أمنستي تندّد بتعرّض مهاجرين في ليبيا "لانتهاكات مروّعة"
١٥ يوليو ٢٠٢١
قالت أمنستي في تقرير صدر الخميس، إن المهاجرين في ليبيا يتعرضون لممارسة العنف والابتزاز والعمل القسري. ووفقا للتقرير فإن المهاجرات في المعسكرات الليبية يتعرضن للعنف ويجبرن على ممارسة الجنس مقابل الحصول على المياه والطعام.
إعلان
أعلنت منظمة العفو الدولية "أمنستي" في تقرير صدر اليوم الخميس (17 تموز/ يوليو) أنّ مهاجرين اعتقلوا أثناء محاولتهم الوصول بحراً إلى أوروبا، تعرّضوا أثناء احتجازهم في ليبيا "لانتهاكات مروّعة"، بما في ذلك العنف الجنسي، مندّدة بـ"المساعدة المشينة" التي تقدّمها أوروبا لجارتها الجنوبية للقبض على هؤلاء المهاجرين.
وفي تقرير بعنوان "لن يبحث عنك أحد: المعادون قسراً من البحر إلى الاحتجاز التعسّفي في ليبيا"، قالت المنظمة الحقوقية إنّها جمعت أدلّة "تسلّط الضوء على العواقب الرهيبة لتعاون أوروبا المستمرّ مع ليبيا بشأن مراقبة الهجرة والحدود".
وقالت امرأة لمنظمة العفو الدولية إن حراس المعسكر قالوا لها "ربما تريدين مياها عذبة وأسرّة... دعيني أمارس الجنس معك حتى أتمكن من تحريرك". وهي واحدة من أشخاص عدة قالوا إن الحراس اغتصبوا النساء أو أجبروهن على ممارسة الجنس مقابل إطلاق سراحهن أو حصولهن على الماء النظيف.
واستقت المنظمة نتائج تقريرها من مقابلات مع 53 لاجئا ومهاجرا، تتراوح أعمارهم بين 14 و50 عاما، من دول مثل نيجيريا والصومال وسوريا، ولا يزال معظمهم في ليبيا، حيث تمكنوا من الفرار من المعسكرات أو من الوصول إلى الهواتف.
وقالت بعض النساء الحوامل داخل المعسكرات لمنظمة العفو الدولية إن الحراس دأبوا على اغتصابهن، بينما قال الرجال إنهم أُجبروا على ارتداء الملابس الداخلية فقط في محاولة لإذلالهم. ووصف آخرون، بينهم صبية، تعرضهم للتحرش والدفع وإساءة المعاملة.
وتأتي هذه المعاملة اللاإنسانية في أعقاب تقارير متعددة منذ عام 2017 عن الضرب والتعذيب ونقص وسائل الصحة العامة والغذاء. فيما دعا البابا فرنسيس والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى إغلاق المعسكرات في ليبيا.
ويقول التقرير إن خفر السواحل يعرض حياة المهاجرين للخطر من خلال مناورات عدوانية حتى إنها تصل إلى حد إطلاق النار عليهم.
وبمجرد نقلهم إلى الشاطئ، يتم تحميل الأشخاص الذين يعانون من الصدمة والإرهاق في كثير من الأحيان على عجل في حافلات، ونقلهم إلى المخيمات، وأحيانا يتعرضون للضرب أو الإهانة أثناء تلك العملية.
وفي معسكرات الاعتقال التي تديرها وزارة الداخلية الليبية، لا يزال بعض المهاجرين يواجهون المجاعة والاستغلال. ويتعرض بعضهم للإصابة بل وللقتل بطلقات نارية على يد الحراس أثناء محاولات الفرار.
وفي التقرير الذي يقع في 50 صفحة، تحدثت منظمة العفو الدولية عن 53 لاجئا ومهاجرا اقتيدوا جميعا إلى معسكرات الاعتقال الليبية، فضلا عن عمال الإغاثة والمدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين. كما فحصت المنظمة وثائق وصورا ومقاطع فيديو من السلطات الليبية والأمم المتحدة.
ووفقا للمنظمة الدولية للهجرة، فإن هناك نحو 575 ألف مهاجر في ليبيا، 6200 منهم في مخيمات تديرها مديرية مكافحة الهجرة غير الشرعية، حسبما أبرزت إدارة بوزارة الداخلية في التقرير.
وقالت منظمة العفو الدولية إنها انتقدت مجددا "التواطؤ المستمر للدول الأوروبية" مع ليبيا ودعت إلى تعليق تعاون الاتحاد الأوروبي مع ليبيا بشأن الهجرة وإدارة الحدود.
واعترض خفر السواحل المدعوم من الاتحاد الأوروبي نحو 15 ألف شخص في البحر بين كانون ثاني/ يناير وحزيران/ يونيو هذا العام وأعادهم إلى ليبيا. وعلى الرغم من الهدنة بين الفصائل الليبية المتحاربة منذ أكتوبر/تشرين الأول في إطار خطة السلام التي تدعمها الأمم المتحدة، فلا تزال الجماعات المسلحة تسيطر على الأرض، وبعضها يهيمن على معسكرات المهاجرين.
وحثّ بعض المشرعين في الاتحاد الأوروبي المفوضية الأوروبية، السلطة التنفيذية للاتحاد، على وقف تمويل خفر السواحل، قائلين إن ليبيا ليست "دولة آمنة" للمهاجرين.
ع.أ.ج/ و ب (رويترز، أ ف ب، د ب ا)
توق الليبيين إلى السلام.. طريق طويل من المؤتمرات والعنف
منذ اندلاع الاحتجاجات ضد نظام معمر القذافي في مطلع عام 2011 تعيش ليبيا في دوامة من العنف والاضطراب وعدم الاستقرار السياسي. فيما يلي أبرز محطات الصراع ومحاولات إرساء سلام يتفلت من بين أيدي الليبين مرة تلو الأخرى.
صورة من: picture alliance/dpa
تستضيف العاصمة الألمانية برلين الأربعاء (23 حزيران/يونيو 2021) جولة جديدة من محادثات السلام الليبية. ستركز المحادثات على التحضير لانتخابات وطنية مقررة في 24 كانون الأول/ديسمبر وسحب الجنود الأجانب والمرتزقة من ليبيا، ومسألة تشكيل قوات أمنية موحدة. واستضافت برلين برعاية الأمم المتحدة في 19 كانون الثاني/ يناير 2020 مؤتمرا حول ليبيا شارك فيه طرفا النزاع إلى جانب رؤساء روسيا وتركيا وفرنسا ومصر.
صورة من: Getty Images
في شباط/فبراير من عام 2011 اندلعت في بنغازي ومن ثم في مناطق أخرى تظاهرات جوبهت بعنف من قبل نظام معمر القذافي، الذي حكم البلاد منذ عام 1969 بقبضة من حديد. شن تحالف بقيادة واشنطن وباريس ولندن هجمات على مقار قوات القذافي، بعد حصوله على ضوء أخضر من الأمم المتحدة. ثم انتقلت قيادة العملية الى حلف شمال الأطلسي. ولقي القذافي مصرعه في 20 تشرين الأول/أكتوبر بالقرب من مسقط رأسه في سرت.
صورة من: dapd
غرقت ليبيا في دوامة من العنف والاضطرابات السياسية لم يفلح المجلس الوطني الانتقالي، الذي تشكل في الأيام الأولى للثورة برئاسة مصطفى عبد الجليل كبديل للنظام، في وضع حد لها. وفي يوليو/ تموز 2012 انتخب برلمان تسلم سلطاته بعد شهر من المجلس الوطني الانتقالي. تشكلت حكومة برئاسة علي زيدان في تشرين الأول/أكتوبر، بيد أنها سقطت بعد حجب الثقة عنها في آذار/مارس 2014.
صورة من: Picture-Alliance/dpa
تعرضت السفارتان الأميركية في أيلول/سبتمبر 2012 والفرنسية في نيسان/أبريل 2013 لهجومين تسبب الأول بمقتل أربعة أميركيين بينهم السفير كريستوفر ستيفنز والثاني بإصابة حارسين فرنسيين، فأغلقت غالبية السفارات الأجنبية أبوابها وغادرت طواقمها البلاد.
صورة من: Reuters
في أيار/مايو 2014، أعلن اللواء المتقاعد خليفة حفتر بدء عملية "الكرامة" ضد جماعات إسلامية مسلحة في شرق ليبيا. وانضم ضباط من المنطقة الشرقية إلى صفوف "الجيش الوطني الليبي" الذي شكله حفتر. في حزيران/يونيو 2014، تم انتخاب برلمان جديد جاءت أغلبيته مناوئة للإسلاميين الذين قاطعوه.
صورة من: Reuters
في نهاية آب/ أغسطس 2014 وبعد أسابيع من المعارك الدامية، سيطر ائتلاف "فجر ليبيا" الذي ضم العديد من الفصائل المسلحة بينها جماعات إسلامية، على العاصمة طرابلس وأعاد إحياء "المؤتمر الوطني العام"، البرلمان المنتهية ولايته. وتم تشكيل حكومة. وأصبح في ليبيا برلمانان وحكومتان.
صورة من: Getty Images/AFP/M. Turkia
في كانون الأول/ ديسمبر 2015 وبعد مفاوضات استمرت أشهراً، وقع ممثلون للمجتمع المدني ونواب ليبيون في الصخيرات بالمغرب، اتفاقاً برعاية الأمم المتحدة، وأُعلنت حكومة الوفاق الوطني. لكن لم تنل هذه الحكومة قط ثقة البرلمان في الشرق المدعوم من خليفة حفتر، ولم تتمكن من فرض سلطتها على القوى السياسية والعسكرية في البلاد.
صورة من: picture-alliance/AA/Jalal Morchidi
في السنوات التالية تنازعت سلطتان الحكم في ليبيا: في الغرب حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ طرابلس مقرا لها وتحظى باعتراف الأمم المتحدة، وسلطة موازية في شرقي البلاد بقيادة خليفة حفتر. جمع اجتماعان في باريس في عامي 2017 و2018 حفتر والسراج في محاولة للوصول إلى تسوية وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، بيد أنه لم يتم الالتزام بما اتفق عليه ومضت الحرب في طحن البلاد.
صورة من: picture-alliance/C. Liewig
في مطلع 2019، بدأت قوات حفتر بغزو الجنوب بدعم من القبائل المحلية، فسيطرت بلا معارك على سبها والشرارة، أحد أكبر الحقول النفطية في البلاد. ومن ثم تقدمت باتجاه طرابلس، حيث جوبهت بمقاومة عنيفة من القوات الموالية لحكومة الوفاق التي شنت بعد عام تقريباً هجوماً معاكساً وحققت تقدماً، لكن في حزيران/ يونيو 2020 هدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ب"التدخل" العسكري في ليبيا في حال تقدم قوات الوفاق نحو سرت.
صورة من: Reuters
بعد فشل متكرر لإخراج ليبيا من الفوضى، أفضى حوار ليبي رعته الأمم المتحدة في جنيف في الخامس من شباط/فبراير 2021 إلى توقيع اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار "بمفعول فوري". ومن ثم جرى الاتفاق على تشكيل مجلس رئاسي وحكومة موحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، نالت ثقة البرلمان في آذار/ مارس. ومهمة حكومة الدبيبة السير بالبلاد نحو تنظيم الانتخابات. وبذلك عاد الأمل المفقود باحتمال تحسن الوضع. إعداد: خالد سلامة