ألمانيا.. السلطات تحمل كافلي اللاجئين تكاليف معيشتهم!
٢١ أغسطس ٢٠١٨
دوائر كنيسية وخواص تكفلوا قبل سنوات بلاجئين في قضايا لم الشمل، مطالبين اليوم بدفع أموال طائلة تقدر بعشرات الآلاف من اليوروهات إلى مراكز توفير العمل. وهم يرفضون الانصياع بتقديم اعتراضات أمام المحاكم التي لها رأي واضح.
إعلان
نحو 7.000 شخص في ألمانيا حصلوا في الشهور الماضية على بريد يثير القلق من مكاتب عمل ومن بلديات. والمحتوى هو طلبات دفع أموال مقابل تلقي مساعدة حكومية أو دعم في السكن. المواطنون والدوائر الكنيسية مطالبة بتحمل إعالة اللاجئين الذين تكفلوا بهم منذ 2013. ومثل الكفالات الأخرى ظن المواطنون المعنيون أنه يجب عليهم تغطية نفقات اللاجئين حتى موعد صدور قرار إيجابي بشأن طلب اللجوء. وهذا الموقف دافعت عنه سابقا ولايات مثل رينانيا الشمالية وستفاليا وساكسونيا السفلى وهسن. والآن تتوسع دائر عدم الشعور بالأمان.
وحالة انعدام الأمان تعود لتعديل قانوني من عام 2016: في تلك الفترة شدد التحالف الحكومي قواعد الهجرة إلى ألمانيا: " فالالتزام لا ينتهي أجله مع تغيير وضع الإقامة"، كما يرد في الفقرة 68 من قانون الإقامة. والالتزامات التي تم تقديمها قبل الـ 6 أغسطس 2016 تنتهي صلاحيتها بعد ثلاث سنوات والأخرى بعد خمس سنوات. وفي يناير 2017 تم تأكيد هذا القانون من المحكمة الإدارية في لايبتسيغ.
المحكمة تقرر: الدائرة الكنسية يجب أن تدفع
وهذا الحكم من المحكمة الإدارية الاتحادية شكل أساس قرار المحكمة الإدارية في ميندن من الـ 8 أغسطس التي وجب عليها إصدار قرار حول شكوى من الدائرة الكنيسية الإنجيلية في لوبيك. وكانت الدائرة الكنيسية قد تحملت كفالات لصالح لاجئين سوريين، وهي الآن ترفض دفع تعويضات للمدينة على تكاليف الحياة لسورية. وتصل قيمة التعويض المالي المطالب بها إلى نحو 10.000 يورو.
"في نص الالتزام ورد دوما أن الالتزام بالكفالة ينتهي مع المغادرة"، يقول متحدث باسم المحكمة الإدارية في ميندن. كما عللت المحكمة الإدارية الاتحادية منذ يناير 2017 أن نوع الإقامة ـ يعني الوضع كطالب لجوء وكلاجئ معترف به ـ يصلحان لأغراض إنسانية. وعلى هذا الأساس لا يوجد فرق بين تصريحي الإقامة، كما جاء في تعليل محكمة لايبتسيغ. والمحكمة الإدارية في ميندن تبعت هذا التوجه وقررت أنه يجب على الدائرة الكنيسية أن تدفع.
تابيرت: "الوضع ارتبط بحياة الناس"
وإلى جانب الدوائر الكنيسية حصل خواص في الشهور الماضية على إنذارات بالدفع من وكالات عمل وبلديات. واحد بينهم هو الطبيب وأستاذ الطب الاجتماعي وعلم النفس الاجتماعي غرهارد تابيرت الذي له التزام إنساني كبير كطبيب يعالج المشردين وينقذ لاجئين في البحر المتوسط. وفي عام 2015 وقع هذا الطبيب على التزامات لصالح ثمانية سوريين. "وجب حينها أن تسير الأمور بسرعة"، يقول الطبيب في حديث مع دويتشه فيله. "الأمر ارتبط بحياة الناس". ولذلك قام بسرعة بتوقيع الالتزامات. والآن يطالب مركز العمل في غيسن بدفع 10.000 يورو والآخر في ريندسبورغ بـ 15.000 يورو ومركز العمل في ماينتس يطلب 14.000 يورو من الطبيب. "وهذه ليست إلا الطلبات الأولى"، يقول تابيرت الذي يخشى الحصول على دفع تعويضات بين 300.000 و 400.000 يورو لصالح السوريين الثمانية. مثل الكافلين الآخرين ظن الطبيب أنه مع صدور الاعتراف بحق اللجوء تنتهي صلاحية الالتزام بكفالة اللاجئين السوريين.
تابيرت ينتقد أسلوب عمل مكاتب العمل
إلا أن تابيرت يقاوم:" أتحمل مسؤولية قراراتي، وسأفعل ذلك مجددا ولن أتراجع ميلمترا واحدا. حتى ولو أن الدولة تطالبني بالدفع، فإنني على الأقل أنقذت هؤلاء السوريين الثمانية من وضع خطير على حياتهم". حتى ولو أن ذلك يجلب له إفلاسه المالي؟ "فاليكن الأمر كذلك"، يجيب الطبيب.
في الوقت نفسه ينتقد تابيرت أسلوب عمل مكاتب العمل. "فهم غير قادرين ببساطة على مساندة أشخاص في غضون سنة ونصف وطلب تعويضات مالية مني". وكان يتمنى الحصول على معلومة مباشرة بهذا الخصوص. "فسيكون بإمكاني التفكير في شيء آخر. لدي بيت كبير ـ كان بإمكاننا حل المسألة على وجه آخر". وهذه الإمكانية لم يحصل عليها.
ومنذ مارس يمنح تأجيل بالدفع للملزمين بالتعويضات مهلة، إذ أن الإدارة تواصل إرسال إنذارات الدفع دون سحبها من الحسابات البنكية للمعنيين. وقال متحدث باسم وزارة العمل والاجتماع إنه من مهام الحكومة الألمانية إيجاد "حلول مناسبة" في التعامل مع هذا النزاع.
نوتكر أوبرهويزير/ م.أ.م
اللاجئون في ألمانيا - من "ثقافة الترحيب" إلى "سياسة الترحيل"
في خريف عام 2015، فتحت ألمانيا أبوابها للآلاف من اللاجئين. وكان تفهم الألمان لمآسي هؤلاء ملفتا جداً. إلا أن أحداثاً عديدة قلبت ثقافة الترحيب إلى مطالب بالترحيل. بالصور: محطات من السياسة الألمانية تجاه اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Fischer
بداية الموجة
في 25 آب/ أغسطس 2015، علقت ألمانيا تنفيذ اتفاق دبلن تجاه اللاجئين السوريين. وينص الاتفاق على إعادة اللاجئين إلى بلد دخلوه في الاتحاد الأوروبي. وبعدها بأيام قالت المستشارة ميركل إن التغلب على موجة اللجوء؛ "مهمة وطنية كبيرة"، كما أصرت على أن "ألمانيا ستنجح في هذه المهمة". وخشيةً من مأساة تحل بآلاف اللاجئين، قررت ميركل إلى جانب النمسا استقبال اللاجئين، وكان ذلك في الخامس من أيلول/ سبتمبر 2015.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
استقبال وترحيب
مثلت ""ثقافة الترحيب" عنصراً مهماً في استقبال اللاجئين في خريف 2015. وقد حظي اللاجئون عند وصولهم إلى عدد من المدن الألمانية بترحيب منقطع النظير من جانب المتطوعين من المواطنين الألمان والأجانب المقيمين في ألمانيا. وبادر هؤلاء المتطوعون إلى تقديم المساعدة المعنوية والمادية للعديد منهم. ففي ميونيخ مثلاً، تم إنشاء مطاعم مؤقتة للاجئين المنتظرين تسجيل أسماءهم لدى الشرطة، ونقلهم إلى مراكز الإيواء.
صورة من: picture alliance/dpa/J. Carstensen
أزمة السكن
عدد كبير من اللاجئين قصد ألمانيا بعد قرار ميركل عام 2015. الأرقام المتزايدة للاجئين شكلت تحديا كبيراً للألمان. وبدأت مدن ألمانية باستعمال المباني الخالية أو المهجورة كمراكز إيواء للاجئين، فيما استدعت السلطات الحكومية المختصة الموظفين المتقاعدين للعمل من جديد في مراكز اللاجئين. ويعتبر هذا المعطى واحداً من المؤشرات الأخرى التي فرضت على ألمانيا دخول تحدٍ جديدٍ، بسبب اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Fassbender
بداية أحداث قلبت الموازين
كانت أحداث كولونيا، التي وقعت في ليلة رأس السنة الجديدة 2016/2015 بداية فاصلة لتغير مزاج الألمان تجاه اللاجئين. حيث شهدت تلك الليلة عملية تحرش جماعي كبرى لم تشهدها ألمانيا من قبل. تلقت الشرطة مئات البلاغات من نساء تعرضن للتحرش والسرقة وفتحت الشرطة أكثر من 1500 تحقيق لكن السلطات لم تنجح في التعرف إلا على عدد قليل من المشتبه بهم، الذين كانت ملامحهم شرق أوسطية وشمال إفريقية، طبقا لشهود.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Böhm
مطالب بالترحيل
أعمال التحرش الجنسي في كولونيا، ليلة رأس السنة، تسببت في موجة استياء واسعة في ألمانيا بداية من عام 2016، وقد دفعت كثيرين للمطالبة بتشديد القوانين لترحيل الجناة وجعلت آخرين يطالبون بتفادي تجريم فئة معينة في المجتمع. وكانت حركة "بغيدا" أهم الأطراف، التي دعت إلى وقف تدفق اللاجئين على ألمانيا. وتعارض هذه الحركة الشعبوية بوجه خاص إيواء لاجئين من دول إسلامية بدعوى أن ثقافتهم لا تنسجم مع القيم الغربية.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
تحديد سقف لعدد اللاجئين
على خلفية اعتداءات كولونيا ليلة رأس السنة، وجد زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي المحافظ آنذاك هورست زيهوفر في الواقعة فرصة للتأكيد على طلبه الرئيسي المتمثل في تحديد سقف أعلى لعدد اللاجئين المسموح لهم بدخول ألمانيا. لكن ميركل كانت قد رفضت الأمر في مؤتمر حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" (البافاري) في ميونيخ.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
هجمات متفرقة ينفذها لاجئون
وقام بعض اللاجئين بأعمال عنف و"إرهاب" جعلت مؤيدين كُثراً يسحبون دعمهم لسياسة الترحيب. ومن أبرز هذه الاعتداءات، ما حصل بمدينة أنسباخ جنوبي ألمانيا. فقد فجَّر طالب لجوء سوري عبوة ناسفة من صنعه وهو ما أدى إلى مقتله وإصابة 12 شخصاً. كما أصاب طالب لجوء آخر (2016) خمسة أشخاص بجروح بفأس وسكين على متن قطار في فورتسبورغ.
صورة من: Reuters/M. Rehle
هجمات معادية للاجئين
وفي المقابل قام أشخاص بالاعتداء على مجموعة من مراكز إيواء اللاجئين مثل إضرام الحريق في مركز فيرتهايم. كما شهدت بعض المدن الألمانية مظاهرات معادية لاستقبالهم. هذه التصرفات دفعت المستشارة ميركل للقول إنه لا تسامح مع اليمينيين المتطرفين الذين يقومون بهجمات ضد اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Engmann
عملية دهس وراءها داعش!
في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2016 اهتزت برلين لفاجعة الدهس بشاحنة، التي أدت لمقتل 12 شخصاً وإصابة 48 آخرين. هذا العمل الإرهابي قام به لاجئ في ألمانيا، فقد وُجهت التهمة لأنيس العامري، وهو تونسي الجنسية، كان يبلغ حينها 24 عاماً، باختطاف شاحنة بولندية ضخمة، ودهس بها تجمعاً بشرياً بأحد أسواق أعياد الميلاد في قلب برلين، قبل أن تقتله الشرطة الإيطالية. وقد أعلنت "داعش" فيما بعد تبنيها للاعتداء.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
سياسة ميركل في مرمى الانتقادات
تصاعد الأزمات، وتفاقم المشاكل جعل شعبية المستشارة ميركل تقل، فقد اتهمها منتقدوها بأن سياسة "الباب المفتوح" التي اتبعتها فاقمت الأوضاع من خلال تشجيع المزيد من اللاجئين على الدخول في رحلاتهم الخطرة نحو أوروبا. وفي سبتمبر 2016 بدأت ألمانيا أيضا بعمليات مراقبة مؤقتة على حدودها مع النمسا.
صورة من: Getty Images/J. Simon
هل ستستقبل ألمانيا لاجئين جدد؟
أعلنت المفوضية الأوروبية لشؤون اللاجئين موافقة الحكومة الألمانية على استقبال 10 آلاف لاجئ ضمن برنامج "إعادة التوطين" التابع للاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي يحاول وزير الداخلية الألمانية الإسراع بفتح مراكز جديدة للاجئين تتولى استقبال اللاجئ والبت في قراره ثم ترحيله في حالة رفض طلبه. بالإضافة إلى توجهه نحو التشدد حيال لمّ شمل عائلات اللاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية. إعداد: مريم مرغيش