أهل ضحايا الاحتجاجات الدموية في إيران لـDW: الصمت خيانة
٧ ديسمبر ٢٠١٩
قتل أكثر من 200 شخص في مظاهرات إيران بعد رفع أسعار الوقود، وفقًا لمنظمة العفو الدولية. معظم أقارب الضحايا يخشون الانتقام ولذلك يظلون صامتين، لكن اثنين منهما تحدثا إلى DW عن قتل ذويهم وكيف أثر ذلك فيهم.
إعلان
لم يعد أرشام إبراهيمي إلى منزله، ففي 16 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي انحصر الشاب البالغ من العمر 21 عامًا في ازدحام مروري في مدينة أصفهان، ذات المليونين نسمة، والواقعة بوسط إيران. كانت الشوارع مغلقة بسبب الاحتجاجات الكبرى. وكان المتظاهرون غاضبين من أن الحكومة، بين عشية وضحاها، قد رفعت أسعار الوقود بشكل مهول. نزل أرشام من المركبة وأراد أن يسير على قدميه، وبعد ذلك بوقت قصير توفي في الشارع.
وصلت الأنباء المحزنة إلى العائلة بعد أربعة أيام عندما تم تسليم الجثة إليها. "قُتل أرشام برصاصة في الظهر"، يقول عمه بهزاد إبراهيمي عن سبب الوفاة. ولم تقل السلطات من أطلق النار على أرشام، بحسب قول العم لدويتشه فيله.
عنف متصاعد
في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني، خرج عشرات الآلاف من الناس إلى الشوارع في إيران. في كثير من الأماكن، تحولت الاحتجاجات إلى عنف. عشرات محطات الوقود ومراكز الشرطة وفروع البنوك والمباني الحكومية والمساجد أما دمرت أو جرى إشعال النيران فيها. ووفقًا للأرقام الرسمية، قُتل أربعة من أفراد قوات الأمن.
القادة في طهران أمروا بقمع الاحتجاجات بقوة شديدة. غير أن المدى الذي بلغه عنف قوات الأمن لا يزال غير واضح بدقة. فالبلد يكاد لا توجد به وسائل إعلام مستقلة. وقد أغلقت الحكومة الإنترنت بالكامل تقريبًا بعد وقت قصير من بدء الاحتجاجات.
بالنسبة لمنظمة العفو الدولية، المدافعة عن حقوق الإنسان، من الواضح أن قوات الأمن استخدمت القوة المسلحة بشكل غير متناسب ضد المتظاهرين. قامت المنظمة بتحليل العديد من مقاطع الفيديو، التي تم نشرها علنا منذ عودة الإنترنت. وتظهر تلك المقاطع كيف أطلقت قوات الأمن النار على المتظاهرين من مسافة قريبة أو ضربتهم بالهراوات.
"لقد دُمرنا تماما"
ينتمي ضحية العنف أرشام إبراهيمي إلى عائلة من قدامى المحاربين. فوالده قاتل في الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينات القرن العشرين وقضى ثماني سنوات في الأسر العراقي. وكذلك عمه بهزاد خدم في الجيش الإيراني. ويقول بهزاد: "عندما كان والد أرشام في الأسر العراقي، لم تنكسر عائلتنا، لقد استطعنا تحمل كل شيء، لكن الآن وبعد وفاة أرشام، لقد دُمرنا تمامًا".
وفي مدينة كرج، على بعد حوالي 50 كم جنوب غرب طهران، قُتل بويا بختياري. ففي 16 نوفمبر/ تشرين الثاني، خرج إلى الشارع مع والدته ناهد شيربيشه. كان الشاب البالغ من العمر 27 عامًا مهندسًا يهتم بالفن والأدب ويتحدث الإنجليزية بطلاقة - رجل ذكي، كما وصفته والدته.
في التجمع، افترق بختيري ووالدته. وفي وقت لاحق، سمعت الأم أصوات طلقات، وبعد ذلك ببضع دقائق شاهدت ناهد شيربيشه ابنها يحمله متظاهرون آخرون على أكتافهم، والدماء تسيل منه.
وتقول شيربيش في مقابلة مع دويتشه فيله: "لقد أطلقوا عليه الرصاص في رأسه". وأضافت: "لكونه نباتيًا، كان ابني يحترم دائما الحياة، فمن أعطاهم الحق في قتله ومنحهم إذنًا بالتوجه مباشرة إلى رأسه؟ ولماذا أطلق الرصاص الملعون على ابني؟"، تتساءل الأم المفجوعة.
السلطات تنفي سقوط قتلى
وتبقى أسئلة ناهد شيربيشه بلا إجابات. وأكدت السلطات الإيرانية حوالي 500 عملية اعتقال فقط، بما في ذلك لـ 180 من "زعماء الفتنة". وقد رفض القضاء الإيراني تقرير منظمة العفو الدولية عن وجود 208 حالات وفاة على الأقل، وقال متحدث باسم القضاء: "أرقام الجماعات المعادية كذب محض."
يصف العديد من المراقبين الاحتجاجات الأخيرة في إيران بأنها "حركة للفقراء"؛ لأن معظم المتظاهرين ينتمون إلى أدنى طبقات المجتمع وبالتالي فقد تأثروا كثيرا بتقلب الأسعار.
لكن الأمور الاقتصادية لبويا بختياري كانت جيدة. وتقول والدته: "كان ابني يمتلك سيارة، ويعيش في شقة مساحتها 150 مترا مربعا، ولم يكن ينقصه شيء، لقد شارك في المظاهرات من أجل العدالة والحرية، وليس بسبب الجوع والفقر".
وتضيف ناهد شيربيشه: "كأم تحمل في قلبها حزنا فظيعا لا يطاق، لا يمكنني أن أبقى صامتة ولا أقول شيئا، فالصمت سيكون خيانة، خيانة للدم، الذي أريق في الشوارع."
ميترا شجاعي/ ص.ش
الاقتصاد الإيراني.. انتكاسة واضحة ومستقبل مهدد
يشهد الوضع الاقتصادي بإيران تراجعا. فبعد انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي وفرضها عقوبات اقتصادية وضغوط على إيران، فضلا عن خروج متظاهرين إلى الشارع احتجاجا على الوضعية الإقتصادية، صارت إيران تعيش على وقع أزمة مرجح تفاقمها.
صورة من: IRNA
أكبر احتجاجات منذ سنوات
شهدت إيران مع نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2017 وانطلاق العام الجديد 2018 موجة مظاهرات بمناطق عدة نتيجة ارتفاع الأسعار وزيادة البطالة والأزمة المالية الخانقة بالبلد، وقتل فيها العشرات واعتقلت السلطات الآلاف. وهذه هي الحركة الاحتجاجية الأكبر في إيران منذ المظاهرات المعترضة على إعادة انتخاب محمود أحمدي نجاد رئيسا في العام 2009.
صورة من: Irna
العملة الإيرانية تفقد قيمتها
فقدت العملة الوطنية الإيرانية نصف قيمتها. وقد أشارت أرقام صادرة عن البنك الدولي، أن الاقتصاد الإيراني انخفض من المركز 17 إلى 27 على مستوى العالم خلال العقود الأربعة الماضية. لكن طلب الولايات المتحدة من الشركات العالمية وقف استيراد النفط الإيراني يهدد الاقتصاد بأزمة أكبر، إذ يمثل بيع النفط نسبة 64 بالمائة من إجمالي صادرات إيران، كما يشكل مصدرا أولا للعملة الصعبة التي تدخل البلد (الدولار واليورو).
صورة من: Getty Images/AFP/A. Kenare
الريالات الإيرانية في تدهور
أشارت بعض المصادر الإعلامية إلى أن ورقة الـ10 آلاف ريال إيراني كانت تساوي قبل عام 1979 حوالي 150 دولارا أمريكيا، أما الآن فهي أكثر بقليل من 10 سنتات في سوق الصرف المتقلبة في طهران. وبالرغم من استعادة الاقتصاد الإيراني لعافيته بعد 2015، إلا أنه بقي هشا. ويُنتظر أن يزيد تدهورا بعد فرض العقوبات التي ستؤثر على الريال الإيراني.
صورة من: AP
ارتفاع أسعار الذهب
أكد رئيس اتحاد تجار الذهب في طهران، أن الصراع بين إيران وأمريكا، أدى إلى ارتفاع أسعار الذهب في البلاد، حسب ما تناقلته مواقع إخبارية. وسجلت المسكوكة الذهبية في السوق الإيرانية رقما قياسيا جديدا ببلوغها الـ 3 ملايين و400 ألف تومان، حيث زاد سعرها نحو 600 ألف تومان خلال شهر واحد.
صورة من: Isna/Rohollah Vahdati
البنوك في أزمة!
يواجه البنك المركزي الإيراني صعوبات كبيرة في تنفيذ المعاملات المالية داخل البلد وخارجه. ويعزي البعض ذلك إلى أخذ البنك لودائع تقدر نسبة فائدتها السنوية بـ20 إلى 23 بالمائة. وبسبب العقوبات الأمريكية، خفضت البنوك معدلات الفائدة ما بين 10 إلى 15 بالمائة، مما دفع الكثير من المودعين إلى سحب أموالهم لشراء الدولار واليورو. وهو ما أدى إلى تفاقم نقص العملات الأجنبية، وإغلاق مكاتب صرافة، لكن دون جدوى.
صورة من: Isna
أسعار خيالية!
من بين المؤشرات على تأزم الوضع الاقتصادي في إيران، انخفاض قيمة الريال الإيراني الذي أدى إلى ارتفاع أسعار بعض السلع المستوردة بنسبة 100 بالمائة، علاوة على ارتفاع أسعار السلع الأساسية بشكل جنوني. هذا بالإضافة إلى انخفاض نشاط بورصة السلع الإيرانية إلى حد أدنى. وتشير توقعات خبراء في شركة "بي أم آي" للأبحاث الاقتصادية العالمية، أن يشهد الاقتصاد الإيراني انكماشاً بنحو 4 في المئة العام المقبل.
صورة من: AP
التضخم يرفع الأسعار
شكل التضخم خلال السنوات الماضية عاملا أساسيا في تدهور الاقتصاد الإيراني حيث يبلغ متوسط معدل التضخم ما بين 19 و20 بالمائة سنويا. وحسب مركز الإحصاء الإيراني الحكومي في طهران فإن معدل التضخم وصل في يونيو/ حزيران الماضي إلى نحو 8.7 %، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، الأمر الذي يكشف عن ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية، وانخفاض قيمة العملة المحلية مؤخرا.
صورة من: ILNA
فقر وبطالة وهجرة
ساهمت مشكلة التضخم في ظهور الطبقات المجتمعية بإيران وانتشار الفقر والبطالة. وحسب تقديرات البنك الدولي فإن متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في إيران استنادا إلى القدرة الشرائية الحقيقية للعملة الإيرانية بين عامي 1976 و2017، يكشف أنه خلال هذه الفترة أصبح الإيراني أكثر فقرا بنسبة 32 بالمئة. كما تشير الاحصائيات إلى أن عددا كبيرا من الشباب الإيراني يحاول الفرار من الأوضاع المتأزمة.
صورة من: shahrvanddaily.ir
صفقات في مهب الريح!
من بين الجوانب المرجح تأثرها السلبي بالعقوبات الأمريكية، الصفقات المعقودة مع كبرى الشركات الدولية على الصعيد العالمي وعلى صعيد النفط وأيضا والأجهزة الإلكترونية، مثل الصفقات التي عقدتها طهران مع شركة توتال النفطية وشركة فولكسفاغن الألمانية لصناعة السيارات وجنرال إلكتريك للأجهزة والمعدات الإلكترونية.
صورة من: picture-alliance/dpa
انتكاسة السياحة
توتر العلاقات مع الاقتصاديات الكبرى وبعد العقوبات المفروضة جعل الحالة الإقتصادية لإيران مُقبلة على عزلة تشمل عدة قطاعات مثل السياحة. فبعد أن دشنت شركات طيران كبرى، مثل الخطوط الجوية البريطانية، رحلات إلى البلد بهدف الترويج له كوجهة سياحية، وفتح سلسلة فنادق عالمية مثل Accor عام 2015، يرى مراقبون أن هذه الصفقات قد يتم التراجع عنها بسب قلة السياح ومحدودية رحلات الطيران القادمة من أوروبا. مريم مرغيش