أنباء عن استخدام المعارضة السورية غازات سامة في حلب
٣٠ أكتوبر ٢٠١٦
قالت وسائل إعلام رسمية سورية إن مقاتلي المعارضة استخدموا غازات سامة في قصف منطقة تحت سيطرة الحكومة في حلب اليوم الأحد مما تسبب في إصابة 35 شخصا بالاختناق وهو تقرير وصفه مسؤول بالمعارضة بأنه "كذبة".
إعلان
اتهم الإعلام الرسمي السوري الأحد (30 تشرين الأول/ أكتوبر 2016) الفصائل المعارضة باستخدام الغازات السامة في جبهات القتال الدائرة في غرب مدينة حلب في شمال البلاد، ما أسفر عن إصابة حوالي 35 شخصاً بحالات اختناق.
وأفادت وكالة الإنباء الرسمية (سانا) أن "التنظيمات الإرهابية المنتشرة في أطراف مدينة حلب الغربية استهدفت صباح اليوم منطقة حي الحمدانية وضاحية الأسد (...) بقذائف تحمل غازات سامة أدت إلى إصابة أكثر من 35 شخصاً بحالات اختناق". ونقلت سانا عن مراسلها مشاهدته في مستشفيي الجامعة والرازي مصابين يعانون من القيء وضيق في التنفس وتشنجات عضلية. ووصف مسؤول في المعارضة هذه التقارير بأنها "كذبة"، كما نقلت رويترز.
وتدور منذ الجمعة اشتباكات عنيفة عند أطراف الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام في حلب إثر هجوم شنته فصائل مقاتلة وإسلامية بهدف فك الحصار عن الأحياء الشرقية للمدينة. تتركز المعارك الأحد في محور ضاحية الأسد، إذ تحاول الفصائل التقدم باتجاه حي الحمدانية المحاذي للأحياء الشرقية.
من جانبه أكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن ومقره لندن وجود "حالات اختناق في صفوف قوات النظام في حي الحمدانية ومنطقة ضاحية الأسد" من دون تحديد السبب. وقال المرصد إن لديه تقارير مؤكدة بحالات اختناق بين مقاتلي الحكومة في منطقتين قصفتهما قوات المعارضة إلا إنه لا يعلم ما إذا كان غاز الكلور هو السبب.
وانضمت سوريا إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية عام 2013 بعد اتهام الدول الغربية لدمشق بشن هجوم كيميائي أوقع مئات القتلى في ريف دمشق. وفي كانون الثاني/ يناير الماضي أعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تدمير الترسانة السورية من هذه الأسلحة. وفي بداية الشهر الحالي اتهمت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة دمشق بشن ثلاثة هجمات كيميائية في الفترة بين 2014 و2015.
من جانب آخر أعرب الموفد الأممي إلى سوريا ستافان دي ميستورا عن "صدمته" لإطلاق الفصائل المعارضة عدداً كبيراً من القذائف والصواريخ العشوائية على أحياء غرب حلب في الساعات الـ48 الأخيرة. وفي بيان صدر في جنيف، قال دي ميستورا "تشير تقارير موثوقة نقلاً عن مصادر ميدانيّة إلى أن عشرات من الضحايا المدنيين لقوا مصرعهم في غرب حلب، بمن فيهم عدد من الأطفال، وجُرح المئات بسبب الهجمات القاسية والعشوائية من قبل جماعات المعارضة المسلحة".
وأضاف "من يزعمون أن القصد هو تخفيف الحصار المفروض على شرق حلب ينبغي أن يتذكروا أنه لا يوجد ما يبرر استخدام الأسلحة العشوائية وغير المتناسبة، بما فيها الثقيلة، على مناطق مدنية، الأمر الذي يمكن أن يرقى إلى جرائم حرب".
إلى ذلك، كرر الموفد الأممي تنديد الأمين العام للأمم المتحدة بالهجمات الأخيرة على مدارس في شرق وغرب حلب، إضافة إلى الغارات الجوية على الأحياء المدنية. وتابع في بيانه "لقد عانى المدنيون من كلا الجانبين في حلب بما فيه الكفاية بسبب محاولات غير مجدية وقاتلة، لإخضاع مدينة حلب، هؤلاء المدنيّون يحتاجون إلى وقف دائم لإطلاق النار".
م.أ.م/ ع.غ (رويترز، ا ف ب)
في صور: معارك بلا هوادة وحرب بلا نهاية - حلب تحت النار
صورة من: Reuters/A. Ismail
"ماذا بقي من حلب؟"، لعل هذا السؤال الذي يطرحه هذا الطفل الذي يتأمل ما خلّفه القصف المتواصل على المدينة الجريحة المنكوبة؟ أو فقط لعله يتساءل عما بقي من بيت أهله وأين سيقضي ليلته دون سقف قد لا يقيه راجمات الأسد ولا قاذفات حلفائه الروس. في غضون ذلك، تتواصل معاناة عشرات الآلاف من سكان حلب...والعالم لا يحرك ساكنا!
صورة من: Reuters/A. Ismail
حتى عندما قصفت الصواريخ التي أطلقتها قوات الأسد مدعومة بقوات روسية المستشفيات، على غرار مستشفى ميم 10 والمعروف باسم "مستشفى الصخور" الواقع في شرق حلب وقُتل اثنان من المرضى وأصيب العشرات منهم، لم يحرك العالم ساكنا. البعض ندد وناشد... والأسد - مدعوما بحلفائه روسيا وإيران وحزب الله - يواصل الحرب على شعبه.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وفيما تتفاقم معاناة المدنيين، تحتفل قوات الأسد بتقدمها على حساب فصائل المعارضة في حلب... ودمشق تؤكد أن جيشها سيواصل حملته العسكرية الكبيرة - بمؤازرة من فصائل تدعمها إيران وغطاء جوي روسي - لاستعادة السيطرة.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Ourfalian
في غضون ذلك، يشيع الحلبيون يشيعون موتاهم إلى مثواهم الأخير في حرب تعددت فيها الجبهات وتنوعت فيها الأطراف بين من يدعم الأسد جهراً وسراً وبين من يدعم المعارضة بالسلاح بشكل مباشر أو غير مباشر. حرب وُصفت بـ"الوحشية" من قبل الأمم المتحدة، فيما تتحدث الصور التي تصلنا عنها عن "بشاعة" تكاد لا تجد ما يضاهيها في الشرق الأوسط منذ عقود طويلة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Alhalbi
ومن لم يحالفه الحظ بالهرب إلى خارج البلاد، يكون مصيره إما الموت أو الإصابة أو العيش في هلع يومي. الأكيد أن أكبر ضحايا هذه الحرب هم الأطفال. فقط بعض الصور التي تصلنا من حلب توثق مدى معاناة هؤلاء: ففي آب/ أغسطس الماضي، صدمت صورة الطفل عمران بوجهه الصغير الملطخ بالدماء والغبار وهو يجلس داخل سيارة إسعاف، الملايين حول العالم بعد إنقاذه من غارة استهدفت الأحياء الشرقية في حلب. وما لا نعرفه كان أعظم!
صورة من: picture-alliance/AA/M. Rslan
حتى قوافل المساعدات الإنسانية التي جاد بها المجتمع الدولي للتخفيف بعض الشيء من معاناة المدنيين في حلب لم تسلم من القصف. فقبل أسبوعين تعرضت قافلة مساعدات في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي للقصف ما أسفر عن مقتل "نحو عشرين مدنياً وموظفاً في الهلال الأحمر السوري، بينما كانوا يفرغون مساعدات إنسانية من الشاحنات"، وفق الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري.
صورة من: picture alliance/newscom/O. H. Kadour
وفيما يبقى المجتمع الدولي عاجزا حتى على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في حلب وإتاحة المجال لتوصيل المساعدات الإنسانية والطبية إلى المدنيين المحاصرين، يبقى أصحاب الخوذات البيضاء "الأبطال" في عيون العديد من الحلبيين. رغم الحديد والنار ورغم الصواريخ والقاذفات، ظلوا في مدينتهم لمد يد المساعدة وإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وبينما يقضي أقرانها في أغلبية دول العالم أوقاتهم في المدرسة أو في اللعب، تجد هذه الطفلة السورية نفسها مجبرة على الوقوف في صف طويل من أجل الحصول على بعض من الطعام الذي توزعه بعض المنظمات الانسانية - طبعا إن سملت هي بدورها من قصف قوات الأسد وقاذفات الطائرات الروسية. بالنسبة للعديد هذه الصورة إنما حالة تبعث للحزن، ولكنها واقع مر لعشرات الآلاف من الأطفال السوريين...
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
وفيما يتحمل العديد من الحلبيين الواقع المر بالكثير من الصبر، نفذ صبر واشنطن خلال مفاوضاتها مع روسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا. وروسيا، التي عبرت طبعاً عن أسفها لذلك، تواصل دعمها للأسد. مراقبون يتحدثون عن لعبة بوتين في الشرق الأوسط من أجل حمل أمريكا وحلفائها الغربيين على إسقاط العقوبات المفروضة على بلاده بشأن دورها في أوكرانيا. إذن سوريا ليست إلا ورقة تفاوض للي ذراع أمريكا؟
صورة من: Getty Images/AFP/J. Samad
في الأثناء يواصل مجلس الأمن الدولي نقاشاته ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا لم ينفك يتحدث عن الأزمة السورية ومعاناة الشعب السوري - وخاصة المدنيين في حلب - ويناشد المجتمع الدولي وخاصة المنخرطين في الصراع السوري بعضا من "الشفقة"... والكل يدين ويكرر الدعوات إلى إيجاد حلول سياسية. فهل من آذان صاغية؟
صورة من: Reuters/A.Kelly
إلى حين إيجاد حل للأزمة السورية... إن وجد أصلا، يبقى العديد من المدنيين في حلب يواجهون مصيرهم بأنفسهم تحت القصف المتواصل دون أن تلوح في الأفق بادرة عن نهاية معاناتهم. فهل من أمل في غد أفضل؟
شمس العياري