تواجه ألمانيا تناقضا حادا بين التزامها التاريخي بأمن إسرائيل ومبادئ القانون الدولي بسبب الحرب في غزة. في هذا الحوار مع DW عربية ينتقد كريستوف رويتر دعم ألمانيا المطلق لحكومة إسرائيل وفق مبدأ "المصلحة العليا للدولة".
رويتر: عندما يُرفض أي انتقاد لحرب إسرائيل في غزة تلقائيًا باعتباره معاداة للسامية، فهذا يعني ضمنيًا أنَّ الحياة اليهودية في ألمانيا تتطابق مع سياسة الحرب التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية.صورة من: Eyad Baba/AFP
إعلان
DW عربية: لماذا يشير العديد من النقاد في انتقادهم سياسة ألمانيا تجاه إسرائيل بعد هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إلى تصريح للمستشارة السابقة أنغيلا ميركل: "أمن إسرائيل 'مصلحة وطنية عليا‘ بالنسبة لألمانيا"؟
كريستوف رويتر: توصلت ألمانيا إلى نتيجتين أساسيتين من الإبادة الجماعية التي ارتكبتها الديكتاتورية النازية: ضمان حماية الحياة اليهودية، وبذلك أيضًا حماية وجود إسرائيل. وكذلك أن تكون من أهم الداعمين لمواصلة تطوير وتطبيق المعايير القانونية الدولية، وأن تكون كذلك وبشكل أساسي جزءًا من نظام عالمي قائم على القواعد. وذلك لكي لا يتكرر شيء مثل الهولوكوست، في أي مكان.
ومبدأ المصلحة العليا للدولة هو مصطلح من العصر الميكافيلي، ويعني الأولوية المطلقة لمصالح الدولة، ومصالح الحكام، من دون مراعاة للقانون. وهذا لم يكن ملاحظًا لفترة طويلة. ولكن منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 أصبح التناقض واضحََا بشكل متزايد: فحكومة بنيامين نتنياهو تخوض - رسميًا من أجل أمن إسرائيل - حربًا في غزة يصفها خبراء القانون الدولي وحتى الأصوات الإسرائيلية والأمم المتحدة بأنَّها إبادة جماعية. وبهذا تواجه ألمانيا خيارًا خطيرًا: فإذا حافظت على ولائها بثبات لهذه الحكومة الإسرائيلية، فإنَّها تخون بذلك مبادئها القانونية.
شارك في برلين أكثر من مائة ألف شخص في مظاهرة "كل العيون على غزة" من أجل إنهاء الحرب صورة من: Stefan Frank/Middle East Images/AFP/Getty Images
رد الحكومة الألمانية على انتقاد سياستها الداخلية (المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، والرموز الفلسطينية، إلخ) يؤكد على انتشار معاداة السامية. فما مدى صحة هذه الحجج؟
عندما يُرفض أي انتقاد لحرب إسرائيل في غزة تلقائيًا باعتباره معاداة للسامية، فهذا يعني ضمنيًا أنَّ الحياة اليهودية في ألمانيا تتطابق مع سياسة الحرب التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية. وهذا ليس صحيحًا. وهذا خاطئ تمامًا مثل الاتهام الذي يكرره السياسيون الإسرائيليون منذ عقود بأنَّ جميع خصومهم الفلسطينيين نازيون. هذه المحاولات الرامية إلى نزع الشرعية عن الاحتجاجات ضد سياسات إسرائيل الحالية ستجعل المعركة الضرورية ضد معاداة السامية في ألمانيا أكثر صعوبة.
تبرّر الحكومة الألمانية تحفظاتها على الاعتراف بدولة فلسطينية بحجة أنَّ هذه الخطوة يجب أن تكون نتيجة المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، وليس قبلها. فما رأيك في هذه الحجة؟ وفي المقابل: ما الذي يجب على الحكومة الألمانية فعله في الوضع الراهن؟
لنلقي نظرة واقعية إلى الوراء على الفترة الأخيرة الممتدة لنحو ثلاثة عقود منذ اتفاقيات أوسلو: فخلال المفاوضات التي لا تنتهي ومع استمرار الاستيلاء على الأراضي في الضفة الغربية، لم يقترب الفلسطينيون من إقامة دولة خاصة بهم، بل ابتعدوا عن ذلك أكثر من أي وقت مضى.
كريستوف رويتر صحفي ألماني وخبير في شؤون الشرق الأوسطصورة من: Christoph Reuter/DW
وبناءً على ذلك فإنَّ حجة المفاوضات أولًا غير صحيحة. ومن غير الواضح تمامًا كيف يمكن إقامة دولة فلسطينية في الوضع الحالي بالرغم من حكومة إسرائيل وأغلبية سكانها. ولكن مع ذلك يجب على الحكومة الألمانية الانضمام إلى فرنسا والدول الأخرى التي اعترفت بفلسطين كدولة، وتحدد بذلك على الأقل توجهها السياسي بوضوح.
صورة ألمانيا في العالم العربي تضررت كثيرًا بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023. برأيك ما الذي يجب فعله لتحسينها؟
لقد حاولت الحكومتان الألمانيتان [السابقة والحالية] طمس التناقض بين الالتزام تجاه إسرائيل وتجاه معايير القانون الدولي التي تنتهك بشكل واضح وعلى نحو متزايد، وذلك من خلال إعرابها مرارًا وتكرارًا عن قلقهما ودعوتها إلى مزيد من الحماية للمدنيين، وهذا لم يُكلّفهما أي شيء سياسيًا.
تحفظ ألماني إزاء فرض عقوبات أوروبية على إسرائيل.. ماذا وراءه
12:54
This browser does not support the video element.
ولكن المشاركة في فرض عقوبات واضحة، واحترام الأحكام وأوامر الاعتقال الصادرة عن المحاكم الدولية، وتعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، والوقف الفوري لصادرات الأسلحة إلى إسرائيل - كل هذا لم يحدث حتى الآن. وفي النهاية، يجب على الحكومة الألمانية، ويجب على ألمانيا أن تقرر ما هو الأهم: القانون الدولي أم المصلحة العليا للدولة كشيك على بياض لحكومة بنيامين نتنياهو.
وإذا كانت المحاكم والمعايير القانونية التي تم تأسيسها بعناية على مدى عقود من الزمن لم تعد تنطبق على دولة ما في قضية واضحة مثل حرب غزة، فإنَّها في نهاية المطاف لن تنطبق على أي أحد. وستفقد ألمانيا مصداقيتها كمدافعة عن نظام عالمي أكثر عدلًا.
كريستوف رويتر: صحفي ألماني وخبير في شؤون الشرق الأوسط. وهو مراسل لمجلة دير شبيغل الألمانية في الشرق الأوسط (بيروت)، ومراسل حربي ومؤلف كتب.
أعده للعربية: رائد الباش
الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني.. سلسلة طويلة من محاولات تحقيق السلام
تسعى الدول العربية لوضع خطة واقعية لمستقبل غزة في مواجهة ترامب الذي يدعو لطرد الفلسطينيين إلى مصر والأردن. جولة مع أبرز مبادرات السلام منذ حرب 1967، التي احتلت فيها إسرائيل الضفة الغربية والقدس الشرقية وسيناء وغزة.
صورة من: Oded Balilty/AP Photo/picture alliance/dpa
1967 - قرار مجلس الأمن رقم 242
في أعقاب الحرب العربية الإسرائيلية الثالثة والتي وقعت في حزيران/ يونيو 1967 وأسفرت عن هزيمة الجيوش العربية واحتلال إسرائيل لمناطق عربية جديدة، أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في نوفمبر/ تشرين الثاني قراره رقم 242. ودعا القرار إلى "انسحاب القوات المسلحة الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها في الصراع في الآونة الأخيرة" مقابل احترام جميع الدول لسيادة بعضها البعض وسلامة أراضيها واستقلالها.
صورة من: Getty Images/Keystone
اتفاقية كامب ديفيد - 1978
اتفقت إسرائيل ومصر على إطار عمل ضمن اتفاقية كامب ديفيد أدى في 1979 إلى معاهدة برعاية الولايات المتحدة تلزم إسرائيل بالانسحاب من سيناء. وكانت هذه أول اتفاقية سلام بين إسرائيل ودولة عربية.
صورة من: BOB DAUGHERTY/AP/picture alliance
مؤتمر مدريد للسلام - 1991
حضر ممثلو إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية مؤتمرا للسلام بمشاركة الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، في محاولة من قبل المجتمع الدولي لإحياء عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية من خلال المفاوضات. ولم يتم التوصل إلى أي اتفاقات مهمة، لكن المؤتمر فتح الباب أمام إمكانية اتصالات مباشرة بين الطرفين.
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Hollander
اتفاقات أوسلو - 1993-1995
توصلت إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية إلى اتفاق في محادثات سرية بالنرويج بشأن اتفاق سلام مؤقت يعترف فيه كل طرف بحقوق الآخر. ودعا الاتفاق إلى انتخابات فلسطينية وحكم ذاتي لمدة خمس سنوات، وانسحاب القوات الإسرائيلية، ومفاوضات لتسوية دائمة. تعتبر اتفاقية أوسلو التي تمَ توقيعها في 13 سبتمبر/ أيلول 1993، أوَّل اتفاقية رسمية مباشرة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.
صورة من: Avi Ohayon/GPO
اتفاق إسرائيل والأردن - 1994
أصبح الأردن ثاني بلد عربي يوقع معاهدة سلام مع إسرائيل. لكن المعاهدة لم تحظ بشعبية، وانتشرت المشاعر المؤيدة للفلسطينيين على نطاق واسع في الأردن.
صورة من: Wilfredo Lee/AP Photo/picture alliance
قمة كامب ديفيد - 2000
في هذه القمة تباحث الرئيس الأمريكي بيل كلينتون ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك ورئيس السلطة الفلسطينية آنذاك ياسر عرفات. وقد عقدت القمة في الفترة من 11 إلى 25 تموز/ يوليو 2000 وكانت محاولة لإنهاء الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. لكن القمة انتهت بدون اتفاق. واندلعت انتفاضة فلسطينية أخرى في 28 أيلول/ سبتمبر 2000 ولم تتوقف فعليا إلا في 8 شباط/ فبراير 2005 بعد اتفاق هدنة عقد في قمة شرم الشيخ.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/R. Edmonds
مبادرة السلام العربية - 2002
في عام 2002 قدمت المملكة العربية السعودية خطة سلام مدعومة من جامعة الدول العربية، تقضي بانسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، وتأسيس دولة فلسطينية. مقابل ذلك، تعرض الدول العربية تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
صورة من: Courtney Kealy/Getty Images
قمة أنابوليس – 2007
فشل الزعماء الفلسطينيون والإسرائيليون مرة أخرى في التوصل إلى اتفاق في قمة أنابوليس للسلام في الشرق الأوسط الذي عُقد في الولايات المتحدة في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2007، ورغم المساعي الكبيرة للتوصل إلى اتفاقية سلام وإحياء خارطة الطريق بهدف قيام دولة فلسطينية، إلا أنه لم يكلل بالنجاح، لتندلع بعدها حرب غزة في 2008.
صورة من: AP
اتفاقيات أبراهام - 2020
اتفق زعماء إسرائيل والإمارات والبحرين على تطبيع العلاقات في أيلول/ سبتمبر 2020. وفي الشهر التالي، أعلنت إسرائيل والسودان أنهما ستطبعان العلاقات، وأقام المغرب علاقات دبلوماسية مع إسرائيل في ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه. سميت اتفاقيات أبراهام بهذا الاسم نسبة إلى إبراهيم الذي تنتسب إليه الديانات الثلاث: الإسلام والمسيحية واليهودية، للإحالة إلى الأصل المشترك بين اليهود والمسلمين.