ألمانيا.. كيف يتم التعامل مع إهدار المحاصيل الزراعية؟
٩ أكتوبر ٢٠١٩
في ظل ما يشهده كوكب الأرض من تغيرات للمناخ، يتم هدر الأطنان من المحاصيل الزراعية سنويا في ألمانيا. فمن المسؤول عن ذلك؟ وكيف يحاول عدد من المزارعين مواجهة إهدار هذا الكم الضخم من المحاصيل، وعلى رأسها البطاطس؟
إعلان
يقدر الصندوق العالمي للطبيعة حجم المحاصيل الزراعية المُهدرة بفعل تركها بالأراضي الزراعية عقب عملية الحصاد بـ 18 مليون طن سنويا في ألمانيا وحدها.
ولا يعد إهدار المحاصيل الزراعية مشكلة نظرا لما يتم خسارته من طعام قابل للاستهلاك الأدمي فقط، حيث يعتبر إهدار كميات ضخمة من الثمار واحدا من العوامل التي تساهم في تسريع ظاهرة تغير المناخ التي يشهدها كوكب الأرض.
ويقول المتخصص في الزراعات الطبيعية، فرانك بروخنوف، أنه في بعض الأحيان بنهاية وقت حصاد المحاصيل الزراعية في ألمانيا يحدث إهدار لجزء منها، حيث يتحدث عن محصوله من البطاطس موضحا: "تسقط البطاطس بشكل ما من خلال الشبكة المستخدمة لجمعها إذا لم يكن حجم البطاطس كبيرا بالشكل الكافي".
ولمواجهة مشكلة إهدار المحاصيل الزراعية، قرر بروخنوف، والذي تقع أرضه الزراعية بالقرب من مدينة مونشيبرغ بولاية براندنبورغ في شمال شرق ألمانيا، دعوة الجميع لجني كل ما تبقى من المحصول لديه بعد انتهاء عملية الحصاد الأصلية. وفي حالة عدم وجود متطوعين لجني ما تبقى من المحصول، يستخدم بروخنوف الثمار ذات الجودة الأقل كعلف للحيوانات.
وبالرغم من أن المزارعين كانوا قد جمعوا محصول البطاطس بالفعل، تبقى الكثير من الثمار القابلة للاستهلاك بالحقل، ما دفع نحو 30 شخصا من العاصمة برلين وضواحيها للتوجه بهدف جمعها. وبعد نحو ساعة ونصف من جمع البطاطس، كانت الحصيلة ما يقدر بنحو 250 كيلوجراما، ما تسبب في صدمة لدى الجميع بسبب ارتفاع كمية ما جمعوه من ثمار قابلة للاستهلاك.
ويؤكد اتحاد المزارعين الألمان على وجود فوائد أخرى للعمل على تجنب إهدار المحاصيل الزراعية وجمعها كلها، حيث يساعد هذا على منع انتقال الأمراض إلى محصول الموسم التالي، كما يشير اتحاد المزارعين إلى أن تقنيات الحصاد تحسنت بشكل كبير لدرجة انخفض معها الفاقد بشكل واضح مقارنة بما كان عليه الأمر سابقا.
ولا يتحمل المزارع وحده مسؤولية إهدار الطعام، حيث يرى البعض أن المستهلك يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية أيضا بسبب تفضيله للمنتجات ذات الشكل الجيد وتجنبه الثمار التي تغير شكلها أو لونها بعض الشيء، حتى وإن ظل طعمها كما هو.
وكان الطقس الحار في ألمانيا قد تسبب في تراجع محصول البطاطس العام الماضي، حيث كانت نسبة المحصول أقل من أي سنة مضت منذ إعادة توحيد شطري ألمانيا، وفقا لبيانات مكتب الإحصاء الألماني.
د.ب/ ع.ش (د ب أ)
"سفينة نوح" نمساوية لضمان الغذاء للعالم
بنت النمسا "سفينة نوح" ضخمة، ولكن هذه السفينة ليست لحماية وإنقاذ البشر والحيوانات وإنما النباتات. إذ يقوم 1300 عضوا في هذا المركز بزراعة وحماية أنواع مختلفة ونادرة ومن مختلف القارات، لحمايتها وضمان الغذاء للعالم مستقبلا.
صورة من: Arche Noah
معرض لنباتات قديمة وفريدة
على بعد نحو ساعة بالسيارة من العاصمة النمساوية فيينا، تقع قرية شيلترن الخلابة التي بنيت فيها "سفينة نوح" وهي حديقة كبيرة يمكن للناس زيارتها وتذوق محاصيلها. ففي عام 1990 قررت الجمعية الموجودة في القرية الحفاظ على التنوع النباتي والمحاصيل وإعادة انتاج القديمة منها وحمايتها من الانقراض، وذلك بتشجيع الناس على زراعتها واستهلاكها.
صورة من: Arche Noah
الأبيض والأحمر والبني في كل مكان
مع تطور الصناعة ووصولها إلى الزراعة والمواد الغذائية خلال مئاة عام الأخيرة، تراجع التنوع النباتي وأنواع المحاصيل بشكل كبير. وحسب القائمين على "سفينة نوح" النمساوية، فقد فُقد أكثر من 75 بالمائة من أنواع النباتات والمحاصيل الزراعية على مر العصور. وهذا النوع من البنجر (الشمندر) والذي يسمى "ايرفورت" فإن زراعته تعود إلى القرن الثامن قبل الميلاد وكان لونه أبيضا بالأصل.
صورة من: DW/C. Borrmann
تنوع المحاصيل
حسب تقديرات "سفينة نوح" هذه، فإنه من بين 4800 محصول زراعي معروف حول العالم، يشكل نحو 100 محصول 90 بالمائة من غذائنا. ومن هنا، تسعى إلى جمع مختلف المحاصيل حول العالم للحفاظ على التنوع الزراعي والبيولوجي، ولديها الآن 620 نوعا من الطماطم، بعضها في الصورة.
صورة من: Arche Noah
الخيار الروسي
أكبر تهديد للتنوع النباتي هو احتكار البذور والهندسة الوراثية. في الصورة خيار روسي ظهر في أوروبا لأول مرة خلال القرن التاسع عشر، وهو نوع من الخيار قوي مقاوم للبرد ويمكن زراعته في المناطق الباردة والمعتدلة دون الحاجة للبيوت البلاستيكية.
صورة من: DW/C. Borrmann
زهور جميلة وملونة على متن السفينة
زيادة حب الناس وتوقهم للتنوع النباتي هو أحد أهداف المؤسسة المشرفة على "سفينة نوح"، وأحد أساليبها من أجل ذلك هو تحضير وجبات منتوعة ولذيذة في مطبخ السفينة وتقديمها للزوار. والزهور والنباتات الملونة الجميلة يمكن أن تشجع الناس وتدفعهم إلى إعادة النظر بعلاقتهم مع النباتات والتفكير أكثر بالتنوع النباتي وضرورة حمايته.
صورة من: DW
البطاطس تحتل مكان غيره
لقرون طويلة كانت المحاصيل الزراعية محلية وانتشرت وانتقلت إلى مناطق أخرى ببطء شديد. فمثلا الشمندر السكري، وهو نبات جذري، كان مشهورا وذو شعبية كبيرة في أوروبا. لكن مع مرور الزمان أصبحت البطاطس منذ القرن السادس عشر المحصول الأكثر شعبية وشهرة في وسط أوروبا واحتلت مكان الشمندر السكري.
صورة من: DW/C. Borrmann
الحفاظ على الشكل والتركيب
مع تراجع نسبة المزارع والحقول الصغيرة، لا يسعى المشرفون على "سفينة نوح" إلى الحفاظ على الخضار والفواكه القديمة والنادرة وحمايتها من الانقراض فقط، وإنما يسعون إلى تنميتها وتطويرها أيضا. فمثلا هذا النوع من البنجر (الشمندر) يريد هؤلاء الحفاظ على شكله التقليدي في الوقت الذي يحاولون فيه تطوير مذاقه الحلو ليكون متوازنا وطبيعيا.
صورة من: DW/C. Borrmann
الوقاية من الأمراض
هذا النوع من نبات الحميض يعود أصله إلى جبال أوروبا وجنوب غرب آسيا، وتتم زراعته منذ العصر الروماني. هذا النبات غني بفيتامين "سي C". ويعتقد المشرفون على "سفينة نوح" أن وجود سلة كبيرة من الخضار والفواكه واختيار المناسب منها، يمكن أن يقي من الأمراض. الكاتب: DW/ ع.ج