ألمانيا - يوم المساجد المفتوحة من أجل الحوار والتواصل
٣ أكتوبر ٢٠١٣"لماذا تصلي النساء في الخلف بينما يصلي الرجال في المقدمة؟" و"لماذا يصلي المسلمون في اتجاه واحد ؟" و"هل هناك هندسة موحدة ينبغي إتباعها في بناء المساجد؟". إنها أمثلة على أسئلة كثيرة يضعها زائرون غير مسلمين على المشرفين على مسجد بلال، الواقع في حي "فيدينغ" بالعاصمة الألمانية برلين.
إنه يوم متميز بالنسبة للمشرفين على هذا المسجد، الذي تم تأسيسه عام 1998، حيث "إن يوم الباب المفتوح للمسجد يشكل فرصة لهم للتعريف بأنشطتهم المختلفة"، كما تقول بيربيل دريكسلر، التي اختارت لها اسم "منار" بعد دخولها الإسلام. و يقع المسجد في فناء خلفي، كما يتوفر على بهو صغير وعلى عدة مرافق، من أهمها المكتبة الغنية بالمراجع الإسلامية والدينية باللغات العربية والألمانية والأوردو.
أهم ما يميز هذا المسجد عن غيره من المساجد الكثيرة التي توجد في العاصمة الألمانية، أنه مسجد أسسه مواطنون ألمان اعتنقوا الإسلام في مرحلة من مراحل حياتهم. وهذا على عكس ما جرت به العادة، حيث إن أغلب المساجد في ألمانيا أسسها مسلمون عرب أو أتراك أو غيرهم من المسلمين.
النساء أكثر اهتماما بيوم المسجد المفتوح
يقوم المشرفون على المسجد برعاية الزائرين، مسلمين وغير مسلمين، صغارا وكبارا، و خصصت للأطفال أيضا برامج في أنشطة اليوم المفتوح للمساجد. الملفت للانتباه في هذا اليوم هو أن النساء يشكلن أغلب الزائرين من حيث العدد، كما أكدت المشرفة على المسجد منار دريكسلر عندما قالت:"ما يهمنا في هذا اليوم هو أن يزورنا أولائك الناس الذين يمرون عادة على المسجد ولا يعرفون ما نقوم به هنا من أنشطة." وتتابع قائلة:"كما تأتي إلينا أيضا نساء ألمانيات متزوجات من مسلمين ويردن التعرف بشكل أكبر على الدين الإسلامي، حينئذ تكون مهمتنا هو العمل على مساعدتهن في ذلك."
بعض هؤلاء النساء لا يرغبن في التعرف على الإسلام فقط وإنما في اعتناقه، لذلك فهن يخترن مسجد بلال لأن المشرفين عليه مواطنون ألمان، حيث لا تشكل اللغة عائقا في عملية التواصل. السيدة منار نفسها اعتنقت الإسلام قبل سنوات قليلة فقط. فهي تنحدر من المنطقة الشرقية لبرلين، وتقول: "لم تكن القيم الدينية عموما قوية في مجتمع شرق برلين. كنت ملحدة، أما الإسلام، فلم أكن أعرف عنه شيئا." وتتابع قائلة:"ثم بدأت أبحث عن حقيقة هذا الكون وعمن يحركه عمن يتحكم فيه، كما تعرفت على العديد من الأديان، وأخيرا استقر رأيي على الإسلام، بسبب توافق قيمه الإنسانية حقا."
برنامج حافل
شعار برنامج هذه السنة للمسجد المفتوح هو "الأدب والمعاملات الجيدة" حيث افتتح شابان البرنامج بقراءة لسورة "القيامة" باللغتين العربية والألمانية، ثم بدأ الدرس الأول الذي يُعرّف بأركان الإسلام الأساسية، وبتاريخ هذه الديانة السماوية، ابتداء من نزول الوحي على النبي محمد بسورة "اقرأ".
"إنها مسؤولية كبيرة على عاتقي" يلاحظ المحاضر الشاب قبل أن يبدأ المحاضرة الدينية. بعض المعلومات التي ذكرها أثارت بعض الدهشة لدى الجمهور، حيث علت التعليقات وانتشرت الابتسامات عندما قال المحاضر:"إن الإسلام يعتبر الأنبياء إبراهيم وموسى وعيسى مسلمين". وقد ساهمت هذه الجملة في خلق مناخ حواري ونقاشات بين الزائرين والمهتمين.
في هذا اليوم لا يتوافد على هذا المسجد المواطنون الألمان فقط، وإنما دارسون مسلمون للتعمق في معرفة دينهم بشكل أكبر، وهنا تضيف منار:"نقدم دروسا مختلفة في الدين حسب المستويات، ولدينا مدرسون حصلوا على شهادات عليا في الدين الإسلامي، كما نقدم دروسا في تعليم اللغة العربية."
أنشطة ثقافية واجتماعية
يتم تنظيم يوم المساجد المفتوحة في ألمانيا منذ عام 1997، حيث دعا المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا للقيام بذلك في مثل هذا اليوم من كل عام. ومنذ عام 2007 أصبح المجلس التنسيقي للمسلمين في ألمانيا، والذي يضم أكبر الجمعيات الممثلة للمسلمين في ألمانيا، الهيئة المشرفة على فعاليات يوم المساجد المفتوحة.
وإضافة إلى التعريف بالإسلام يقدم المشرفون على المسجد للزوار أطعمة من بلدان إسلامية مختلفة، فيكون ذلك فرصة للتبادل الثقافي بين الحاضرين، وللتعرف على أطعمة من مختل بلدان العالم. ولا تقتصر الأنشطة على البعد الديني فقط، وإنما تشمل جوانب ثقافية وفنية ورياضية، حيث يقوم فريق عمل في المسجد، تابع لجمعية المسلمين الناطقين بالألمانية، بتنظيم رحلات جماعية للمنخرطين ولأسرهم، كما يتم تنظيم بعض الاحتفالات الدينية. وبسبب كثرة الفعاليات والأنشطة في هذا المسجد بدأ المشرفون في البحث عن فضاء أكبر لهم، غير أن ذلك يحتاج إلى دعم مادي كبير خصوصا وأن تمويل مثل تلك الأنشطة تتم عادة من خلال تبرعات الأعضاء.