ألمانيا: نازيون يشنون حملة عنصرية بعد وفاة طفل سوري
٦ أغسطس ٢٠١٨
توفي طفل سوري في ولاية مكلنبورغ فوربومرن إثر حادث مروري، وبعد أيام رسم مجهولون رموزا نازية في مكان الحادث. السلطات تشك في وجود حملة عنصرية أطلقت من قبل النازية الجدد ضد المهاجرين بعدها. ووالد الطفل يروي معاناة العائلة.
إعلان
أصبحت مدينة شونبيرغ الصغيرة الواقعة شمال غرب ولاية مكلنبورغ فوربومرن مسرحا لحملات كراهية عنصرية ضد عائلة سورية لاجئة فقدت طفلها الصغير في حادث مروري مروع. ففي يوم الأربعاء (20 حزيران/يونيو 2018) كان الطفل الصغير مازن ( 9 أعوام) يقود دراجته على الطريق الجانبي المخصص للمشاة ولكنه تعثر وسقط في الشارع لتدهمه عربة تراكتور وتصيبه بإصابات خطيرة توفي على إثرها بعد عدة أيام في المستشفى، وذلك بحسب ما نشرت مجلة "دير شبيغل" الألمانية.
وبعد أسبوعين ونصف من الحادث بلغ أحد الشهود الشرطة بوجود رسم للصليب المعقوف النازي على مكان الحادث. وتم إزالة الرمز النازي الممنوع تداوله ورسمه في ألمانيا. وبعد ثلاثة أسابيع من ذلك رُسم الصليب المعقوف من جديد في نفس المكان وبنفس الحجم والألوان التي رسم بها سابقا في هذا المكان.
وهو ما جعل الشرطة تفتح تحقيقا في الموضوع حسب بيان صادر عنها، وبلغت الشرطة دائرة حماية أمن الدولة بالواقعة لتولي التحقيق في الموضوع وطلبت شهادات شهود العيان. وتشك الشرطة في وجود حملة عنصرية ضد المهاجرين وراء رسم هذه الرموز.
وقالت المتحدثة باسم الشرطة صوفي بافيلكه لصحيفة "شفيرينر تسايتونغ" الألمانية الصادرة في ولاية مكلنبورغ فوربومرن، إن الشرطة "تعتقد أن هناك علاقة بين وفاة الطفل الصغير ورسم الرموز". وذكر تقرير الشرطة أن الجناة في المرة الثانية "تركوا رسالة لا لبس فيها بجانب الصليب المعقوف النازي بعد أن رسموا "1:0" بجنبه".
من جانبه ذكر والد الضحية لؤي سرحان (40 عاما) لصحيفة "بيلد" الألمانية أن ابنه مازن كان يحلم في إنهاء دراسته الثانوية وأن يدخل الجامعة في ألمانيا. وقال إنه هرب من مدينة إدلب السورية إلى ألمانيا عام 2015. وذكر سرحان الذي يعمل حاليا سائقاً لسيارة شحن أن ابنه البكر خالد قدم أولا ليلتحق به بعدها، ثم جاءت زوجته عائشة (37 عاما) وأطفالهم الأربعة الآخرين، ومن ضمنهم الضحية مازن (9 أعوام).
وأضاف سرحان لصحيفة "بيلد" تعليقا على رسم الرموز النازية في مكان الحادث:" هذا يعني أنهم يكرهون اللاجئين" وتابع "وقف الناس بجانبنا وبكوا معنا إثر الحادث. ورسم أصدقاء مازن الألمان الورود والقلوب على مكان الحادث".
وتعد مدينة شونبيرغ منطقة خالية من المظاهر النازية، حسب لورنز كافيير وزير الداخلية في ولاية مكلنبورغ فوربومرن، إلا أن السلطات تتوقع أن الجناة قدموا من مناطق قريبة مثل منطقة غريفيسمولين التي كانت تعد قبل بضعة أعوام معقلا للمشهد اليميني المتطرف، وعلى بعد نحو 30 كلم عن شونبيرغ تقع قرية ياميل التي تعد أحد معاقل النازية الجدد في المنطقة، والتي يطلق عليها مجازا تسمية "قرية النازية"، حسب مجلة "دير شبيغل" الألمانية.
ز.أ.ب
مظاهر متعددة للتطرف في شرق ألمانيا
رغم أن اليمين المتطرف ظاهرة لا تقتصر على بلد معين، إلا أن الحكومة الألمانية أعربت مؤخرا عن قلقها من تنامي كراهية الأجانب ومعاداة الإسلام في الولايات الألمانية الشرقية. جولة مصورة في مظاهر التطرف اليميني بشرق ألمانيا.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Michael
أعربت الحكومة الألمانية عن قلقها إزاء تنامي كراهية الأجانب والتشدد اليميني في شرق ألمانيا، محذرة من أنهما يشكلان تهديدا على السلم الاجتماعي وينفر المستثمرين الأجانب. الإحصائيات الأخيرة تؤكد هذه المخاوف: ففي عام 2014 مثلا سجل 47 من الاعتداءات ذات الدوافع العنصرية في شرقي ألمانيا، على الرغم من عدد السكان فيها لا يشكل سوى 17 بالمائة من إجمالي سكان البلاد.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Balk
فمثلا، على الرغم من أن نشاط النازيين الجدد لا يقتصر على ألمانيا فحسب، بل سجل في عدد مناطق من العالم على غرار أمريكا والنرويج، إلا أن حزبهم "حزب ألمانيا القومي الديمقراطي" لم ينجح حتى الآن في الدخول إلى البرلمانات المحلية والمجالس المحلية إلا في شرقي ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Bimmer
شكلت مدينة دريسدن، بولاية سكسونيا شرقي ألمانيا، مهد ومعقل حركة "أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب" (بيغيدا) التي تتظاهر منذ أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2014 ضد الإسلام والمسلمين وتواجد الأجانب في ألمانيا. وقد بلغت هذه الاحتجاجات ذروتها مع تدفق سيل اللاجئين، وأغلبيتهم من سوريا، على ألمانيا العام الماضي.
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Stratenschulte
خلال احتجاجاتهم الليلية التي تنظمها حركة "أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب" (بيغيدا) لم يتوان اليمينيون المتطرفون عن التعبير عن رفضهم لقدوم اللاجئين إلى ألمانيا. في إحدى المظاهرات حمل أحدهم لافتة تصور أناسا في قطار – وذلك في إشارة إلى أن أغلبية اللاجئين قدموا إلى ألمانيا في القطارات انطلاقا من المجر والنمسا – وقد كتب عليها بالإنجليزية: "اللاجئون غير مرحب بهم، عودوا بعائلاتكم إلى أوطانكم".
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Schutt
اليمين المتطرف يرفضو أيضا التعددية الثقافية في إشارة إلى المهاجرين، الذين يعيشون في ألمانيا منذ عقود، ويعتبرونها دخيلة على الثقافة الألمانية. في الصورة أحد المتظاهرين في احتجاجات نظمتها حركة بيغيدا في مدينة دريسدن وهو يحمل لافتة كتب عليها "يجب وقف التعددية الثقافية. وطني (يجب) أن يبقى ألمانيّا".
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Burgi
كثيرا ما شهدت مدن شرق ألمانيا احتجاجات متكررة ضد اللاجئين وتنديدات بالمستشارة ميركل التي يتهمونها بفتح الأبواب على مصراعيها أمام "من هب ودب" دون أن تعير اهتماما لمخاوفهم ومشاكلهم. وفي الواقع، فقد شهد حزب المستشارة، الحزب الديمقراطي المسيحي، تراجعا في الانتخابات البرلمانية المحلية لعدد من الولايات الألمانية، وليس في شرق ألمانيا فقط.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Meyer
إضرام الحرائق في مآوي اللاجئين أو في البنايات المخصصة لإيواء اللاجئين أحداث - وإن لم تقتصر على ولايات شرق ألمانيا - تحسب على اليمين المتطرف وعلى كارهي الأجانب بصفة عامة واللاجئين بصفة خاصة. الصورة تظهر بناية خصصت لإيواء اللاجئين في بلدة باوتسن وهي تحترق. كما أظهرت التحقيقات فيما بعد أن الحريق كان بفعل إجرامي.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Löb
بعدما سمع اليمنيون المتطرفيو أن طائفة الأحمدية تريد أن تبني مسجدا بمنطقة نائية في إيرفورت بولاية تورينغن، شرقي ألمانيا، حتى سارعوا للاحتجاج رغم أن الأمر لم يتعد طور التخطيط. ورغم أن هذا المسجد الذي لايزال مجرد حبر على ورق هو الأول من نوعه في الولاية بأسرها والثالث في شرقي ألمانيا (باسثناء برلين)، إلا أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" الشعبوي يرى فيه مشروعا بعيد المدى لأسلمة ألمانيا.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Michael
الاحتجاج على بناء المساجد من قبل البعض في ألمانيا ليس بالأمر الجديد. بيد أن البعض استخدم وسائل أخرى للتعبير عن احتجاجه: ففي عام 2013 ومع انطلاق أشغال بناء أول مسجد في مدينة لايبتسغ وثاني مسجد على الإطلاق في شرق ألمانيا (باستثناء برلين) قام مجهولون بوضع رؤوس خنازير دامية على أرضية المبنى. حادث مماثل تكرر بعدها بثلاث سنوات عندما وضع مجهولون خنزيرا صغيرا ميتا أمام مسجد في المدينة ذاتها.
صورة من: picture-alliance/dpa
لأكثر من 10 سنوات ويمنيون متطرفون، ينشطون في إطار ما يسمي بالخلية النازية السرية انطلاقا من مدينة تسفيكاو بشرق ألمانيا، يقتلون أناسا في مختلف أنحاء ألمانيا. والمتهمون هم أوفه موندلوز، أوفه بونهارت (في الصورة – في الوسط) وبيآته تشيبه. ضحاياهم: ثمانية أتراك ويوناني وشرطية. دافعهم في ذلك هو كراهيتهم للأجانب. وإلى حدود عام 2011 كان الرأي العام يجهل هوية هؤلاء وأن القتلة هم من اليمينيين المتطرفين.