سوريا - أمنستي تتهم الحكومة والمعارضة بعرقلة مساعدات الزلزال
٦ مارس ٢٠٢٣
تعد حلب السورية رمزا للدمار والانقسام في البلاد، كما أنها أكثر المحافظات تضررا من زلزال فبراير/ شباط. وتتهم منظمة أمنستي الحكومة السورية والمعارضة المسلحة بمنع دخول أكثر من 100 شاحنة مساعدات إلى أكثر المناطق تضررا بحلب.
إعلان
منعت الحكومة السورية والمعارضة المسلحة المدعومة من تركيا دخول ما يزيد على 100 شاحنة تحمل مساعدات إنسانية إلى منطقتين في محافظة حلب، بحسب ما قالت منظمة العفو الدولية (أمنستي) اليوم الاثنين (6 مارس/ آذار 2023)
وأضافت المنظمة أن المساعدات التي تضمنت مواد غذائية وإمدادات طبية وخياما ووقودا كانت مقدمة من السلطات الكردية.
وقالت إن الحكومة السورية منعت 100 شاحنة تحمل المواد الغذائية والإمدادات الطبية والخيام من دخول مناطق ذات أغلبية كردية في مدينة حلب.
وإلى الشمال من المدينة، منعت المعارضة المسلحة دخول 30 شاحنة أخرى تحمل الوقود ومساعدات أخرى إلى عفرين وهي منطقة تسيطر عليها القوات التركية وجماعات من المعارضة المسلحة متحالفة معها منذ طرد المقاتلين الأكراد منها في 2018.
انقسام حلب بين ثلاث قوى
وأدى الزلزال الذي وقع في السادس من فبراير/ شباط الماضي وتوابعه إلى مقتل نحو 5700 في سوريا. وقسم صراع دائر منذ نحو 12 عاما سوريا إلى مناطق متنافسة مما عرقل وصول شحنات المساعدات بسبب تلك التعقيدات منذ فترة طويلة.
وتنقسم محافظة حلب إلى مناطق تسيطر عليها الحكومة السورية وأخرى يسيطر عليها الأكراد وثالثة تسيطر عليها المعارضة المسلحة. وتلك العداوات في المنطقة ظلت قائمة أيضا حتى رغم الكارثة مما أثار اتهامات بتسيس المساعدات الحيوية.
وقالت آية مجذوب نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية "لهذه العوائق ذات الدوافع السياسية للمساعدات الضرورية تداعيات مأساوية، خاصة بالنسبة لفرق البحث والإنقاذ التي تحتاج إلى وقود لتشغيل الآلات".
وأضافت أن على جميع أطراف الصراع ضمان أن المدنيين "يمكنهم الحصول على المساعدات دون قيود".
وانتقدت الأمم المتحدة ومنظمات إغاثية أخرى جماعات المعارضة المسلحة المتشددة في الشمال لمنعها وصول مساعدات من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.
الصليب الأحمر: شبكة المياه معرضة للانهيار
من ناحيتها حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر اليوم من خطر انهيار شبكة المياه المتهالكة في أنحاء محافظة حلب، وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومقرها جنيف، في بيان عبر البريد الإلكتروني إن الكارثة تسببت في أضرار مباشرة للبنية التحتية للمياه في المنطقة مما قلل من كفاءتها وزاد من خطر تسرب المياه الملوثة وحذرت من "انهيار محتمل". وقال فابريزيو كاربوني المدير الإقليمي للشرق الأوسط والشرق الأدنى باللجنة "إن احتمال حدوث عواقب وخيمة على الصحة العامة نتيجة الزلزال مرتفع بشكل مخيف".
وكان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس قد دعاء الأربعاء الماضي، من قلب مناطق سيطرة الفصائل الجهادية والمقاتلة في إدلب، المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم للسكان المتضررين جراء الزلزال في شمال غرب سوريا، وقال: "يحتاج السكان في شمال غرب سوريا إلى مساعدة المجتمع الدولي للتعافي وإعادة البناء".
نصف خسائر الزلزال في حلب وحدها
وألحق الزلزال دماراً هائلاً في مناطق واسعة من محافظات حلب (شمال) وإدلب (شمال غرب)، وحماة (وسط) واللاذقية وطرطوس (غرب)، ليضاعف مآسي شعب يعاني منذ نحو 12 عاماً من نزاع مُدمر أودى بحياة نصف مليون شخص وألحق دماراً واسعاً بالبنى التحتية وشرّد نصف عدد السكان داخل البلاد وخارجها. وبحسب الأمم المتحدة، تأثر 8,8 مليون شخص في سوريا بالزلزال.
وإلى الآن، تصل معظم المساعدات للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا من خلال ثلاثة معابر حدودية مع تركيا المجاورة. وجرى فتح اثنين من تلك المعابر بشكل استثنائي بموافقة من الرئيس بشار الأسد.
وتصل المساعدات إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة برا وبحرا وجوا.
وكان البنك الدولي قد أعلن الجمعة أن الزلزال البالغة قوته 7,8 درجات على مقياس ريختر وهزاته الارتدادية الكثيرة التي ضربت شمال سوريا، تسببت بأضرار تقدر بنحو 5,1 مليارات دولار. وهذه المنطقة السورية المتضررة من الزلزال، كانت قد تأثرت في شكل خاص جراء الحرب الأهلية
ويدرك البنك الدولي أن هذا التقدير يمكن أن يكون غير نهائي نظرا إلى نقص المعلومات المتعلقة بالوضع على الأرض، مشيرا إلى أن نطاق التقييم يتراوح من 2,7 مليار إلى 7,9 مليارات دولار. وأوضح بيان للبنك الدولي أن الأضرار يتركز نصفها في محافظة حلب.
ص.ش/ع.ج.م (رويترز، أ ف ب)
تراجع فرص الناجين.. خراب زلزال سوريا وتركيا بعد انقشاع الغبار
يقترب زلزال تركيا وسوريا من إتمام أسبوعه الثاني. أرقام الضحايا مفزعة والخسائر المادية باهظة والمعاناة مضاعفة في شمال سوريا. فكيف يبدو الوضع مع اقتراب عمليات الإنقاذ من نهايتها؟
صورة من: Kyodo/picture alliance
آمال العثور على ناجين باتت نادرة
لا تجد فرق الإنقاذ، على مدار الأيام القليلة الماضية، إلا الكثير من جثت القتلى، وفي حالات قليلة جدا بعض الأحياء. في تركيا طوال يوم كامل، لم يعثر سوى على ناجيتين يوم الخميس (16 فبراير/ شباط)، بينما في الجانب السوري لم يتم العثور على ناجين منذ التاسع من الشهر. حاليا مرت أزيد من 260 ساعة على حدوث الزلزال، وهي مدة تجعل من شبه المستحيل العثور على ناجين جدد.
صورة من: Ugur Yildirim/AP/picture alliance
عدد الضحايا مفزع
تجاوز عدد القتلى في البلدين 43 ألفا. الحصيلة الأكبر كانت في تركيا بأزيد من 38 ألفا. لكن هناك مخاوف كذلك من أن ترتفع الحصيلة أكثر في سوريا التي تعاني تأخرا كبيرا في عمليات الإنقاذ. أرقام الجرحى بعشرات الآلاف، بينما لا يوجد رقم رسمي لعدد المفقودين في البلدين. أجلت السلطات التركية حوالي 150 ألفا من السكان في المنطقة، بينما تحوّلت أماكن عامة إلى مقابر عمومية لجمع الجثامين في انتظار التعرف على أصحابها.
صورة من: BULENT KILIC/AFP
ملايين بدون مأوى
سارعت الكثير من الدول لمد يد العون إلى تركيا وسوريا، لكن حجم الكارثة كان كبيرا إذ تشرد الملايين، وقدرت الأمم المتحدة عدد المتضريين بحوالي 23 مليونا وأن من صاروا بدون مأوى في البلدين يقدر عددهم بـ5,3 مليون. ويعاني البلدان من نقص كبير في الخيام المؤقتة، لكن حجم المأساة مضاعف في الشمال السوري، وفاقمتها الظروف المناخية الباردة، ولم تكف المدارس والمساجد والسيارات والشاحنات لإيواء المتضررين.
صورة من: Burcu Karakas/DW
الانقسام السياسي يزيد المعاناة
عانت عمليات إرسال المساعدات لسوريا، خصوصا مناطق الشمال الغربي من عراقيل ومشاكل كبيرة. دول كثيرة لا تعترف بنظام الأسد، لكن كذلك لا تعترف بسلطة المعارضة المسلحة، ما جعل إرسال المساعدات ممكنا فقط عبر المعابر الحدودية من تركيا، كما لم تصل جل المساعدات التي تسلمها النظام إلى مناطق المعارضة، عرقلت الخلافات بين الأكراد المسلحين والمعارضة المدعومة من تركيا انسياب المساعدات.
صورة من: BAKR ALKASEM/AFP
نظام يستغل الزلزال لصالحه!
تحت تأثير الضغط الدولي، سمح النظام السوري بفتح معبرين إضافيين لدعم الشمال الغربي بعدما كانت جلّ المساعدات تأتي من معبر واحد هو باب الهوى. حكومة الأسد كانت تتمسك في البداية بتوزيع المساعدات تحت إشرافها، خصوصا مع سيطرتها على المطارات وتنسيق عدة دول بشكل مباشر معها، كما لم تقرّر الحكومة إيصال المساعدات إلى مناطق المعارضة إلّا بعد خمسة أيام على وقوع الزلزال.
صورة من: SANA/dpa/picture alliance
هناك من يستغل الزلزال للسرقة!
يجد البعض في الكوارث الطبيعية فرصة للنهب. السلطات التركية أوقفت حوالي 48 شخصا للاشتباه بأعمال نهب في مناطق الزلازل، وأصدرت أكثر من 113 مذكرة اعتقال. كما تحدث مراقبون عن وجود عمليات إطلاق نار واشتباكات بين مجموعات، ما دفع فرق إنقاذ أجنبية إلى تعليق عملياتها لدواعِ أمنية، ومنها بعثة الجيش النمساوي، وذلك الفرع الألماني لمنظمة I.S.A.R غير الحكومية.
صورة من: UMIT BEKTAS/REUTERS
الدعم الدولي كبير لكنه غير كافٍ
أرسلت عشرات الدول المساعدات وفرق الإنقاذ للشعبين التركي والسوري، سواء منها الدول العربية والغربية أو المنظمات غير الحكومية، لكن الحاجة كبيرة جدا وسط تباين واضح في الاستفادة منها بين تركيا وسوريا. الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر أكد أنه يحتاج إلى 702 مليون دولار لإغاثة المنكوبين، بينما ناشدت الأمم المتحدة الدول الأعضاء جمع حوالي 400 مليون دولار.
صورة من: Ahmed Saad/REUTERS
خسائر مادية باهظة
قدر اتحاد الشركات والأعمال التركي خسائر الزلزال بـ84 مليار دولار، من بينها 70,8 مليار دولار لترميم آلاف المنازل المتضررة، فضلا عن تضرّر الطرقات ونقاط التصنيع والقدرة الإنتاجية، ما سيكون له أثر على النمو الإجمالي. لكن في الجانب الآخر بين الزلزال وجود عيوب كبيرة في تشييد كثير من المباني، ما أدى إلى إيقاف 12 مقاولا في تركيا، وتأكيد وجود خطط لهدم حوالي 50 ألف مبنى.
صورة من: CLODAGH KILCOYNE/REUTERS
ما الحل لمواجهة الزلزال؟
أثار الزلزال أسئلة كثيرة حول قدرة البشر على مواجهة الزلازل، على الأقل التنبؤ بحدوثها بوقت كافٍ. الجدل قديم –جديد خصوصا مع تغريدة لخبير هولندي نبها فيها لوقوع زلزال في المنطقة. لكن العلماء يؤكدون أنه مستحيل حاليا توقع الزلازل بدقة قبل أيام أو أشهر من وقوعها. لكن البناء الآمن في المناطق التي توجد في بؤر الزلازل، وتطوير آليات الإنقاذ يمكن أن يساهما في تقليل أعداد الضحايا مستقبلا.