ألمانيا.. لماذا تكون اللاجئة لقمة سائغة للعنف المنزلي؟
عادل الشروعات
٢٥ نوفمبر ٢٠٢٠
تعاني في ألمانيا مئات الآلاف من النساء من عنف أزواجهن أو شركاء حياتهن السابقين أو الحاليين. وتعتبر اللاجئات والمهاجرات أكثر عرضة للعنف المنزلي، بحسب مؤشرات دراسة حكومية. فما هي أسباب العنف ضد هذه الفئة من النساء؟
إعلان
"مطالبون جميعاً بالتدخل عندما يكون هناك تهديد بالعنف (ضد النساء) أو حتى عندما يحدث ذلك. كما يجب أن يعرف الجناة أنهم سيواجهون عقوبات، ويجب أن تعرف المتضررات أيضاً من أين يحصلن على الدعم". بهذه الكلمات دعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مواطنيها إلى عدم قبول العنف ضد النساء بمناسبة اليوم العامي للقضاء على العنف ضد المرأة الذي يوافق الـ25 من نوفمبر/ تشرين الثاني.
ويشكل العنف المنزلي معضلة حقيقية في ألمانيا، كما ترى يوليا شيفر، رئيسة مكتب التنسيق الحكومي لمكافحة العنف المنزلي في وزارة العدل لولاية هيسن الألمانية. وتقول شيفر في مقابلة مع DW "كل يوم في ألمانيا يحاول رجل تصفية زوجته/ شريكته أو زوجته/ شريكته السابقة جسديا، فيما يٌسجل هذا النوع من الجرائم كل ثلاثة أيام". وتضيف المستشارة القانونية الألمانية "جريمة القتل لا تحدث بين عشية وضحاها، بل إنها غالبا ما تكون ذروة نهاية قصة طويلة من العنف المنزلي الذي يبدأ بالإهانات وممارسة الضغط الاقتصادي".
زيادة حالات العنف المنزلي
وأوردت إحصائيات من مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية، أن العنف المنزلي في ألمانيا ازداد خلال السنوات الأخيرة. وشهدت فترة العزل المنزلي بسبب كورونا ارتفاعاً ملحوظاً في عدد بلاغات العنف، حيث وصلت إلى زيادة قاربت 10 بالمائة في المدن، حسب تصريحات وزيرة الأسرة الألمانية فرانتسيسكا غيفي لموقع صحيفة "دي تسايت" الألمانية في نيسان/ أبريل الماضي.
أرقام مرعبة حول العنف ضد المرأة في ألمانيا
01:16
وسُجلت 141 ألف حالة عنف منزلي حسب دراسة لوزارة شؤون الأسرة وكبار السن والنساء والشباب الألمانية أجريت عام 2018. وتقدم هذه الدراسة التي تحمل عنوان "أمن وصحة المرأة وحالتها المعيشية في ألمانيا" مؤشرات على أن النساء اللاجئات والمهاجرات أكثر عرضة للعنف في العلاقات الزوجية من نظيراتهن دون خلفيات مهاجرة.
وأظهرت الدراسة أن كل سادس امرأة من أصول تركية سبق وأن تعرضت للعنف الجسدي والنفسي الشديد أو العنف الجنسي من طرف شريكها الحالي. نفس الأمر تعرضت له نسبة 9 في المئة من النساء المنحدرات من دول الاتحاد السوفييتي السابق، بينما جاءت هذه النسبة في حدود 5 في المائة عند النساء الألمانيات.
مراعاة سياق الهجرة وأعبائها
وأكد المشرفون على الدراسة أن نتائجها لم تٌبن أساسا على الأصل العرقي، وإنما تمت فيها مراعاة سياق الهجرة والأعباء المرتبطة بها، والتي تزيد من ارتفاع العنف النفسي. وهو ما تظهره قصة لاجئة سورية مع العنف المنزلي عرضتها صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية في عددها الصادر في الـ 25 من تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، تزامنا مع اليوم العالمي للعنف ضد المرأة.
هذه اللاجئة وصلت إلى ألمانيا في خضم موجة اللجوء قبل خمس سنوات هاربة من جحيم الحرب في بلادها، لتجد نفسها بعد ذلك مضطرة للهرب مرة أخرى، لكن هذه المرة من جحيم زوجها.
مشاكلهما بدأت، كما تقول، عند انتقالهما إلى شقتهما بعد فترة طويلة من العيش في مراكز إيواء اللاجئين. هنا "تغير الزوج، وكأنه خلع قناعا كان يرتديه" تضيف اللاجئة السورية، مؤكدة توالي الشجارات بينهما، والتي بدأت بالإهانات اللفظية قبل أن تتطور للعنف الجسدي والاغتصاب الزوجي.
أسباب تعرض اللاجئات للعنف
وهناك بعض العوامل الأساسية التي تفسر تعرض المهاجرات للعنف بشكل أكبر مقارنة بغيرهن. ويمكن إجمال هذه العوامل في وضعيتهن الاجتماعية الصعبة ونقص التعليم وضعف اندماجهن المهني، بالإضافة إلى قلة مواردهن الاقتصادية.
ونظرا لاعتماد المهاجرات على أزواجهن بشكل كامل كما توضح هذه الأسباب وأيضا بسبب ضعف المهارات اللغوية لديهن، يصعب عليهن تحرير أنفسهن من العلاقات العنيفة. وهذا ما يزيد من ارتفاع حالات العنف وتكرارها، كما يزيد من ظهور حالات العنف الحاد.
ويشار إلى أن ألمانيا وضعت خطة عام 2018 لاستثمار 35 مليون يورو في برنامج عمل لمواجهة العنف ضد النساء. وذلك بإقامة المزيد من مراكز تقديم الاستشارة لضحايا العنف من النساء وتشييد المزيد من المراكز لإيواء النساء المتضررات.
في يوم مناهضة العنف ضد المرأة.. احتجاجات حول العالم
منذ أكثر من خمسين عام يتم إحياء اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، في الخامس والعشرين من شهر نوفمبر. في هذا العام ومثل كل عام هناك احتجاجات ونشاطات عديدة بهذه المناسبة حول العالم.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/D. Ochoa
ثلاث من آلاف النساء
في كويتو، عاصمة الإكوادور، نظم اتحاد لمنظمات نسائية مظاهرة احتجاجية للمطالبة بإنهاء العنف ضد المرأة. وهؤلاء في الصورة هن ثلاث نساء شاركن في المظاهرة مع آلاف من زملائهن وصديقاتهن من الناشطات النسويات.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/D. Ochoa
66 جريمة قتل ضد النساء
دعت منظمات نسائية خلال مظاهرة في عاصمة جمهورية الدومنيكان، سانتو دومينغو، إلى بداية جديدة وإنهاء العنف والقتل ضد النساء. وقبل مدة قصيرة نشرت النيابة العامة في جمهورية الدومينكان إحصائيات عن جرائم قتل النساء تشير إلى تراجعها، لكن رغم ذلك لا تزال مرتفعة إذ وصل عدد جرائم قتل النساء خلال العام الحالي 2019 إلى 66 جريمة قتل.
صورة من: Getty Images/AFP/E. Santelices
مظاهرة مسائية في عواتيمالا
"571" .. رقم تمت كتابته من قبل ناشطات نسويات بالشموع في إحدى ساحات غواتيمالا العاصمة مساء يوم الأحد 24 تشرين الثاني/ نوفمبر. وهذا الرقم يشير إلى إحصائية حزينة، هي عدد جرائم القتل ضد النساء في غواتيمالا خلال عام 2019، حسب منظمات نسائية.
صورة من: Getty Images/AFP/O. Estrada
إجراءات جديدة للحد من جرائم القتل
نظمت ناشطات نسويات في مدينة تولوز الفرنسية يوم السبت (23 تشرين الثاني/ نوفمبر) مظاهرة مناهضة للقتل والعنف ضد المرأة في فرنسا. فخلال عام تعرض ما لا يقل عن 130 امرأة في فرنسا للقتل من قبل شريك حياتها الحالي أو السابق. ويرى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن ذلك "عار لفرنسا". وقد أعلنت الحكومة الفرنسية عن اتخاذ إجراءات للحد من تلك الجرائم، من بينها توسيع مراكز إيواء النساء.
صورة من: picture-alliance/NurPhoto/A. Pitton
أحذية حمراء
في العاصمة البلجيكية، بروكسل، شارك 10 آلاف شخص في مظاهرة احتجاجية ووضعوا أحذية حمراء في الشارع. "الأحذية الحمراء تشير إلى النساء اللواتي قتلن من قبل رجل" تقول جولي وترز من منظمة ميرابال المدافعة عن حقوق المرأة. وأشارت إلى وجود نحو 100 جريمة قتل للنساء في بلجيكا خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ولكن يعتقد أن الرقم أعلى من ذلك بكثير.
صورة من: AFP/K. Tribouillard
خط أحمر ضد العنف
اللون الأحمر رمز ضد العنف في مدينة جنوه الإيطالية أيضا. فخلال مباراة فريقي جنوه وأودينزي في إطار الدوري الإيطالي لكرة القدم، رسم اللاعبون وأطفالهم خطا أحمر على خدهم، في إشارة إلى مناهضة العنف المنزلي ضد المرأة.
صورة من: Getty Images/P. Rattini
مهرجان في موسكو
للمرة الثالثة جرى الاحتفال في موسكو بمهرجان "فمفست" في الليلة التي تسبق اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة. وفي المهرجان الذي أقيم في صالة كبيرة كانت تابعة لمؤسسة البريد، كانت كل الأنشطة تدور حول النسوية والمساواة بين الجنسين وحرية الانتخاب.
صورة من: DW/E. Barysheva
مسيرة صامتة في إسبانيا
نظمت ناشطات نسويات مسيرة ليلية صامتة في مدينة ملقا، مساء يوم الأحد (24 تشرين الثاني/ نوفمبر). وحملت النساء المشاركات في المسيرة، صور نساء إسبانيات قتلهن شركاء حياتهن في السنوات الأحيرة.
صورة من: picture-alliance / ZUMAPRESS.com/SOPA Images/J. Merida
"أرقام مفزعة" في ألمانيا
في ألمانيا وحسب إحصائيات الدوائر الأمنية، قتلت 122 امرأة من قبل شريك حياتها الحالي أو السابق، خلال عام 2018. وبلغ عدد النساء من ضحايا العنف المنزلي أو التهديد 114755 امرأة. لكن إحصائيات غير رسمية تشير إلى أن نحو ثلث النساء تعرضن لأحد اشكال العنف خلال حياتهن. وعلقت على تلك الأرقام وزيرة الأسرة الألمانية، فرانسيسكا غيفي، بأنها "أرقام مفزعة".
صورة من: picturealliance/dpa/B. von Jutrczenka
"الرجال الحقيقيون لا يغتصبون"!
بعد اغتصاب وقتل الطالبة أوينه مروتيانا، بمدينة كاب في جنوب أفريقيا، تعالت الأصوات التي تطالب بإنهاء العنف ضد المرأة وجرى تنظيم مظاهرات احتجاجية في شهر أيلول/ سبتمبر الماضي بمدن عديدة في جنوب أفريقيا والعاصمة جوهانسبورغ، رفعت إحدى النساء (في الصورة) لافتة كتبت عليها "الرجال الحقيقيون لا يغتصبون"!
صورة من: Getty Images/AFP/G. Sartorio
مدافع بارز عن حقوق المرأة في باكستان
في باكستان النظام الأبوي متجذر في المجتمع، وينظر إلى الناشطات النسوية بدونية من قبل الرجال، وحتى الليبراليون منهم يصفون مطالب الناشطات بأنها "مبتذلة". لكن أحد أبرز النشطاء المدافعين عن حقوق المرأة في باكستان هو رجل اسمه نعيم ميرزا، الذي قال في حوار مع DW "لا يزال هناك الكثير الذي يجب فعله". لكن رغم صعوبة الوضع في باكستان، يزداد عدد الناشطات النسويات ويتعالى صوت النساء المطالبات بحقوقهن.