أمن المعقول يا هادي ؟
٣ يناير ٢٠١٣رأيي مع رأي زميلي هادي جلو مرعي في تقييم وتصنيف الصحفيين ، وطالما تبادلنا أنا وهو الآراء بشأن هذا الموضوع ، وكتبنا وصرخنا وقدمنا المشاريع والمقترحات للتخلص من (الزبد منهم) ، لكن أنا لست مع مقترحه كليا بتشكيل وزارة تعنى بالصحفيين ، ولأسباب بديهية أهمها الحفاظ على حرية الإعلام .
يبدو أن الزميل مرعي نسي أن مؤسسات صغيرة لا تربطها أي ارتباط بالحكومة تبدي استعدادها للتسييس علنا ، فكيف اذا كانت وزارة تعمل ضمن الكابينة الحكومية ، التي بالتأكيد لا ترضى أن تمس من الصحافة سلبا ، بدليل أن هناك العشرات من الدعاوى القضائية من جهات حكومية ضد صحفيين وصحف ومؤسسات موجودة في المحاكم ، ومرعي اعلم مني بها من خلال عمله كناشط في مجال حقوق الصحفيين .
لا اعلم ما الذي دفع مرعي إلى التفكير بهذا الأمر، هل هو انزعاجه من الجيش الجرار (من الصحفيين نص ردن) الذين فرضوا أنفسهم كصحفيين وهم ليسوا كذلك ؟ وهل أن هذا الأمر مبررا لاقتراح وزارة تقيد الصحفيين ؟
نعم لا اختلف بان زمننا هذا هو الأسوأ في مسألة وجود أناس طارئين لا يملكون أي مؤهلات مهنية على الصحافة ، حتى ان بعضهم نسي نفسه وراح يمارس مهنة التجارة من خلال الصحافة ، وآخرين عبارة عن متسكعين على أبواب المسؤول الفلاني ، لكنه بنفس الوقت هو الأفضل في مسألة الحرية ، فلا يمكن ان يأتي شخص معين وينكر مساحة الحرية الواسعة التي اجزم بان أي دولة في المنطقة على اقل تقدير لا تملكها .
" لا نضحي بحرية الصحافة لطرد الطارئين عليها"
لكن لا يمكن أن نقارن بين الحرية التي هي نزعة إنسانية بكل ما تحملها من معنى ، وبين أناس دخلوا لهذه المهنة عن طريق الحرية ، فليس هناك أي مقارنة بين الاثنين ، فالحرية غاية ، وتنظيف الوسط الصحفي من الطارئين أمنية ، فهل نتخلى عن الغاية في سبيل أمنية ؟
اعتقد أن هذا الأمر لا يمكن له أن يحصل ، ولا يمكن ان نتخلى عن الحرية في سبيل أناس- انا على ثقة – بانهم سينتهون مع مرور الوقت ، اذ ان تنظيف الوسط الصحفي منهم لا يحتاج الى إجراءات ، فماذا تفعل نقابة الصحفيين اذا أتتها استمارات من مؤسسات إعلامية تصادق فيها على أغبياء وتعنونهم بعنوان الصحفيين ؟ نعم ان النقابة لا تستطيع ، لكن الوقت يستطيع ان ينهي هؤلاء وسيأتي اليوم الذي ستتساقط فيه المؤسسات الإعلامية الوهمية الغير مهنية ، ويتساقط معها هؤلاء الطارئين .
الا انه ما يحزنني ان يستفز صحفي وناشط حقيقي مثل هادي جلو مرعي ذهنية الآخرين على تأسيس وزارة تعيدنا الى الزمن السابق ، مع علمي بحسن نيته .