غوارديولا وعقدة الأندية الإسبانية
٢ مايو ٢٠١٦ هذا هو الموسم الثالث - والأخير - للمدرب الإسباني بيب غوراديولا في فريق بايرن ميونيخ. وفي المواسم الثلاثة له مع الفريق البافاري نجح في بلوغ الدور نصف النهائي في مسابقة أبطال أوروبا - الشامبيونزليغ. والملفت أنه في المواسم الثلاثة تقابل مع فرق إسبانية، وفي كل لقاء خرج خاسرا.
صحيح أن غوارديولا هو ابن الأندية الإسبانية ولديه خبرة واسعة بالدوري الإسباني. لكن يبدو أن ذلك وحده، لا يكفي لمواجهة الفرق الإسبانية. بل حتى إن بعض المحللين الرياضيين يرون أن علاقة غوارديولا بالدوري الإسباني، هي السبب في عدم قدرته على تخطي عقبة هذه الأندية. فغوارديولا يتبع مخططا محددا في اللعب، وجميع مدربي الفرق الإسبانية تعرف أسلوبه. ونتائجه حتى الآن أوضح دليل على ذلك.
أمام ريال مدريد وبرشلونة وأتلتيكو مدريد
ففي أول موسم لغوارديولا مع الفريق البافاري (2013/2014)، التقى فريقه في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، فريق ريال مدريد. آنذاك كان الإيطالي كارلو أنشيلوتي هو مدرب الفريق الملكي الإسباني. وهو سيخلف غوارديولا في تدريب النادي البافاري اعتبارا من الموسم القادم. وأظهر المدرب الايطالي القدير أنشيلوتي حنكة ودهاء، ولم يفطن غوارديولا إلى مخططه.
في ذلك الحين لعب ريال مدريد المباراة في ملعبه مدافعا متكتلا في منطقته مخططا لهجمات مرتدة يقودها الثلاثي السريع كريستيانو رونالدو وكريم بنزيمه وبيل. ولم يكن أحد يتوقع أن يلعب ريال مدريد في أرضه بهذه الطريقة. وخسر الفريق البافاري المباراة بنتيجة (1/0). وكما في اللعب تسجل الأهداف بسبب مفاجأة الخصم، كذلك الأمر بالنسبة إلى التدريب أيضا. إذ حتى وفي مباراة الإياب والتي أقيمت في الأليانز أرينا وأمام جمهور الفريق البافاري، إلا أن غوارديولا خسر المعركة أمام أنشيلوتي بنتيجة (4/0).
وفي الموسم الماضي (2014/2015) أوقعت القرعة غوارديولا مع برشلونة في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا. صحيح أن غوارديولا كان المدرب الأسبق لبرشلونة ويعرف تماما قدرات الفريق، لكن أغلب خبراء الكرة يرون أن غوارديولا كان السبب الأكبر في عدم تأهل الفريق البافاري إلى نهائي دوري أبطال أوروبا. والسبب: هو خطأ تكتيكي واضح ارتكبه غوارديولا في ذهاب دور نصف النهائي. فحتى الدقيقة 79 كان بايرن ميونيخ متعادلا من دون أهداف. وبدلا من أن يحافظ على هذه النتيجة وهي جيدة في ملعب الخصم وخصوصا إذا كان الخصم برشلونة، استمر في الهجوم، فمنيت شباكه بثلاثة أهداف وانتهت المباراة بنتيجة (3/صفر) لصالح برشلونة، وتأهل برشلونة على حساب بايرن إلى الدور النهائي بنتيجة (5/3) مجموع ذهاب وإياب نصف النهائي.
حتى الأرمادا الاسبانية لم تنجح في حلّ العقدة !
أما في الموسم الحالي، فشاءت الأقدار أن يلتقي غوارديولا بفريق أتلتيكو مدريد الإسباني أيضا. صحيح أن غوارديولا أشرك الأرمادا الإسبانية الكاملة في ذهاب نصف النهائي: شابي ألونزو وخافير مارتينيز وتياغو الكانتارا وخوان برنات، إلا أن ذلك لم يساعده في حلّ عقدة الأندية الإسبانية. إذ خسر المباراة بنتيجة (1/0). قد يكون بطء التمريرات بسبب جفاف أرض الملعب هو سبب الهزيمة، كما بررها الفريق البافاري، لكن بعض المحللين الرياضيين ذهبوا إلى أن التركيبة التي شكلها غوارديولا والتي تجمع برنات وتياغو غير ملائمة. فبرنات وتياغو قصار القامة ولا يتحملون الكرات المشتركة خصوصا مع لاعبي أتلتيكو مدريد الأقوياء جسديا.
ربما يكون من سوء طالع غوارديولا، مواجهته للأندية الإسبانية في دور نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، إلا أن المدرب الإسباني لن يستسلم وهو ما أكده في تصريحه عندما قال "لا زال لدينا فرصة هنا في ميونيخ، إذا خرجنا يمكنكم أن تقتلوني، لكنني لم أمت بعد، وأنا لا زال لدي بعض الطلقات".
هل اقترب غوارديولا من حلّ عقدة الأندية الإسبانية؟
مقارنة النتائج حتى الآن تظهر أن بايرن ميونخ إلى غاية اللحظة لم يتخط عقبة الأندية الإسبانية في التشامبيونزليغ، إذ خسر أمام ريال مدريد في نصف نهائي 2014 ذهابا (1/صفر) ثم إيابا (4/صفر). وأمام برشلونة الموسم الماضي ذهابا (3/صفر) وفي الموسم الحالي ذهابا (1/صفر) أمام أتلتيكو مدريد. والتخوفات البافارية الآن تتمثل في أن يواجه الفريق السيناريو ذاته أمام أتلتيكو مدريد. وهذا ما اتضح جليا في تصريحات غوارديولا بعد مبارة الذهاب، حين حثّ لاعبيه بوضوح لتذكر درس ريال مدريد قبل عامين.
المحلل الرياضي بيكسنته ليزارازو في مجلة "كيكر" الألمانية يرى أن تلافي بعض الأخطاء التي تم ارتكابها في المرات الماضية، قد يساعد غوارديولا على تخطي الحاجز الإسباني. مشيرا إلى أن وصول الفريق البافاري إلى النهائي يحتاج إلى مزيد من التركيز والانضباط والتصدي للهجوم الإسباني. ويرى ليزارازو أن دفاع الفريق البافاري لا يتسم بالثبات، وأن الاعتماد على الهجوم في اللعب يتطلب سرعة كبيرة في تمرير الكرة. وأن استحواذ الكرة لفترات طويلة لا يكفي. وبرأي ليزارازو فإن غوارديولا كان مخطئا عندما اختار ليفاندوفسكي وحده ليقود الهجوم في معركة الذهاب، ففي الأدوار المهمة لا بد للمدرب من أن يعتمد على جميع أفضل لاعبيه.
لا شك أن مهمة غوارديولا أمام أتلتيكو مدريد لن تكون سهلة، فهو سيواجه فريقا يتسم بروح الكفاح وبانضباط تكتيكي وإرادة كاملة للفوز بهذه المباراة والوصول إلى نهائي هذه المسابقة. لكن في عالم كرة القدم تبقى جميع الاحتمالات مفتوحة، حتى يطلق الحكم صافرته معلنا عن انتهاء المباراة.