ألمانيا - طريق اللاجئات الدراسي والمهني مليء بالمصاعب
٢٩ أبريل ٢٠١٨
يزداد عدد اللاجئين المقبلين على التدريب المهني وتعلم مهنة جديدة أو الدراسة في جامعات ألمانيا، لكن عدد الإناث لا يزال قليلا جدا مقارنة بالذكور، فما هي الأسباب والعوامل التي تعقيق تعلم المرأة لمهنة أو الدراسة في الجامعة؟
إعلان
نشرت صحيفة "دي تسايت" الألمانية تقريرا في عددها الصادر في العاشر من نيسان/ أبريل 2018، أشارت فيه إلى تزايد عدد اللاجئين الذين التحقوا بدورات التدريب المهني في مختلف المجالات والمهن. واستندت الصحيفة في تقريرها إلى دراسة حديثة للوكالة الاتحادية للعمل في ألمانيا، أشارت إلى أنه وحتى نهاية شهر أيلول/ سبتمبر الماضي وصل عدد اللاجئين الذين أنهوا تدريبهم المهني إلى 27648 لاجئا، في حين كان عددهم قبل عام 15400، وأغلب هؤلاء اللاجئين سوريون وأفغان. فيما شهدت الجامعات الألمانية إقبالا ضعيفا للإناث بنسبة 25 بالمائة فقط من إجمالي عدد اللاجئين الذين التحقوا بالجامعات.
فرصة تدريب مهنى دون عناء
اللاجئ السوري أمير وزير (25 عاما) واحد من الذين نجحوا في الحصول على فرصة للتدريب المهني وتعلم مهنة الحلاقة. قطع أمير دراسته بجامعة حلب في سنته الدراسية الثانية، ولجأ إلى ألمانيا عام 2015 حيث استقر في مدينة زالتسغيتر بولاية ساكسونيا السفلى. وفور استقراره بدأ بالبحث عن السبل التي تمكنه من الاندماج في المجتمع الجديد وبدء حياة جديدة في ألمانيا، إذ دأب على ممارسة النشاطات والرحلات الجماعية والالتحاق بدورات اللغة الألمانية.
لكن لماذا لم يلتحق أمير بالجامعة وفضَل تعلم مهنة جديدة أي الحلاقة التي لم يسبق له أن فكَر فيها؟ يجيب على ذلك في حواره مع مهاجر نيوز بقوله "أنا لم أتخلَ عن طموحي في الالتحاق بالجامعة، لكن أريد أن أعتمد على نفسي ماديا، كما أجد أنَ التدريب والعمل طريق سريع لاتقان اللغة".
وأوضح أمير أن مستواه اللغوي تحسَن كثيرا بعد التحاقه بالتدريب قبل 8 أشهر، لدرجة أن كثيرا من الألمان يظنون أنه ولد في ألمانيا، وهو ما يفتخر به كثيرا. كما أشار إلى أنه أخذ بنصيحة أصدقائه الألمان بتعلم مهنة جديدة، ولم يواجه أي صعوبة في إيجاد فرصة التدريب، ويقول "تحصَلت على القبول من أول طلب أرسلته".
وبحسب تصريح المدير التنفيذي لجمعية الحرفيين في غربي ألمانيا، أندرياس أومه، لوكالة الأنباء الألمانية، وظَف قطاع الحرف اليدوية عام 2017 في ولاية شمال الراين-ويستفاليا وحدها29282 متدربا، بزيادة قدرها 803 متدربا. وبحسب البيانات، فإنه من بين هؤلاء المتدربين تمَ إحصاء 1527 لاجئا، بزيادة قدرها ثلاثة أضعاف مقارنة بعام 2016.
نسبة قليلة من اللاجئات في الجامعات
ومثل هذه الزيادة في عدد الملتحقين بالتدريب المهني، شهدت الجامعات الألمانية أيضا زيادة في عدد الطلاب اللاجئين أيضا، وفق الأرقام التي نشرها مؤتمر عمداء الجامعات والمعاهد العليا في ألمانيا، حسب ما جاء في تقرير الصحيفة الألمانية "دي تسابت" بأن عدد الطلَاب اللاجئين الذين التحقوا بالجامعات والمعاهد العليا في ألمانيا في الفترة الممتدة ما بين الفصلين الشتويين الماضي والحالي قد تضاعف ثلاثة مرات ليصل إلى نحو 3 آلاف طالب. إلَا أن نسبة الإناث لا تتجاوز 25 بالمائة من مجموع المسجَلين الجدد، بالرغم من أن ثلث الجامعات والمعاهد العليا في ألمانيا تقدَم عروضاً خاصة للطالبات اللاجئات.
الأسرة والزواج عائق
وتعيد المرشدة الاجتماعية وأمينة منتدى الثقافة العربية في برلين، غنوة الحسن، سبب قلة عدد اللاجئات في الجامعات الألمانية إلى عدة عوامل من بينها "الصدمة الثقافية والخوف من الإقدام على أية خطوة جديدة بحياتهن، خاصة في حالة اللاجئات اللواتي يعشن لوعة فراق الأبوين، ومعروف جدا أنَ الذكور أقوى على التحدي من الإناث في مثل هذه الحالات". وتضيف الحسن في حوارها مع مهاجر نيوز، أن رسوب بعضهن في امتحان اللغة "يسبب لهن حالة من الإحباط النفسي وقلة الثقة بالنفس، وبالتالي العدول عن فكرة الالتحاق بالجامعة".
وحسب المرشدة الاجتماعية، فإن السبب الرئيسي يعود إلى "إقبال اللاجئات على الزواج بأسرع وقت بعد قدومهن إلى ألمانيا، ثمَ اختيارهن المكوث في البيت والتخلي عن الطموحات أو حصرها في خدمة الأسرة".
وفي هذا السياق تقول اللاجئة السورية أم ياسين (اسم مستعار) لمهاجر نيوز "تركت مقاعد الدراسة الجامعية في سوريا وسعيت لمواصلة المشوار في ألمانيا. إلاَ أنَ حملي مباشرة بعد الزواج جعلني أكتفي بمستوى B2 للغة الألمانية". وتضيف بأنها ستحاول التسجيل للدراسة في الجامعة عن بعد بالموازاة مع الاعتناء بمولودها الجديد وزوجها.
اللاجئون في ألمانيا - من "ثقافة الترحيب" إلى "سياسة الترحيل"
في خريف عام 2015، فتحت ألمانيا أبوابها للآلاف من اللاجئين. وكان تفهم الألمان لمآسي هؤلاء ملفتا جداً. إلا أن أحداثاً عديدة قلبت ثقافة الترحيب إلى مطالب بالترحيل. بالصور: محطات من السياسة الألمانية تجاه اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Fischer
بداية الموجة
في 25 آب/ أغسطس 2015، علقت ألمانيا تنفيذ اتفاق دبلن تجاه اللاجئين السوريين. وينص الاتفاق على إعادة اللاجئين إلى بلد دخلوه في الاتحاد الأوروبي. وبعدها بأيام قالت المستشارة ميركل إن التغلب على موجة اللجوء؛ "مهمة وطنية كبيرة"، كما أصرت على أن "ألمانيا ستنجح في هذه المهمة". وخشيةً من مأساة تحل بآلاف اللاجئين، قررت ميركل إلى جانب النمسا استقبال اللاجئين، وكان ذلك في الخامس من أيلول/ سبتمبر 2015.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
استقبال وترحيب
مثلت ""ثقافة الترحيب" عنصراً مهماً في استقبال اللاجئين في خريف 2015. وقد حظي اللاجئون عند وصولهم إلى عدد من المدن الألمانية بترحيب منقطع النظير من جانب المتطوعين من المواطنين الألمان والأجانب المقيمين في ألمانيا. وبادر هؤلاء المتطوعون إلى تقديم المساعدة المعنوية والمادية للعديد منهم. ففي ميونيخ مثلاً، تم إنشاء مطاعم مؤقتة للاجئين المنتظرين تسجيل أسماءهم لدى الشرطة، ونقلهم إلى مراكز الإيواء.
صورة من: picture alliance/dpa/J. Carstensen
أزمة السكن
عدد كبير من اللاجئين قصد ألمانيا بعد قرار ميركل عام 2015. الأرقام المتزايدة للاجئين شكلت تحديا كبيراً للألمان. وبدأت مدن ألمانية باستعمال المباني الخالية أو المهجورة كمراكز إيواء للاجئين، فيما استدعت السلطات الحكومية المختصة الموظفين المتقاعدين للعمل من جديد في مراكز اللاجئين. ويعتبر هذا المعطى واحداً من المؤشرات الأخرى التي فرضت على ألمانيا دخول تحدٍ جديدٍ، بسبب اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Fassbender
بداية أحداث قلبت الموازين
كانت أحداث كولونيا، التي وقعت في ليلة رأس السنة الجديدة 2016/2015 بداية فاصلة لتغير مزاج الألمان تجاه اللاجئين. حيث شهدت تلك الليلة عملية تحرش جماعي كبرى لم تشهدها ألمانيا من قبل. تلقت الشرطة مئات البلاغات من نساء تعرضن للتحرش والسرقة وفتحت الشرطة أكثر من 1500 تحقيق لكن السلطات لم تنجح في التعرف إلا على عدد قليل من المشتبه بهم، الذين كانت ملامحهم شرق أوسطية وشمال إفريقية، طبقا لشهود.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Böhm
مطالب بالترحيل
أعمال التحرش الجنسي في كولونيا، ليلة رأس السنة، تسببت في موجة استياء واسعة في ألمانيا بداية من عام 2016، وقد دفعت كثيرين للمطالبة بتشديد القوانين لترحيل الجناة وجعلت آخرين يطالبون بتفادي تجريم فئة معينة في المجتمع. وكانت حركة "بغيدا" أهم الأطراف، التي دعت إلى وقف تدفق اللاجئين على ألمانيا. وتعارض هذه الحركة الشعبوية بوجه خاص إيواء لاجئين من دول إسلامية بدعوى أن ثقافتهم لا تنسجم مع القيم الغربية.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
تحديد سقف لعدد اللاجئين
على خلفية اعتداءات كولونيا ليلة رأس السنة، وجد زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي المحافظ آنذاك هورست زيهوفر في الواقعة فرصة للتأكيد على طلبه الرئيسي المتمثل في تحديد سقف أعلى لعدد اللاجئين المسموح لهم بدخول ألمانيا. لكن ميركل كانت قد رفضت الأمر في مؤتمر حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" (البافاري) في ميونيخ.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
هجمات متفرقة ينفذها لاجئون
وقام بعض اللاجئين بأعمال عنف و"إرهاب" جعلت مؤيدين كُثراً يسحبون دعمهم لسياسة الترحيب. ومن أبرز هذه الاعتداءات، ما حصل بمدينة أنسباخ جنوبي ألمانيا. فقد فجَّر طالب لجوء سوري عبوة ناسفة من صنعه وهو ما أدى إلى مقتله وإصابة 12 شخصاً. كما أصاب طالب لجوء آخر (2016) خمسة أشخاص بجروح بفأس وسكين على متن قطار في فورتسبورغ.
صورة من: Reuters/M. Rehle
هجمات معادية للاجئين
وفي المقابل قام أشخاص بالاعتداء على مجموعة من مراكز إيواء اللاجئين مثل إضرام الحريق في مركز فيرتهايم. كما شهدت بعض المدن الألمانية مظاهرات معادية لاستقبالهم. هذه التصرفات دفعت المستشارة ميركل للقول إنه لا تسامح مع اليمينيين المتطرفين الذين يقومون بهجمات ضد اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Engmann
عملية دهس وراءها داعش!
في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2016 اهتزت برلين لفاجعة الدهس بشاحنة، التي أدت لمقتل 12 شخصاً وإصابة 48 آخرين. هذا العمل الإرهابي قام به لاجئ في ألمانيا، فقد وُجهت التهمة لأنيس العامري، وهو تونسي الجنسية، كان يبلغ حينها 24 عاماً، باختطاف شاحنة بولندية ضخمة، ودهس بها تجمعاً بشرياً بأحد أسواق أعياد الميلاد في قلب برلين، قبل أن تقتله الشرطة الإيطالية. وقد أعلنت "داعش" فيما بعد تبنيها للاعتداء.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
سياسة ميركل في مرمى الانتقادات
تصاعد الأزمات، وتفاقم المشاكل جعل شعبية المستشارة ميركل تقل، فقد اتهمها منتقدوها بأن سياسة "الباب المفتوح" التي اتبعتها فاقمت الأوضاع من خلال تشجيع المزيد من اللاجئين على الدخول في رحلاتهم الخطرة نحو أوروبا. وفي سبتمبر 2016 بدأت ألمانيا أيضا بعمليات مراقبة مؤقتة على حدودها مع النمسا.
صورة من: Getty Images/J. Simon
هل ستستقبل ألمانيا لاجئين جدد؟
أعلنت المفوضية الأوروبية لشؤون اللاجئين موافقة الحكومة الألمانية على استقبال 10 آلاف لاجئ ضمن برنامج "إعادة التوطين" التابع للاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي يحاول وزير الداخلية الألمانية الإسراع بفتح مراكز جديدة للاجئين تتولى استقبال اللاجئ والبت في قراره ثم ترحيله في حالة رفض طلبه. بالإضافة إلى توجهه نحو التشدد حيال لمّ شمل عائلات اللاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية. إعداد: مريم مرغيش