1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ألم يحن الوقت لمراجعة استراتيجية الغرب الفاشلة في مواجهة التطرف والإرهاب؟

٣ أغسطس ٢٠٠٦

دوي الانفجارات أصبح سيمفونية ينام ويستيقظ عليها سكان غزة وبيروت وحيفا وبغداد ومدن أخرى. جهات عديدة حكمت على استراتيجية الغرب بالتعامل مع التطرف بالفشل وبلير يتحدث عن طرق أخرى أكثر ليونة دون الاشارة الى كيفية تحقيق ذلك.

أحد مظاهر الإرهاب المروعة في بغدادصورة من: AP

"ينبغي علينا ان نشعر بالفخر، بل بكل الفخر بما تنجزه قواتنا في العراق وأفغانستان. هذه القوات تعمل كل ما بوسعها من أجل دعم المواطنين في سعيهم الى تحقيق الديمقراطية"، هذه الجملة رددها رئيس الوزراء البريطاني أكثر من مرة وفي كل مناسبة. "أن العالم بدون صدام حسين سيصبح في يوم من الأيام آكثر أمنا وسلاما، عالم خال من الارهاب والقتل"، هذا ما ردده بالمقابل الرئيس الامريكي بوش مرارا وتكرارا. أما فيما يتعلق بالوسيلة لتحقيق هذه الاهداف فقد تمثلت باستخدام كافة الوسائل العسكرية المتاحة. الساسة والعسكريون في كلا البلدين أخذوا يرددون محتوى هاتين الجملتين بوتيرة متعاقبة وفي كل مقام ومقال لدرجة أن السامع أخذ يعتقد أن هذا التكرار انما يهدف الى التغطية على حقائق أخرى لا ينبغي للعامة أن يعرفوها، وإلا لماذا هذا التكرار الممل؟

الجواب على السؤال يمكن أن يقرأه المرء بعد أشهر كثيرة بين سطور كلمة رئيس الوزراء البريطاني حول سياسة الغرب أمام مجلس لوس أنجليس للقضايا الدولية أمس الاربعاء 02 أغسطس/ آب. فقد دعا بلير فيها الى "تغيير كامل" في الاسلوب المعتمد للقضاء على التطرف والارهاب في العالم مؤكدا على ضرورة اللجوء الى القوة العسكرية وطرق "أكثر ليونة" على حد سواء للوصول الى ذلك. ويرى الزعيم البريطاني انه يجب العمل الآن على انهاء المعارك في لبنان بصورة خاصة وفي الشرق الأوسط عموما، بعدها "علينا أن نلتزم بمراجعة الاستراتيجية التي نعتمدها من أجل الحاق الهزيمة بالجهات التي تهدد أمننا." ومن أجل هزيمة التطرف يرى بلير ضرورة تشكيل "تحالف معتدل" تحقق من خلاله الدول الغنية والفقيرة تقدما "وسط تعايش سلمي"، محذرا في الوقت ذاته من أن "مصير المعركة على التطرف سيكون الفشل اذا لم يتم اعادة النظر في السياسات المتعلقة بالفقر والتقلبات المناخية والمبادلات التجارية والشرق الاوسط."

بداية مراجعة نقدية ذاتية ؟

حان الوقت لمراجعة نقدية والتفكير بطرق أخرى للحرب على الارهابصورة من: AP

هل يمكن أن نقرأ في كلمات بلير بداية ظهور نظرة نقدية ذاتية للسياسات الغربية في مناطق متعددة في العالم؟ هل يعني ذلك تحولا مهما في السياسة الخارجية البريطانية واقرارا بأن سياسة بريطانيا في العراق وافغانستان قد فشلت تماما؟ المتحدث باسم بلير أجاب في حديث للصحافيين في وقت سابق على هذه الأسئلة بالنفي المطلق، ولا يبدو انه مخطئ في ذلك. فالمتتبع للتصريحات التي تخرج عن دائرة اتخاذ القرار الضيقة في المملكة المتحدة يجد أنه كانت هناك دوما اشارات الى ضرورة "حل مشكلة الشرق الأوسط"، "واقامة دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل"، "واحياء عملية السلام"، ناهيك عن الاشارة دوما الى ما يعرف بـ "رؤية الرئيس الامريكي بوش حول اقامة دولة فلسطسينية الى جانب اسرائيل". هذه العبارات لم تخرج يوما عن طورها النظري ولم تترجم الى سياسات حقيقية وواقعية تعيد الثقة الى السياسات الغربية في المنطقة. فما نشهدة اليوم هو مزيد من التطرف واللجوء الى العنف والسلاح أكثر من أي وقت مضى. دوي الانفجارات أصبح سيمفونية ينام ويستيقظ عليها سكان غزة وبيروت وحيفا وبغداد وكابل وغيرها كل يوم. هل هذا هو الواقع الذي كان الشرق الاوسط يحلم به عندما أعلنت الحكومات الغربية أنها ستعمل على تحقيق أمن ورخاء شعوب المنطقة؟ كلمات رئيس الوزراء البريطاني أمس لا تخلو بالطبع من الصحة، لكن بلير مدين لنا بالقول كيف ومتى يريد أن يعمل على تحقيق ذلك أو على الاقل أن يدفع بهذا الاتجاه. الوقت يمضي وكل يوم تزداد فيه أعداد الضحايا يزداد فيه الكره وفقدان الأمل بالمستقبل، الامر الذي يشكل بدوره بيئة خصبة لارهاب قد لا نسلم من عواقبه لسنوات كثيرة قادمة.

تعقيدات واشكاليات الحرب على الارهاب

الطائرات وسيلة ناجعة لكسب حروب كلاسيكية نظامية ولكن ليس للحرب على الارهابصورة من: AP/Luftwaffe

تبعا لاحصائيات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام "Sipri" كان هناك سبعة عشر نزاعا مسلحا موزعا على جميع أنحاء العالم في عام 2005. وهذا العدد هو الأقل منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، الا ان ذلك ليس مدعاة للفرح والتهليل كما يقول الباحث في المعهد نايل ميلفين: "في العام 2005 لاحظنا وجود تغيرات جذرية سواء فيما يتعلق بديناميكية أو بمفهوم الصراعات. ان المواجهة أخذت منحى مختلفا تماما من التعامل مع جيوش وانظمة الى مجموعات متطرفة مسلحة تسليحا جيدا وعلى اتم الاستعداد لاستخدام أقسى درجات العنف الى حد اللجوء الى الارهاب." ونظرا لامكانيات الدول الضعيفة في محاسبة هذه المجموعات وتقديمها للعدالة، فان امكانية المناورة لديها تبقى محدودة، الامر الذي يحول هذه المجموعات الى خطر حقيقي، على حد قول الباحث السويدي. ويرى المعهد أن أفضل الوسائل للتعامل مع هذه المتغيرات الجديدة هو العمل على تجفيف منابع هذه المجموعات عبر سحب البساط سياسيا من تحت أقدامها، وهذا يتطلب العمل على حل النزاعات التي ولدت من رحمها هذه المجموعات بشكل يضمن لسكان المناطق الناشطة فيها حياة كريمة ورخاء اقتصادي معقول. ان الحل العسكري قد يضعف المجموعات على المدى القصير، الا أن ذلك لن يعني على المدى الطويل القضاء عليها تماما.

فشل الحرب على التطرف والارهاب

حماية المصالح الامريكية من المحتجين على سياسة واشنطنصورة من: AP

ان عدم قدرة أو رغبة الولايات المتحدة وبريطانيا على تغيير استراتيجياتها للتعامل مع الاشكاليات والتعقيدات الواردة الذكر بما تفرضه من استحقاقات يجبرنا اليوم على القول أن الحرب ضد التطرف والارهاب فشلت فشلا ذريعا. هذه الحقيقة توصل اليها أيضا معهد ستوكهولم: "لقد أغفل الغرب في رسم سياساته الامنية والدفاعية مسألة التعامل مع التغيرات والتحديات الجديدة، وبدلا من ذلك قام بضخ الأموال من أجل رفع وتيرة الانفاق العسكري. الولايات المتحدة بالذات قامت في اطار رد فعلها على التحديات النوعية الجديدة برفع الميزانية العسكرية بدلا من اللجوء الى الوسائل غير العسكرية." يشار في هذا السياق الى أن الانفاق العسكري العالمي ارتفع في 2005 بمقدار 890 مليار دولار، أي ما مقداره 137 يورو لكل شخص. نصف هذا المبلغ تقريبا قامت بانفاقه الولايات المتحدة الامريكية. وكانت دراسة قام باحثون من جامعة أوكسفورد البريطانية بنشرها في يونيو/حزيران الماضي قد اعتبرت هي الاخرى أن الحرب العالمية على التطرف والارهاب فشلت تماما. وارجعت الدراسة ذلك الى فشل الاستراتيجية الغربية التي قامت على انفاق المليارات من الدولار على النواحي العسكرية دون أن يعني ذلك المزيد من الأمن والأمان: "لا استقرار في أفغانستان والعراق في السنوات الماضية. القنابل والتفجيرات اصبحت جزءا من المشهد اليومي هناك."

لقد قدمت الحرب بين اسرائيل وحزب الله ربما فرصة لاعادة النظر في الاستراتيجية الغربية في التعامل مع قضايا المنطقة. استراتيجية تقوم على فهم حاجة جميع الاطراف للأمن والاستقرار والرخاء. ولكن هذا ما لم يحدث حتى الآن. لكن الأمل بحدوث ذلك لم ينته بعد.

ناصر شروف

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW