ألمانيا - هل يضمن تحول لاجئين إلى المسيحية حق اللجوء؟
١٢ مايو ٢٠١٧
رغم ما يحيط بذلك من مخاطر شخصية، يسعى مئات اللاجئين في ألمانيا إلى إعلان تحولهم عن الإسلام ودخول المسيحية. الهدف من ذلك هو أن العديد منهم يعتقدون أن تلك الخطوة قد تقوي من فرص حصولهم على حق اللجوء في ألمانيا.
إعلان
حتى الآن قام القس غوتفريد مارتنس بتعميد أكثر من 1.200 لاجيء. وبدأ هذا المسار بلاجئين إثنين من إيران عام 2008 في الدائرة الكنيسية التي يعمل بها. ومع مرور السنوات قدم عدد متزايد من اللاجئين معبرين عن رغبتهم في تغيير دينهم. حاليا حصلت الدائرة الكنسية التي ينشط فيها القس مارتنس في برلين على شهرة كبيرة، حيث يشارك مئات الناس في فعاليات القداس التي تُقام هناك باللغتين الألمانية والفارسية.
والأشخاص الذين تحولوا عن دينهم هم إيرانيون وأفغان، والعديد من هؤلاء "الجدد" سمعوا لأول مرة في ألمانيا عن الدين المسيحي. ويوضح القس أنه كان مجبرا على البحث عن كنيسة أخرى، لأن كنيسته لم تعد تتسع للأعداد المتزايدة من المصلين. وقال مارتنس: "كانت الذروة بعد إغلاق طريق البلقان". فعندما حدث ما يسمى بأزمة اللاجئين في مطلع عام 2016 بلغ عدد المشاركين في الدروس التحضيرية للتعميد 250 ، في حين كان عدد المشاركين في الدورات التحضيرة والتعليمية سابقا في مستوى 30 شخصا فقط.
شهادة التعميد بعد ثلاثة أشهر
كافة الأشخاص الذين عمدهم غوتفريد مارتنس هم لاجئون يتحدثون الفارسية أو بعض اللهجات الأخرى. ومايزال بعضهم ينتظر نتيجة طلبه على اللجوء، كما يتوفر آخرين على رخصة إقامة بشكل مؤقت فقط، وهناك منهم أيضا من رُفضت طلباتهم. فهم يقضون ثلاثة أشهر في مزاولة الدروس التحضيرية وبعدها يخضعون لاختبار يشرحون فيه شخصيا الأسباب التي دفعتهم إلى التحول عن دينهم. وقال مارتنس:"سبق وأن رفضنا نحو 300 شخص، ولكن تم تعميد آخرين، حيث إنهم حصلوا على وثيقة إثبات التعميد".
غالبية الذين اعتنقوا المسيحية وعددهم حوالي 1.300 شخص يعيشون في دور للاجئين. "إنهم يتحدثون لزملائهم، وهذا يعمل على تشجيع آخرين للقدوم إلينا". غوتفريد مارتنس يتحدث بسرور عن الاهتمام الكبير بدائرته الكنيسية، ويتحدث عن "نعمة اللاجئين" المتوافدين على الكنيسة.
الكنائس الألمانية تسجل حاليا زيادة في أعداد التعميد من بين اللاجئين، حيث انتقل العدد من نحو 17.000 عام 2014 إلى 178.408 عام 2015. وتُعد الكنيسة الفارسية-المسيحية في هامبورغ أحد العناوين التي يقصدها لاجئون من أصل إيراني وأفغاني. بمناسبة ذكرى يوم صعود يسوع قام القس ألبيرت بابيان في السنة الماضية بتعميد جماهيري مفتوح لثمانين لاجئ في فضاء حديقة المدينة.
تعميد مصحوب بمخاطر
ليس اعلان التحول علن الدين خاليا من المخاطر، لأن الأشخاص الذين يتحولون الى المسيحية يواجهون الكثير من المضايقات العدائية. ففي بلدانهم الأصلية إيران أو أفغانستان يكونون عرضة للتهديد والاضطهاد الديني، وفي بعض الحالات يواجهون عقوبة الإعدام. وتحدثت تقارير ألمانية عن حصول اعتداءات من حين لآخر في السنوات الأخيرة ضد أشخاص تحولوا عن دينهم. وقال القس مارتنس: "يقيم عندنا حاليا خمسة أشخاص تعرضوا للاعتداءات. أحدهم فقد بعض أسنانه، وآخر أصيب بجرح، وجب خياطته".
ويلجأ هؤلاء الأشخاص في بعض الأحيان إلى ضرورة الالتحاق بقداس الكنيسة في الخفاء، حيث يُخفون صليب التعميد عن العموم. ويؤكد القس مارتنس أن الاعتداءات ضد أشخاص تحولو عن دينهم ليست جديدة، وباتت "أمرا عاديا"، ويقف وراءها "مسلمون متطرفون من بلدان مختلفة".
التبشير والتعميد السريع
وتحدثت تقارير في وسائل الإعلام الألمانية عن وجود محاولات تبشيرية منتشرة بقوة داخل مأوي اللاجئين، حيث تُقدم لهم وعود بتحسين فرص البقاء في ألمانيا في حال التحول الى المسيحية. وقد نُظمت إجراءات تعميدية سريعة داخل بيوت الخواص من قبل بعض الطوائف، وركز مبشرون اهتمامهم على لاجئين أفغان مهددين بمغادرة ألمانيا. وذكر مكتب الهجرة واللجوء إن الرغبة في تبديل الدين هو من الأسباب التي يقدمها طالبوا اللجوء لتعليل سبب هربهم. وفي حال وجود خطر اضطهاد بسبب تغيير الدين، فإن طلب اللجوء يخضع لتدقيق أكبر، حتى يتأكد المقررون من مصداقية طالب اللجوء ومعرفة حقيقة قناعته وليس فقط من خلفية الرغبة في انتزاع حق اللجوء.
فرص أفضل للحصول على اللجوء
ويشرح القس مارتنس قائلا:"أوضح للاجئين بداية أن تبديل الدين والتعميد لا يزيدان من فرص الحصول على اللجوء، بل قد يساهمان في إضعافها". وقد حصل طالبو لجوء مسيحيون في الآونة الأخيرة على أجوبة سلبية من مكتب الهجرة واللاجئين. وأشار القس مارتنس إلى أن بعض الأشخاص الذين قام بتعميدهم سابقا أُبعدوا عن ألمانيا.
تدفق آلاف المهاجرين من شمال أفريقيا إلى أوروبا في شهر نيسان/ أبريل، كما وصل نحو 5 آلاف لاجئ إلى اليونان فقط منذ مطلع هذا العام بعد الاتفاق الأوروبي التركي. الدول الأوروبية تترقب وبعضها شرع بتقييد الحركة عبر الحدود.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Gebert
ليبيا .. محطة المهاجرين عبر المتوسط
في عطلة عيد الفصح الماضية (14 – 17 نيسان/ أبريل 2017) تمكنت سفن الإنقاذ من انتشال 8360 شخصا من وسط البحر الأبيض المتوسط، بعد أن ركب المهاجرون قوارب مطاطية وخشبية غير صالحة للإبحار لمسافات طويلة، وانطلقوا بها من ليبيا إلى القارة الأوروبية.
صورة من: Reuters/D. Zammit Lupi
"أسواق عبيد في ليبيا"
عانت ليبيا من حالة من الفوضى منذ سقوط القذافي في 2011، لتصبح النقطة الرئيسية لمغادرة المهاجرين على أمل الوصول إلى أوروبا بحرا. ونددت المنظمة الدولية للهجرة بوجود "أسواق عبيد" حقيقية في ليبيا يباع فيها مئات الرجال والنساء، ويتراوح (سعر) المهاجر مابين 200 و500 دولار. وتجري عمليات البيع في ساحات عامة أو مستودعات، حسب المنظمة.
صورة من: AP
إيطاليا .. المحطة الأوروبية الأولى
العبور من ليبيا إلى إيطاليا هو الطريق الرئيسي الذي يسلكه المهاجرون من شمال أفريقيا إلى أوروبا. وصل أكثر من 181 ألفا إلى شواطئ إيطاليا العام الماضي. وبلغ سواحلها في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي نحو 25 ألف شخص. وتشير تقديرات إلى أن نحو 850 شخصا لقوا حتفهم منذ بداية 2017.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Isolino
نسب مختلفة
كانت إيطاليا بلد "ترانسيت" عبور للاجئين، إذ لم يكن يرغب كثير منهم بتقديم طلب لجوئه فيها. ففي عام 2014 تقدم نحو ثلث اللاجئين القادمين بطلب لجوء، أما في عام 2016 فتقدم نحو الثلثين منهم بطلب لجوء، فيما ارتفعت نسب الاعتراف بطلبات اللجوء إلى 40 بالمائة. لكن إيطاليا تعاني من مشكلة إيواء اللاجئين وتوفير فرص اندماج ملائمة لهم.
صورة من: DW/E. Barbiroglio
اليونان تنفست الصعداء .. ولكن
وصل عدد اللاجئين الوافدين عبر بحر إيجه من تركيا إلى الجزر اليونانية إلى 4800 شخص فقط، وذلك في الفترة الواقعة منذ مطلع عام 2017 ولغاية منتصف شهر نيسان/ أبريل الحالي. بينما كانت أعدادهم في الربع الأول من عام 2016 قد وصلت إلى 145 ألف شخص، حسب إحصائيات الأمم المتحدة.
صورة من: picture alliance/NurPhoto/P. Tzamaros
مخاوف قادمة ..
مع تحسن الطقس وبدء موسم الصيف يتوقع مراقبون زيادة أعداد اللاجئين المتدفقين إلى اليونان. لكن هناك مخاوف من أن الأزمة الراهنة لتركيا مع الاتحاد الأوروبي بسبب الاستفتاء على التعديلات الدستورية، قد تدفع القيادة التركية إلى التراخي في ضبط الحدود وتسهيل تدفق اللاجئين إلى أوروبا.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nietfeld
طريق البلقان
بعد إغلاق طريق البلقان في شهر آذار/ مارس 2016 قل عدد اللاجئين السالكين لهذا الطريق. وبقي القليل منهم يحاول المرور عبر صربيا وكرواتيا وسلوفينيا متوجهين إلى النمسا ومن ثم ألمانيا وشمال أوروبا. في صربيا ينتظر حاليا 7700 مهاجرا في مراكز إيواء اللاجئين. أما في كرواتيا وفي سلوفينيا فلا يوجد إلا عدد قليل جدا منهم.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nietfeld
بلغاريا في وضع آخر
ذكرت وزارة الداخلية البلغارية أن البلاد تحتضن نحو 4500 مهاجرا في مراكز إيواء اللاجئين التي ملئت بنسبة 60 المائة فقط من سعتها الكاملة. بينما كانت أعدادهم كبيرة جدا في العام الماضي. ويعود سبب ذلك إلى توقف تدفق المهاجرين من تركيا.
صورة من: BGNES
المجر لها سياستها
في أواخر آذار/ مارس الماضي، بدأ في المجر تطبيق قانون مثير للجدل ينص على أن يحتشد جميع طالبي اللجوء الموجودين في البلاد أو الذين يصلون إليها، في معسكرين مقفلين على الحدود الصربية. وأعلنت وزارة الداخلية الألمانية أن ألمانيا ستتوقف عن إعادة المهاجرين إلى المجر، ما لم تحترم بودابست التوجيهات الأوروبية على صعيد استقبال اللاجئين.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Kisbenedek
النمسا تترقب
وكذلك في النمسا لم يصل في الربع الأول من العام الحالي سوى 6500 مهاجرا، وهو نصف العدد الذي قدم في الربع الأول من العام الماضي. وقال وزير الداخلية النمساوي فولفغانغ سوبوتكا إن بلاده متهيئة لتشديد الرقابة على الحدود، وخاصة بعد ارتفاع أعداد اللاجئين الواصلين إلى إيطاليا المجاورة للنمسا.
صورة من: picture-alliance/dpa/C. Bruna
ألمانيا والانتخابات القادمة
تقدم نحو 890 ألف شخص بطلب لجوء في ألمانيا في عام 2015. بينما أنخفض العدد إلى 280 ألف في عام 2016. فيما وصلها في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام نحو 48 ألف لاجئ فقط. ويأمل الساسة الألمان بعدم حدوث أزمة لجوء جديدة، خاصة قبيل إجراء الانتخابات التشريعية في أيلول/ سبتمبر القادم. الكاتب: زمن البدري