أوباما يوجه انتقادات لاذعة لأجهزة الاستخبارات الأمريكية
٣٠ ديسمبر ٢٠٠٩أعلن الرئيس الأميركي باراك اوباما أمس الثلاثاء (29 ديسمبر / كانون الأول) إن محاولة التفجير الفاشلة التي تعرضت لها طائرة أميركية يوم عيد الميلاد تمثل "فشلا" امنيا واستخباراتيا "مرفوضا"، متعهدا بمحاسبة المسؤولين عنه. وفي سياق متصل قال أوباما، في رسالة إذاعية من هاواي حيث يقضي إجازته، إن الانتهاك الأمني كان نتيجة "إخفاق بشري ومنهجي"، وصفه "بغير المقبول كليا". وشدد أوباما على ضرورة "التحرك بسرعة لسد الثغرات في النظام الأمني الأمريكي". كما أمر الرئيس الأمريكي بمراجعة الإجراءات الأمنية الخاصة بالرحلات الجوية والتحقيق في كيفية تعامل الحكومة مع الأشخاص، الذين يشتبه في وجود صلات تربطهم بإرهابيين، مشددا على أن البيت الأبيض يتوقع الإطلاع على نتائج أولية بحلول يوم الخميس ومراجعة أشمل في غضون الأسابيع المقبلة.
انتقادات أوباما للاستخبارات الأمريكية
وفي الساق نفسه أكد اوباما حصول أخطاء في عملية جمع وتبادل المعلومات الاستخباراتية حول المتطرفين وكذلك في منظومة الأمن الداخلي، مشددا على أنه لولا هذه الأخطاء لكان بالإمكان تفادي الهجوم الفاشل الذي تعرضت له طائرة "نورثويست" الجمعة الماضية أثناء رحلة بين أمستردام وديترويت وعلى متنها 290 شخصا. وقال أوباما إنه "كان ينبغي على أجهزة الاستخبارات أن تربط بين الأحداث"، معتبرا أن الشاب النيجري، الذي حاول تفجير الطائرة الأمريكية يوم عيد الميلاد، ما كان ينبغي أن "يُسمح له بركوب طائرة متجهة إلى الولايات المتحدة".
ويأتي ذلك في الوقت الذي ذكرت فيه وسائل إعلام أميركية أن والد عمر فاروق عبد المطلب كان قد حذر مسئولين أميركيين في إفريقيا من آراء ابنه المتطرفة لكن هذه التحذيرات لم يتم إيصالها إلى الجهات المعنية. وانتقد الرئيس الأميركي وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي اي ايه) بسبب إخفاقها في كشف محاولة الهجوم هذه قبل وقوعها. وأشار أوباما إلى أن "هذه المعلومات نقلت على ما يبدو قبل أسابيع إلى أحد أجهزة استخباراتنا لكنها لم تعمم بشكل فعال لوضع اسم المشبوه به على لائحة الممنوعين من السفر إلى الولايات المتحدة". يشار إلى أن عمر فاروق عبد المطلب كان مسجلا على لائحة بيانات حكومية أمريكية تضم أسماء ما يزيد على نصف مليون شخص حول العالم يشتبه أن لهم صلات إرهابية لكنهم لم يتم وضعهم على قوائم منع من السفر أكثر تقييدا.
فشل منظومة الأمن الداخلي؟
في غضون ذلك ذكرت شبكة التلفزيون الأميركية "سي.أن.أن" نقلا عن مصدر لم تكشف عن هويته وصفته بأنه "قريب من الملف"، أنه تم إعداد تقرير مفصل قبل أسابيع حول مقابلة بين والد عمر فاروق عبد المطلب وأحد عملاء سي.آي.إيه العاملين في السفارة الأمريكية في نيجيريا، موضحا أن هذا التقرير قد تم إرساله إلى مقر الوكالة في لانغلي في فيرجينيا. إلا أن هذا التقرير، بحسب المصدر، لم يُنشر كما يجب داخل المنظومة الإستخباراتية الأميركية. وتشير هذه المعطيات إلى أن أجهزة الاستخبارات الأميركية ربما لم تنجح في تحسين التعاون في ما بينها على الرغم من الضغوط لدفعها إلى تحقيق ذلك منذ اعتداءات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001.
على صعيد آخر، أفادت صحيفة وول ستريت جورنال أن الاجتماع بين والد عبد المطلب وسي.آي.ايه قد عقد في السفارة الأميركية في العاصمة النيجيرية أبوجا في 19 تشرين الثاني/نوفمبر، وفي 20 من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر تلاه اجتماع لوكالات الاستخبارات، شارك فيه إلى جانب عناصر من "سي.آي.إيه" ممثلون عن وزارة الأمن الداخلي ومكتب التحقيقات الفدرالي ووزارة الخارجية. وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن المعلومات، التي طرحت خلال الاجتماع، قد تمت دراستها ثم تحليلها بعد ذلك في الولايات المتحدة. من جهته، قال بول جيميليانو، المتحدث باسم وكالة الاستخبارات الأمريكية "سي.آي.إيه"، للصحيفة إن الوكالة "قد ساعدت في إدراج اسم النيجيري في سجل للمعلومات الأمنية وأرسلت معلومات عن سيرته إلى المركز الوطني لمكافحة الإرهاب وهي الوكالة الحكومية، التي تنسق نشاطات الاستخبارات. فيما نقلت تقارير إعلامية أخرى عن مسئول في الاستخبارات أنه ليس هناك أي "قطعة سحرية في المعلومات"، التي طرحت في الاجتماع مع والد عبد المطلب، كان يمكن أن تؤدي إلى إدراج اسم ابنه على لائحة الممنوعين من الصعود إلى الطائرات.
(ش.ع / د.ب.أ / أ.ف.ب / رويترز)
مراجعة: طارق أنكاي