ألمانيا.. تضامن اجتماعي مدني منقطع النظير مع ضحايا الفيضانات
٢٠ يوليو ٢٠٢١
ما حدث في ألمانيا بعد الفيضانات الهائلة التي تسببت في مقتل العشرات وفقدان المئات، هو ملحمة اجتماعية وإنسانية لا بد من الاحتذاء بها شارك فيها أشخاص عاديون ومؤسسات معروفة وكذلك مختلف قوى المجتمع المدني.
الجميع كان كريما وعلى أهبة المساعدة، سواء تعلق الأمر بالأفراد أو بالجمعيات أو الشركات في هذا الظرف الاستثنائي.
الجيران: الجيران هم الأقرب حتى من أفراد العائلة الكبيرة. حقيقة لمس أهميتها ضحايا الفيضانات الذين فقدوا وبسرعة السيول التي أطاحت بمنازلهم أهميتها. فالمساعدات الفورية تمّ تقديمها حسب بيانات رجال المطافئ من قبل الجيران أو سكان المناطق المجاورة الأقل تضررا. والكثيرون فتحوا بيوتهم أمام أولئك الذين باتوا من دون مأوى.
أعدّ الطعام والحلوى ووزعت المساعدات على المتطوعين والمتضررين. أما المخابز القريبة من مكان الحدث فقد وزعت الخبر والمعجنات.
مجموعات الفيسبوك: وسائل التواصل الاجتماعي خاصة فيسبوك كانت منبرا مؤطرا شديد الأهمية لحملات الدعم الشعبية. فعلى سبيل المثال، تمّ تأسيس عشرات المجموعات من قبل أشخاص لا ينحدرون بالضرورة من المناطق المنكوبة وإنما من جميع أرجاء ألمانيا.
ففي مجموعة "Flood Aid Lohmar 2021" على سبيل المثال، يسأل الأشخاص من بلدة لومار في منطقة راينزيغ، عن المساعدة التي يمكنهم تقديمها. فهناك من عرض جرارات مزودة بمقطورات، وملابس للبالغين والأطفال، وأثاث منزلي إلى غير ذلك. وهناك حتى من قدم المساعدة بالأيدي في تنظيف الأقبية الغارقة بالمياه.
الشركات
متاجر مواد البناء: هناك شركات عديدة لبيع مواد البناء كأوبي أو باوهاوس أو هورنباخ أو توم وغيرها. هذه الشركات وباختلاف أسمائها عرضت على المتضررين مجارف وأجهزة تجفيف ومضخات غاطسة من دون مقابل. شركة أوبي ذهبت إلى إعارة المعدات مجانًا.
كما أنها فتحت الباب أمام الأفراد الذين يمتلكون المعدّات اللازمة ويريدون منحها للمتضررين أجهزة التجفيف أو المضخات الغاطسة إلى وضعها في أحد أسواق أوبي. وهناك يتلقون قسيمة بقيمة جهاز جديد مشابه لـ"التبرع المادي"، كما تسميه الشركة التي تقوم بتنظيم عملية النقل إلى المناطق المتضررة، وفق ما أوردته على حسابها في فيسبوك.
متاجر المواد الغذائية: العديد من متاجر المواد الغذائية تبرعت ليس فقط بمبالغ كبيرة من المال، ولكن أيضًا بالمواد الغذائية لقوات الإطفاء والمتطوعين كما فعلت شركة كاوفلاند.
هاريبو العملاقة: تعمل شركة الحلويات في غرافشتات بالقرب من مدينة بون كنقطة تجميع التبرعات العينية. ويمكن تسليم ملابس الأطفال أو البطانيات أو طعام الكلاب أو الألعاب مباشرة إلى حارس البوابة. ولأن الاندفاع كان كبيرًا طلبت الشركة بعدم يوم واحد فقط عدم إحضار أي شيء آخر، لتعلن أنه بات "ضروريا" تنسيق التخزين و "التوزيع الإضافي على أساس الاحتياجات".
الفنادق: بالنسبة للعائلات التي فقدت منزلها بالكامل أو على الأقل لم يعد بإمكانها العيش هناك في الوقت الحالي، الاتصال بسلاسل الفنادق المختلفة، كسلسلة "هيلتون كولونيا" التي تقدم غرفا مجانية، أو سلسلة "HRS Group" التي تقدم شروطًا مخفضة للحصول على شقق، وقد أعلنت عن ذلك على موقعها في فيسبوك:
أندية كرة القدم: بالنسبة للآباء والأمهات الذين يواجهون هذه الظروف العصيبة ولديهم بالكاد الوقت لرعاية أطفالهم بشكل مناسب، فتحت نوادي كرة القدم أبوابها لاستقبال الأطفال مجاناً من "أجل توفير أجواء إيجابية لهم" ومن أجل "التخفيف عنهم"، كما يقول مدرب كرة القدم خوسيه دي ألميدا فريسيم، من "مدرسة كرة القدم بالأسود والأبيض" في مدينة ترويسدورف التابعة لمنطقة راينزيغ.
التبرعات المالية: فتحت قنوات عديدة لتقديم تبرعات مالية لأسر الضحايا والمتضررين. وبات بإمكان أي شخص يريد تقديم تبرعات مالية الاختيار بين جمعيات ومنظمات أو حتى المؤسسة البنكية المنخرط فيها. وعلى سبيل المثال، أطلقت منظمة "Aktion Deutschland hilft" "ألمانيا تساعد" والتي تضم العديد من منظمات الإغاثة، حملة كبيرة لجمع التبرعات.
جينيفر فاغنر/ و.ب
تاريخ الفيضانات في ألمانيا.. مصائب قوم عند ساسة فوائد؟
نظراً لتكرر الفيضانات في ألمانيا على مدار العقود الماضية، فقد بقيت صور السياسين وهم يتفقدون المناطق المنكوية جزءا من مشوارهم السياسي وبرامجهم الانتخابية في "لحظات تاريخية" لا تٌنسى أحياناً قبل الانتخابات المصيرية.
صورة من: Andreas Gebert/dpa/picture alliance
هيلموت شميدت خلال فيضانات هامبورغ عام 1962
تسبب الفيضان الهائل لبحر الشمال في شباط/ فبراير 1962 في مقتل أكثر من 300 شخص فيما ترك عشرات الآلاف في مدينة هامبورغ الساحلية الألمانية دون مأوى. الحادثة التي كانت نقطة تحول حاسمة في مسيرة المستشار الأسبق هيلموت شميدت الذي كان حينها وزيراً للداخلية في هامبورغ. إذ اكتسب من خلال إدارته للأزمة، وخاصة قراره لتحشيد الجيش للمساعدة، شعبية على مستوى البلاد.
صورة من: Blumenberg/dpa/picture alliance
هيلموت كول خلال فيضانات ولاية براندنبورغ عام 1997
كان "مهندس الوحدة الألمانية" المستشار الأسبق هيلموت كول في المرحلة الأخيرة من ولاية حكمه عندما زار ولاية براندنبورغ الشرقية في عام 1997 بعد فيضانات ضخمة على طول نهر الأودر. الكارثة التي أطلق عليها غالباً اسم "Einheitsflut": "فيضان الوحدة"، باعتبارها أول أزمة وطنية لاختبار التضامن بين ألمانيا الشرقية والغربية التي كان قد أعيد توحيدها حديثاً.
صورة من: picture alliance
غيرهارد شرودر، بلدة غريما عام 2002
انقلبت حظوظ غيرهارد شرودر عندما سقطت الأمطار في ساكسونيا في صيف 2002 وتسببت الفيضانات القاتلة بأضرار على ألمانيا والنمسا وجمهورية التشيك. إذ مع تراجع حظوطه خلال حملته الانتخابية، ارتدى المستشار الاشتراكي الديموقراطي جزمة مطاطية ليخرج بصورة المسؤول عن إدارة الأزمة في بلدة غريما الشرقية الصغيرة. وفاز في الانتخابات بعد شهر من ذلك.
صورة من: localpic/imago images
إدموند روديغر شتويبر في باساو عام 2002
كان خصم غيرهارد شرودر، إدموند شتويبر، المرشح لمنصب المستشار عن الاتحاد المسيجي في إجازة بشمال ألمانيا عندما وقعت الكارثة. ووصل إلى ولاية ساكسونيا بعد أيام قليلة فقط، واشتكى بمرارة من "سياحة الفيضانات" التي يمارسها منافسه.
صورة من: Armin_Weigel/dpa/picture-alliance
أنغيلا ميركل في نيو غارج عام 2006
زارت أنغيلا ميركل مناطق الفيضانات عدة مرات خلال فترة توليها منصب مستشارة لألمانيا. حدث أول فيضان كبير خلال فترة ولايتها في أذار/ مارس ونيسان/ أبريل 2006 مرة أخرى حول نهر إلبه في ولاية ساكسونيا. وقد وقعت الكارثة بعد أشهر قليلة من إعصار كاترينا في نيو أورلينز بالولايات المتحدة، عندما تعرض جورج دبليو بوش للهجوم لفشله في تنظيم استجابة مناسبة. لذا حرصت ميركل على تجنب انتقادات مشابهة.
صورة من: Patrick Lux/dpa/picture alliance
أنغيلا ميركل في دريسدن عام 2013
تعرض شرق ألمانيا وجنوبها مرة أخرى لفيضانات شديدة في صيف 2013، هذه المرة قبل بضعة أشهر من الانتخابات. وبات المركز التاريخي لمدينة دريسدن مهدداً، حيث تسبب نهر الإلبه ضفافه في فيضانات واسعة النطاق ضربت معظم مناطق وسط أوروبا. وزارت ميركل المناطق المتضررة في ولايتي ساكسونيا وبافاريا ووعدت بتقديم المساعدات.
صورة من: Arno Burgi/dpa/picture alliance
ارمين لاشيت في مدينة هاغن عام 2021
ألغى مرشح الاتحاد الديمقراطي المسيحي لخلافة ميركل ورئيس وزراء ولاية شمال الراين وستفاليا كافة المواعيد لزيارة مدينة هاغن المتضررة بشدة في ولايته. غير أن المخاطر السياسية كبيرة، حيث يتم ربط الفيضانات المميتة بتغير المناخ، في حين يُعرف لاشيت كحامي لصناعة الفحم في الولاية، مما قد ينعكس سلباً على حملته.
صورة من: Ina Fasbender/AFP
أولاف شولتس في مدينة باد نوينار عام 2021
كما ظهر مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي للمستشارية أولاف شولتس في ولاية راينلاند بفالس المجاورة بعد أن ضربت الفيضانات، إلى جانب رئيسة وزراء الولاية ورفيقته في الحزب مالو دراير. على الرغم من أن حزبه يظهر تراجعاً في الاستطلاعات بفارق كبير عن الاتحاد الديمقراطي المسيحي، إلا أن شولتس، بصفته وزيراً للمالية، كان قادراً على الوعد بتقديم مساعدة فورية للمناطق المنكوبة. نايت بنيامين / ر.ض