هل تتيح قوانين اللجوء الجديدة ترحيل مزيد من "المرفوضين"؟
٣٠ يوليو ٢٠١٩
في خطوة ترمي لتسهيل وزيادة عمليات ترحيل طالبي اللجوء المرفوضة طلباتهم في ألمانيا، صادق البرلمان ومجلس الولايات الاتحادي مؤخراً على حزمة قوانين جديدة تتعلق بالهجرة واللجوء. فهل يمكن تنفيذ هذه القوانين على أرض الواقع؟
إعلان
أصدر البرلمان الألماني (البوندستاغ) ومجلس الولايات الاتحادي حزمة جديدة من القوانين المتعلقة بالهجرة واللجوء بداية الشهر الجاري، من أجل تسهيل عمليات ترحيل طالبي اللجوء المُلزمين بمغادرة البلاد. فإلى أي مدى يمكن لهذه القوانين أن تكون قابلة للتطبيق على ارض الواقع؟ فيما يلي نبذة عن أهم محاور هذه القوانين:
كم عدد الأشخاص الذين يتم ترحيلهم حالياً من ألمانيا؟
بحسب وزارة الداخلية الاتحادية، تم ترحيل ما مجموعه 23.617 طالب لجوء رُفض طلبه في عام 2018. يبدو رقماً كبيراً. لكن خلال الفترة نفسها سُجل فشل حوالي 31 ألف عملية ترحيل لأسباب مختلفة. في معظم الحالات، بسبب عدم توفر وثائق السفر. وفي حالات أخرى بسبب اختفاء الأشخاص المُلزمين بالترحيل بيوم قبل موعد الترحيل المُخطط له. وفي الواقع، كان على 240 ألف شخص مغادرة ألمانيا عام 2018، معظمهم غادر بشكل طوعي.
كيف يمكن زيادة عدد عمليات الترحيل؟
التعديلات الجديدة من شأنها الحيلولة دون فرار الأشخاص المرفوضة طلبات لجوئهم من الترحيل. لهذا يمكن توقيفهم بسهولة أكبر عن ذي قبل. ولكن يمكن للمحاكم فقط البث في قرار التوقيف. بيد أن هناك حتى الآن 500 مكان مخصص لحجز الاشخاص الذين يفترض أن يتم ترحيلهم شخص على مستوى عموم ألمانيا.
لكن القانون الجديد يسمح للسلطات باستخدام السجون العادية لتوقيف طالبي اللجوء المرفوضين. ولضمان عدم تعارض ذلك مع اللوائح المعمول بها داخل الاتحاد الأوروبي، يلزم القانون بعزل طالبي اللجوء عن المجرمين والسجناء العاديين. علما أن شروط الاحتجاز من أجل الترحيل ستكون متوفرة، في حال تم تجاوز تاريخ المغادرة المحدد بـ 30 يوما. وقد تصل مدة الاحتجاز لمدة أقصاها 18 شهراً. ويمكن احتجاز طالب اللجوء الذي يعيق أو يساهم في إعاقة ترحيله عبر خرق مبدأ "التعاون والمساهمة في تحديد جنسية طالب اللجوء. خصوصا عندما تكون المؤشرات قوية لترحيله عن البلاد.
ما هو شرط الترحيل؟
أول شروط الترحيل، وجود رفض لطلب اللجوء. وبعد إقرار المحكمة لقرار الترحيل، تنتهي صلاحية تصريح الإقامة المؤقتة ويتعين على طالب اللجوء المرفوض طلبه مغادرة البلاد خلال فترة زمنية معينة. وفي حالة تجاوزها، يصبح ملزماً عليه مغادرة البلاد عن طريق الترحيل. وينطبق هذا أيضاً على الأشخاص الذين أُدينوا بارتكاب جرائم لمدة ثلاث سنوات على الأقل، خلال إجراءات دراسة طلب لجوئهم..
الشرط الآخر للترحيل، هو تحديد هوية الشخص ووجود وثائق للسفر أو أوراق بديلة صالحة. لكن أحياناً ترفض بعض بلدان المنشأ بشكل مستمر إصدار هذه المستندات واستعادة مواطنيها. وطالما لم يطرأ تغيير من هذا الجانب، تبقى مسألة زيادة عدد عمليات الترحيل، غير واقعية.
متى لا تتم عملية الترحيل؟
بصفة عامة، لا تتم عمليات الترحيل إلى بلدان المنشأ التي يكون فيها الشخص الملزم بالترحيل، مهدداً بالتعذيب أو الموت عند عودته. كما لا يتم ترحيل المرضى عقلياً أو جسدياً. طالبو اللجوء المرفوضة طلباتهم والذين تم تحديد هويتهم، والملتحقين بالدورات التدريبية أو من يعيلون أنفسهم عن طريق العمل، هم أيضاً بمنأى عن الترحيل، ويحصلون على ما يسمى بـ " إقامة مؤقتة" بمعنى يتم تعليق قرار ترحيلهم.
في حالة قابل الشخص المُلزم بالترحيل قرار الترحيل بالعنف داخل الطائرة، يرجع قرار سفره من عدمه إلى الطيار. ويرفض الطيارون باستمرار نقل هؤلاء المرحلين قسرا من أجل عدم زعزعة ثقة الركاب الآخرين أو تعريضهم للخطر. لكن قرار الترحيل يتم تأجيله فقط، وليس إلغاؤه. لأنه حتى لو تعذر تنفيذ الترحيل، فهو لا يوطد، كما في السابق، وضع الإقامة، على سبيل المثال في شكل سلسلة من التصاريح المؤقتة. كما لا يحق له لم شمل الأسرة، لأن تصريح الإقامة في ألمانيا لم يعد موجوداً في هذه الحالة.
أودو باور/ إ.م
اللاجئون في ألمانيا - من "ثقافة الترحيب" إلى "سياسة الترحيل"
في خريف عام 2015، فتحت ألمانيا أبوابها للآلاف من اللاجئين. وكان تفهم الألمان لمآسي هؤلاء ملفتا جداً. إلا أن أحداثاً عديدة قلبت ثقافة الترحيب إلى مطالب بالترحيل. بالصور: محطات من السياسة الألمانية تجاه اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Fischer
بداية الموجة
في 25 آب/ أغسطس 2015، علقت ألمانيا تنفيذ اتفاق دبلن تجاه اللاجئين السوريين. وينص الاتفاق على إعادة اللاجئين إلى بلد دخلوه في الاتحاد الأوروبي. وبعدها بأيام قالت المستشارة ميركل إن التغلب على موجة اللجوء؛ "مهمة وطنية كبيرة"، كما أصرت على أن "ألمانيا ستنجح في هذه المهمة". وخشيةً من مأساة تحل بآلاف اللاجئين، قررت ميركل إلى جانب النمسا استقبال اللاجئين، وكان ذلك في الخامس من أيلول/ سبتمبر 2015.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
استقبال وترحيب
مثلت ""ثقافة الترحيب" عنصراً مهماً في استقبال اللاجئين في خريف 2015. وقد حظي اللاجئون عند وصولهم إلى عدد من المدن الألمانية بترحيب منقطع النظير من جانب المتطوعين من المواطنين الألمان والأجانب المقيمين في ألمانيا. وبادر هؤلاء المتطوعون إلى تقديم المساعدة المعنوية والمادية للعديد منهم. ففي ميونيخ مثلاً، تم إنشاء مطاعم مؤقتة للاجئين المنتظرين تسجيل أسماءهم لدى الشرطة، ونقلهم إلى مراكز الإيواء.
صورة من: picture alliance/dpa/J. Carstensen
أزمة السكن
عدد كبير من اللاجئين قصد ألمانيا بعد قرار ميركل عام 2015. الأرقام المتزايدة للاجئين شكلت تحديا كبيراً للألمان. وبدأت مدن ألمانية باستعمال المباني الخالية أو المهجورة كمراكز إيواء للاجئين، فيما استدعت السلطات الحكومية المختصة الموظفين المتقاعدين للعمل من جديد في مراكز اللاجئين. ويعتبر هذا المعطى واحداً من المؤشرات الأخرى التي فرضت على ألمانيا دخول تحدٍ جديدٍ، بسبب اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Fassbender
بداية أحداث قلبت الموازين
كانت أحداث كولونيا، التي وقعت في ليلة رأس السنة الجديدة 2016/2015 بداية فاصلة لتغير مزاج الألمان تجاه اللاجئين. حيث شهدت تلك الليلة عملية تحرش جماعي كبرى لم تشهدها ألمانيا من قبل. تلقت الشرطة مئات البلاغات من نساء تعرضن للتحرش والسرقة وفتحت الشرطة أكثر من 1500 تحقيق لكن السلطات لم تنجح في التعرف إلا على عدد قليل من المشتبه بهم، الذين كانت ملامحهم شرق أوسطية وشمال إفريقية، طبقا لشهود.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Böhm
مطالب بالترحيل
أعمال التحرش الجنسي في كولونيا، ليلة رأس السنة، تسببت في موجة استياء واسعة في ألمانيا بداية من عام 2016، وقد دفعت كثيرين للمطالبة بتشديد القوانين لترحيل الجناة وجعلت آخرين يطالبون بتفادي تجريم فئة معينة في المجتمع. وكانت حركة "بغيدا" أهم الأطراف، التي دعت إلى وقف تدفق اللاجئين على ألمانيا. وتعارض هذه الحركة الشعبوية بوجه خاص إيواء لاجئين من دول إسلامية بدعوى أن ثقافتهم لا تنسجم مع القيم الغربية.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
تحديد سقف لعدد اللاجئين
على خلفية اعتداءات كولونيا ليلة رأس السنة، وجد زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي المحافظ آنذاك هورست زيهوفر في الواقعة فرصة للتأكيد على طلبه الرئيسي المتمثل في تحديد سقف أعلى لعدد اللاجئين المسموح لهم بدخول ألمانيا. لكن ميركل كانت قد رفضت الأمر في مؤتمر حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" (البافاري) في ميونيخ.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
هجمات متفرقة ينفذها لاجئون
وقام بعض اللاجئين بأعمال عنف و"إرهاب" جعلت مؤيدين كُثراً يسحبون دعمهم لسياسة الترحيب. ومن أبرز هذه الاعتداءات، ما حصل بمدينة أنسباخ جنوبي ألمانيا. فقد فجَّر طالب لجوء سوري عبوة ناسفة من صنعه وهو ما أدى إلى مقتله وإصابة 12 شخصاً. كما أصاب طالب لجوء آخر (2016) خمسة أشخاص بجروح بفأس وسكين على متن قطار في فورتسبورغ.
صورة من: Reuters/M. Rehle
هجمات معادية للاجئين
وفي المقابل قام أشخاص بالاعتداء على مجموعة من مراكز إيواء اللاجئين مثل إضرام الحريق في مركز فيرتهايم. كما شهدت بعض المدن الألمانية مظاهرات معادية لاستقبالهم. هذه التصرفات دفعت المستشارة ميركل للقول إنه لا تسامح مع اليمينيين المتطرفين الذين يقومون بهجمات ضد اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Engmann
عملية دهس وراءها داعش!
في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2016 اهتزت برلين لفاجعة الدهس بشاحنة، التي أدت لمقتل 12 شخصاً وإصابة 48 آخرين. هذا العمل الإرهابي قام به لاجئ في ألمانيا، فقد وُجهت التهمة لأنيس العامري، وهو تونسي الجنسية، كان يبلغ حينها 24 عاماً، باختطاف شاحنة بولندية ضخمة، ودهس بها تجمعاً بشرياً بأحد أسواق أعياد الميلاد في قلب برلين، قبل أن تقتله الشرطة الإيطالية. وقد أعلنت "داعش" فيما بعد تبنيها للاعتداء.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
سياسة ميركل في مرمى الانتقادات
تصاعد الأزمات، وتفاقم المشاكل جعل شعبية المستشارة ميركل تقل، فقد اتهمها منتقدوها بأن سياسة "الباب المفتوح" التي اتبعتها فاقمت الأوضاع من خلال تشجيع المزيد من اللاجئين على الدخول في رحلاتهم الخطرة نحو أوروبا. وفي سبتمبر 2016 بدأت ألمانيا أيضا بعمليات مراقبة مؤقتة على حدودها مع النمسا.
صورة من: Getty Images/J. Simon
هل ستستقبل ألمانيا لاجئين جدد؟
أعلنت المفوضية الأوروبية لشؤون اللاجئين موافقة الحكومة الألمانية على استقبال 10 آلاف لاجئ ضمن برنامج "إعادة التوطين" التابع للاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي يحاول وزير الداخلية الألمانية الإسراع بفتح مراكز جديدة للاجئين تتولى استقبال اللاجئ والبت في قراره ثم ترحيله في حالة رفض طلبه. بالإضافة إلى توجهه نحو التشدد حيال لمّ شمل عائلات اللاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية. إعداد: مريم مرغيش