أضطر مفوض الحكومة الألمانية لشؤون شرق ألمانيا، كريستيان هيرته، للاستقالة من منصبه بإيعاز من المستشارة أنغيلا ميركل، وذلك على خلفية تغريدته المثيرة للجدل، والتي تتعلق بفضيحة انتخاب رئيس حكومة ولاية تورينغن.
إعلان
ذكر مفوض الحكومة الألمانية لشؤون شرق ألمانيا، كريستيان هيرته، على حسابه على "تويتر" اليوم (السبت الثامن من شباط/ فبراير 2020) أن المستشارة أنغيلا ميركل أخبرته أنه ليس بمقدوره بعد الآن أن يظل مفوضا لشؤون شرق ألمانيا، وأضاف: "تلبية لإيعازها، طلبت إعفائي من منصبي".
تجدر الإشارة إلى أن هيرته يشغل أيضا منصب وكيل وزارة الاقتصاد. ولم يتضح حتى الآن ما إذا كان سيحتفظ بهذا المنصب. وكان هيرته، الذي يشغل أيضا منصب نائب الرئيس الإقليمي للحزب المسيحي الديمقراطي في ولاية تورينغن، قد هنأ رئيس حكومة الولاية الجديد المنتمي للحزب الديمقراطي الحر، توماس كمريش، على انتخابه بدعم من أصوات "البديل الألماني". وكتب هيرته لكمريش على "تويتر": "انتخابك كمرشح للوسط يُظهر مجددا أن (نواب) تورينغن أبطلوا انتخاب ائتلاف أحزاب اليسار والاشتراكي الديمقراطي والخضر. أتمنى لك النجاح في هذه المهمة الصعبة لمصلحة الولاية".
وكان الحزب المسيحي الديمقراطي في ولاية تورينغن تعاون مع حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي في انتخاب مرشح الحزب الديمقراطي الحر، توماس كمريش، لتولي منصب رئيس حكومة الولاية خلال تصويت في البرلمان المحلي جرى يوم الأربعاء الفائت.
ويرى فرع الحزب المسيحي الديمقراطي في تورينغن أن استقالة هيرته قرارا غير موفق، وقال رايموند فالك الأمين العام للحزب المسيحي الديمقراطي في تورينغن "من الواضح أن الضغط عليه كان شديداً لدرجة أجبرته على التنحي. ونحن نشعر بالأسف أن الوضع الحالي لم يتح له سوى خيار واحد".
هل أصبح حزب البديل اليميني الشعبوي المعادي للهجرة "صانع الملوك" في ألمانيا؟
01:38
أما الرئيسة المشاركة للحزب الاشتراكي، ساسكيا إيسكن، فقد رحبت بإقالة هيرته، بالقول "من الجيد أن تعفي المستشارة ميركل السيد هيرته من وظيفته كمفوض الحكومة الألمانية لشؤون شرق ألمانيا". جاء ذلك في حديثها إلى لجنة الائتلاف اليوم السبت. كما أوضحت إيسكن أن حزبها يرى الضرورة قائمة للحديث مع شريك الائتلاف المسيحي الديمقراطي بهذا الصدد مشيرة إلى أنّ "هناك كثيراً من الأسئلة التي يجب على الحزب المسيحي الديمقراطي الإجابة عليها اليوم في لجنة الائتلاف".
وأدانت ميركل وزعيمة حزبها المسيحي الديمقراطي، أنيغريت كرامب - كارنباور، خرق أعضاء الحزب في برلمان ولاية تورينغن لمحظور سياسي عبر تعاونهم مع حزب "البديل من أجل ألمانيا" في انتخاب كمريش. وأعلنت كرامب - كارنباور أن هذا الدعم حدث بالمخالفة لتوصيات الحزب على المستوى الاتحادي.
وأثارت مفاجأة انتخاب كمريش، الذي تمكن حزبه بالكاد من دخول برلمان ولاية تورينغن عقب حصوله على 5 بالمئة من أصوات الناخبين، نقاشا على مستوى ألمانيا حول كيفية تعامل الأحزاب الألمانية مع اليمين المتطرف. وحدث التصويت المفاجئ بعدما رفض الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب الديمقراطي الحر دعم رئيس حكومة تورينغن المنتهية ولايته، بودو راميلوف، في مساعيه لتشكيل حكومة أقلية بقيادة حزب "اليسار"، وبدعم من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر. وفشل هذا الائتلاف، الذي كان يحكم الولاية منذ عام 2014، في الحصول على الأغلبية بعدما مني الحزب الديمقراطي الاشتراكي بنتائج سيئة في الانتخابات التي جرت في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
م.م/ ع.ج (د ب أ)
كيف تحولت مدينة كارل ماركس السابقة إلى مسرح للتطرف اليميني؟
شهدت كيمنتس تحولا كبيرا منذ إعادة توحيد ألمانيا بدءًا بعودة اسمها الأصلي إلا أنها أمست رمزا للخوف على ديمقراطية ألمانيا وانقسام المجتمع بعدما وقعت جريمة قتل لرجل ألماني، يشتبه أن مرتكبيها هما اثنان من طالبي اللجوء العرب.
صورة من: Secunda-Vista/Fotolia.com
ثالث أكبر مدن ساكسونيا
بمساحتها البالغة نحو 220 كيلومترا مربعا وعدد سكانها البالغ نحو ربع مليون نسمة، تعد مدينة كيمنتس بعد مدينتي دريسدن ولايبزيغ الشهيرتين، ثالث أكبر مدن ولاية ساكسونيا بأقصى شرق وسط ألمانيا. وكانت واحدة من أهم مدن الصناعة في ألمانيا في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
صورة من: picture-alliance/dpa
تغيير الاسم على طريقة السوفييت
اسمها جاء من نهر كيمنتس الذي يمر بها، وبنهاية الحرب العالمية الثانية تدمر نحو 90 في المائة من قلب المدينة. ومن عام 1953 وحتى 1990 في فترة ما عرف بـ"ألمانيا الشرقية" تحول اسمها لـ"مدينة كارل ماركس"، على غرار ما كان الاتحاد السوفيتي السابق يفعله من إعادة لتسمية المدن مثل ستالينغراد (فولغوغراد حاليا) ولينينغراد (سانت بطرسبرغ).
صورة من: imago/ecomedia/robert fishman
مشاهد من عصر النازية
كان برلمان كيمنتس من أوئل البرلمانات، التي سيطر عليها النازيون خلال حقبتهم، ما غير الوجه الثقافي للمدينة. وجرى اضطهاد اليهود ومصادرة أملاكهم، وحرق معابدهم في "ليلة الكريستال". ومن لم يهرب منهم خارج كيمنتس تم ترحيله أو إرساله إلى مراكز الاعتقال.
صورة من: picture alliance
تأثير سوفيتي كبير
بعد الحرب العالمية الثانية أصبح النفوذ السوفيتي واضحا في كيمنتس سواء من الناحية العسكرية أو المالية أو التعدين أو حتى الثقافة. وفي فترة الستينات كانت هناك حركة عمران كبرى. وفي السبعينات نالت شهرة في المسرح والرياضة مثل التزلج الفني على الجليد ورياضات الدرجات والسباحة ورفع الأثقال.
صورة من: picture-alliance/ ZB
مصاعب ما بعد الوحدة
رغم آلاف الشركات التي أُنشئت في كيمنتس بعد الوحدة الألمانية منذ 1990 إلا أن ذلك لم يخف لسنوات طويلة ما يعانيه السكان من بطالة. غير أن نسبة البطالة بدأت في التحسن فوصلت إلى 13 في المائة عام 2013 لتصبح الآن أقل من 8 في المائة عام 2018.
صورة من: picture-alliance/ZB
جريمة قتل تفسح الطريق لليمين المتطرف
مثل غيرها من مدن ولايات شرق ألمانيا وجد اليمين المتطرف نفسه في كيمنتس، رغم أن أعضاء حزب البديل الشعبوي والحزب القومي (النازيون الجدد) في برلمان المدينة هم أربعة فقط من بين 60 عضوا. غير أنه في ليلة السبت/ على الأحد (26 أغسطس/ آب 2018) ظهر اليمين المتطرف بقوة إثر مقتل رجل ألماني عمره 35 عاما، خلال احتفالات المدينة.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Prautzsch
الاحتشاد أمام كارل ماركس
صدر أمر باعتقال اثنين مشتبه بهما في قتله، أحدهما سوري عمره 23 عاما، والآخر عراقي عمره 22 عاما، يفترض أنهما وجها للرجل الألماني عدة طعنات. وبعدما انتشر خبر مقتله وقعت مظاهرات بعد ظهر الإثنين في قلب مدينة كيمنتس، واحتشدت مجموعات من اليمين المتطرف حول تمثال كارل ماركس.
صورة من: Getty Images/AFP/O. Andersen
صراع اليمين واليسار وهجوم على أجانب
بالتزامن مع ذلك تكونت مظاهرة مضادة من قبل الأحزاب اليسارية في نفس المكان، مما حتم تدخل الشرطة لمنع وقوع الصدام. وقام أشخاص من اليمين المتطرف بمهاجمة أجانب في كيمنتس. وفي المساء بدأت المظاهرات تهدأ بعدما أسفرت عن جرح ستة أشخاص، وتقول الشرطة إن عدد المشاركين في المظاهرات جاء أكبر من توقعاتها بكثير.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Seidel
"غير قابل للانقسام"
أظهرت تلك الأحداث مدى المخاطر التي تحدق بالديمقراطية والتعددية في ألمانيا، وتحدث سياسيون ومشاهير عن قلقهم من الانقسام، وأُعلن عن تنظيم مبادرة "غير قابل للانقسام" (unteilbar#)، من أجل التظاهر في برلين في 13 أكتوبر/ تشرين الأول، ضد الإقصاء وتأييداً لمجتمع ألماني منفتح. وستكون هناك في نفس اليوم مظاهرات في عواصم أوروبية أخرى ضد النزعة القومية. إعداد: صلاح شرارة.