ألمانيا... مهربون يخدعون عائلة إيرانية لاجئة ويشتتون شملها
٢ فبراير ٢٠٢٠
فرت عائلة مكونة من أربعة أفراد من إيران بعد تلقيها تهديدات بالقتل، لتقع في براثن مهربي بشر بلا ضمير. انتهى المطاف بالعائلة في ألمانيا وقد تفرق شملها ومئات الكيلومترات تفصل بين الأب وبقية أفراد أسرته.
إعلان
"كل ما تتمناه أمي هو التئام شملنا مع أبي من جديد. الجلوس سوياً على مائدة الطعام-نحن الأربعة- حلم بالنسبة لنا كعائلة". بهذه الكلمات لخصت لنا الفتاة مالا (اسم مستعار)، ذات الأربعة عشر ربيعاً، حالهم وهي تترجم كلام والدتها سلمى (اسم مستعار) إلى الإنكليزية، بينما كان أخاها نيلسون (اسم مستعار) الذي يبلغ من العمر عامين يلهو.
تتقاسم الفتاة مع أخيها ووالدتها غرفة في مركز الإرساء بمدينة بامبرغ، جنوب ألمانيا. لا طاولة طعام ولا أريكة. سخانة طعام صغيرة مخالفة للقانون، ولكن يجري غض الطرف عنها. ثلاثة أسرة حديدية متلاصقة تشكل سرير كبيراً. تتعلم مالا اللغة الألمانية في صف مخصص لذلك، بينما تحاول والدتها التعلم ذاتياً نظراً لعدم توفر خدمة رعاية الأطفال الصغار في المركز.
في براثن مهربي البشر
تنحدر العائلة من إيران. ولم يمضِ على وجودها في ألمانيا سوى ثلاثة أشهر. قبل أكثر من سنة فرت مالا مع زوج والدتها على خلفية خلاف عائلي. حيث هددت الزوجة السابقة لزوج سلمى بقتلها حالما عرفت أنها حامل منه. لم يكن أمام العائلة من خيار إلا الفرار إلى خارج البلاد. قطعت العائلة المسافة من إيران وحتى الحدود التركية مع اليونان سيراً على الأقدام.
لم يبقِ حائلاً بينهما وبين الاتحاد الأوروبي سوى نهر إيفروس. وعندها حدث ما لم يكن في الحسبان؛ إذ انقلب عليهم المهربون عديمو الضمير. وضع المهربون الألبان الأب في قارب وبقية أفراد العائلة في قارب آخر. "قال لنا المهربون إننا سنجتمع مع أبي بعد يومين ونذهب معاً إلى ألمانيا، بيد أن ذلك لم يحدث.
مكثنا في اليونان سنة واحدة وكان أبي في مكان آخر في نفس البلد، بيد أن المهربين أخبروا والدي بأننا في ألمانيا. أخذوا كل النقود التي كانت بحوزة أبي، والبالغة 33 ألف يورو. ونحن لم يكن في جيبنا سنتاً واحداً ولا مكان يأوينا. اضطرنا في النهاية لتقاسم حاوية مع عائلة أخرى"، تقول مالا وهي تروي قصتها بحزن. مكثت العائلة في اليونان بلا معيل وقضت أوقاتا صعبة قبل أن يأتي الفرج، حيث وافقت ألمانيا على استقبال العائلة.
الأمل رغم الرفض
وصلت الأم سلمى مع انبتها مالا وطفلها الصغير نيلسون إلى مدينة إيرفورت في ألمانيا. فصلت مالا عن أخيها وأمها لتزداد معاناة العائلة. قدرت السلطات أن عمر الفتاة أكثر من 18 عاماً. وأرسلت مالا إلى مركز استقبال يبعد 500 كيلومتراً إلى الجنوب، وعلى بعد 50 كيلومتراً عن والدها. "والدي عمره 53 عاماً وهو لا يستطيع ضم ابنه إلى حضنه، ولا رؤيته يمشي أو يلعب معه. القانون الذي يفرقنا ولا يجمع شملنا ليس قانوناً جيداً"، تقول مالا. فيما بعد سمح للوالد برؤية العائلة، بيد أن ذلك كان يكلفه معاناة وسفر لساعات طويلة.
رفض طلب لجوء والدها أدخل العائلة في المجهول. العودة إلى إيران تعني الموت، حيث حقوق المرأة محدودة هناك. تشير سلمى إلى ندبة في يدها بعد تعرضها للعنف من قبل زوجها السابق والد ابنتها مالا.
بعد ظهيرة شتوية باردة يغمر الظلام وعدم الراحة بيت العائلة الإيرانية اللاجئة، بيد أن الأمل بغد أفضل لا يزال يراود سلمى ومالا. "كل ما نريده من ألمانيا هو السماح لنا بالبقاء هنا ولم شملنا تحت سقف واحد والعمل والدراسة"، تختم سلمى حديثها لـ"مهاجر نيوز".
رحلة محفوفة بالمخاطر- تعقب آثار مهربي البشر في إفريقيا
عكف مراسلا DW يان فليب شولتس و أدريان كريش طوال أسابيع على جمع معلومات عن مهربي البشر من نيجيريا، وتعقبا آثارا تصل حتى إيطاليا واصطدما في مهمتهما بجدار من الصمت.
صورة من: DW/A. Kriesch/J.-P. Scholz
مهمة البحث انطلقت في مدينة بنين عاصمة ولاية إيدو النيجيرية. تقريبا كل شخص نتحدث معه هنا لديه أصدقاء أو أعضاء عائلة في أوروبا. فأكثر من ثُلاثة أرباع مجموع بائعات الهوى في إيطاليا ينحدرن من هذه المنطقة. الكثيرون لا يجدون آفاقا في بلدهم بسبب البطالة في صفوف الشباب.
صورة من: DW/A. Kriesch/J.-P. Scholz
الأخت بابيانا إيمناها تحاول منذ سنوات تحذير النساء الشابات من السفر إلى أوروبا. وقالت لنا "الكثير منهن يتم إغراؤهن بوعود كاذبة". فالعمل الموعود كمربية أطفال أو حلاقة ينكشف في عين المكان كأكذوبة. فجميع النساء الشابات تقريبا يكون مصيرهن شوارع البغاء.
صورة من: DW/A. Kriesch/J.-P. Scholz
بعد مفاوضات طويلة يوافق أحد مهربي البشر على التحدث إلينا. يسمي نفسه ستيف. ويقول إنه نجح في تهريب أكثر من مائة نيجيري إلى ليبيا، وهو يرفض تقديم معلومات عن الأشخاص الذين يقفون وراء هذه التجارة ـ ويعتبر أنه خادم بسيط. ويقول ستيف "الناس هنا في إيدو طماعين. من أجل حياة أفضل هم مستعدون لفعل كل شيء".
صورة من: DW/A. Kriesch/J.-P. Scholz
مقابل 600 يورو ينظم ستيف الرحلة من نيجيريا إلى إيطاليا. ويقول المهرب:"الغالبية تدرك خطر السفر عبر الصحراء". ومن حين لآخر تؤدي حوادث عطل إلى وفات بعض الأشخاص. "تلك هي المخاطرة"، يقول ستيف الذي يرافق المهاجرين حتى أغاديز في النيجر حيث يتولى شخص آخر المهمة.
صورة من: DW/A. Kriesch/J.-P. Scholz
مدينة أغاديز الصحراوية هي المحطة الأخطر في رحلة بحثنا. سكان هذه المنطقة يعيشون من تجارة البشر والمخدرات، ويتعرض أجانب من حين لآخر للاختطاف. لا يمكن لنا التحرك إلا تحت حراسة مسلحة، كما وجب علينا تغطية الرأس بزي تقليدي لتجنب لفت الأنظار.
صورة من: DW/A. Kriesch/J.-P. Scholz
ويعتبر سلطان أغاديز عمر إبراهيم عمر مثل العديد من الناس أنه لا يمكن القضاء على مشكلة تجارة البشر في عين المكان، وهو يطالب بأموال أكثر من المجتمع الدولي. وحجته في ذلك عندما يقول بأنه إذا أرادت أوروبا وقف تدفق المهاجرين عليها نحو البحر المتوسط، فوجب عليها دعم النيجر أكثر.
صورة من: DW/A. Kriesch/J.-P. Scholz
منذ شهور تنطلق كل يوم اثنين قبل غروب الشمس حافلات تقل مهاجرين من أغاديز في اتجاه الشمال. الفوضى في ليبيا أدت إلى تمكن المهربين من العبور دون مراقبة حتى البحر المتوسط. ونلاحظ بسرعة هنا أن السلطات في النيجر لا تكثرت لأنشطة المهربين.
صورة من: DW/A. Kriesch/J.-P. Scholz
الكثير من المهاجرات من نيجيريا يجدن أنفسهن في إيطاليا على قارعة الطريق للممارسة البغاء. الموظفة الاجتماعية ليزا بيرتيني تعمل مع بائعات هوى أجنبيات. وقالت لنا بيرتيني:"عددهن في ازدياد". وتكشف مصادر رسمية أن حوالي 1000 نيجيرية دخلن في عام 2014 إيطاليا. وفي 2015 تجاوز عددهن 4000 . وتلاحظ الموظفة الاجتماعية أن "عمر الفتيات يصغر".
صورة من: DW
بمساعدة زميل نيجيري تعقبنا أثر "سيدة" مفترضة. لقب "السيدة" تحصل عليه القوادات النيجيريات اللاتي يتربعن على قمة هرم شبكات تهريب. هذه الديوثة تعيش في إحدى ضواحي فلورينتسا. وتوجه إحدى الضحايا اتهامات قوية ضدها، وقالت "ضربتنا وأجبرتنا على ممارسة الدعارة".
صورة من: DW/A. Kriesch/J.-P. Scholz
وعندما واجهنا "السيدة" المفترضة بالاتهامات الموجهة إليها اعترفت بأنها تأوي ست شابات نيجيريات في منزلها. لكنها رفضت الاتهام بأنها تجبر البنات على الدعارة. وقررنا تقديم نتائج بحثنا إلى النيابة العامة الإيطالية.
صورة من: DW/A. Kriesch/J.-P. Scholz
الراهبة مونيكا أوشكفي تنتقد منذ مدة تقاعس السلطات الإيطالية. إنها تعتني منذ ثمان سنوات بضحايا تجارة البشر. وتحدثت في غضب عندما سألناها عن زبائن البنات. وقالت إن أولئك الرجال يبحثون دوما عن إشباع رخيص لغرائزهم: ممارسة الجنس مع فتاة نيجيرية تساوي 10 يوروهات فقط. وتقول بأنه بدون هؤلاء الصعاليك لما كانت المشكلة موجودة.