ألمانيا ـ سقوط نظام الأسد يؤجج جدل ترحيل اللاجئين السوريين
١٤ ديسمبر ٢٠٢٤
يتصاعد الجدل بألمانيا بشأن ترحيل اللاجئين السوريين بعد انهيار نظام بشار الأسد، حيث تتساءل الصحافة الألمانية والأوروبية حول مدى أمان العودة في ظل وضع سوري متردي، تزامنا مع ضغط بعض الأطراف السياسية لتشديد سياسة الترحيل.
إعلان
عاد الجدل ليتصاعد في ألمانيا حول إمكانية ترحيل اللاجئين السوريين إلى بلدهم، خصوصا مع التغيرات السياسية في سوريا بعد انهيار نظام بشار الأسد، إذ بدأ البعض يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت سوريا قد أصبحت آمنة بما يكفي لعودة اللاجئين. فمن جهة، هناك مواقف تدعو إلى العودة الطوعية للاجئين بناءً على التحسن الظاهر في بعض المناطق السورية، بينما من جهة أخرى، يرى العديد من الناشطين والمنظمات الإنسانية أن الوضع هناك ما زال غير مستقر، وأن العودة قد تعرض اللاجئين لخطر الموت أو الاعتقال أو التشرد.
وواكبت وسائل الإعلام الألمانية والأوروبية هذا الجدل عن كثب، حيث تعكس تغطياتها مواقف متباينة. ففي حين تركز بعض الصحف الألمانية على تأكيد ضرورة الحذر في اتخاذ قرار العودة بناءً على التقارير الدولية التي تشير إلى استمرار الانتهاكات في بعض المناطق السورية، تسعى أخرى إلى إبراز وجهات نظر تروج لفكرة العودة الطوعية، مستندة إلى تحسن الأوضاع في بعض المناطق. من جانب آخر، يعكس الإعلام الأوروبي بشكل عام قلقًا متزايدًا من سياسة "الترحيل القسري" في بعض الدول الأوروبية، حيث يُنظر إلى ذلك كخطوة قد تؤدي إلى تصعيد الأزمة الإنسانية.
وبهذا الشأن كتبت صحيفة "نويه تسوريشر تسايتونغ" السويسرية الناطقة بالألمانية (12 ديسمبر/ كانون الثاني 2024) إن "اتفاقية اللاجئين لعام 1951 واضحة: يمكن سحب الحماية إذا حدثت تغييرات إيجابية في بلد المنشأ، بشرط أن تكون هذه التغييرات دائمة وليست مؤقتة". فقد وضعت الإطاحة ببشار الأسد الجاليات السورية في أوروبا في حالة من الارتباك العاطفي. فالأمل في بداية جديدة يتداخل مع القلق من أن جولة جديدة من العنف قد تكون على الأبواب. فهل يذهبون أم يبقون؟ بالنسبة لمعظمهم، الإجابة على الأرجح هي: الانتظار. (...) لكن إذا توافرت الفرصة لإعادة بناء البلاد المدمرة بفضل ظروف مستقرة إلى حد ما، يجب على الدول الأوروبية أن تساهم بشكل فعال في ذلك. هذا سيسهل على "السوريين الأوروبيين" المشاركة في هذا التغيير، وهو ما دعت إليه القيادة الجديدة بالفعل. لكن العودة القسرية ستكون أكثر قبولًا سياسيًا إذا قدمت أوروبا مساعدتها في إعادة الإعمار. ومع ذلك، يجب على القارة أن تستعد أيضًا لسيناريو مختلف تمامًا: أن تعود حركة الهجرة من البلاد إلى الازدياد من جديد".
إعلان
الاتحاد الأوروبي يعتبر الإعادة القسرية "غير ممكنة"
في موقف ملفت، أكد ماغنوس برونر، المفوض الأوروبي لشؤون الهجرة (12 ديسمبر) أن الإعادة القسرية للاجئين السوريين القاطنين في أوروبا إلى بلادهم "غير ممكنة" في الوقت الراهن، وذلك بعد إعلان النمسا نيتها تنفيذ هذه الخطوة. تصريحات برونر جاءت عقب محادثاته مع وزراء داخلية التكتل القاري في بروكسل. ورغم أن فصائل المعارضة السورية، بقيادة "هيئة تحرير الشام"، تعهدت بتأسيس دولة قانون ومؤسسات في سوريا، إلا أن سجل الهيئة السابق مع الجماعات الجهادية، يخلق حالة من عدم اليقين حول مستقبل بلاد متعددة الأعراق والطوائف. المسؤول الأوروبي أشار إلى ضرورة تقديم المساعدات المالية للسوريين الذين يسعون للعودة طواعية إلى بلدهم، قائلاً "فيما يتعلق بالتمويل، نعم، أعتقد أنه يجب علينا اتخاذ خطوات ملموسة لدعم هؤلاء اللاجئين".
رئيس الحكومة الانتقالية محمد البشير يدعو اللاجئين السوريين إلى العودة
02:23
وكشفت وكالة الاتحاد الأوروبي المعنية بشؤون اللجوء أن أكثر من 100 ألف طلب حماية دولية مقدّمة من سوريين لجأوا إلى دولالاتحاد الأوروبي هي قيد النظر حاليا في البلدان الأعضاء السبعة والعشرين. ويذكر أن وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر، دعت بدورها لاتخاذ نهج أوروبي مشترك بشأن العودة المحتملة للاجئين السوريين. وقالت بهذا الصدد "أعتقد أن العمل على تنظيم هذا بشكل مشترك سيكون هادفا للغاية (..) هناك حاجة إلى توافر قاعدة بيانات موحدة لمعرفة كيف يتطور الوضع في البلاد".
وبهذا الصدد كتبت صحيفة "تراو" الهولندية (12 ديسمبر) "عدة دول - بما في ذلك هولندا وألمانيا والنمسا والدنمارك والسويد، علقت البت في طلبات اللجوء للسوريين. ورغم أن هذا يتوافق مع الوضع المتغير في سوريا (...) في هولندا، استخدم غيرت فيلدرز، رئيس حزب الحرية (اليميني المتشدد)، احتفالات السوريين كحجة لضرورة ترحيلهم الآن.
ومن الملاحظ أن فيلدرز كان قد ادعى قبل خمسة أسابيع فقط أنه يمكن إرسال السوريين إلى وطنهم بينما لا يزال الأسد في السلطة. السياسي الألماني من حزب الحزب الديمقراطي، ينس شبان، يقترح أن تستخدم الحكومة الألمانية الرحلات الجوية المستأجرة لإعادة السوريين إلى بلدهم، ربما مع مكافأة خروج قدرها 1000 يورو. الحماسة التي يظهرها كبار السياسيين الأوروبيين لإرسال السوريين إلى بلادهم تلقي بظلالها على الضيافة والتضامن الذي أظهروه طوال سنوات الحرب، وتثير مرة أخرى مخاوف السوريين من مستقبل غير مؤكد في أوروبا".
انهيار نظام الأسد واللاجئين السوريين في ألمانيا
تستضيف ألمانيا نحو مليون سوري، وهو العدد الأكبر من بين دول الاتحاد الأوروبي. وفي سياق أجواء الحملة للانتخابات التشريعية المقررة في 23 فبراير/ شباط المقبل، اقترح القيادي في المعارضة المسيحية المحافظة ينس سبان "استئجار طائرات" وتخصيص مبلغ قدره ألف يورو "لكل من يريد العودة إلى سوريا".
وهكذا أصبح اللاجئون موضوع مزايدات سياسية في سياق المد الكبير الذي حققته احزاب اليمين المتشدد في الانتخابات الأخيرة في ألمانيا وأوروبا، لم يستغرق الأمر 48 ساعة حتى قررت حكومات في كل من ألمانيا والنمسا والسويد والدنمارك والنروج وبلجيكا وبريطانيا وسويسرا تعليق طلبات اللجوء للسوريين، إضافة الى بريطانيا.
2023 الأكثر خطورة للاجئين.. معاناة مستمرة ومأساة تتفاقم!
يوما بعد يوم تتفاقم مأساة اللاجئين، ويعتبر 2023 الأكثر مأساوية إذ شهد النصف الأول منه غرق المئات من المهاجرين. في هذه الصور نسلط الضوء على محنة ومعاناة الأشخاص المجبرين على الفرار من أوطانهم بمناسبة يوم اللاجئ العالمي.
صورة من: Fabrizio Villa/Getty Images
الأمل بعيدا عن الديار
اختارت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين هذا الشعار: الأمل بعيدا عن الديار، للاحتفال بيوم اللاجئ العالمي لهذا العام. وهي تريد أن تركز فيه على "إﻳﺠﺎد اﻟﺤﻠﻮل ﻟﻼﺟﺌﻴﻦ وﻋﻠﻰ ﻗﻮة اندماجهم". وترى المفوضية أن ذلك يعد اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻷﻛﺜﺮ "ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ" لتمكينهم من بدء حياة جديدة في اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻤﻀﻴﻔﺔ ﻟﻬﻢ.
صورة من: Tessa Walther/DW
أسباب عديدة..
أسباب عديدة تجبر الناس على ترك أوطانهم واللجوء إلى دول أخرى طلبا للأمن. ولعل الحروب والنزاعات المسلحة هي السبب الأبرز، إلى جانب الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والاضطهاد لأسباب سياسية أو دينية أو ثقافية أو غيرها من الأسباب الشخصية.
صورة من: Nicoletti/dpa/picture alliance
تغير المناخ والكوارث الطبيعية
المناخ أيضا بات سببا للهجرة والنزوح حول العالم. فالظواهر المناخية المتطرفة والكوارث البيئية مثل الجفاف والعواصف المدمرة والفيضانات حول العالم ولاسيما في النصف الجنوبي للكرة الأرضية الذي يعاني من الفقر والصراعات، تدفع ملايين الناس للهجرة والنزوح ولاسيما للدول المجاورة.
صورة من: Orlando Sierra/AFP/dpa/picture-alliance
110 ملايين نازح ولاجئ حول العالم
ارتفع عدد النازحين حول العالم في عام 2022، جراء الصراعات والمجاعات وتغير المناخ، ليصل إلى مستوى قياسي تجاوز المائة مليون نازح، حسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. وتقول المفوضية إن الاتجاه التصاعدي لم يظهر أي علامة على التباطؤ في عام 2023 حيث دفع الصراع في السودان إجمالي عدد النازحين في العالم إلى ما يقدر بنحو 110 ملايين نازح بحلول أيار/ مايو الماضي.
صورة من: Blaise Dariustone/DW
السودان..هروب جماعي من ويلات الحرب
شرّدت الحرب المستعرة منذ شهرين في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع أكثر من 2,5 مليون سوداني، بين نازح ولاجئ، ولاسيّما في دارفور. ويعاني السودان أصلا من الصراعات والنزوح منذ اندلاع أزمة دارفور في عام 2003. وبحلول نهاية عام 2022، كان هناك أكثر من 3.7 مليون شخص من النازحين داخلياً، يعيش معظمهم بمخيمات في دارفور. ويعيش 800 ألف سوداني آخر كلاجئين في دول مجاورة مثل تشاد وجنوب السودان ومصر وإثيوبيا.
صورة من: Gueipeur Denis Sassou/AFP
حرب أوكرانيا
الحرب في أوكرانيا كانت السبب الرئيسي للنزوح في عام 2022. وقد ارتفع عدد اللاجئين الأوكرانيين من 27 ألف لاجئ في نهاية عام 2021 إلى 5,7 مليون في نهاية عام 2022، وهو ما يمثل أسرع تدفق للاجئين في أي مكان منذ الحرب العالمية الثانية، حسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
صورة من: Jens Schicke/IMAGO
حلم الفردوس الأوروبي
تعتبر أوروبا الوجهة الأولى للنازحين والمهاجرين من نصف الكرة الجنوبي ويحلم الملايين بالفردوس الأوروبي ويغامرون بحياتهم من أجل ذلك، من خلال محاولة عبور الصحراء الكبرى والبحر المتوسط أو عبر طريق البلقان أو حتى الغابات الشاسعة بين بيلاروسيا وبولندا ودول البلطيق.
صورة من: Flavio Gasperini/SOS Mediterranee/dpa/picture alliance
المتوسط مقبرة المهاجرين
يعتبر عبور البحر الأبيض المتوسط من أخطر الطرق التي يسلكها المهاجرون حول العالم، حيث غرق أو فقد أكثر من 26 ألف مهاجر في البحر المتوسط منذ عام 2014. ولعل عام 2023 كان الأكثر مأساوية حيث شهد النصف الأول من هذا العام غرق مئات المهاجرين، وآخر حادثة مأساة السفينة التي غرقت قبالة السواحل اليونانية وكان على متنها نحو 750 مهاجرا لم يتم إنقاذ سوى 104 منهم.
صورة من: Gianluca Chininea/AFP
عبء كبير على أوروبا
يشكل اللاجئون عبئا كبير على الدول الأوروبية، وهو ما يدفعها للتشدد في هذا الملف والبحث عن حلول وسياسة لجوء مشتركة. وبعد مفاوضات طويلة واجتماعات ماراثونية توصل وزراء داخلية الدول الأعضاء إلى صيغة للإصلاح الشامل لإجراءات اللجوء وملف الهجرة المطروحة منذ سنوات.
صورة من: Darko Vojinovic/dpa/AP/picture alliance
البحث عن شراكات في شمال أفريقيا
يسعى الاتحاد الأوروبي إلى الاتفاق والتوصل إلى شراكات مع دول شمال أفريقيا ويخوض مفاوضات صعبة مع تلك الدول، ويحاول تقديم مساعدات وإغراءات مالية لتلك الدول بغية إقناعها بالتعاون مع أوروبا في التصدي للهجرة غير الشرعية وتدفق المهاجرين. وفي هذا السياق عرض الاتحاد الأوروبي مساعدات بأكثر من مليار يورو على تونس.
صورة من: Italian Premier Office/AP/picture alliance
عبور السياج الحدودي بين المغرب وإسبانيا
السياج الحدودي بين المغرب وإسبانيا يشهد دائما محاولات عبور مستمرة، بعضها جماعية مثلما حدث الصيف الماضي حين حاول مئات المهاجرين عبور السياج الحدودي من المغرب إلى جيب مليلة الإسباني في 24 حزيران/ يونيو 2022، وتصدت لهم قوات الأمن وقتل ما لا يقل عن 37 مهاجرا.
صورة من: Javier Bernardo/AP/dpa/picture alliance
استمرار مأساة اللاجئين السوريين
ورغم مرور 12 عاما على الأزمة السورية ونزوح وملايين السوريين من ديارهم، لا يزال الملايين ينتظرون العودة من مخيمات اللجوء ولاسيما في لبنان والأردن وتركيا إلى ديارهم. فيما يحاول كثيرون منهم عبور الحدود اليونانية التركية للوصول إلى أوروبا.
إعداد: عارف جابو
صورة من: Marwan Naamani/dpa/picture alliance
12 صورة1 | 12
وفي حوار مع موقع "شبيغل "أونلاين" (12 ديسمبر/ كانون الأول) لخص الخبير دانييل ثايم عواقب انهيار نظام الأسد على اللاجئين السوريين المقيمين في ألمانيا. وشرح الخبير أن ترحيل اللاجئين عملية سابقة لأوانها معتبرا أنه "قد تحدث معارك جديدة بين الجماعات المتمردة المختلفة، وبالتالي تندلع الحرب الأهلية من جديد. في مناطق مختلفة، قد يستمر الناس في التعرض للاضطهاد بسبب توجهاتهم السياسية أو انتمائهم الجماعي أو بسبب معتقداتهم الدينية. وقد تصبح سوريا مثل ليبيا ثانية، حيث يحل أمراء الحرب المحليون محل الديكتاتور المخلوع.
في مثل هذا السيناريو المتشائم، من المحتمل أن يستمر العديد من السوريين في الحصول على وضع اللاجئ أو الحماية المؤقتة. بالنسبة للعائلات التي لديها أطفال، غالبًا ما يتم تطبيق حظر الطرد، خاصة إذا كانت العائلة والأصدقاء في بلدهم لا يستطيعون مساعدتهم. في الواقع، لدينا في بلادنا العديد من العائلات السورية التي لديها أطفال".
هيئة تحرير الشام وضمان عودة اللاجئين؟
بدورها تعهدت الحكومة الجديدة في سوريا بالعمل على إقامة "دولة قانون" في سوريا، بعد نصف قرن من حكم آل الأسد الذي اتسم بالقمع العنيف، تسعى السلطات السورية الجديدة إلى تأسيس "دولة قانون"، وفقًا لما صرح به المتحدث باسم وزارة الشؤون السياسية في الحكومة السورية المؤقتة، عبيدة أرناؤوط، الذي وأوضح أنه سيتم تجميد العمل بالدستور والبرلمان خلال الفترة الانتقالية التي ستستمر لمدة ثلاثة أشهر، بالإضافة إلى تشكيل "لجنة قانونية وحقوقية" للنظر في الدستور وإجراء التعديلات اللازمة.
كما أشار إلى أن الأولويات تشمل "حماية المؤسسات والمستندات والوثائق الرسمية". إن الكيفية التي سيتصرف بها حكام دمشق الجديدة سيكون لها تأثير مباشر على وضع اللاجئين في أوروبا. فهل تكون "هيئة تحرير الشام" أفضل من نظام بشار الأسد رغم ماضيها الجهادي؟
بهذا الصدد كتبت صحيفة "دي تيلغراف" الهولندية (الثاني من ديسمبر/ كانون الأول 2024) معلقة بشأن الهجوم المباغت من قبل الجماعات الجهادية بقيادة تنظيم 'هيئة تحرير الشام'، الذي نشأ من الفرع السوري لتنظيم القاعدة، والذي يسعى لإقامة خلافة إسلامية، "من المدهش أن بعض الخبراء الغربيين يعتقدون أن هذه المجموعة معتدلة ويمكن التفاوض معها. في الوقت نفسه، تظهر صور صادمة لإعدام جنود سوريين. المسيحيون وأفراد الأقليات الأخرى يخشون على سلامتهم. تُتهم هيئة تحرير الشام بتعذيب الصحفيين والمعارضين السياسيين، ويبدو أنها لا تختلف عن نظام الأسد الوحشي".
ح.ز
سوريا.. سقوط حكم عائلة الأسد بعد أكثر من خمسة عقود من السلطة
فر بشار الأسد من سوريا في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول عام 2024. وكتب هذا الفرار نهاية حكم عائلة الأسد الذي استمر خمس عقود ونصف. هنا لمحة عن أبرز المحطات التي مرت بها سوريا منذ بدء حكم عائلة الأسد وحتى نهايته.
صورة من: Hussein Malla/AP/dpa/picture alliance
نهاية حقبة حكم بيت الأسد
8 ديسمبر/ كانون الأول، 2024 نقطة فاصلة في تاريخ سوريا.. فقد أسقطت المعارضة المسلحة نظام الرئيس بشار الأسد، الذي أضطر لترك منصبه وغادر دمشق إلى مكان مجهول، وذلك على وقع الأحداث المتسارعة التي بدأت في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
صورة من: Iranian Presidency Office/ZUMAPRESS/picture alliance
هجوم المعارضة المسلحة
في الثاني من ديسمبر/كانون الأول 2024، اعتبر الأسد هجوم المعارضة المسلحة، الذي بدأ في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني، "محاولة لتقسيم المنطقة وتفتيت دولها، وإعادة رسم الخرائط من جديد"، بيد أن هذه المزاعم لم تجد هذه المرة.
صورة من: Bakr Alkasem/AFP/Getty Images
حرب أهلية دموية مدمرة
أتى سقوط نظام بشار الأسد بعد أكثر من 13 عاما على بدء انتفاضة شعبية في خضم "الربيع العربي"، والتي تحولت إلى حرب أهلية دموية أسفرت عن مقتل أكثر 300 شخص ما بين 2013 و2021، بحسب الأمم المتحدة، وفرار الملايين إلى خارج البلاد أو نزوجهم داخل البلاد.
صورة من: Bulent Kilic/AFP/Getty Images
تهاوي سلطة بشار
تمسك بشار الأسد بالسلطة وقاوم بشرسة الاحتجاجات الشعبية والدعوات الدولية للتنحي عن السلطة، مستعينا بدعم عسكري من روسيا وإيران وحزب الله. لكن عندما تخلت عنه هذه الأطراف لم يكن أمامه سوى الفرار.
صورة من: Orhan Qereman/REUTERS
تراجع الدعم العسكري الروسي
كان للدعم العسكري الروسي المباشر لبشار ألأسد دورا في صموده خلال الحرب الأهلية، لكن بدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تجنب مواصلة دعم الأسد أمام هجوم المعارضة المسلحة، كونه بوتين لديه جبهة حرب أخرى مفتوحة في أوكرانيا.
صورة من: Valeriy Sharifulin/IMAGO/SNA
احتجاجات تحولت إلى نزاع دامٍ!
في العام 2011، لحقت سوريا بركب الثورات في دول عربية عدة، أبرزها مصر وتونس، في ما عُرف بـ"الربيع العربي". ومع اندلاع الاحتجاجات المناهضة لنظامه، قمع الأسد المتظاهرين السلميين بالقوة، وتحولت الاحتجاجات نزاعاً دامياً، سرعان ما تعددت جبهاته والضالعين فيه. وأودى النزاع المستمر بأكثر من 388 ألف شخص وهجّر وشرّد الملايين داخل البلاد وخارجها، وسوّى مناطق كاملة بالأرض.
صورة من: AFP/O. H. Kadour
بقاء على رأس السلطة بدعم روسي
في سنوات النزاع الأولى، فقدت قوات الحكومة السورية سيطرتها على مساحات واسعة من سوريا بينها مدن رئيسية. لكن وبدعم عسكري من حلفائها، إيران ثم روسيا، استعادت القوات الحكومية تدريجيًا نحو ثلثي مساحة البلاد، إثر سياسة حصار خانقة وعمليات عسكرية واسعة ضد الفصائل المعارضة والتنظيمات الجهادية. ولعب التدخل الجوي الروسي منذ خريف 2015 دوراً حاسماً في تغيير موازين القوى لصالح دمشق.
صورة من: Reuters/O. Sanadiki
الوصول إلى الحكم عبر التوريث
2000، ورث بشار الأسد الحكم عن والده الراحل، حافظ الأسد، الذي حكم سوريا من خلال زعامة حزب البعث الموجود في السلطة منذ أكثر من خمسين عاما. أصبح بشار الأسد، وهو في الرابعة والثلاثين من العمر، رئيسا عن طريق استفتاء لم يشهد أي معارضة.
صورة من: Louai Beshara/AFP
تولي الحكم بعد انقلاب "الحركة التصحيحية"
في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1970، نفّذ حافظ الأسد الذي كان يتولّى منصب وزير الدفاع انقلاباً عسكرياً عُرف بـ"الحركة التصحيحية" وأطاح برئيس الجمهورية حينها نور الدين الأتاسي. في 12 آذار/مارس 1971، انتخب الأسد الذي كان يترأس حزب البعث العربي الاشتراكي، رئيساً للجمهورية ضمن انتخابات لم ينافسه فيها أي مرشح آخر. وكان أول رئيس للبلاد من الطائفة العلوية التي تشكل عشرة في المئة من تعداد السكان.
صورة من: AP
"حرب تشرين"
في السادس من تشرين الأول/أكتوبر 1973، شنّت مصر وسوريا هجوماً مفاجئاً على إسرائيل من جهة قناة السويس غرباً، ومرتفعات الجولان شرقاً، في محاولة لاستعادة ما خسره العرب من أراض خلال حزيران/يونيو 1967، لكن تمّ صدهما. في أيار/مايو 1974، انتهت الحرب رسمياً بتوقيع اتفاقية فضّ الاشتباك في مرتفعات الجولان.
صورة من: Getty Images/AFP/GPO/David Rubinger
علاقات دبلوماسية بين واشنطن ودمشق!
في حزيران/يونيو 1974، زار الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون دمشق، معلناً إعادة إرساء العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، بعدما كانت مجمّدة منذ العام 1967. في الصورة الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون مع وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي الأمريكي وقتها هنري كيسينجر.
صورة من: AFP/Getty Images
هيمنة على لبنان
في 1976 تدخّلت القوات السورية في الحرب الأهلية اللبنانية بموافقة أمريكية، وبناء على طلب من قوى مسيحية لبنانية. وفي 1977، بدأت المواجهات بين القوات السورية، التي انتشرت في معظم أجزاء البلاد ما عدا المنطقة الحدودية مع إسرائيل، وقوات مسيحية احتجت على الوجود السوري. وطيلة ثلاثة عقود، بقيت سوريا قوة مهيمنة على المستوى العسكري في لبنان وتحكمت بكل مفاصل الحياة السياسية حتى انسحابها في العام 2005.
صورة من: AP
قطيعة بين دمشق وبغداد!
في العام 1979، تدهورت العلاقات بين سوريا والعراق، اللذين حكمهما فرعان متنافسان من حزب البعث العربي الاشتراكي، بعد اتهام الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين الوافد حديثاً إلى السلطة، دمشق بالتآمر. وقطعت بغداد علاقتها الدبلوماسية مع دمشق في تشرين الأول/أكتوبر 1980، بعدما دعمت الأخيرة طهران في حربها مع العراق. في الصورة يظهر الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين (يسار) مع الرئيس السوري السابق حافظ الأسد (وسط).
صورة من: The Online Museum of Syrian History
"مجزرة حماه"
في شباط/فبراير 1982، تصدّى النظام السوري لانتفاضة مسلّحة قادها الإخوان المسلمون في مدينة حماه (وسط)، وذهب ضحية ما يعرف بـ"مجزرة حماه" بين عشرة آلاف وأربعين ألف شخص. وجاء ذلك بعد قرابة ثلاث سنوات من هجوم بالرصاص والقنابل اليدوية على الكلية الحربية في مدينة حلب، أسفر عن مقتل ثمانين جندياً سورياً من الطائفة العلوية. وتوجّهت حينها أصابع الاتهام إلى الإخوان المسلمين بالوقوف خلف الهجوم.
صورة من: picture alliance /AA/M.Misto
محاولة انقلاب فاشلة
في تشرين الثاني/نوفمبر 1983، أصيب الأسد بأزمة قلبية نقل على إثرها إلى أحد مشافي دمشق. ودخل في غيبوبة لساعات عدّة، حاول خلالها شقيقه الأصغر رفعت الاستيلاء على السلطة عبر انقلاب فاشل، قبل أن يستعيد الأسد عافيته. وبعد عام، أُجبر رفعت على مغادرة سوريا. الصورة لحافظ الأسد (يمين) مع أخيه رفعت.
صورة من: Getty Images/AFP
تقارب مع الغرب!
بدأ الجليد الذي شاب علاقات سوريا مع أمريكا والغرب بالذوبان، عقب انهيار الاتحاد السوفياتي. انضمت سوريا إلى القوات متعددة الجنسيات في التحالف الذي قادته أمريكا ضد صدام حسين بعد غزو العراق للكويت. وفي تشرين الأول/أكتوبر 1994، زار الرئيس الأمريكي بيل كلينتون الأسد في دمشق. بعد أربع سنوات، زار الأسد فرنسا في أول زيارة له إلى بلد غربي منذ 22 عاماً، واستقبل بحفاوة من نظيره الفرنسي جاك شيراك.
صورة من: Remy de la Mauviniere/AP Photo/picture alliance
الابن يخلف أباه في الرئاسة!
توفي الأسد في 10 حزيران/يونيو 2000، عن عمر ناهز 69 عاماً، وكان شيراك الرئيس الغربي الوحيد الذي حضر جنازته.
وبعد شهر، تولّى نجله بشار السلطة، بعد تعديل دستوري سمح له بالترشّح. وحاز في استفتاء لم يضم أي مرشح آخر سواه على 97 في المئة من الأصوات.
صورة من: picture-alliance/dpa
انفتاح نسبي ولكن..!
بين أيلول/سبتمبر 2000 وشباط/فبراير 2001، شهدت سوريا فترة انفتاح وسمحت السلطات نسبياً بحرية التعبير. في 26 أيلول/سبتمبر 2000، دعا نحو مئة مثقّف وفنان سوري مقيمين في سوريا السلطات إلى "العفو" عن سجناء سياسيين وإلغاء حالة الطوارئ السارية منذ العام 1963. لكنّ هذه الفسحة الصغيرة من الحرية سرعان ما أقفلت بعدما عمدت السلطات إلى اعتقال مفكرين ومثقفين مشاركين في ما عُرف وقتها بـ"ربيع دمشق". م.ع.ح/م.ع/ع.ج.م