ألمانيا - ما سبب إلغاء حسابات بنكية مع اليمن واليمنيين؟
١٢ مارس ٢٠١٧نشر موقعنا في شهر شباط/ فبراير الماضي تقريرا حول إلغاء عقود الحسابات البنكية مع يمنيين مقيمين في ألمانيا، يشمل طلابا جامعين ودبلوماسيين ورجال أعمال. وجاء إلغاء عقود الحسابات خاصة من قبل بنكي دويتشه بنك وكوميرتس بنك. وكان كوميرتس بنك قد أعلن في رسالة توضيحية، حصلت DW على نسخة منها، أن الإلغاء لا يشمل الأفراد فقط، بل أيضا عقود التعامل البنكي مع الدولة اليمنية.
وقد جاء في رسالة التوضيح المؤرخة في 17 شباط/ فبراير والموجهة إلى السفير اليمني في برلين يحي محمد عبد الله الشعيبي: "بسبب تغيير سياسة التعامل التجاري، فإننا لن ننشط في أي تعامل تجاري مع اليمن ولن نقوم بدعمه". وعن سؤال وجهته DW بهذا الشأن إلى بنك كوميرتس بنك ، رفض متحدث باسم البنك التعليق على القضية.
وتمثل هذه الخطوة مشكلة بالنسبة لأكثر من 2000 يمني يقيمون في ألمانيا، حيث يأملون في فتح حسابات بنكية في مصارف أخرى. وتساءل السفير الشعيبي في تصريح لـ DW عن السبب المحتمل الذي يكون قد دفع كوميرتس بنك لنهج مثل هذه الخطوة ضد اليمن، وقال: "هل يختلف الوضع في اليمن عن مثيله في سوريا أو العراق؟ حين يتحدث البنك عن وجود مشكلة، ينبغي أن نعلم ما هي المشكلة بالضبط. وحينها يمكن لحكومتي مناقشة الموضوع".
وحسب السفير الشعيبي لا توجد تحويلات بنكية بين اليمن وسفارته في برلين. ولهذا فقد فاجأه القرار بشكل أكبر. كما أضاف أن "المبالغ المحولة إلى السفارة من وزارة الخارجية ووزارة المالية تتم من خلال بنوك سعودية في الرياض".
منذ 20 عاماً كان هناك تعامل بنكي بين اليمن وبنك كوميرتس بنك، ولم تحدث أي مشاكل تذكر بين الطرفين، إلى حين وصول رسالة إلغاء التعامل البنكي في شهر تشرين الثاني/ أكتوبر الماضي. التعاقد البنكي بين أي مصرف في ألمانيا وطرف آخر يسمح للبنك بإمكانية إلغاء التعامل في أي وقت شاء ودون سابق إنذار أو ذكر السبب. وباستثناء ما يطلق عليه الحسابات الأساسية، فللبنوك الخاصة حق إغلاق أي حساب من دون ذكر السبب.
الحكومة الألمانية عن علم بذلك
المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية مارتين شيفر رد على سؤال ل DW قائلا إن الوزارة أشعرت بخطوة البنك تجاه حسابات اليمنيين المقيمين في ألمانيا، مضيفا أنه لا علم له عن الاسباب التي أدت الى تلك الإجراءات. وقد تحدثت أنباء من داخل أروقة وزارة الخارجية عن رغبة الوزارة في الوصول إلى حل للموضوع.
كما ذكر السفير الشعيبي أن وزارة الخارجية الألمانية على اتصال بالسفارة وأنها عرضت تقديم يد المساعدة، غير أنها لم تنهج حتى الآن خطوات ملموسة على خلفية مسؤوليتها تجاه السفارة.
وقد دفع إغلاق الحسابات بالسفارة لمواجهة العديد من المشاكل، منها عدم التمكن من دفع الرواتب، والإيجارات، وحتى فواتير الكهرباء، حسب السفير. وأضاف أن المشكلة تشمل أيضا عملية توزيع مبالغ المنح الدراسية للطلاب اليمنيين والتي يصل مستواها إلى 1,3 مليون دولار في كل ثلاثة أشهر.
وأضاف السفير "إنها مشكلة بالنسبة لنا، لكنها مشكلة أكبر بالنسبة للطلاب اليمنيين. "إذ يصعب علينا إيجاد بنك يمكننا فتح حساب فيه". عدا البنك الكويتي التركي في ألمانيا، والذي سمح بفتح حسابات، لكنه يملك ثلاثة فروع فقط في ألمانيا، فيما رفضت كل البنوك الأخرى فتح حسابات للطلاب والدبلوماسيين اليمنيين.
أحد الذين واجهتم المشكلة هو طالب الطب نوح السريا، الذي تم إلغاء عقد حسابه مع دويتشه بنك. ويقول السريا لـ DW: "إنها كانت صدمة" ، ويضيف الشاب البالغ من العمر 24 عاماً قائلا: "شعرت بوجود تمييز ضدي، وأنني في وضع المشتبه به. أريد الزواج هنا من صديقتي في ألمانيا، وربما البقاء هنا في ألمانيا بعد الانتهاء من دراستي . لكن إن استمر الوضع على ماهو عليه الآن، فلن أكون واثقا من إمكانية تحقيق خططي هنا".
وحسب عبد الحميد المحفدي رئيس جمعية الطلاب اليمنيين في ألمانيا، فقد وصلت رسائل إلغاء عقود حسابات لـ84 طالبا من دويتشه بنك، كوميرتس بنك وبوست بنك. وطالب المحفادي بتقديم توضيح من قبل هذه البنوك "في حال قيام أحد هؤلاء الطلاب بخطئ ما قد يؤدي إلى مثل هذه الخطوة".
لماذا اليمن بالذات؟
الموظف بدائرة حماية البيانات البنكية في فرانكفورت ميشائيل كايزر اعتبر أنه لم يصادف خلال حياته المهنية منذ 15 عاماً أمراً شبيها تجاه عملاء في بنوك من جنسية واحدة، كما حدث الآن مع اليمنيين.
ويوضح كايزر لـ DW أن هناك أسبابا عدة تدعو البنوك للقيام بمثل هذه الخطوات في حالات معينة، من بينها ضرورة معرفة البنوك لجنسية عملائها. وعلى هذا الأساس فهي ملزمة بفحص خلفيات حسابات الأشخاص ذوي الصفات السياسية، مثل الدبلوماسيين، وهو أمر يكلف الكثير من الوقت والجهد.
ثم إن كايزر يرى أنه من المحتمل أن تكون البنوك قد حصلت على معلومات حساسة حول اليمن. فاللجنة الدولية لمكافحة غسيل الأموال (FATF) وضعت اليمن على قائمة عشر دول الأكثر خطورة في عمليات غسيل الأموال. ويوضح كايزر أن تبادل المعلومات بين البنوك عمل مشروع، خاصة فيما يتعلق بمكافحة تمويل الإرهاب، مضيفا أن تبادل المعلومات حول الدول أمر مشروع، لكنه ممنوع عندما يتعلق الأمر بالأفراد. وأوضح المكلف بحماية البيانات ميشائيل كايزر أن إغلاق الحسابات قد يشكل انتهاكاً لقوانين مكافحة الاحتكار في ألمانيا، وقد يعتبر تمييزا ضد أشخاص من جنسيات معينة.
لكن الدائرة الاتحادية لمكافحة الاحتكار أوضحت من جهتها أنها " لم تحصل على تبليغ بهذا الشأن".
بعد إغلاق حسابه في دويتشه بنك قام الطالب نوح السريا بفتح حساب في مصرف بوست بنك، لكنه مازال قلقاً لأن بوست بنك هو أحد البنوك المملوكة لدويتشه بنك. وما يثير قلقه بشكل أكبر هو الخوف من العودة إلى بلاده التي تعيش حربا أهلية. فخلال 5 أعوام قضاها في ألمانيا، لقي ثلاثة من أقربائه مصرعهم هناك، ويقول: "أنا قلق بالذات، لأنني عبرت عن طريق الفيسبوك عن مناهضتي للحرب. وإن عدت إلى اليمن، فقد تمسك بي إحدى المليشيات أو الجماعات الإرهابية. كما إني خائف من أن يحدث مكروه لأسرتي".
بنيامين ياتكه/ ع.خ