يجري الرئيس أوباما والمستشارة ميركل اجتماعات في برلين أقرب إلى "مراسم تسليم الشعلة". وبات العالم ينظر إلى ميركل على أنها حاملة لواء القيم الديمقراطية بعد الرئيس الأميركي الحالي، الذي وصفها بأنها "أهم حليف دولي".
إعلان
منذ وصوله إلى برلين مساء أمس الأربعاء (16 تشرين الثاني/ نوفمبر)، يعقد الرئيس الأمريكي باراك أوباما لقاءات مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، وصفها بعض المراقبين بأنها أقرب إلى مراسم تسليم الشعلة. فقد بات العالم ينظر إلى ميركل على أنها حاملة لواء القيم الديمقراطية بعد الرئيس الأميركي الحالي وإثر انتخاب الجمهوري دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة.
نبرة حازمة لميركل تجاه ترامب
وتبنت ميركل بعد فوز دونالد ترامب موقفا غير اعتيادي بنبرته الحازمة والواضحة، فذكرته بأهمية احترام القيم الديمقراطية والتسامح. ولم تأت لهجة المستشارة هذه من فراغ، بل ردا على ما تبناه الرئيس المنتخب في حملته الانتخابية. وكان ترامب قد جعل من ميركل هدفا لسهامه وانتقدها بشدة خلال الحملة الانتخابية وخصوصا موقفها من اللاجئين، أو ما بات يعرف بسياسة "الأبواب المفتوحة".
مراسم تسليم شعلة "القيم الديمقراطية"
ويرى بعض المحللين أن زيارة أوباما تتخذ في هذه الظروف منحى مراسم تسليم الشعلة، لتجد المستشارة نفسها بعد خروجه من البيت الأبيض أفضل ممثلة لـ "العالم الحر"، وكذلك المدافعة عن العلاقة بين ضفتي الأطلسي وعن التبادل الحر، وكلها قيم كان البيت الأبيض يحمل رايتها حتى الآن. وفي دليل على المكانة التي تبوأتها ألمانيا، اختار أوباما برلين ليودع فيها الجمعة قادة بريطانيا (تيريزا ماي) وأسبانيا (ماريانو راخوي) وإيطاليا (ماتيو رينزي) وفرنسا (فرنسوا أولاند).
وتأتي هذه اللقاءات غداة إلقاء أوباما خطابا في أثينا، كان بمثابة وصيّة سياسية دافع فيه عن الديمقراطية وعن عولمة أكثر عدلا، أو عن عولمة تطغى فيها العدالة الاجتماعية. وسيشدد الرئيس الأميركي في برلين، المحطة الثانية والأخيرة من جولة الوداع، على القيم المشتركة بين أوروبا والولايات المتحدة، بحسب ما أوضح مسؤولون في البيت الأبيض.
طمأنة الأوروبيين
هذا كما سيسعى أوباما لطمأنة المخاوف حول مستقبل الشراكة بين ضفتي الأطلسي، في وقت أعلن الرئيس المنتخب أنه سيلتزم بمبدأ "أميركا أولا".وأشاد أوباما (55 عاما) في الأيام الأخيرة بالمستشارة الألمانية التي وصفها بأنها "ربما الشريكة الدولية الأقرب" له. وبعد عشاء خاص مساء أمس الأربعاء، يجري الرئيس الأمريكي المنصرف محادثات رسمية ويعقد مؤتمرا صحافيا مشتركا.
وفي موقف يتناقض مع الخطاب المعارض للعولمة الذي يعتمده خلفه المنتخب، وجه أوباما وميركل رسالة في مقالة مشتركة نشرتها أسبوعية اقتصادية، دافعا فيها عن العلاقة التي تربط ضفتي الأطلسي وعن التبادل الحر، في وقت أعلن ترامب عن مواقف أقرب إلى الحمائية والانعزالية. وكتب الزعيمان "لن تكون هناك عودة إلى عالم ما قبل العولمة"، مؤكدَين "نكون أقوى حين نعمل معا".
وبعد وصول أوباما إلى السلطة، طور المسؤولان بشكل سريع علاقة وثيقة استمرت حتى بعد أزمة 2013 عند كشف فضيحة تنصت واشنطن على الهاتف النقال للمستشارة.
ويحمل قدوم أوباما إلى ألمانيا رمزية كبرى بالنسبة له. فهناك عقد في تموز/يوليو 2008، حين كان مرشحا للبيت الأبيض، أكبر تجمع انتخابي في حملته. يومها دعا في العاصمة الألمانية، التي كانت مقسومة بجدار في يوم من الأيام، إلى عالم خال من الأسلحة النووية أمام مأتي ألف شخص تجمعوا عند أسفل "عمود النصر" احتفاء به.
أ.ب/أ.ح (أ ف ب)
العلاقات الألمانية الأمريكية ـ ارتباط استراتيجي عقلاني
تعد علاقة الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل علاقة جيدة مبنية على مصالح مشتركة، غير أن العلاقة بينهما لم تكن مستقرة على الدوام بل شهدت محطات من التوتر، ولاسيما عند اندلاع أزمة اليورو.
صورة من: picture-alliance/Zuma Press/Xinhua/Luo Huanhuan
تظاهر عشرات آلاف الأشخاص السبت (23 أبريل 2016 ) في هانوفر شمال ألمانيا احتجاجا على مشروع اتفاق للتبادل الحر عبر الأطلسي، وذلك عشية زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما للدفاع عن هذه المعاهدة. وتحدثت الشرطة عن 35 ألف متظاهر في حين أشار المنظمون إلى تسعين ألفا.
صورة من: DW/S. Kinkartz
قبل هبوط طائرة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في مطار هانوفر خضعت المنطقة برمتها لترتيبات أمنية مشددة، وحتى البساط الأحمر الذي مشى عليه أوباما خضع لتفتيشات الكلاب البوليسية.
صورة من: picture alliance/AP Photo/J. Meyer
قبل استقباله من قبل المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في قصر هيرنهاوزن في هانوفر، استعرض الرئيس أوباما حرس الشرف للجيش الألماني، واستمع مع ميركل للنشيدين الوطنيين الألماني والأمريكي.
صورة من: Reuters/K. Pfaffenbach
اختيار الرئيس باراك أوباما زيارة ألمانيا للمرة الخامسة منذ دخوله البيت الأبيض، يؤكد على المكانة التي يمنحها للمستشارة، الزعيمة الأوروبية التي يعرفها أكثر من سواها بعد ولايتيه الرئاسيتين. وهو هنا يحيي الجمهور من على شرفة في قصر هيرنهاوزن بهانوفر في شمال ألمانيا.
صورة من: Reuters/K. Pfaffenbach
أشاد الرئيس أوباما بالدور الريادي الذي تقوم به المستشارة الألمانية ميركل ووجه لها شكرا في كلمته يوم الاثنين بهانوفر. وقال أوباما: "باسم الشعب الأمريكي أود أن أشكر السيدة ميركل على دعمها لتحالفاتنا على هذا النحو، وعلى التزامها تجاه تحقيق الحرية والمساواة وحقوق الإنسان". ووصف أوباما الدور الذي تقوم به ميركل "بالقيادة بيد هادئة" وأشار إلى أنه يمكن التعلم منها كيفية القيادة.
صورة من: Reuters/K. Pfaffenbach
أكد أوباما كفاءة الاقتصاد الأمريكي في معرض هانوفر الصناعي الدولي، وبدا أوباما كشخص موهوب في البيع وقال مبتسما في مستهل جولته بالمعرض: "اشتري صنع في أمريكا". وكان ذلك بمثابة رد فعل على المستشارة ميركل التي دعت قبلها خلال افتتاح المعرض لتحسين فرص التجارة أمام الشركات الألمانية في الولايات المتحدة الأمريكية. وقالت: "شراء (المنتج) الألماني شيء جميل أيضا".
صورة من: Reuters/K. Pfaffenbach
خلال فعاليات معرض هانوفر الصناعي الدولي روج أوباما وميركل لدعمهما لاتفاق التبادل الحر بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، رغم الانتقادات التي يثيرها على ضفتي الأطلسي. وعبر أوباما عن أمله في إنهاء المفاوضات حول هذا الاتفاق المتعثر، المعروف باسم "الشراكة الأطلسية للتجارة والاستثمار" قبل مغادرته البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير 2017.
صورة من: Reuters/W. Rattay
لم يبخل الرئيس أوباما في الإشادة بالمستشارة ميركل التي وصفها بـ"حارسة أوروبا" مثنيا على موقفها "الشجاع" في أزمة المهاجرين. وقال "إنها تجسد الكثير من المواصفات القيادية التي تثير إعجابي بقدر خاص، وهي تسترشد بالمصالح والقيم في آن". ويبدو أن هناك تطابقا كبيرا في نهجي أوباما وميركل، وتحدثت صحيفة ألمانية عن "روحين توأمين".