ألمانيا.. ما أهم بنود "قانون العودة المنظمة" المثير للجدل؟
٢١ أبريل ٢٠١٩
يثير "قانون العودة المنظمة"، الذي أعده وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر ووافق عليه مجلس الوزراء الاتحادي، جدلاً واسعاً. فما هي أهم بنود هذا القانون؟
إعلان
رغم انتقادات واسعة من قبل منظمات حقوقية وأحزاب سياسية، ومنها الحزب الاشتراكي، الشريك في الائتلاف الحكومي في ألمانيا، فقد وافق مجلس الوزراء الاتحادي اليوم الأربعاء (17 أبريل/نيسان) قانوناً جديداً أعده وزير الداخلية الاتحادي هورست زيهوفر والذي يحمل اسم "قانون العودة المنظمة". وأكد زيهوفر أن فعالية القانون الجديد أكثر أربع مرات من فعالية قانون مشابه أقره البرلمان الألماني في عهد سلفه توماس دي ميزير عام 2017. وقال زيهوفر إن قانون دي ميزير "كان يطرح اسئلة أكثر مما يقدم إجابات". وأوضح زيهوفر والمعروف بانتهاج سياسة متشددة تجاه اللاجئين، أن هدف التعديلات التي أدخلت على قانون دي ميزير والتي ستقدم لمجلس النواب لإقراره هو زيادة أعداد عمليات الترحيل من خلال إزالة العراقيل أمام الاحتجاز على ذمة الترحيل والحبس الاحتياطي للاجئين.
يشار إلى أن السلطات الألمانية فشلت في العام الماضي في تنفيذ 31 ألف عملية ترحيل، وذلك لأسباب أهمها عدم قدرة السلطات المعنية الكشف بشكل يقيني عن هوية المطلوب ترحيلهم وعد توفر وثائق السفر المطلوبة.
أما أهم بنود هذا القانون الجديد:
نوع جديد من تصاريح الإقامة
ينص القانون على إنشاء نوع خاص من تصاريح الإقامة للأشخاص الذين "يتسببون بإعاقة الترحيل من خلال تزوير الهوية أو الجنسية أو تقديم بيانات خاطئة". ويحمل النوع الجديد اسم "تصريح تسامح لمجهولي الهوية".
وبحسب القانون فإن من لا يقوم بـ"جميع الإجراءات الممكنة" لإثبات هويته، كالحصول على جواز سفر أو بديل عنه، يكون معرضاً لعقوبات بدفع غرامات مالية، كما يتم حرمانه من حق العمل في ألمانيا وفرص الحصول على تدريب مهني. وكمثال على "الإجراءات الممكنة"، تذكر المسودة تقديم طلب الحصول على أوراق لدى سلطات البلد الأصلي في الوقت المناسب.
استخدام السجون العادية للترحيل
يعطي القانون الحق للسلطات باستخدام السجون العادية مؤقتاً لترحيل طالبي اللجوء المرفوضين والملزمين بمغادرة البلاد، وذلك عند عدم توفر الأماكن الكافية المخصصة للترحيل. وبحسب وزارة الداخلية فإن أماكن الترحيل الحالية في ألمانيا حالياً تبلغ حوالي 490 مكاناً.
ورغم أن القانون الجديد يلزم السلطات بفصل طالبي اللجوء عن المجرمين والسجناء الآخرين عند وضعهم في السجون العادية، إلا أن وزيرة العدل كاتارينا بارلي تنتقد هذا البند، مشيرة إلى ضرورة التفريق بين حجز طالبي اللجوء لترحيلهم وبين السجون الجنائية.
وبحسب صحيفة "هاندلسبلات" فإن وزارات العدل في معظم الولايات الألمانية، ماعدا بافاريا وساكسونيا، تعمل على إصدار قرار مشترك تعلن فيه ضرورة عدم تنفيذ هذا البند بشكله الحالي.
معاقبة الموظفين الذين يحذرون طالبي اللجوء من الترحيل
بحسب القانون الجديد فإن الموظفين الإداريين يكونون معرضين لعقوبات عندما يقومون بتحذير طالبي اللجوء من الترحيل عبر تقديم معلومات تتعلق بتواريخ وأماكن ترحيلهم.
ورغم أن زيهوفر يؤكد أن مساعدي اللاجئين والصحفيين غير مشمولين بهذا القرار، إلا أن نص القانون يشير إلى أن أي شخص، حتى وإن لم يكن موظفاً حكومياً، معرض لعقوبات في حالة "التحريض أو المساعدات في ارتكاب الجريمة الرئيسية".
تقليص المساعدات الاجتماعية للاجئين المعترف بهم في دول أخرى
بحسب القانون الجديد، ينبغي ألا يحصل الأشخاص الذين حصلوا على الحماية الدولية في بلد أوروبي آخر قبل المجيء إلى ألمانيا على إعانات اجتماعية في ألمانيا، وذلك إذا كانت الحماية الدولية التي حصلوا عليها في البلد الآخر مستمرة.
ويشير القانون إلى أن "الأجانب المحتاجين للمساعدة" ينبغي أن يحصلوا على إعانات محدودة
وتنتقد منظمة بروأزول، المعنية بالدفاع عن حقوق المهاجرين، هذا البند، مشيرة إلى أنه حتى في حالات تقديم الطعون على قرارات التسليم إلى دول أوروبية أخرى، فإن من حق اللاجئين الحصول على المساعدات الاجتماعية.
قانون آخر يقدم تسهيلات للاجئين
لكن وإلى جانب الموافقة على "قانون العودة المنظمة" المقدم من وزارة الداخلية، فقد وافقت الحكومة الألمانية على قانون آخر قدمته وزارة العمل يقدّم المزيد من التسهيلات للاجئين وطالبي اللجوء من أجل تعلم اللغة الألمانية والاندماج في سوق العمل الألماني، ومن أهم بنود هذا القانون:
توسيع فئات المشمولين بدورات الاندماج
حتى الآن فإن طالبي اللجوء الذين لديهم "إمكانية جيدة للبقاء في ألمانيا" فقط هم من يحق لهم الالتحاق بدورات الاندماج، وهؤلاء هم القادمون من سوريا والعراق وإيران وإريتريا والصومال. لكن القانون الجديد، الذي مازال بحاجة لموافقة البرلمان، يريد تغيير ذلك بمنح اللاجئين القادمين من دول أخرى أيضاً إمكانية الالتحاق بدورات الاندماج، طالما مرّ على وجودهم في ألمانيا تسعة أشهر وكانوا مسجلين لدى وكالة العمل الاتحادية كـ"باحثين عن العمل".
أما بالنسبة للأشخاص الحاصلين على ترخيص إقامة مؤقت لمنع الترحيل "دولدونغ"، والذين لا يستطيع غالبهم الالتحاق بدورات الاندماج الآن، ينص القانون الجديد على منحهم إمكانية التسجيل في دورات الاندماج بعد مرور ستة أشهر من حصولهم على هذا النوع من تصاريح الإقامة المؤقتة، وحتى الذين مازالوا يعيشون في "مراكز الإرساء" منهم.
تسهيلات تتعلق بعمل الأجانب ومنهم اللاجئون
في ألمانيا تسري حتى الآن قوانين تضع العديد من الشروط أمام الأجانب الراغبين بالعمل، منها نوع ومدة إقامتهم في ألمانيا، وهذا ما يريد هذا القانون تغييره، حيث ينص على تقديم المزيد من التسهيلات في هذا الجانب.
اللاجئون في ألمانيا - من "ثقافة الترحيب" إلى "سياسة الترحيل"
في خريف عام 2015، فتحت ألمانيا أبوابها للآلاف من اللاجئين. وكان تفهم الألمان لمآسي هؤلاء ملفتا جداً. إلا أن أحداثاً عديدة قلبت ثقافة الترحيب إلى مطالب بالترحيل. بالصور: محطات من السياسة الألمانية تجاه اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Fischer
بداية الموجة
في 25 آب/ أغسطس 2015، علقت ألمانيا تنفيذ اتفاق دبلن تجاه اللاجئين السوريين. وينص الاتفاق على إعادة اللاجئين إلى بلد دخلوه في الاتحاد الأوروبي. وبعدها بأيام قالت المستشارة ميركل إن التغلب على موجة اللجوء؛ "مهمة وطنية كبيرة"، كما أصرت على أن "ألمانيا ستنجح في هذه المهمة". وخشيةً من مأساة تحل بآلاف اللاجئين، قررت ميركل إلى جانب النمسا استقبال اللاجئين، وكان ذلك في الخامس من أيلول/ سبتمبر 2015.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
استقبال وترحيب
مثلت ""ثقافة الترحيب" عنصراً مهماً في استقبال اللاجئين في خريف 2015. وقد حظي اللاجئون عند وصولهم إلى عدد من المدن الألمانية بترحيب منقطع النظير من جانب المتطوعين من المواطنين الألمان والأجانب المقيمين في ألمانيا. وبادر هؤلاء المتطوعون إلى تقديم المساعدة المعنوية والمادية للعديد منهم. ففي ميونيخ مثلاً، تم إنشاء مطاعم مؤقتة للاجئين المنتظرين تسجيل أسماءهم لدى الشرطة، ونقلهم إلى مراكز الإيواء.
صورة من: picture alliance/dpa/J. Carstensen
أزمة السكن
عدد كبير من اللاجئين قصد ألمانيا بعد قرار ميركل عام 2015. الأرقام المتزايدة للاجئين شكلت تحديا كبيراً للألمان. وبدأت مدن ألمانية باستعمال المباني الخالية أو المهجورة كمراكز إيواء للاجئين، فيما استدعت السلطات الحكومية المختصة الموظفين المتقاعدين للعمل من جديد في مراكز اللاجئين. ويعتبر هذا المعطى واحداً من المؤشرات الأخرى التي فرضت على ألمانيا دخول تحدٍ جديدٍ، بسبب اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Fassbender
بداية أحداث قلبت الموازين
كانت أحداث كولونيا، التي وقعت في ليلة رأس السنة الجديدة 2016/2015 بداية فاصلة لتغير مزاج الألمان تجاه اللاجئين. حيث شهدت تلك الليلة عملية تحرش جماعي كبرى لم تشهدها ألمانيا من قبل. تلقت الشرطة مئات البلاغات من نساء تعرضن للتحرش والسرقة وفتحت الشرطة أكثر من 1500 تحقيق لكن السلطات لم تنجح في التعرف إلا على عدد قليل من المشتبه بهم، الذين كانت ملامحهم شرق أوسطية وشمال إفريقية، طبقا لشهود.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Böhm
مطالب بالترحيل
أعمال التحرش الجنسي في كولونيا، ليلة رأس السنة، تسببت في موجة استياء واسعة في ألمانيا بداية من عام 2016، وقد دفعت كثيرين للمطالبة بتشديد القوانين لترحيل الجناة وجعلت آخرين يطالبون بتفادي تجريم فئة معينة في المجتمع. وكانت حركة "بغيدا" أهم الأطراف، التي دعت إلى وقف تدفق اللاجئين على ألمانيا. وتعارض هذه الحركة الشعبوية بوجه خاص إيواء لاجئين من دول إسلامية بدعوى أن ثقافتهم لا تنسجم مع القيم الغربية.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
تحديد سقف لعدد اللاجئين
على خلفية اعتداءات كولونيا ليلة رأس السنة، وجد زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي المحافظ آنذاك هورست زيهوفر في الواقعة فرصة للتأكيد على طلبه الرئيسي المتمثل في تحديد سقف أعلى لعدد اللاجئين المسموح لهم بدخول ألمانيا. لكن ميركل كانت قد رفضت الأمر في مؤتمر حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" (البافاري) في ميونيخ.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
هجمات متفرقة ينفذها لاجئون
وقام بعض اللاجئين بأعمال عنف و"إرهاب" جعلت مؤيدين كُثراً يسحبون دعمهم لسياسة الترحيب. ومن أبرز هذه الاعتداءات، ما حصل بمدينة أنسباخ جنوبي ألمانيا. فقد فجَّر طالب لجوء سوري عبوة ناسفة من صنعه وهو ما أدى إلى مقتله وإصابة 12 شخصاً. كما أصاب طالب لجوء آخر (2016) خمسة أشخاص بجروح بفأس وسكين على متن قطار في فورتسبورغ.
صورة من: Reuters/M. Rehle
هجمات معادية للاجئين
وفي المقابل قام أشخاص بالاعتداء على مجموعة من مراكز إيواء اللاجئين مثل إضرام الحريق في مركز فيرتهايم. كما شهدت بعض المدن الألمانية مظاهرات معادية لاستقبالهم. هذه التصرفات دفعت المستشارة ميركل للقول إنه لا تسامح مع اليمينيين المتطرفين الذين يقومون بهجمات ضد اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Engmann
عملية دهس وراءها داعش!
في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2016 اهتزت برلين لفاجعة الدهس بشاحنة، التي أدت لمقتل 12 شخصاً وإصابة 48 آخرين. هذا العمل الإرهابي قام به لاجئ في ألمانيا، فقد وُجهت التهمة لأنيس العامري، وهو تونسي الجنسية، كان يبلغ حينها 24 عاماً، باختطاف شاحنة بولندية ضخمة، ودهس بها تجمعاً بشرياً بأحد أسواق أعياد الميلاد في قلب برلين، قبل أن تقتله الشرطة الإيطالية. وقد أعلنت "داعش" فيما بعد تبنيها للاعتداء.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
سياسة ميركل في مرمى الانتقادات
تصاعد الأزمات، وتفاقم المشاكل جعل شعبية المستشارة ميركل تقل، فقد اتهمها منتقدوها بأن سياسة "الباب المفتوح" التي اتبعتها فاقمت الأوضاع من خلال تشجيع المزيد من اللاجئين على الدخول في رحلاتهم الخطرة نحو أوروبا. وفي سبتمبر 2016 بدأت ألمانيا أيضا بعمليات مراقبة مؤقتة على حدودها مع النمسا.
صورة من: Getty Images/J. Simon
هل ستستقبل ألمانيا لاجئين جدد؟
أعلنت المفوضية الأوروبية لشؤون اللاجئين موافقة الحكومة الألمانية على استقبال 10 آلاف لاجئ ضمن برنامج "إعادة التوطين" التابع للاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي يحاول وزير الداخلية الألمانية الإسراع بفتح مراكز جديدة للاجئين تتولى استقبال اللاجئ والبت في قراره ثم ترحيله في حالة رفض طلبه. بالإضافة إلى توجهه نحو التشدد حيال لمّ شمل عائلات اللاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية. إعداد: مريم مرغيش