ألمانيا: مقابلات مع مهاجرين غير مسجلين.. إجراء مثير للقلق
١٤ أبريل ٢٠٢١ماريا جوجينموس تعمل لصالح منظمة كاريتاس في داخاو بإقليم بافاريا، أبلغت عن حالة سنغالي تم اصطحابه في منتصف الليل من قبل مجموعة من ضباط الشرطة من مركز الإقامة في بلدة صغيرة بالقرب من ميونيخ، حيث يوجد حوالي عشرين طالب لجوء معظمهم أفارقة.
تقول ماريا غوغينموس: "كان هناك سبعة رجال شرطة جاؤوا لاصطحاب شخص واحد. لأنهم لم يجدوه في غرفته، فتشوا جميع الغرف الأخرى، ويمكنك أن تتخيل الخوف من اتخاذ مثل هذا الإجراء". وحكى المهاجر للمتحدثة أنهم أخذوه إلى مركز الشرطة حيث انتظر خمس ساعات، ثم أخذوه لرؤية الوفد السنغالي في ميونيخ.
كان المهاجر السنغالي واحدًا من 274 شخصًا استدعتهم السلطات البافارية في أوائل مارس/آذار من أجل مقابلة "تحديد الهوية" مع الوفد السنغالي الرسمي، المكلف بمهمة تحديد هوية مواطنين محتملين في بافاريا، حيث تعيش الغالبية العظمى من طالبي اللجوء السنغاليين.
التحدي اليوم هو إصدار وثائق سفر للمهاجرين غير المسجلين الذين تم رفض طلبات لجوئهم في ألمانيا. وبالتالي فإن كل من يتم استدعاؤهم يمكن ترحيلهم ولكن يتم التسامح معهم لعدة سنوات والسماح ببقائهم على الأراضي الألمانية، لأنه من المستحيل ترحيلهم دون توفرهم على وثائق هوية.
الحضور الإجباري
الحضور في هذه المقابلات إلزامي، لأن مكتب الدولة للجوء والترحيل (LFAR)، وهي الهيئة العامة المسؤولة عن طلبات اللجوء والترحيل في بافاريا، تلزم كل فرد بالمشاركة في توضيح هويته. يمكن أيضًا العمل على تطبيق التزام الحضور هذا "ضد رغبة الشخص المعني".
هذا ما حدث للرجل الذي اقتادته الشرطة بالقوة، بعدما لم يحضر للاجتماع. وفقًا لماريا غوغينموس، كانت لديه أسباب وجيهة، لأنه أرسل شهادة طبية إلى السلطات. "لقد جاء لرؤيتي بعد أربعة أيام من المقابلة وكان مصدوماً. لم يكن يعرف ما كان يحدث له واعتقد أنه سيتم ترحيله مباشرة. منذ ذلك الحين، يخشى كل يوم من عودة الشرطة إلى البحث عنه لترحيله".
الغرض من مقابلات التعريف هذه، أولاً تحديد جنسية الشخص ومدتها تعتمد على "الردود ومستوى التعاون من الشخص المعني". وعما إذا كانت هذه العملية قانونية، ردت LFAR بأنها "إجراء تم ممارسته منذ سنوات وتم التحقق منه عدة مرات من قبل المحاكم، ولا شك في أنه إجراء قانوني".
استدعاء الآلاف كل عام
هذه المقابلات الشخصية تمارس في كل الولايات الألمانية، والسنغال ليست الدولة الوحيدة التي أرسلت وفودها. وفقًا للحكومة الألمانية، بين عامي 2019 و 2020، اجتاز مواطنون من غامبيا وغانا ونيجيريا وغينيا والسودان وتوغو ومصر وكوت ديفوار وحتى أوغندا هذا النوع من المقابلات. وغير دول القارة الأفريقية، أرسلت فيتنام وأفغانستان وفودًا أيضًا خلال هذه الفترة. إجمالاً، تمت دعوة ما يقرب من 3500 شخص غير موثق لهذه المقابلات في عام 2019. وانخفض هذا الرقم إلى ما يقرب من 500 شخص في عام 2020 بسبب قيود السفر المرتبطة بوباء كورونا.
وبحسب حزب "دي لينك" اليساري الألماني، خلال سؤال وُجه للحكومة في عام 2019، "تعرضت هذه المحادثات لانتقادات لسنوات لأن الإجراء لم يكن شفافًا. غالبًا ما تستغرق المحادثات بضع دقائق فقط، لكن لا يمكن للمعنيين خلالها أن يكونوا برفقة محام".
قصة آدما.. العائد للوطن
بالنسبة للسنغاليين، أجريت المقابلات بانتظام في بافاريا منذ عام 2017. في ذلك العام، كان آداما من بين أول من اجتازوا إحدى مقابلات التعريف هذه، وانتهي به المطاف بترحيله إلى السنغال بعد عام.
يتذكر أداما "استغرقت المقابلة حوالي عشر دقائق"، لم ينكر قط خلالها أنه سنغالي. "أخبرتني امرأة أن هناك الكثير من المشاريع والشركات والعمل في السنغال. أخبرتها أن هذا غير صحيح وسألتها لماذا إذن الكثير من السنغاليين في البلد ليس لديهم عمل".
بعد المقابلة ، لم يشعر آداما دينغ بقلق مفرط. عاش في ألمانيا لمدة سبع سنوات دون أوراق ودون تصريح بالعمل. "اعتقدت أنها مزحة، لو علمت بالترحيل، كنت سأذهب إلى إسبانيا أو إيطاليا أو فرنسا. بدلاً من ذلك، بقيت في ميونيخ واستمريت في تأليف الموسيقى مع فرقتي التي جابت كل أنحاء ألمانيا".
اليوم، في سن الخامسة والثلاثين، يعيش آداما في نيودور، وهي بلدة ساحلية في جنوب السنغال، ويمتهن وظيفة صغيرة كرسام ستسمح له بكسب لقمة العيش، ولا يفكر في العودة إلى ألمانيا إلا بطريقة رسمية.
موضوع حساس للغاية
هذا العام، خلال مقابلات أجريت في أوائل مارس/آذار في ميونيخ ، تم تحديد هوية 98 شخصًا على أنهم مواطنون سنغاليون، وفقًا لتقرير السلطات البافارية.
وقال مصدر من السفارة "هذه مسألة حساسة للغاية"، وأضاف أنه "كانت هناك ضجة كبيرة في السنغال حيث ذكرت الصحف المحلية أنه تم إرسال وفد إلى ألمانيا لترحيل السنغاليين. وبحسب المصدر فإن للعملية صورة سيئة لأن البعض يفسرها على أنها إهانة للسنغاليين.
في ألمانيا، يمثل تنسيقية المواطنين السنغاليين، إبراهيما تامبيدو ، رئيس FONSA ، صندوق التضامن للسنغاليين في ألمانيا. بالنسبة له "دولة السنغال تحاول حماية أبنائها بطريقة دبلوماسية".
يوضح إبراهيما أن الإجراء قد يثير مخاوف، إذ قال "ذهبت الشرطة لاصطحاب الكثير من الأشخاص مباشرة من منازلهم لأنهم لم يأتوا للمواعيد المحددة". "لكن علينا تفهم أولئك الأشخاص، فهم لم يتلقوا دعوات بسيطة. تلقوا دعوات من 12 إلى 13 صفحة، ومعظمهم لا يفهم اللغة الألمانية وهي لغة صعبة للغاية، وهناك نقص في المعلومات. كان عليهم أن يشرحوا لهم أنه ما من داع للخوف.
"طريقة الضغط"
من بين 274 شخصًا تم استدعاؤهم في ميونيخ، استجاب 171 فقط. تلقت أستريد شرايبر، الناشطة المؤيدة للمهاجرين في بافاريا والمشاركة في تأسيس جمعية Sama Chance، وهي جمعية توعية حول الهجرة غير النظامية في السنغال، رسائل عديدة من المهاجرين، يطلبون النصيحة بعد تلقي الاستدعاء، عبارة عن خمس عشرة صفحة مكتوبة بلغة إدارية ألمانية يصعب فك شفرتها.
توضح الناشطة الحقوقية أستريد شرايبر"المهاجرين غير النظاميين مهددون بالسجن أو غرامة قدرها 3000 يورو أو تخفيض المساعدة المالية إلى الحد الأدنى الصارم إذا لم يحضروا المقابلات، هذه الأمور تجعل بعضهم يفكر أنه من الأفضل المغادرة، وأنه قد حان الوقت لحزم الحقائبوالعودة عوض الذهاب إلى السجن، أو العيش اعتمادا على المساعدات الهزيلة شهريًا".
وتقول الناشطة أن البعض منهم يختارون الفرار نحو فرنسا وبلجيكا وإيطاليا والبرتغال أو أي مكان آخر في أوروبا، ويفكرون ربما في العودة إلى ألمانيا بعد سنوات. وقد أكدت عدة مصادر، بما في ذلك ممثل المجلس البافاري للاجئين، ظاهرة الرحيل السريع والمفاجئ للمهاجرين.
ماركو فولتر/ ترجمة: ماجدة بوعزة المصدر: مهاجر نيوز