندا وإسبانيا والبرتغال وقبرص مساعدة الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي اللذين طالبا بإجراءات تقشفية. أدت أزمة الديون هذه إلى سقوط رؤساء حكومات أوروبية الواحد تلو الآخر وعززت الشكوك في الوحدة الأوروبية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/D. Ochoa de Olza
أزمة اللاجئين
وما أن خرجت من هذه الأزمة المالية حتى واجهت أوروبا اخطر أزمة هجرة منذ 1945 مع تدفق مئات الآلاف من اللاجئين. واخفق الاتحاد الأوروبي في وضع خطة عمل مشتركة.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Hoppe
بريكسيت
جاءت بعد ذلك أزمة بريكسيت التي وجهت ضربة إلى اتحاد اضعفه صعود الشعبوية والتشكيك في جدوى الوحدة الأوروبية. وبعد حملة تركزت على الهجرة والاقتصاد، صوت نحو 17.4 مليون بريطاني (51.9 بالمئة من الناخبين) في 23 حزيران/ يونيو 2016 مع خروج المملكة المتحدة من الاتحاد.
صورة من: picture-alliance/abaca/D. Prezat
لكن ...
... بعد ثلاث سنوات على الاستفتاء، لم يتم تطبيق بريكسيت الذي كان مقررا في 29 آذار/ مارس 2019. وقد وافقت الدول الـ27 الأخرى الأعضاء على إرجاء الموعد إلى 31 تشرين الأول/ أكتوبر لإعطاء وقت للطبقة السياسية البريطانية للاتفاق على طريقة الانسحاب.
صورة من: picture-alliance/D. Cliff
إتمام "بريكست" في دورة 2019 حتى 2024
لكن "يوم الخروج"، جاء لاحقا. فأخيرا وقع برلمان المملكة المتحدة على اتفاق "البريكست"، الذي أعيد التفاوض عليه، ليتم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي رسميًا في الساعة 23:00 بتوقيت غرينتش من يوم 31 يناير/ يناير 2020، وهو يقابل الساعة "00:00: من يوم أول فبراير/ شباط 2020 بتوقيت وسط أوروبا). وتبقى بريطانيا العظمى هي الدولة الوحيدة ذات السيادة التي غادرت الاتحاد الأوروبي حتى الآن.
صورة من: Getty Images/AFP/T. Akmen
دعم واضح لأوكرانيا ضد الغزو الروسي
تعرض الاتحاد الأوروبي لاختبار شديد، حينما اندلع قتال لم يحدث له مثيل في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. فقد بدأت روسيا هجوما غير مسبوق على أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط 2022. وبكل حزم ووضوح وقف الأوروبيون، باستثناء المجر، في وجه الغزو الروسي. وبدأوا خطوات عملية لدعم أوكرانيا ومن بينها فرض عقوبات صارمة على روسيا وتخصيص مساعدات بعشرات مليارات اليورو من أجل دعم أوكرانيا للصمود.
صورة من: Virginia Mayo/AP
"قطر غيت" تهز البرلمان الأوروبي
في ديسمبر 2022، تم سجن اليونانية إيفا كايلي، نائبة رئيسة البرلمان الأوروبي، احتياطياً في بروكسل في إطار تحقيق قضائي بشبهات فساد في البرلمان الأوروبي، يُعتقد أنّها مرتبطة بقطر والمغرب، تتعلق بمبالغ كبيرة قد تكون دفعتها قطر لمشرعين أوروبيين للتأثير في قرارات المؤسسة الأوروبية الرئيسية. وتم اطلاق سراح كايلي بعد عدة أشهر. وعرفت القضية باسم "قطر غيت"، ونفت قطر والمغرب أيّ علاقة لهما بهذه القضية.
صورة من: Twitter/Ministry of Labour/REUTERS
أول قانون في العالم للذكاء الاصطناعي
في مارس/ آذار 2024، أقر البرلمان الأوروبي "قانون الذكاء الاصطناعي"، كأول قانون شامل للذكاء الاصطناعي بالعالم. ويريد الاتحاد الأوروبي من خلاله تنظيم الذكاء الاصطناعي (AI) لتطوير واستخدام هذه التكنولوجيا والحماية من مخاطرها. ووافق وزراء الاتحاد الأوروبي بشكل نهائي على القانون في مايو/ أيار. ومن بنوده وجوب وضع علامة على المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي مثل الصور أو الصوت أو النص.
صورة من: Christian Ohde/CHROMORANGE/picture alliance
إقرار قوانين اللجوء الجديدة بعد سنوات من التفاوض
بعد نحو عقد من الجدل حولها، أقرّ الاتحاد الأوروبي في مايو/ أيار 2024 خطة لإصلاح تاريخي لسياساته المتعلقة بالهجرة واللجوء من أجل السيطرة على الحدود لوقف الهجرة غير النظامية. وتتألف خطة الإصلاح من 10 تشريعات، دعمتها أغلبية كبيرة بالاتحاد. ومن المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ في 2026 بعد أن تحدّد المفوضية الأوروبية كيفية تطبيقها. وجاءت الموافقة قبل شهر من الانتخابات الأوروبية، رغم ذلك صعد اليمين المتطرف.
صورة من: DesignIt/Zoonar/picture alliance
زلزال الانتخابات الأوربية 9 يونيو/ حزيران 2024
في انتخابات الدورة التشريعية الجديدة للبرلمان الأوروبي 2024-2029، حدث زلزال سياسي بصعود غير مسبوق في تاريخ الاتحاد لقوى اليمين المتطرف والقوميين، الذين حصلوا على أكثر من 140 مقعدا من إجمالي 720 مقعداً. وفي ألمانيا مثلا حل حزب البديل الشعبوي (الصورة لرئيسي الحزب شروبالا وفايدل) كثاني أكبر قوة، بعد حزبي الاتحاد المسيحي المحافظ، متفوقا على الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أقدم حزب سياسي في ألمانيا.