دراسة شاملة تكشف عن وجود جزيئات بلاستيكية دقيقة في الهواء الذي نتنفسه يوميًا، وتحذر من أضرارها الصحية الخطيرة، بينما يقترح العلماء حلولًا عاجلة لحماية الإنسان والبيئة.
دراسة شاملة تكشف عن وجود جزيئات بلاستيكية دقيقة في الهواء الذي نتنفسه يوميًا.صورة من: deeangelo/Depositphotos/IMAGO
إعلان
في مراجعة علميةنُشرت مؤخرًا في مجلة علم السموم البيئي وسلامة البيئة Ecotoxicology and Environmental Safety، حذّر باحثون من الانتشار المتزايد للبلاستيك الدقيق والنانو بلاستيكفي الهواء، مؤكدين أن هذه الجزيئات الدقيقة التي لا يتجاوز حجم بعضها جزءًا من الألف من الميليمتر، أصبحت جزءًا من تلوث المدن الكبرى وتهديدًا متصاعدًا للصحة العامة.
صحتك بين يديك - السموم وخطرها اليومي على حياتنا
26:05
This browser does not support the video element.
البلاستيك الدقيق (أقل من 5 مم) والنانو بلاستيك (أقل من 1 ميكرومتر) ينشآن من تحلل المواد البلاستيكية الأكبر حجمًا، ويتواجدان بكثافة في المناطق الحضرية والصناعية. وتُظهر الأبحاث أن الشخص العادي قد يستنشق ما يصل إلى 69 ألف جزيء بلاستيكي سنويًا، معظمها من الهواء الداخلي في المنازل التي تحتوي على منسوجات صناعية وسجاد.
هذه الجزيئات قادرة على اختراق الجهاز التنفسي بعمق، مما قد يؤدي إلى التهابات وتلف خلوي، وحتى تطور أمراض مزمنة مثل اضطرابات القلب.
وعثر الباحثون مؤخرًا على آثار للبلاستيك الدقيق في دم الإنسان وأنسجة الرئة والدماغ، وحتى في لويحات الشرايين السباتية. كما أظهرت دراسة طبية أُجريت على 304 مرضى أن وجود البلاستيك في الشرايين يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية أو السكتات الدماغية بمعدل يزيد عن أربعة أضعاف.
حبيبات البلاستيك تصل للأجنة في رحم الأمهات
ويُعد البلاستيك المصنوع من البولي إيثيلين تيريفثاليت (PET) من بين الأكثر خطورة، نظرًا لقدراته العالية على امتصاص ملوثات أخرى كأكاسيد النيتروجين والكبريت، مما يضاعف من سُميته وتأثيره البيئي.
إعلان
وتشمل مصادر هذه الجزيئات ألياف الأقمشة الصناعية وغبار الطرق وتآكل الإطارات وتسرب النفايات البلاستيكية. وتتفاقم المشكلة في المدن الكبرى مثل تشنغتشو وقوانغتشو في الصين، حيث تُسجل نسب مرتفعة من الجسيمات البلاستيكية المرتبطة بجزيئات PM2.5 الخطيرة.
وحذر الباحثون من تأثير هذه الجزيئات على النمو الرئويوالاستجابة المناعية وأمراض الحمل. وأظهرت تجارب على الفئران الحوامل أن التعرض للنانو بلاستيك يؤثر على وظائف القلب لدى الأم والجنين. كما تشير تجارب أخرى إلى تعطيل وظائف الميتوكوندريا وتحفيز نوع قاتل من موت الخلايا يُعرف بـ"الفروبتوز".
العالم يختنق جراء النفايات البلاستيكية
البلاستيك مادة رخيصة وخفيفة، وتشكل في الغالب مشكلة بيئية كبيرة. ممثلون عن أكثر من 170 دولة يلتقون في كينيا بهدف التوصل إلى اتفاق لاحتواء مشكلة النفايات البلاستيكية.
صورة من: James Wakibia/Zumapress/picture alliance
أصوات عالية
نشطاء بيئيون تظاهروا قبل انعقاد المؤتمر بأيام للفت الأنظار إلى مشكلة النفايات البلاستيكية. وبدأت في العاصمة الكينية نيروبي الجولة الثالثة من المفاوضات التي تهدف إلى التوصل إلى اتفاق يحد من مشكلة النفايات البلاستيكية. 175 دولة اتفقت العام الماضي على التوصل إلى اتفاق أممي ملزم بحلول العام 2024.
صورة من: MONICAH MWANGI/REUTERS
إعادة التدوير إجراء فعال
هدف الأمم المتحدة هو خفض التلوث البيئي الناتج عن نفايات البلاستيك حتى عام 2040 بشكل واضح. وحتى في بلدان مثل كينيا، وهي الدولة الإفريقية التي تبوأت دورًا متقدما على هذا الصعيد في عام 2017 حيث حُظرت الأكياس البلاستيكية تماما، بقيت مشكلة النفايات قائمة. أيضا بوجود أنظمة لفرز نفايات البلاستيك وإعادة تدويرها.
صورة من: Gerald Anderson/AA/picture alliance
كميات هائلة من البلاستيك
هذه القناني البلاستيكية التٌقطت بشبكة من أحد الأنهر في كينيا. ووفقًا لمنظمة منتجي البلاستيك الأوروبية، أُنتج في العام الماضي حوالي 400.3 مليون طن من البلاستيك على مستوى العالم - أي ضعف ما تم إنتاجه في عام 2002. وفي الغالب تنتهي الطريق بالنفايات البلاستيكية في الطبيعة، حيث تشكل خطرًا كبيرا على الكائنات البحرية والطيور.
صورة من: Gerald Anderson/AA/picture alliance
جمع نفايات البلاستيك من البحار والأنهر
ألمانيا أيضا تعاني من تلوث المياه. ففي العام 2021 تسرب عبر نهر الإلبه وحده حوالي 41,700 كيلوغرام من النفايات البلاستيكية إلى البحار. مبادرات غير حكومية تحاول مواجهة هذه الكميات من النفايات، مثل منظمة "غرين كاياك" غير الحكومية التي تؤمن قوارب الكاياك بالمجان لأولئك الذين يساعدون في تنظيف المياه من النفايات.
صورة من: Axel Heimken/dpa/picture alliance
البلاستيك لا يتحلل بسهولة
تحلُل البلاستيك يستغرق مئات السنين وهذا هو أصل المشكلة. لذلك، مطلوب الآن تحديد إجراءات ملزمة لمواجهة ذلك، بدءا بالكميات التي يتم إنتاجها من المواد البلاستيكية وصولًا إلى تصاميم منتجات البلاستيك وانتهاءا بكيفية التخلص منها وإعادة تدوير النفايات.
صورة من: James Wakibia/Zumapress/picture alliance
الحاجة أم الاختراع
الإبداع في كينيا لا حدود له عندما يتعلق الأمر بمواجهة مشكلة النفايات البلاستيكية. هذا الرجل يصنع سفينة شراعية تقليدية من النفايات البلاستيكية. بهذا العمل يريد البحار أن يظهر الإمكانيات المتعددة لإعادة تدوير البلاستيك.
صورة من: Gioia Forster/dpa/picture alliance
أمل لبحار العالم
كلب بحر مصنوع من نفايات بلاستيكية معروض في مدينة Camara de Lobos البرتغالية. الباحثون يأملون أن يدفع الاتفاق إلى تغير جذري في التعامل مع البلاستيك على المستوى العالمي. ويؤكد المفاوضون على أن الأمر لا يتعلق بشيطنة استخدام البلاستيك أو منعه، لكن المطلوب من الاتفاق أن يحدد كميات البلاستيك المسموح بإنتاجها. أعده للعربية: م.أ.م
صورة من: Harry Laub/imageBroker/picture alliance
7 صورة1 | 7
لأول مرة.. جزئيات بلاستيكية داخل قلب الإنسان
رغم التقدم في تقنياتالكشف مثل التحليل الطيفي بالأشعة تحت الحمراء والمجهر الإلكتروني، لا تزال الحاجة قائمة لتوحيد معايير القياس وتطوير أدوات دقيقة وسريعة لرصد تلوث الهواء بالبلاستيك.
وفي مواجهة هذا التهديد، يقترح العلماء خطوات حاسمة، منها تقليص إنتاج البلاستيك، تحسين إدارة النفايات، تطوير فلاتر هواء متقدمة، واستكشاف وسائل المعالجة البيولوجية باستخدام الطحالب أو الفطريات لتفكيك البلاستيك في الهواء والماء. كما يلعب التعليم والتوعية دورًا مهمًا في تغيير سلوكيات الأفراد وتقليل الاعتماد على البلاستيك.
المستقبل الآن - الخطر المدمر للجزيئات البلاستيكية
26:06
This browser does not support the video element.
ويشدد الباحثون على ضرورة العمل التكاملي بين خبراء الصحة والبيئة والتكنولوجيا لوضع حلول فعّالة، ودعوا إلى استثمارات وأبحاث مستدامة لفهم التأثيرات طويلة الأمد، خصوصًا على الأطفال والحوامل.
في النهاية، يبدو أن الخطر غير المرئي بات يهدد صحتنا أكثر مما نعتقد، ويجب التعامل معه بالجدية نفسها التي نوليها لأي ملوث قاتل آخر.
التلوث البلاستيكي ـ خطر على الإنسان والبيئة والكائنات الحية
أطفال يلعبون على النفايات البلاستيكية، والأنهار تحمل النفايات إلى البحر، والحيوانات تبتلعها - البلاستيك في كل مكان. يتزايد الإنتاج بسرعة ومعها المخاطر التي يتعرض لها الناس والبيئة.
صورة من: Channi Anand/AP Photo/picture alliance
منظر طبيعي خلاب مليء بالقمامة
البلاستيك وهو مادة متعددة الاستخدامات بشكل مذهل، لا غنى عنه في البناء والتعبئة والتغليف. ولكنه أيضاً آفة عالمية. إذ تطفو أطنان من النفايات، بما في ذلك الزجاجات البلاستيكية والإطارات المستعملة ومختلف المواد غير العضوية، على نهر درينا وتشكل مكب نفايات عائم في فيشيغراد البوسنة والهرسك.
صورة من: Armin Durgut/AP Photo/picture alliance
هل اللعب ممنوع؟ للأسف لا
على أحد الشواطئ في الفلبين، يقفز الأطفال حفاة الأقدام فوق القمامة البلاستيكية - بقايا الأعاصير السابقة. وقد انتقلت هذه القمامة التي كانت تُرمى بلا مبالاة، عبر الأنهار قبل أن ينتهي بها المطاف في البحر، وأخيراً تغتسل على الشاطئ. ولكن ليست المياه وحدها هي التي تبتلع هذه المخلفات - فالحيوانات أيضًا.
صورة من: Aaron Favila/AP Photo/picture alliance
كيس بلاستيكي أقل
نينا غوميس تصطاد كيسًا بلاستيكيًا مهملًا من البحر بالقرب من شاطئ كوباكابانا الشهير في ريو دي جانيرو، البرازيل. وتنتج البلاد كل عام ما يقدر بنحو 11.3 مليون طن من النفايات البلاستيكية سنوياً، ولا يعاد تدوير سوى 1.2 في المائة منها. وتشكّل النفايات البلاستيكية التي ينتهي بها المطاف في المحيطات وتعرّض البيئة البحرية للخطر مشكلة كبيرة.
صورة من: Bruna Prado/AP Photo/picture alliance
حاجز زائد
في بلدة ألكسندرا في جنوب أفريقيا، تشكل شبكة حاجزًا بلاستيكيًا في نهر جوكسكي. يعمل ثلاثة متطوعين على إزالة القمامة المتراكمة بعناية من الشبكة. مثل هذه التدابير تخفف من الأعراض وليس الأسباب. لا تزال القمامة تشكل تحديًا - ليس هنا فقط، بل في إندونيسيا والهند والعالم أجمع.
صورة من: Jerome Delay/AP Photo/picture alliance
في قديم الزمان كان يوجد شاطئ رملي هنا
أشخاص يمشون بجوار النفايات البلاستيكية التي تغطي الرمال في شاطئ بادهوار بارك على ساحل بحر العرب في مومباي، الهند. تعد الهند التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 1.4 مليار نسمة، واحدة من أكبر مستهلكي البلاستيك في العالم. وحسب التقديرات، تنتج البلاد حوالي 3.5 مليون طن من النفايات البلاستيكية كل عام، ولا يعاد تدوير سوى نسبة صغيرة منها.
صورة من: Rajanish Kakade/AP Photo/picture alliance
بُنيت على القمامة الأحياء الفقيرة في نيودلهي
في إحدى مدن الصفيح في العاصمة الهندية نيودلهي، حيث تتناثر النفايات البلاستيكية في كل شبر من المشهد، تنتظر أكياس القمامة أن يتم فرزها من قبل جامعي القمامة على أمل بيعها.
صورة من: Manish Swarup/AP Photo/picture alliance
الاحتجاجات متواصلة
"أوقفوا التلوث البلاستيكي!" مكتوب على ملصقات نشطاء البيئة في سيول. إنهم يحتجون على فشل المفاوضات بشأن اتفاقية عالمية للأمم المتحدة ضد النفايات البلاستيكية في كوريا الجنوبية في بداية ديسمبر. وكانت بعض الدول المنتجة للنفط قد رفضت القيود والأهداف الخاصة بزيادة إنتاج البلاستيك. ومن المقرر أن تستمر المفاوضات العام المقبل.
صورة من: Jung Yeon-je/AFP
فوضى في جاكرتا
في جاكرتا تتراكم جبال من النفايات البلاستيكية على جوانب الطرق وتعيق حركة المرور. تنتج إندونيسيا التي يبلغ عدد سكانها أكثر من أحد عشر مليون نسمة في عاصمتها وحدها، حوالي 6.8 مليون طن من النفايات البلاستيكية كل عام، ولا يتم التخلص من نسبة كبيرة منها بشكل صحيح. وينتهي المطاف بحوالي 620,000 طن منها في المحيطات.
صورة من: Dita Alangkara/AP Photo/picture alliance
الأمل والحاجة إلى العمل
كاهن يجلس بين القمامة التي خلفها المصلون خلال مهرجان "كوس أونسي" في معبد غوكارنيشور في كاتماندو، نيبال. هناك شيء واحد واضح: أزمة البلاستيك تتطلب قرارات سياسية جريئة وإعادة تفكير عالمية. فبدون اتخاذ إجراءات سيستمر البلاستيك في تلويث الأنهار والمحيطات وتهديد الحياة ومنع تحقيق مستقبل مستدام.
صورة من: Niranjan Shrestha/AP Photo/picture alliance