020311 Deutsche Tripolis
٥ مارس ٢٠١١أصبحت طرابلس الغرب وطنها الثاني، فمنذ سنوات تعيش امرأة ألمانية في العاصمة الليبية. ومن شقتها الواقعة في وسط المدينة تمكّنت من مراقبة الاضطرابات التي وقعت منذ بداية الأزمة الراهنة، وشاهدت كيف لجأ شباب المدينة بصورة مفاجئة إلى قطع الشوارع وإقامة الحواجز.
معارك دموية وكرّ وفرّ في طرابلس
وفي حديث هاتفي مع هذه المرأة التي لم تشأ الكشف عن هويتها لأسباب أمنية عرضت مشاهداتها، فقالت إنه منذ الليلة الأولى قبل عشرة أيام قام الشباب في مجمل الأحياء بسد الشوارع مستخدمين كل شيء، وخلال ذلك سمعت من حين لآخر طلقات نارية.
ولكونها لوحدها لجأت الألمانية التي تعمل منذ سنوات في طرابلس إلى أصدقاء لها يعيشون في حي آخر. صحيح أنها لم تر بعينيها المظاهرات والاشتباكات التي حصلت، لكنها تعرف أنها كانت معارك دموية في العديد من المدن الليبية، وفي طرابلس أيضا حيث سقط خلالها العديد من القتلى. وتمكن العقيد الليبي القذافي في منطقته من السيطرة على الوضع بسرعة.
وتابعت أن المتاريس التي وضعت أزيلت في اليوم التالي، لكنه أعيد وضعها بعد الظهر ثم جاء من أزالها من جديد، وفي المساء لم يعد أحد يتواجد في الشوارع، لكن المرء يسمع طلقات، إضافة إلى أصوات متظاهرين في الساحة الخضراء في وسط طرابلس.
المرأة الألمانية: لا يمكنني القول سأرحل وإلى اللقاء
وأضافت الألمانية أن المنطقة التي تسكن فيها الآن هادئة تماما، وهذا أحد أسباب بقائها في طرابلس، وهي رفضت حتى الآن مختلف عروض الاجلاء خارج البلاد. وواقع أن مناطق واسعة من البلاد وأحياء مختلفة من العاصمة تشهد اشتباكات دموية بين المنتفضين وقوات القذافي، وهذا "الأمر لا يخيفها، وإنما يزيد من عزمها على البقاء".
وأضافت قائلة: "هذا أيضا سبب يمنعي عن الرحيل، ولا يمكنني القول في هذا الوضع: "إلى اللقاء، فأنا أملك جواز سفر آخر، ودبروا أمركم إن استطعتم".
وعلى الرغم من الأحداث المأساوية ثمة حياة يومية طبيعية في الحي الذي تعيش فيه الألمانية. وشرحت ذلك قائلة إن المرء قادر على شراء ما يحتاج إليه، خاصة وأن محلات البيع أصبحت تمدد ساعات الفتح، علما أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت في الأيام الماضية بصورة كبيرة، وأصبح الغاز المنزلي بضاعة نادرة.
وأردفت أن صور القذافي الذي يخوض حاليا معارك للحفاظ على حكمه لا تزال مرتفعة على الواجهات. وكل كلام يُكتب على الجدران يقوم مكلّفون بمحيه بالطلاء. وقالت الألمانية إن عمال التنظيف السود لا يزالون يجولون الشوارع لجمع النفايات "في ما يشبه حياة طبيعية غريبة لا طبيعية فيها عمليا لأنها لا تستمر أكثر من بضع ساعات في اليوم".
"نعيش في جزيرة وسط اللهب"
وفي المساء يلتزم الناس بالبقاء في منازلهم بسبب وجود منع تجول. ويجلس الجميع أمام أجهزة التلفزيون لتلقي آخر أخبار الحرب الأهلية، ليس فقط من التلفزيون الليبي، بل أيضا من قناة الجزيرة وغيرها من القنوات العربية.
وختمت الألمانية بالقول: "بالفعل وضع مفزع أن نعيش في جزيرة يمكن أن تصبح في لحظة ما وسط اللهب الذي قد يهب في أي اتجاه".
كورنيليا فيغرهوف/اسكندر الديك
مراجعة: سيد منعم