أمن السجون العراقية: اختراق فاضح
١٩ مايو ٢٠١١يرى الكاتب المتخصص بشؤون الإرهاب والاستخبارات جاسم محمد أن هروب متهمين بعلميات إرهابية كبرى من السجون العراقية لا يمكن أن يتم دون تواطؤ من سلطات السجون أو من شخصيات أعلى مستوى قريبة من القرار السياسي .
شهد العراق خلال الأشهر الثلاث الأخيرة حالات هروب نوعية لشبكة القاعدة وتنظيم دولة العراق الإسلامية أبرزها عمليه هروب 12 معتقلاً في الرابع عشر من كانون الثاني من أحد السجون الحكومية من مجمع القصور الرئاسية في منطقة البراضعية وسط مدينة البصرة أبرزهم محمد إسحاق الزاملي وهو أمير دولة العراق الإسلامية في محافظة البصرة و الدكتور ماجد عبد العزيز المسؤول الإداري والمالي لخلية القاعدة في البصرة وكان اغلبهم معتقلين سابقين في سجن بوكا تحت إشراف القوات الأميركية .
نائبة تكشف خفايا
وكانت سوزان السعد عضو مجلس النواب قد أعلنت في تصريح نشر في الخامس عشر من أيار 2011 أن لجنة تقصي الحقائق التي شكلها المجلس للتحقيق في قضية هروب المعتقلين كشفت النقاب عن تورط عدد من المسؤولين الكبار في الأجهزة الأمنية الحكومية في عملية الهروب بينهم ابن أخت المالكي ومستشاره الأمني عبد فاضل عبد قاسم والملقب بابي علي البصري والذي يحمل الجنسية السويدية .
وفي حادث منفصل هرب معتقلين من تنظيم دولة العراق الإسلامية الذي يعمل تحت مظله القاعدة متهمين بتنفيذ عمليه كنيسة النجاة في 31 اكتوبر/ تشرين الأول 2010 من سجن تابع لوزارة الداخلية/ وحدة مكافحة الإرهاب في سجن الكرادة المركزي في بغداد في الرابع عشر من شهر أيار 2011 أثناء محاولة الشرطة إجراء تحقيقات مع والي بغداد حذيفة البطاوي والذي تم اعتقاله في 27 من تشرين الثاني 2010 وأشار المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد إلى أن " الحادث مخطط له بكل تأكيد بصورة مسبقة كما أن التوقيت مخطط له "
تهريب وهروب معتقلين من تنظيم القاعدة والمجموعات المسلحة أسلوب تتبعه القاعدة بتخليص مقاتليها كجزء من حفاظها على منظومة بياناتها ومعلوماتها وخططها التي ممكن أن يكشف عنها مقاتلوها خلال التحقيق خاصة عندما تكون قائمه المطلوبين ذات أهمية عاليه .
أمثلة أخرى على التواطؤ
اليمن ابرز الدول التي حدثت فيه اكبر عمليه تهريب ل 33 من مقاتلي شبكه القاعدة من سجن الأمن السياسي في وسط صنعاء عام 2006 وفقا لمصادر أمنية يمنية فان السجناء هربوا من خلال نفق طوله 140 مترا يوصل إلى احد المساجد التي تقع عبر شارع فرعي من السجن .
هذا الأمر دفع الانتربول الدولي إلى رفع علامة الإنذار إلى اللون البرتقالي كون القائمة تتضمن مطلوبين من قبل مجلس الأمن والإدارة الأميركية وعلى راسهم جمال بدوي المسؤول عن ضرب المدمرة كول عام 2002 قبالة السواحل اليمنية . وبدون الدخول في تفاصيل القضية، فالعملية لا تتعدى أن تكون صفقة سياسيه مابين الحكومة اليمنية وبين تنظيم القاعدة وفي نفس الوقت يمكن اعتبارها ورقه ضغط على الإدارة الأميركية للحصول على مزيد من المساعدات تحت باب مكافحه الإرهاب .
وفي مدينه قندهار جنوب أفغانستان تمكن 470 سجينا من الهروب عبر نفق امتد لمئات الأمتار يتصل بأحد المنازل القريبة من السجن في 25 نيسان 2011 وكان بينهم قادة من طالبان والقاعدة .
ومهما اختلف المكان والزمان تبقى عمليه الهروب كارثة أمنية واستخبارية لا تتم عادة إلا بوجود تواطؤ من داخل السجون أو المؤسسات الحكومية .
تهالك امني مرتبط بفساد على أعلى المستويات
ما يحصل في العراق ممكن تصنيفه ضمن غياب الأجهزة الأمنية بالكامل وليس باختراق امني أو ثغره أمنية هذه الحوادث جاءت متزامنة مع قرب انتهاء المائة يوم التي وعد بها رئيس الحكومة لإجراء الإصلاحات في أعقاب التظاهرات التي جرت في بغداد والمدن العراقية في الخامس عشر من آذار من العام الجاري وإصداره عفوا عن مقاتلي القاعدة غير ملطخه أيديهم بدماء العراقيين وغياب تسميه وزير الداخلية والدفاع والمناصب الأمنية الذي يقع ضمن خلافات حكومة التوافق والشراكة .
دائرة الاتهام لم تكن بعيده ابدا من دائرة علاقات رئيس الحكومة وبالتحديد في المنظومة الاستخبارية والخلية الاستخبارية المعنية بإلقاء القبض وتسليم أو تحويل المطلوبين ومن بينهم تنظيم دوله العراق الإسلامية وشبكه القاعدة ولواء بغداد وكلاهما لا تخضعان لسلطه الداخلية او الدفاع بل محددة في شخص رئيس الحكومة وظهور مقربين من عائلة رئيس الحكومة متورطين في هروب سجناء القصور الرئاسية في البصرة في نتائج التحقيق الأولية التي أشارت لها النائبة سوزان السعد ومخاوف تسييس أو انحراف نتائج التحقيق تثير التساؤلات حول من يمسك بالأجهزة الأمنية في العراق .
في كل حادثه يتم تشكيل لجنه تحقيق بدون أن تكون هنالك نتائج أو عقوبات وان كانت فإنها لا تتعدى غير النقل أو تدوير المناصب وإبدال الوجوه التي سئم الشعب العراقي منها ومن تصريحاتها ، المالكي يطلب من الأجهزة الأمنية التحلي بالمهنية واليقظة لمواجهة الإرهاب !
وفي حديث لمدير عام دائرة مكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية اللواء ضياء حسين في مؤتمر إن "مجموعة إرهابية معتقلة من قبل المديرية العامة للشؤون والأمن في وزارة الداخلية حاولت عند الساعة العاشرة من مساء الرابع عشر من أيار 2011 من الهرب من موقف الوزارة" مبينا أن "المتهمين خطرين جدا وارتكبوا العديد من الجرائم في العاصمة بغداد".
السؤال كيف تتم عمليه استجواب مطلوبين ذوي أهمية عالية في قضايا الإرهاب في ساعة متأخرة من الليل بوجود العناصر الخافرة فقط وإخراج السجناء دون تقييد أيديهم او عصب أعينهم ويبدو أن الديمقراطية العراقية ضربت حدها لتتعدى أساليب الولايات المتحدة وأوربا في تعاملها مع المطلوبين في قضايا الإرهاب وتعطيل كاميرات التصوير فأي مهنيه وأي ثقة تتحدث عنها الحكومة .
ان تكرار عمليه هروب السجناء واستمرار التدهور الأمني في العراق وكشف حقائق عن تورط مسؤولين كبار في عمليات الفساد والسرقة لا يعطي الحق باستمرار مثل هكذا حكومة على حساب المواطن العراقي وان استخفاف وتسويف الحكومة واغلبيه البرلمان بحق المواطن وبمطالب المتظاهرين وتأجيل تسميه المرشحين لمناصب وزاره الداخلية والدفاع والأجهزة الأمنية من شانه ان يقود الحكومة إلى طريق مسدود ويطيح بالعملية السياسية برمتها مع انتهاء مهلة المائة يوم .
جاسم محمد
مراجعة وتحرير ملهم الملائكة