ألمانيا ـ تجدد الجدل بشأن رفع حظر ترحيل اللاجئين السوريين
٥ ديسمبر ٢٠١٩
تتعالى دعوات في ألمانيا من حين لآخر تطالب بإعادة النظر في حظر ترحيل اللاجئين السوريين إلى بلدهم خصوصا المتورطين منهم في أعمال إجرامية أو الذين يشكلون خطرا على الأمن، غير أن جدلا يدور حول مدى ملاءمة الوضع الأمني في سوريا.
إعلان
دعا وزير داخلية ساكسونيا رولاند فولر وهو من الحزب الديموقراطي المسيحي الذي تنمي إليه المستشارة ميركل، إلى الإلغاء التدريجي لحظر ترحيل السوريين في أقرب وقت خصوصا المتورطين في أعمال إجرامية. غير ان الوضع غير المستقر في سوريا واستمرار الحرب هناك، إضافة إلى إمكانية انتقام النظام من العائدين، لا يسمح برفع الحظر عن عمليات الترحيل، كما تؤكد ذلك تقارير وزارة الخارجية الألمانية. غير أن هذه المعطيات لم تمنع تجدد الجدل بشكل دوري حول هذا الموضوع.
وترفض المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان البث في موضوع الترحيل إلى سوريا. وبهذا الصدد، قالت منظمة "برو أزول" الألمانية المعنية بالدفاع عن حقوق اللاجئين "بالنظر إلى الوضع الحقوقي المأساوي والوضع العسكري في سوريا، فإن تمديد حظر الترحيل أمر ضروري". وأضافت المنظمة أن المراجعة نصف السنوية لهذا الحظر غير ملائمة بالنظر إلى "الوضع الهش" في سوريا ويعطي انطباعًا خاطئًا بأن عمليات الترحيل وشيكة.
ألمانيا: تشديد قوانين الترحيل
02:59
من جهته، توقع يواخيم هيرمان، وزير داخلية ولاية بافاريا بداية الأسبوع الجاري، أن يتم تمديد وقف الترحيل، وقال الوزير المنتمي إلى الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري إن " الموقف في سوريا لا يزال بلا شك صعبا كما كان، وأتوقع أن وزراء الداخلية سيمددون وقف الترحيل إلى هناك لمدة نصف عام مرة أخرى". في الوقت نفسه، حذر هيرمان من أن يكون التمديد " تصريحا مطلقا لكل شخص"، وقال"من يرتكب في بلادنا جرائم خطيرة أو يتضح أنه خطر، لا يمكن أن يتوقع أن يجد لدينا مساعدة أو حماية".
وحسب تقرير داخلي لوزارة الخارجية الألمانية عن الوضع في سوريا، فإن تقديرات الحكومة الألمانية تشير إلى أنه لا يوجد في سوريا حتى اليوم منطقة يمكن للاجئين العائدين أن يشعروا فيها بالأمان. وأضافت الوزارة في تقريرها أن "العائدين ولاسيما المعروف عنهم أنهم معارضون أو مناوئون للنظام أو الذين يُنْظَر إليهم باعتبار أنهم كذلك، يتعرضون مجددا بشكل متكرر للطرد والعقوبات أو القمع أو تهديد حياتهم بشكل مباشر". وتابع التقرير أن هذه الأخطار ليست قاصرة على هذه الفئة وحدها.
وأكد هيرمان "يجب أن نأخذ كل الاحتمالات في الاعتبار لإخراج هؤلاء الأشخاص من بلادنا، ومنها ترحيلهم إلى دول أوروبية من خارج الاتحاد الأوروبي على سبيل المثال"، وقال إن حماية المواطنين الألمان يمثل بالنسبة له أولوية واضحة. وطالب بأن يسري معيار آخر بالنسبة لأنصار الرئيس السوري بشار الأسد الذين كانوا متواجدين في سوريا بمحض إرادتهم ثم عادوا إلى ألمانيا دون أن يقع عليهم ضرر" فهؤلاء الناس ليسوا مهددين بأي اضطهاد والعودة بالنسبة لهم شيء مقبول".
ح.ز/ ع.ج.م (أ.ف.ب / د.ب.أ)
اللاجئون في ألمانيا - من "ثقافة الترحيب" إلى "سياسة الترحيل"
في خريف عام 2015، فتحت ألمانيا أبوابها للآلاف من اللاجئين. وكان تفهم الألمان لمآسي هؤلاء ملفتا جداً. إلا أن أحداثاً عديدة قلبت ثقافة الترحيب إلى مطالب بالترحيل. بالصور: محطات من السياسة الألمانية تجاه اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Fischer
بداية الموجة
في 25 آب/ أغسطس 2015، علقت ألمانيا تنفيذ اتفاق دبلن تجاه اللاجئين السوريين. وينص الاتفاق على إعادة اللاجئين إلى بلد دخلوه في الاتحاد الأوروبي. وبعدها بأيام قالت المستشارة ميركل إن التغلب على موجة اللجوء؛ "مهمة وطنية كبيرة"، كما أصرت على أن "ألمانيا ستنجح في هذه المهمة". وخشيةً من مأساة تحل بآلاف اللاجئين، قررت ميركل إلى جانب النمسا استقبال اللاجئين، وكان ذلك في الخامس من أيلول/ سبتمبر 2015.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
استقبال وترحيب
مثلت ""ثقافة الترحيب" عنصراً مهماً في استقبال اللاجئين في خريف 2015. وقد حظي اللاجئون عند وصولهم إلى عدد من المدن الألمانية بترحيب منقطع النظير من جانب المتطوعين من المواطنين الألمان والأجانب المقيمين في ألمانيا. وبادر هؤلاء المتطوعون إلى تقديم المساعدة المعنوية والمادية للعديد منهم. ففي ميونيخ مثلاً، تم إنشاء مطاعم مؤقتة للاجئين المنتظرين تسجيل أسماءهم لدى الشرطة، ونقلهم إلى مراكز الإيواء.
صورة من: picture alliance/dpa/J. Carstensen
أزمة السكن
عدد كبير من اللاجئين قصد ألمانيا بعد قرار ميركل عام 2015. الأرقام المتزايدة للاجئين شكلت تحديا كبيراً للألمان. وبدأت مدن ألمانية باستعمال المباني الخالية أو المهجورة كمراكز إيواء للاجئين، فيما استدعت السلطات الحكومية المختصة الموظفين المتقاعدين للعمل من جديد في مراكز اللاجئين. ويعتبر هذا المعطى واحداً من المؤشرات الأخرى التي فرضت على ألمانيا دخول تحدٍ جديدٍ، بسبب اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Fassbender
بداية أحداث قلبت الموازين
كانت أحداث كولونيا، التي وقعت في ليلة رأس السنة الجديدة 2016/2015 بداية فاصلة لتغير مزاج الألمان تجاه اللاجئين. حيث شهدت تلك الليلة عملية تحرش جماعي كبرى لم تشهدها ألمانيا من قبل. تلقت الشرطة مئات البلاغات من نساء تعرضن للتحرش والسرقة وفتحت الشرطة أكثر من 1500 تحقيق لكن السلطات لم تنجح في التعرف إلا على عدد قليل من المشتبه بهم، الذين كانت ملامحهم شرق أوسطية وشمال إفريقية، طبقا لشهود.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Böhm
مطالب بالترحيل
أعمال التحرش الجنسي في كولونيا، ليلة رأس السنة، تسببت في موجة استياء واسعة في ألمانيا بداية من عام 2016، وقد دفعت كثيرين للمطالبة بتشديد القوانين لترحيل الجناة وجعلت آخرين يطالبون بتفادي تجريم فئة معينة في المجتمع. وكانت حركة "بغيدا" أهم الأطراف، التي دعت إلى وقف تدفق اللاجئين على ألمانيا. وتعارض هذه الحركة الشعبوية بوجه خاص إيواء لاجئين من دول إسلامية بدعوى أن ثقافتهم لا تنسجم مع القيم الغربية.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
تحديد سقف لعدد اللاجئين
على خلفية اعتداءات كولونيا ليلة رأس السنة، وجد زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي المحافظ آنذاك هورست زيهوفر في الواقعة فرصة للتأكيد على طلبه الرئيسي المتمثل في تحديد سقف أعلى لعدد اللاجئين المسموح لهم بدخول ألمانيا. لكن ميركل كانت قد رفضت الأمر في مؤتمر حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" (البافاري) في ميونيخ.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
هجمات متفرقة ينفذها لاجئون
وقام بعض اللاجئين بأعمال عنف و"إرهاب" جعلت مؤيدين كُثراً يسحبون دعمهم لسياسة الترحيب. ومن أبرز هذه الاعتداءات، ما حصل بمدينة أنسباخ جنوبي ألمانيا. فقد فجَّر طالب لجوء سوري عبوة ناسفة من صنعه وهو ما أدى إلى مقتله وإصابة 12 شخصاً. كما أصاب طالب لجوء آخر (2016) خمسة أشخاص بجروح بفأس وسكين على متن قطار في فورتسبورغ.
صورة من: Reuters/M. Rehle
هجمات معادية للاجئين
وفي المقابل قام أشخاص بالاعتداء على مجموعة من مراكز إيواء اللاجئين مثل إضرام الحريق في مركز فيرتهايم. كما شهدت بعض المدن الألمانية مظاهرات معادية لاستقبالهم. هذه التصرفات دفعت المستشارة ميركل للقول إنه لا تسامح مع اليمينيين المتطرفين الذين يقومون بهجمات ضد اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Engmann
عملية دهس وراءها داعش!
في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2016 اهتزت برلين لفاجعة الدهس بشاحنة، التي أدت لمقتل 12 شخصاً وإصابة 48 آخرين. هذا العمل الإرهابي قام به لاجئ في ألمانيا، فقد وُجهت التهمة لأنيس العامري، وهو تونسي الجنسية، كان يبلغ حينها 24 عاماً، باختطاف شاحنة بولندية ضخمة، ودهس بها تجمعاً بشرياً بأحد أسواق أعياد الميلاد في قلب برلين، قبل أن تقتله الشرطة الإيطالية. وقد أعلنت "داعش" فيما بعد تبنيها للاعتداء.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
سياسة ميركل في مرمى الانتقادات
تصاعد الأزمات، وتفاقم المشاكل جعل شعبية المستشارة ميركل تقل، فقد اتهمها منتقدوها بأن سياسة "الباب المفتوح" التي اتبعتها فاقمت الأوضاع من خلال تشجيع المزيد من اللاجئين على الدخول في رحلاتهم الخطرة نحو أوروبا. وفي سبتمبر 2016 بدأت ألمانيا أيضا بعمليات مراقبة مؤقتة على حدودها مع النمسا.
صورة من: Getty Images/J. Simon
هل ستستقبل ألمانيا لاجئين جدد؟
أعلنت المفوضية الأوروبية لشؤون اللاجئين موافقة الحكومة الألمانية على استقبال 10 آلاف لاجئ ضمن برنامج "إعادة التوطين" التابع للاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي يحاول وزير الداخلية الألمانية الإسراع بفتح مراكز جديدة للاجئين تتولى استقبال اللاجئ والبت في قراره ثم ترحيله في حالة رفض طلبه. بالإضافة إلى توجهه نحو التشدد حيال لمّ شمل عائلات اللاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية. إعداد: مريم مرغيش