ألمانيا وإسرائيل - علاقات إستثنائية لا تخلو من خلافات
١٤ مايو ٢٠١٨
بحلول الذكرى الـ 70 لتأسيس دولة إسرائيل تُعتبر العلاقات الألمانية الإسرائيلية وثيقة ومستقرة. ولا أحد كان يتوقع ذلك بعد الهولوكوست. لكن القضية الفلسطينية تثير دوما التوتر.
إعلان
العلاقات بين ألمانيا وإسرائيل ذات نوعية خاصة، وستظل دوما مطبوعة بالهولكوست أي عمليات القتل الجماعي التي نفذها النازيون بحق ستة ملايين يهودي. وبالرغم من ذلك تطورت العلاقة منذ 1965 عام بدء العلاقات الدبلوماسية من قبل الحكومة الألمانية بصفة مثيرة. ووقف وراء المصالحة المبكرة على وجه الخصوص ديفيد بن غوريون. ورغم الهولوكوست كان رئيس الوزراء الأول لإسرائيل يدافع عن النظرة إلى "ألمانيا الأخرى". بن غوريون وكونراد أديناور أول مستشار ألماني التقيا فقط مرتين ـ في 1960 و 1966 ـ وعلى الرغم من ذلك بدا رجلا الدولة كصديقين بعيدين.
وانطلقت المباحثات الرسمية الأولى بين الجمهورية الاتحادية وإسرائيل في 1952. في البداية تعلق الأمر باتفاقية التعويضات، ثم حصلت اتصالات سرية لصادرات أسلحة ألمانية لصالح إسرائيل. وعندما عُرف هذا في منطقة التوتر الشرق الأوسط في 1964 كان القلق كبيرا. وكان ذلك في النهاية بمثابة الدفعة الأخيرة لبدء علاقات دبلوماسية كاملة.
تحذير بسبب بناء المستوطنات
وتم تعزيز العلاقة الثنائية والتضامن بفضل مناسبات مشتركة وزيارات لممثلي الحكومة الألمانية. لكن هلموت كول سافر خلال السنوات الـ 16 من حكمه كمستشار فقط مرتين إلى إسرائيل. بخلاف أنغيلا ميركل التي زارت إلى حد الآن إسرائيل ست مرات. لكن سفرياتها تقل. وقد يكون لذلك علاقة بنهج بنيامين نتانياهو اليميني القومي في تدبير الشأن الحكومي. وتشدد المستشارة وحكوماتها باستمرار على حق وجود إسرائيل. وبالنظر إلى سياسة الاستيطان الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية يؤكدون دوما على حل الدولتين بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وكل بناء مستوطنات إسرائيلية ترافقه تحذيرات من ألمانيا بعدم إثقال الوضع المتوتر في البلاد. وفي صيف 1994 انتقل مارتن كوبلر الذي هو اليوم سفير في باكستان كأول دبلوماسي أجنبي إلى أريحا في المكتب التمثيلي لجمهورية ألمانيا الاتحادية. لكن الأمل الذي انبعث في الماضي بتحقيق مكسب سلام للجانبين لم يتحقق.
المسؤولية الخاصة لألمانيا
في إسرائيل تتمتع ميركل رغم الاختلافات في الرأي بشأن القضية الفلسطينية بتقدير عال. ففي 2008 تحدثت كأول ممثلة حكومية أجنبية للمرة الأولى على الإطلاق في الكنيسيت. وذلك باللغة الألمانية لغة الجناة(جناة الهولوكوست). وأمام البرلمان الألماني لم يتحدث من الجانب الإسرائيلي سوى الرئيس شيمون بيريس الذي تمت دعوته لحضور الاحتفال بالذكرى السنوية للبرلمان ترحما على ضحايا القتل الجماعي الذي نفذه النازيون. وفي خطابها التاريخي أمام الكنيسيت في 2008 ظهرت المستشارة متأثرة عندما قالت هذه الكلمات:" بالتحديد في هذا الموقع أقول بكل وضوح إن كل حكومة ألمانية وكل مستشار قبلي كانوا ملتزمين بالمسؤولية التاريخية الخاصة لألمانيا بالنسبة إلى أمن إسرائيل. وهذه المسؤولية التاريخية لألمانيا هي جزء من سياسة الدولة التي تتبناها بلادي. وهذا يعني أن أمن إسرائيل بالنسبة لي كمستشارة ألمانية غير قابل أبدا للمساومة".
وكلمات ميركل يتم إلى اليوم ذكرها، لكن تُقابل أيضا بالانتقاد في ألمانيا. لأنه لا أحد يريد تصور وجود جنود ألمان حتى ضمن القبعات الزرق التابعين للأمم المتحدة في الجولان.
إسرائيل كنظام فصل عنصري؟
والعلاقات مع إسرائيل تمثل بالنسبة إلى سياسيين ألمان دوما أرضية حساسة جدا كانت جيدة لاسيما في ظل وزير الخارجية وشكا فيشر الذي ينتمي لحزب الخضر . وفي 2001 شارك في مباحثات سياسية في تل أبيب عندما خلَّف اعتداء إرهابي نفذه فلسطينيون على كورنيش تل أبيب 21 شخصا. وبعدها بساعات حاول فيشر التوسط بين الجانب الإسرائيلي والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في غزة. إلا أن رئيس الدبلوماسية الألماني السابق زيغمار غابرييل عايش عكس ذلك توترات دبلوماسية. ففي 2016 ألغى رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو لقاء عندما وصل غابرييل إلى إسرائيل، لأن وزير الخارجية الألماني أراد لقاء ممثلين عن منظمات منتقدة للحكومة الإسرائيلية. وقبلها بسنوات زار رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي الخليل ووصف في الختام إسرائيل "كنظام فصل عنصري". وبناء المستوطنات الإسرائيلية يثير باستمرار خلافات في الرأي. ولذلك تم في السنة الماضية إلغاء مشاورات حكومية ثنائية. والآن يُراد تداركها بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس دولة إسرائيل بالقدس.
حل الدولتين كهدف
وزير خارجية ألمانيا الجديد هايكو ماس، كذلك من الحزب الاشتراكي الديمقراطي يعمل جاهدا من أجل شعور دبلوماسي دقيق. ففي فترة قصيرة بعد شغله منصبه الحالي سافر إلى إسرائيل وبرهن على حس رفيع بشأن البعد التاريخي للعلاقات الألمانية الإسرائيلية. ولكنه يقف هو الآخر في السياسة الراهنة أمام قانون التوازن الذي مفاده "مستقبل سلمي لإسرائيل اليهودية والديمقراطية لا يمكن لنا تصوره سوى ضمن حل الدولتين"، كما قال في مؤتمر صحفي، ويواصل بذلك نهج سلفه غابرييل في هذه القضية.
وفي ألمانيا يتم في كل وقت افتقاد إشارات تكشف عن التوافق السلمي بين الإسرائيليين والفلسطينيين. فيما أن ألمانيا تُعد منذ مدة طويلة بعد الولايات المتحدة الأمريكية ثاني أهم شريك تجاري لإسرائيل، وصدّرت بتكرار غواصات إلى إسرائيل. وتوجد مشاريع بحوث مشتركة كثيرة. لكن العلاقة السياسية لا تخلو من توتر.
كريستوف شتراك/ م.أ.م
في صور.. سبعون عاماً على قيام إسرائيل
قبل 70 عاماً تأسست دولة إسرائيل. بعد الهولوكوست بات الـ 14 من أيار/مايو 1948 نقطة تحول في تاريخ اليهود ينظرون منها إلى مستقبل واعد. وحسب التقويم العبري يصادف بعد غد الخميس ذكرى التأسيس. أهم المحطات التاريخية في صور!
صورة من: Imago/Seeliger
"انتصار الأمل"
في الـ 14 من أيار/مايو 1948 أعلن رئيس الوزراء ديفيد بن غوريون قيام دولة إسرائيل. ومما قاله بن غوريون آنذاك: "لم يفقد الشعب اليهودي الأمل مطلقاً. ولم تنقطع صلواته للحرية وللعودة إلى وطنه. واليوم عاد اليهود إلى وطنهم الأصلي. وصار لهم دولة خاصة بهم".
صورة من: picture-alliance/dpa
انتصار دبلوماسي
بعد ذلك مباشرة تم في نيويورك رفع علم الدولة الجديدة أمام مبنى الأمم المتحدة. وبالنسبة للإسرائيليين شكل ذلك خطوة إضافية نحو الأمن والحرية. وأخيراً أصبح لهم دولة معترف بها دولياً.
صورة من: Getty Images/AFP
الساعة المظلمة
يمكن قراءة أهمية تأسيس دولة إسرائيل على خلفية الهولوكوست. فالنازيون قتلوا خلال الحرب العالمية الثانية ستة ملايين يهودي. الصورة لمعتقلين في معسكر أوسشفيتس.
صورة من: picture-alliance/dpa/akg-images
"النكبة" ـ الكارثة
يحيي الفلسطينيون يوم تأسيس دولة إسرائيل كيوم "نكبة" بالنسبة لهم؛ إذ توجب على نحو 700.000 فلسطيني مغادرة أراضيهم. وعليه فإن تأسيس دولة إسرائيل هو بداية ما يسمى "صراع الشرق الأوسط" الذي لم يتم حله حتى بعد مرور 70 عاماً عليه.
صورة من: picture-alliance/CPA Media
العمل من أجل المستقبل
الطريق السريع رقم 2 تربط بين مدينتي تل أبيب ونتانيا وتوثق كذلك لإرادة انبعاث الدولة الفتية. وتم تدشين الطريق في 1950 من قبل وزيرة العمل الإسرائيلية غولدا مايير التي فرضت على البلاد بعد توليها رئاسة الحكومة نهج تحديث اقتصادي واجتماعي صارم.
صورة من: Photo House Pri-Or, Tel Aviv
كيبوتس
الكيبوتسات هي تجمعات سكنية تعاونية تم إشادتها في كل أنحاء إسرائيل، ولاسيما في السنوات الأولى بعد تأسيس الدولة. وفيها طبق اليهود العلمانيون وأيضاً من ذوي التوجهات الاشتراكية تصوراتهم حول المجتمع.
صورة من: G. Pickow/Three Lions/Hulton Archive/Getty Images
الدولة الحصينة
استمرت التوترات مع الجيران العرب. وفي 1967 أدت تلك التوترات إلى "حرب الأيام الستة" التي انتصرت فيها إسرائيل على مصر والأردن وسوريا ولبنان، التي كانت مدعومة أيضا من وحدات سعودية ويمنية أقل. وفي الوقت نفسه بسطت إسرائيل سيطرتها على القدس الشرقية والضفة الغربية ـ وكان ذلك بداية توترات وحروباً إضافية في المنطقة.
صورة من: Keystone/ZUMA/IMAGO
انتصار وموت
في الألعاب الأولمبية في 1972 بميونيخ أحرز السباح اليهودي الأمريكي مارك شبيتس سبعة أرقام قياسية عالمية. وفي منتصف الدورة الأولمبية اقتحم إرهابيون فلسطينيون القرية الأولمبية واحتجزوا الرياضيين الإسرائيليين كرهائن. وانتهت محاولة تحريرهم من قبل الشرطة الألمانية بكارثة: إذ قتل الإرهابيون الرياضيين الإسرائيلين المحتجزين.
صورة من: dapd
مستوطنات في أرض العدو
سياسة الاستيطان الإسرائيلية عامل تسخين دائم للنزاع مع الفلسطينيين. وتتهم سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية إسرائيل بمنع قيام دولة فلسطينية مستقبلية من خلال بناء مزيد من المستوطنات. وحتى الأمم المتحدة تشجب بناء المستوطنات، إلا أن إسرائيل إلى يومنا هذا لا تعبأ بذلك.
صورة من: picture-alliance/newscom/D. Hill
غضب وكراهية وحجارة
في شتاء 1987 احتج الفلسطينيون ضد الحكم الإسرائيلي في الأراضي المحتلة. وتفجرت الاحتجاجات في مدينة غزة وانتقلت بسرعة إلى القدس الشرقية والضفة الغربية. واستمرت تلك الانتفاضة على مدار سنوات وانتهت بتوقيع اتفاقيات أوسلو في 1993.
صورة من: picture-alliance/AFP/E. Baitel
وأخيراً السلام؟
بوساطة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون باشر رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين والزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في 1993 محادثات سلام. وانتهت هذه المفاوضات بتوقيع "اتفاقية أوسلو" وبالاعتراف المتبادل.
صورة من: picture-alliance/CPA Media
كرسي فارغ
اغتال طالب حقوق متطرف إسحاق رابين في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر 1995. نسف الاغتيال عملية السلام وكشف الانقسام السياسي داخل المجتمع الإسرائيلي؛ فقد زادت الفجوة بين اليهود المعتدلين والمتطرفين، وكذلك بين العلمانيين والأصوليين. الصورة تظهر رئيس الوزراء السابق شيمون بيريس بجانب الكرسي الفارغ لسلفه.
صورة من: Getty Images/AFP/J. Delay
محاولة قول ما لا يمكن قوله
الإبادة الجماعية بحق اليهود تؤثر إلى يومنا هذا على العلاقات الألمانية الإسرائيلية. وفي شباط/فبراير 2000 كان الرئيس الألماني الأسبق يوهانس راو أول رئيس ألماني يلقي كلمة باللغة الألمانية أمام الكنسيت. طلب راو العفو من أجل صالح الأبناء والأحفاد.
صورة من: picture-alliance/dpa
الجدار الإسرائيلي
سياسة الاستيطان الإسرائيلية وراء تسخين المواجهة مع الفلسطينيين. وفي عام 2002 شيدت إسرائيل جداراً يبلغ طوله 107 كيلومتراً في الضفة الغربية. ورغم أن الجدار قلل من أعمال العنف، إلا أنه لم يحل المشاكل السياسية للنزاع المستمر منذ 70 عاماً بين الشعبين.
صورة من: picture-alliance/dpa/dpaweb/S. Nackstrand
انحناء أمام الموتى
وزير الخارجية الألماني الجديد هايكو ماس يسير بخطى ثابتة على تقليد التقارب الألماني الإسرائيلي. وقادته رحلته الخارجية الأولى كوزير للخارجية إلى إسرائيل. وفي آذار/مارس 2018 وضع ماس إكليلاً من الورود على النصب التذكاري ياد فاشيم إجلالاً لضحايا الهولوكوست.