أوجلان: ثمة حاجة إلى "تحول كبير" لإصلاح علاقة تركيا بأكرادها
علي المخلافي أ ف ب
١٩ مايو ٢٠٢٥
بعد قرار تاريخي اتخذه حزبه بحلّ نفسه، اعتبر عبد الله أوجلان مؤسس حزب العمال الكردستاني أن إصلاح علاقات تركيا بأقليتها الكردية يحتاج لـ"تحول جذري"، داعيا إلى "اتفاق جديد قائم على الأخوة".
مؤسس حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلانصورة من: Halil Uysal/IMAGO
إعلان
قال مؤسس حزب العمال الكردستاني المسجون عبد الله أوجلان الأحد (18 مايو/أيار 2025)، إن هناك حاجة إلى "تحول كبير" لإصلاح العلاقات بين تركيا والأقلية الكردية في البلادبعد القرار التاريخي الذي اتخذه الحزب بحلّ كيانه وتسليم السلاح. وكتب أوجلان المقاتل السابق البالغ 76 عاما "ما نقوم به ينطوي على تحول كبير". وأضاف أن "العلاقة التركية-الكردية أشبه بعلاقة أخوية مقطوعة. يتقاتل الإخوة والأخوات، لكنهم لا يستطيعون العيش بعضهم من دون بعض"، داعيا إلى "اتفاق جديد قائم على مفهوم الأخوة". كما دعا إلى ضرورة "إزالة (...) كل الأفخاخ وحقول الألغام التي تفسد هذه العلاقة، وإصلاح الطرق والجسور المقطوعة".
ونقل رسالة أوجلان وفد من حزب المساواة وديموقراطية الشعوب (ديم) المؤيد للأكراد الذي زار جزيرة سجن إيمرالي قرب إسطنبول ، حيث يمضي أوجلان حكما بالسجن مدى الحياة في زنزانة انفرادية منذ العام 1999. وكانت هذه الزيارة الأولى له منذ إعلان حل الحزب وإلقاء السلاح في 12 مايو/أيار 2025 سعيا إلى وضع حدٍّ للصراع الذي بدأ عام 1984 عندما بدأ حزب العمال الكردستاني تمردا مسلحا بهدف إقامة دولة للأكراد الذين يشكّلون حوالى 20 في المئة من سكان تركيا البالغ عددهم 85 مليونا. وقُتل منذ ذلك الحين أكثر من 40 ألف شخص.
أوجلان يدعو للسلام
02:10
This browser does not support the video element.
وهذه المرة، كانت النائبة عن حزب "ديم" برفين بولدان الوحيدة التي زارت أوجلان برفقة محاميه أوزغور إيرول، بعد وفاة أبرز مهندسي الحوار بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني، سري ثريا أوندر أخيرا. وتوفي أوندر، نائب رئيس البرلمان التركي، في الثالث من مايو/ أيار 2025 بعد إصابته بسكتة قلبية، وذلك قبل أيام قليلة من القرار التاريخي لحزب العمال الكردستاني. وهو أمضى سنوات في محاولة إنهاء الصراع مع الأقلية الكردية في تركيا. ومنذ ديسمبر / كانون الأول 2025، كان جزءا من الوفد الذي زار أوجلان مرات عدة. ومن غير المرجح أن يطلق سراح عبد الله أوجلان لأن حياته قد تكون مهددة، لكن من المرجح أن "تخفَّف" ظروف سجنه، بحسب مسؤولين. وكتب أوجلان "كنت أتوق إلى التحدث مع سري ثريا أوندر مرة أخيرة" قائلا إنه كان "شخصا حكيما" وترك وراءه "ذكريات عزيزة علينا أن نبقيها حية".
وقالت أنقرة إنها ستراقب عملية نزع سلاح حزب العمال الكردستاني. في المقابل، يتوقع المراقبون أن تظهر الحكومة التركية انفتاحا متجددا تجاه الأكراد. ويعتبر حزب العمال الكردستاني أن حل نفسه "يوفر أساسا قويا للسلام الدائم والحل الديمقراطي"، داعيا البرلمان التركي "إلى لعب دوره عبر تحمل مسؤوليته التاريخية".
تحرير: و.ب
ماردين التركية- رمز الانفتاح ومهد الحضارات تهددها النزاعات
مدينة ماردين التركية هي مهد العديد من الحضارات. كما تعد منذ قرون رمزا للانفتاح على العالم. غير أن مواجهات الجيش التركي مع حزب العمال الكردستاني، وكذلك الحرب الأهلية السورية تضع المدينة، متعددة الأعراق، أمام اختبار صعب.
صورة من: DW/C. Roman
تقع مدينة ماردين على "طور عابدين" أي "جبل العابدين" في جنوب شرق تركيا، على مقربة من الحدود السورية. ومنذ قرون تختلط في هذه المدينة مختلف الثقافات والأديان، إذ يعيش المسلمون بجوار المسيحيين بشكل سلمي. وبجانب التركية يتكلم الناس هنا اللغة العربية والآرامية والكردية. هذا التنوع جعل ماردين مدينة معروفة، حتى خارج تركيا.
صورة من: DW/C. Roman
يعمل بايرام صائغا للفضة، حيث يقوم بصناعة أساور وأقراط بنقوش فنية مميزة تسمى "تلكاري". وتعتبر مدينة ماردين مركزا لهذه الصناعة التقليدية. لكن الشاب الكردي البالغ من العمر 30 سنة، مستاء من الوضع الحالي ويقول :"هناك إقبال ضعيف، فمنذ بداية الحرب لا يأتي السياح إلى هنا." فمنذ فصل الصيف، تشهد ضواحي مدينة ماردين مناوشات بين حزب العمال الكردستاني والجيش التركي.
صورة من: DW/C. Roman
"أريد أن أعيش في سلام، لكنني لست مستعدا للتخلي عن هويتي ككردي، كما تطالب الحكومة"، يقول بايرام، الذي يزور عائلته كثيرا قدر الإمكان في قرية مجاورة، تشهد مواجهات بين القوات الحكومية والأكراد. الطريق إلى القرية يستغرق 20 دقيقة ولكن: "أحيانا يتم توقيفي ثلاث مرات من قبل الشرطة كأنني مجرم، وهذا فقط لأنني كردي"، على حد تعبيره.
صورة من: DW/C. Roman
يبلغ عدد سكان ماردين نحو 90 ألف نسمة، معظمهم من الأكراد. ويتعاطف كثير منهم علنا مع حزب العمال الكردستاني، الذي يقاتل ضد الجيش التركي منذ أكثر من ثلاثين عاما بهدف إقامة دولة مستقلة. وفي يونيو/ حزيران 2015 فشلت محادثات السلام مرة أخرى. ومنذ ذلك الحين يوجد قتلي يوميا تقريبا.
صورة من: DW/C. Roman
" يجب أن يتوقف الأكراد عن إثارة المشاكل"، يقول إمري، الذي يعمل خبازا. إمري لا يدعم حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد، والحاكم في مدينة ماردين، وإنما يؤيد حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ، الذي يرأسه أردوغان. إمري ينتمي إلى الأقلية العربية، الموجودة في تركيا.
صورة من: DW/C. Roman
في أعلى مكان في مدينة ماردين توجد قلعة قديمة يعود تاريخها لآلاف السنين، يطلق عليها"عش النسر". من هنا توالى على الحكم العديد من الملوك والسلاطين: البابليون والفرس والعثمانيون. ومنذ سنوات عديدة كان من المفروض أن يتم ترميم القلعة من أجل جذب المزيد من السياح، لكن أعمال البناء متوقفة، فالجيش التركي يستخدم القلعة كبرج مراقبة ضد حزب العمال الكردستاني.
صورة من: DW/C. Roman
"لن يكون هناك فائز في هذا الصراع"، تقول فيبرونيي أكيول، عمدة المدينة البالغة من العمر 27 عاما. فيبروني من الأقلية الآشورية وهي المسيحية الوحيدة في هذا المنصب في تركيا. وتسعى أكيول في مهمتها للحفاظ على تماسك العديد من المجموعات العرقية المختلفة في المدينة، وتناشد الجميع: "يجب أن تتوقف الحرب، وإلا سنكون جميعا خاسرين - سواء كنا أتراكا أو أكرادا أو آشوريين أو عربا."
صورة من: DW/C. Roman
الحرب الأهلية في سوريا لها انعكاسات أيضا على ماردين. والعديد من المسيحيين يبحثون عن ملجأ في "كيركلار كيليسيسي" أو "كنيسة الأربعين شهيدا". الطائفة الأرثوذكسية السورية تحاول مساعدتهم بتقديم الغذاء، والسكن والمساعدة الروحية. الأموال المخصصة لذلك يأتي جزء كبير منها من جمعيات كنسية أخرى وآشوريين يعيشون بالخارج، لكنها تبقى قليلة رغم ذلك.
صورة من: DW/C. Roman
"كان عندنا اليوم مرة أخرى 100 شخص، ومعظمهم قادمون من بلدة الحسكة الحدودية "، يقول غبريل أكيوز، راعي كنيسة كيركلار. عندما تكون هناك أموال يقوم راعي الكنيسة بتوزيع قسائم للغذاء بقيمة 25 ليرة تركية (حوالي ثمانية يورو). ويقول إن كل لاجئ يحصل على قسيمة واحدة فقط مرة في الشهر ويضيف: "لا يمكننا فعل أكثر من ذلك. المساعدة يجب أن تأتي من الحكومة."
صورة من: DW/C. Roman
عندما يكون الطقس جيدا يمكن رؤية سوريا من البلدة القديمة، فالمدينة تبعد 30 كيلومترا فقط عن الحدود. كثير من السوريين يهربون من الحرب الأهلية و إرهاب تنظيم "الدولة الإسلامية". وكثير منهم يبحثون عن ملاذ آمن في تركيا، حتى في ماردين. وهو ما يشكل اختبارا آخر للتسامح في مجتمع متعدد الأعراق.