قفزة كبيرة للشعبويين في انتخابات ولاية شمال الراين-وستفاليا
علي المخلافي د ب أ، رويترز، أ ف ب
١٤ سبتمبر ٢٠٢٥
أظهرت التوقعات الأولية للانتخابات البلدية في ولاية شمال الراين-وستفاليا، الأكثر سكانا في ألمانيا، حصول حزب "البديل" الشعبوي -واليميني المتطرف جزئيا- على نسبة تأييد أكثر بثلاثة أضعاف من السابق، محتلا بذلك المركز الثالث.
يُعد التصويت في ولاية شمال الراين-وستفاليا -التي تضم حوالي ربع سكان ألمانيا- أول اختبار لحكومة ائتلاف المحافظين والاشتراكيين الاتحادية.صورة من: Fabian Strauch/dpa/picture alliance
إعلان
أظهرت توقعات أولية ارتفاع التأييد الشعبي لتيار اليمين الشعبوي والمتطرف في ألمانيا في الانتخابات المحلية في أكبر ولايات البلاد من حيث عدد السكان، مما يوجه تحذيرا إلى الائتلاف الاتحادي الحاكم الذي يقوده المستشار المحافظ فريدريش ميرتس منذ أربعة أشهر مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
وأشارت التوقعات الأولية لإذاعة غرب ألمانيا "دبليو دي آر" إلى أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" الشعبوي تمكن في الانتخابات البلدية التي جرت في ولاية شمال الراين-وستفاليا في غرب ألمانيا اليوم الأحد (14 سبتمبر/ أيلول 2025) من الحصول على نسبة تأييد تعادل أكثر من ثلاثة أضعاف ونصف النسبة التي كان حصل عليها في انتخابات عام 2020.
حزب "البديل" الشعبوي في المركز الثالث قبل الخضر
وبحسب هذه التوقعات، حصل حزب "البديل" الشعبوي في انتخابات اليوم على 16,5% (مقارنة بـ 5,1% في 2020) ليحتل المركز الثالث في هذه الانتخابات بعد المتصدر الحزب المسيحي الديمقراطي بـ 34% والحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي حصل على 22,5%، ومتقدما على حزب الخضر الذي حصل على 11,5%.
ويظل المحافظون بزعامة ميرتس أقوى الأحزاب بحصوله على 34 بالمئة من الأصوات، وهو المستوى نفسه تقريبا الذي كان عليه قبل خمس سنوات.
ووصف تينو كروبالا -الرئيس المشارك لحزب "البديل من أجل ألمانيا" الشعبوي الذي تُعتبر بعض فروعه يمينية متطرفه- نتيجة حزبه في هذه الانتخابات بأنها تمثل نجاحا، وكتب على منصة إكس: "التوقعات الأولية تشير إلى أن حزب البديل ضاعف أصواته ثلاث مرات في الانتخابات المحلية بولاية شمال الراين-وستفاليا"، مشيرا إلى أن هذا يعد نجاحا كبيرا، وأردف: "نحن حزب الشعب ونحمل جميعا مسؤولية كبيرة تجاه ألمانيا".
ولاية شمال الراين-وستفاليا تضم نحو ربع سكان ألمانيا
وقال أولاف ليز رئيس وزراء ولاية سكسونيا السفلى المنتمي إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي لإيه.آر.دي "أنظر إلى نتائج حزب البديل من أجل ألمانيا بقلق كبير. يجب أن يعطينا هذا وقفة للتفكير لأن هذا مسار آخذ في الظهور، ويجب علينا، كديمقراطيين، مواجهته".
حزب "البديل من أجل ألمانيا" يرفع دعوى ضد هيئة حماية
03:08
This browser does not support the video element.
وتضم ولاية شمال الراين-وستفاليا ما يقرب من ربع سكان ألمانيا. وتغطي مساحة واسعة من منطقة الرور، قلب ألمانيا الصناعي المتدهور الذي يسعى إلى التحول عن استخراج الفحم وإنتاج الصلب، حتى مدن مثل كولونيا ودوسلدورف وبون ومناطق ريفية كبيرة. ويُعد التصويت أول اختبار لائتلاف ميرتس غير المستقر مع الحزب الاشتراكي الذي يقول منتقدوه إنه لم يعالج الاقتصاد الراكد ومخاوف الناخبين إزاء الهجرة.
إعلان
نتيجة تاريخية لليمين الشعبوي في أكثر ولايات ألمانيا سكانا
وبذلك حقق حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف نتيجة تاريخية في هذه الانتخابات البلدية في هذه المقاطعة (الولاية) الصناعية الأكثر تعدادا للسكان في ألمانيا، بحسب التقديرات الأولية، والمؤيدة تقليديا لمحافظي الاتحاد المسيحي الديمقراطي والحزب الاشتراكي الديمقراطي، وفق تقديرات شبكة "في دي آر". ودُعي نحو 13,7 مليون ناخب للإدلاء بأصواتهم قبل إغلاق مراكز الاقتراع في الساعة 18,00.
وتعتبر الانتخابات البلدية في هذه المقاطعة بمثابة اختبار أول مهم بعد بضعة أشهر من الانتخابات التشريعية الاتحادية التي أفرزت الحكومة الائتلافية بين الاتحاد المسيحي الديمقراطي الذي ينتمي إليه المستشار فريدريش ميترس والاشتراكيين الديموقراطيين، والتي سجل فيها "البديل من أجل ألمانيا" الشعبوي بزعامة أليس فايدل -الرئيسة المشاركة للحزب- نتيجة تاريخية بلغت 20,8 بالمئة من الأصوات، وهو يسعى ليصبح قريبا أكبر أحزاب ألمانيا.
وعلى صفحتها بموقع إكس اعتبرت أليس فايدل نتيجة اليوم "نجاحا ضخما".
وتأسس حزب "البديل" الشعبوي عام 2013 وتعزز صعوده اعتبارا من 2016 مع تركيزه على موضوع الهجرة، ولا سيما مع الاعتداءات الجنسية التي تعرضت لها 1200 امرأة خلال ليلة رأس تلك السنة، نصفهن تقريبا في مدينة كولونيا (غرب)، بحسب التقرير النهائي للشرطة الجنائية الذي نقلته وسائل إعلام عدة. وتتصاعد شعبيته باستمرار منذ ذلك الحين، ولا سيما في مقاطعات شرق ألمانيا، ولا سيما في تورينغن حيث أصبح القوة السياسية الأولى بحصوله على 33% من الأصوات في الانتخابات المحلية في أيلول/سبتمبر 2024.
تحرير: صلاح شرارة
ألمانيا واللاجئون.. كيف تغير الحال منذ الترحيب الكبير في 2015؟
أغلبية الألمان كانت في عام 2015 مع استقبال اللاجئين ومنحهم الحماية. ولكن الأمور لم تستمر كذلك، حيث تراجعت نسبة التأييد للاجئين بشكل متسارع اعتباراً من مطلع عام 2016. نستعرض ذلك في هذه الصور.
صورة من: Odd Andersen/AFP/Getty Images
ميركل وعبارتها الشهيرة
"نحن قادرون على إنجاز ذلك". عبارة قالتها المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في هذا المؤتمر الصحفي للحكومة، الذي عقد بتاريخ 31 أغسطس/آب 2015. لم تكن تعرف حينها أن الجملة ستدخل التاريخ الألماني الحديث، وتسبب استقطاباً في البلاد، ويتحول الرأي العام الألماني من مرحب بنسبة كبيرة باللاجئين، إلى تناقص هذه النسبة بمرور السنوات.
صورة من: Imago/photothek/T. Imo
تأييد كبير لاستقبال اللاجئين
حتى مع ارتفاع أعداد طالبي اللجوء إلى ألمانيا من حوالي 41 ألف طلب لجوء في عام 2010 إلى 173 ألف طلب لجوء في 2014، كانت الأغلبية الساحقة من الألمان، في مطلع عام 2015، مع استقبال اللاجئين وتقديم الحماية لهم.
صورة من: Martin Meissner/AP Photo/picture alliance
أول محطة ترحيب
صيف وخريف 2015 شهد ذروة موجة اللجوء الكبيرة. فبعد أخذ ورد على المستوى السياسي الألماني، ومع الدول الأوروبية المجاورة، سمحت ألمانيا ودول أوروبية أخرى بدخول طالبي اللجوء إليها. مئات الآلاف دخلوا البلاد خلال أسابيع قليل. وظهرت صور التعاطف معهم من جانب السكان الألمان. وكان ذلك واضحاً للعيان في محطات القطارات وفي مآوي اللاجئين.
صورة من: Sven Hoppe/dpa/picture alliance
التأييد حتى على مدرجات الملاعب
وحتى على مدرجات ملاعب كرة القدم، في مباريات الدوري الألماني (بوندسليغا)، شاهد العالم عبارات الترحيب باللاجئين، كما هنا حيث رفعت جماهير بوروسيا دورتموند هذه اللافتة العملاقة بتاريخ 25 أكتوبر/تشرين أول 2015.
وبالمجمل وصل إلى ألمانيا خلال عام 2015 وحده حوالي 890 ألف طالب لجوء.
صورة من: picture-alliance/G. Chai von der Laage
الرافضون لاستبقال اللاجئين أقلية في 2015
بنفس الوقت كان هناك رافضون لسياسة الهجرة والانفتاح على إيواء اللاجئين، وخاصة من أنصار حركة "بيغيدا" (أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب)، الذين كانوا يخرجون في مسيرات، خصوصاً في شرق البلاد، للتعبير عن رفضهم لاستقبال اللاجئين. كما كانت تخرج مظاهرات مضادة لحركة "بيغيدا" وداعمة لاستقبال اللاجئين.
صورة من: Reuters/F. Bensch
ليلة الانعطاف الكبير
وبقي الرأي العام منفتحاً على استقبال اللاجئين حتى ليلة حاسمة، مثلت علامة فارقة في قضية الهجرة واللجوء في ألمانيا. فبينما كان العالم يودع عام 2015 ويستقبل 2016، والاحتفالات السنوية تقام أيضا في المدن الألمانية، وردت أنباء متتالية عن عمليات تحرش بالكثير من الفتيات في موقع احتفال برأس السنة في مدينة كولن (كولونيا). أكثر من 600 فتاة تعرضن للتحرش والمضايقات.
صورة من: DW/D. Regev
تعليق لم الشمل لحملة الحماية المؤقتة
من تلك اللحظة بدأ المزاج العام في التغير وأخذ حجم التأييد لاستقبال اللاجئين يتراجع في الرأي العام الألماني. وبدأ التشديد في قوانين الهجرة واللجوء، كتعليق لم الشمل لمدة عامين للاجئي الحماية الثانوية (المؤقتة)، بموجب القانون الذي صدر في ربيع عام 2016، والذي صدر في عهد وزير الداخلية آنذاك توماس دي ميزير.
صورة من: Getty Images/AFP/J. McDougall
الهجوم على سوق عيد الميلاد في برلين 2016
وقبل أن يودع الألمان عام 2016 بأيام قليلة، أتت كارثة جديدة صدمت الرأي العام: هجوم بشاحنة على سوق لعيد الميلاد في العاصمة برلين، نفذه اللاجئ التونسي سميح عمري. 13 إنسان فقدوا حياتهم في الهجوم، وأصيب 63 آخرون. حصيلة مؤلمة ستترك ندوباً في المجتمع.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
حزب البديل يدخل البرلمان للمرة الأولى
استفاد من هذه الأحداث حزب البديل لأجل ألمانيا اليميني المناهض لسياسة الهجرة واللجوء الحالية والرافض لاستقبال اللاجئين كلياً. ليدخل الحزب البرلمان الألماني لأول مرة في تاريخه، محققاً المركز الثالث في الانتخابات البرلمانية الاتحادية التي أقيمت في سبتمبر/أيلول 2017، بنسبة 12.6 بالمئة.
صورة من: Reuters/W. Rattay
استمرار الاستقطاب
شهدت السنوات اللاحقة استمرار الاستقطاب في المجتمع، خصوصاً مع بعض الهجمات التي نفذها لاجئون، بدوافع إرهابية. أمر قلص الدعم الشعبي للهجرة. إلى أن تراجعت الشعبية، وبات قرابة ثلثي الألمان في استطلاعات الرأي يريدون استقبال أعداداً أقل من اللاجئين أو وقف استقبالهم كلياً.