ألمانيا.. قواعد جديدة لمواجهة كورونا وسط دعوات لجرعات إضافية
١٨ نوفمبر ٢٠٢١
تتجه ألمانيا نحو إقرار قواعد جديدة موحدة على الصعيد الاتحادي لمواجهة كورونا، منها فرض قاعدة "3 جي"، بينما أكدت ميركل ضرورة توفير الجرعات التعزيزية للراغبين في ذلك، وهو موضوع يدور حوله حاليا الكثير من الجدل في ألمانيا.
إعلان
أقر البرلمان الألماني "بوندستاغ" اليوم الخميس (18 نوفمبر/تشرين ثان 2021) القواعد الجديدة لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد التي خططت لها أحزاب ما يسمى بائتلاف "إشارة المرور" الذي يتفاوض حاليا لتشكيل الحكومة الاتحادية الجديدة بألمانيا، والمكون من لحزب الاشتراكي الديمقراطي الفائز بالأغبية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والحزب الديمقراطي الحر وحزب الخضر.
وتشمل هذه الإجراءات قاعدة "جي3" التي تنص على السماح فقط للمطعمين أو المتعافين أو من لديهم نتيجة اختبار كورونا سلبي بالدخول لأماكن العمل مثلا أو باستخدام وسائل النقل. وأعلنت نائبة رئيسة البرلمان الألماني، أيدان أوزوغوز، أن 398 نائبا برلمانيا صوتوا اليوم لصالح تطبيق هذه القواعد، فيما عارضها 254 نائبا، وأحجم 36 نائبا عن التصويت.
يشار إلى أنه لابد أن يوافق مجلس الولايات "بوندسرات" أولا على هذه القواعد قبل أن تدخل حيز التنفيذ. ولم يعارض مجلس الولايات القواعد السابقة التي أقرها البرلمان لمواجهة الجائحة.
وخلال المشاورات التي أجرتها المستشارة المنتهية ولايتها مع رؤساء حكومات الولايات حول سبل المضي قدما في مكافحة كورونا، اتفق المشاركون في الاجتماع على تحديد ثلاث مراحل بحيث يتم في كل واحدة فرض قيود إضافية. أعلنت المستشارة المنتهية فترة ولايتها أنغيلا ميركل عن اتفاق الحكومة مع الولايات على وضع حدود قصوى للتحمل في المستشفيات يمكن معها تشديد تدابير مكافحة كورونا بشكل موحد.
وبحسب القرار الصادر بعد المشاورات، سيكون العامل المحدد لهذه الحدود القصوى هو معدل المصابين بكورونا الذين يتلقون العلاج بالمستشفيات بين كل مئة ألف نسمة في أسبوع.
وقالت ميركل إن هذا " هو الوقت الحقيقي فعلا للتحرك"، مشيرة إلى الحاجة لتحقيق وقف سريع أو كبح للارتفاع الأسي لأعداد الإصابات.
واستطردت ميركل:" يمكننا أن نكون في وضع أفضل حال لم تكن فجوة التطعيم بهذه الضخامة"، مشيرة إلى أن الكثير من التدابير التي يتعين اتخاذها، ما كانت ستصبح لها ضرورة لو أخذ التطعيم المزيد من الناس. ورأت ميركل أنه " لم يفت الآوان بعد على أخذ التطعيم".
الجرعة الثالثة للجميع؟
وتشهد ألمانيا نقاشا محتدا حول التطعيم بالجرعة الثالثة، واتهمت اتحادات طبية في ألمانيا الأوساط السياسية بالتقصير في تنظيم الأمور المتعلقة بالجرعات التعزيزية ضد فيروس كورونا. ودعت اللجنة الدائمة للتطعيمات بألمانيا لإعطاء جرعات تعزيزية ضد الفيروس لكل البالغين الذين تزيد أعمارهم على 18 عاما. وجاء ذلك في بيان أعلنته اللجنة اليوم الخميس.
وأضحت اللجنة أنه تم إرسال مسودة بنص هذا القرار إلى الخبراء والولايات الاتحادية للتصويت ، لذا أشارت إلى أنه من المحتمل أن يكون هناك تعديلات فيما بعد، موضحة أن الأمر لا يعد توصية نهائية منها حتى الآن.
وأوضحت اللجنة أيضا أنه يجب تلقي الجرعات التعزيزية عادة بفارق زمني يبلغ ستة أشهر بعد تناول جرعة اللقاح الأولية، لافتة إلى أنه من الممكن النظر في اختصار هذه المدة إلى خمسة أشهر في حالات فردية أو عند توافر القدرات الكافية لذلك.
أوضاع صعبة
من جانبها أعربت ميركل عن رغبتها في تسريع وتيرة جرعات التطعيم التنشيطية، وحددت هدفا يرمي إلى توفير 27 مليون جرعة تعزيزية قريبا، وذلك خلال المشاورات مع رؤساء حكومات الولايات اليوم الخميس.
وذكر المشاركون في المشاورات أن ميركل تحدثت عن موقف مأساوي للغاية وعن وضع أزمة ولفتت إلى أن فجوة التطعيم كبيرة بشكل زائد عن الحد. وقالت المستشارة إن الوسائل الفردية لمكافحة الأزمة لن تكون متاحة قريبا.
وتعيش ألمانيا منذ أيام على وقع إصابات قياسية بالفيروس، بشكل تجاوز ما وقع خلال الموجات الثلاث الأولى التي ضربت البلاد، إذ سجلت اليوم الخميس أكثر من 60 ألف حالة جديدة، مع وجود أرقام مقلقة في عدد الوفيات، بلغت اليوم 264 حالة وفاة، لكن هذا الرقم يبقى أقل من ذروة الجائحة في الموجة الثانية.
ولم تصل ألمانيا إلى تحقيق هدف تطعيم نسبة 75 بالمئة من عدد السكان، ولا يتجاوز الرقم حاليا 67,8 على الصعيد الفدرالي، ولا تزال ولايات الشرق هي الأضعف في نسبة التطعيم.
إ.ع/ع.ج.م (د ب أ)
"موجة رابعة" من كورونا.. حقائق عن معركة ألمانيا مع الجائحة
موجة جديدة من كورونا في ألمانيا تدق ناقوس الخطر. مخاوف واسعة من عودة الإغلاق العام كحل أخير وارتفاع نسبة الوفيات والضغط على النظام الصحي، لكن مع ذلك تظهر ألمانيا أنها قد تعلمت بعض الدروس من الأشهر السابقة.
صورة من: Daniel Bockwoldt/dpa/picture alliance
أرقام قياسية للإصابات الجديدة
دخلت ألمانيا "الموجة الرابعة" من جائحة كورونا بأرقام قياسية، بلغت الخميس 11 نوفمبر/ تشرين الثاني حوالي 50.196 ألف إصابة و235 حالة وفاة. ولم تسجل ألمانيا على الإطلاق رقماً مماثلاً في الإصابات منذ بداية الجائحة، لكن أرقام الوفيات تظل نسبياً أقلّ مما سجل نهاية عام 2020، ما يؤكد الاستنتاجات بكون التطعيم لا يمنع من الإصابة بالفيروس، لكنه يخفض أرقام الإصابات الحرجة وبالتالي أرقام الوفيات.
صورة من: Rüdiger Wölk/imago images
موجة بدون صرامة المواجهة
ألمانيا لا تخطط هذه المرة لإجراءات صارمة كما فعلت ما بين نهاية 2020 وبداية 2021. فقد سمحت عدة مدن بإقامة احتفالات الكرنفال، كما لا توجد خطط لإغلاق عام ولا لتشديد القيود. وسبق لوزير الصحة ينس شبان أن أيد إنهاء إجراءات الوضع الوبائي الموحدة على الصعيد الفيدرالي نهاية نوفمبر 2021، ما يتيح رفع عدد من الإجراءات كارتداء الكمامات، لكن القرار قد لا يصادق عليه البرلمان بسبب ارتفاع الإصابات مجددا.
صورة من: Henning Kaiser/dpa/picture alliance
بين قاعدة 3G وقاعدة 2G
سمحت ألمانيا باستئناف الكثير من الخدمات كدخول المطاعم والمقاهي وصالونات الحلاقة وأماكن الترفيه المغلقة وفق قاعدة 3G التي تعني ضرورة التطعيم، أو إثبات عدم الإصابة بالفيروس عبر كشف سريع، أو التعافي من الفيروس بعد الإصابة به. وبدأت مكاتب وإدارات كذلك باعتمادها، لكن عدة ولايات بدأت تعتمد قاعدة 2G التي تستثني الكشف السريع لأجل مواجهة الموجة الرابعة، ما أثار جدلاً كبيرا بين رافضي التطعيم.
صورة من: Ying Tang/NurPhoto/picture alliance
مجانية الكشف السريع
أتاحت ألمانيا بشكل مجاني اختبارات الكشف السريعة عن الفيروس لكل السكان، وكان الطلب عليها شديدا عند إطلاقها بسبب عدم تقدم حملة التطعيم حينها، لكن مع مرور الوقت، قررت السلطات إلغاء مجانيتها لدفع عدم المطعمين إلى الإسراع بذلك. لم تنجح الفكرة كثيراً، وعادت الحكومة الاتحادية للتفكير في إعادة المجانية، خصوصًا أن معهد روبرت كوخ أوصى بهذه الاختبارات حتى للمطعمين في حالة حضورهم للفعاليات الكبرى كالاحتفالات.
صورة من: Sean Gallup/Getty Images
حملة التطعيم لم تبلغ أهدافها
أرادت الحكومة الألمانية بلوغ نسبة تطعيم تصل لـ 75 بالمئة من العدد الإجمالي للسكان نهاية صيف 2021، غير أن الرقم لم يتجاوز إلى حدود شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 67,5 في المئة. نجحت ولايات في الاقتراب أو حتى تجاوز النسبة المستهدفة، خصوصا في شمال وغرب البلاد كبريمن (81.6 بالمئة)، لكن ولايات في الشرق لم تتجاوز حتى 60 بالمئة كسكسونيا (59.5 بالمئة)، ويعود ذلك لانتشار الحركات المنكرة لكورونا في هذه المناطق.
صورة من: Jens Schlueter/Getty Images
أوضاع المستشفيات تحت السيطرة
تفتخر ألمانيا بنظامها الصحي القادر على مواجهة الضغط، لكنها تعرّضت لاختبار قاسٍ خلال موجة كورونا الثانية بسبب الطلب الكبير على وحدات العناية المركزة الذي اقترب من 6 آلاف حالة في ديسمبر/ كانون الأول 2020. حاليا يبقى في الرقم ما بين 2000 و 3000 آلاف، وتخطط الحكومة الاتحادية لتوزيع الحالات الحرجة على مجموع التراب الألماني حتى لا يقع الضغط على ولاية لوحدها، خصوصا في الشرق.
صورة من: Waltraud Grubitzsch/dpa/picture alliance
جائحة في قلب الانتقال السياسي
الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال فقط في انتظار تشكيل الحكومة الجديدة بقيادة محتملة بقيادة أولاف شولتس. وُجهت انتقادات كبيرة لحكومة ميركل في التعامل مع الجائحة، خصوصا إثر بطء عملية التطعيم والتردد الكبير في اتخاذ القرارات والتراجع عنها. ويرغب شولتس بتجاوز هذه الأخطاء ووضع استراتيجية أقوى، لكن المشاورات المطولة لتشكيل الحكومة قد تؤثر على النقاش الخاص بكورونا.
صورة من: Kay Nietfeld/dpa/picture alliance
الجائحة غيرّت المشهد
أضحت الكمامات جزءا أساسيا من المشهد العام في البلد، كما اتخذت عدة مؤسسات إجراءات بتشجيع العمل من البيت أو تقليل نسبة حضور الموظفين في المكاتب. وأدت الجائحة إلى التفكير في تغيير نمط الحياة، خصوصا التباعد الاجتماعي مع التركيز على اللقاءات الافتراضية. كما أثرت الجائحة على النظام التعليمي بسبب اعتماد التعليم عن بعد وإغلاق المدارس في بعض الفترات، ما خلق مخاوف من تأثير ذلك على الأجيال الصاعدة.
صورة من: Sebastian Kahnert/dpa-Zentralbild/dpa/picture alliance
توقعات بتعافي الاقتصاد
تضررت قطاعات كثيرة من الجائحة وخسر ناس كثر أعمالهم وتراجع النمو الاقتصادي كما ارتفعت نسبة التضخم ومعدل إفلاس الشركات، لكن مع ذلك حافظت ألمانيا على ريادتها الاقتصادية في أوروبا، وأظهرت عدة مؤشرات إمكانية تعافي تدريجية للبلد. وتوقع معهد الاقتصاد الألماني أن يعود الوضع الاقتصادي إلى ما كان عليه قبل الأزمة، ابتداء من 2022، كما أن الوضع لم يصل في تدهوره إلى أزمة عام 2009 التي تم في النهاية تجاوزها.