استمرت حركة الاحتجاجات ضد العنصرية وعنف الشرطة إذ عمت المظاهرات كبريات المدن الأوروبية لليوم الثاني على التوالي. واستلقى محتجون خارج مبنى السفارة الأمريكية بالعاصمة البريطانية لندن في تحد لتحذيرات رسمية بعدم التجمع.
إعلان
تعكس الاحتجاجات المستمرة التي انتشرت في أنحاء العالم تصاعد الغضب إزاء العنصرية ومعاملة الشرطة للأقليات وهو الأمر الذي أثاره مقتل الأمريكي الأسود جورج فلويد في مدينة منيابوليس الأمريكية يوم 25 مايو/ أيار بعد أن جثم ضابط شرطة بركبته على رقبته لنحو تسع دقائق.
وقال لفرانس برس "أنا افريقي أبيض، وأحيانًا أشعر بالخوف والازدراء لمجرد أنني أجنبي. تخيلوا كيف سيكون الأمر لو كنت أسودا". ورأى موريكيبا ساماتي (32 عام)، وهو مهاجر سنغالي، وواحد من عشرات الآلاف الذين وصلوا إلى إيطاليا بعد عبور البحر المتوسط "من الصعب حقا العيش هنا". مضيفا "إنهم يعتقدون أننا كلنا لصوص".
وكانت السفارات الأمريكية هي وجهة الاحتجاجات في أماكن أخرى من أوروبا، حيث تجمع أكثر من 10000 شخص في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن، ومئات في بودابست، وآلاف في مدريد اصطفوا في شارع يحرسه أفراد شرطة بمعدات مكافحة الشغب.
وانضم الآلاف من المواطنين البريطانيين إلى المتظاهرين المناهضين للعنصرية ووحشية الشرطة في أنحاء بريطانيا اليوم الأحد (السابع من يونيو/ حزيران 2020)، حيث نزل المحتجون لشوارع العاصمة لندن ومدن رئيسية أخرى لليوم الثاني على التوالي. وتدفقت الحشود التي ارتدت أقنعة الوجه ورفعت لافتات، إلى الشوارع المحيطة بالسفارة الأمريكية في جنوب غربي لندن اليوم الأحد، حسبما ذكرت وكالة برس أسويسييشن البريطانية للأنباء.
وأظهرت الصور التي تم نشرها على شبكات التواصل الاجتماعي مسيرة حاشدة باتجاه داوننغ ستريت، حيث مقر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون. ورفع أحد المتظاهرين في لندن لافتة عليها عبارة "بريطانيا مذنبة أيضا". وكان وزير الصحة البريطاني مات هانكوك قد قال في وقت سابق إن المشاركة في احتجاجات التي دعت إليها حركة (حياة السود مهمة) من شأنها أن تزيد من مخاطر انتشار وباء كورونا.
وفي مدريد تجمع حوالى ثلاثة آلاف شخص، بحسب الشرطة، ظهراً أمام السفارة الأميركية في العاصمة الإسبانية. وندد المتظاهرون من البيض والسود، بوفاة جورج فلويد، وهو أميركي من أصل أفريقي يبلغ 46 عامًا قضى وهو يقول "لا أستطيع التنفس"، ورددوا "لا سلام بدون عدالة" أو "أنتم العنصريون، من هم الإرهابيون".
وقالت لينيزا سيمدو (26 عاما)، وهي مترجمة إسبانية متحدرة من الرأس الأخضر "إن العنصرية لا حدود لها. لقد عشت في الصين والبرتغال والآن في إسبانيا، وقد عانيت في كل بلد من التمييز بسبب لون بشرتي".
وفي برشلونة الواقعة شمال إسبانيا، ضاقت ساحة سانت غاومي، حيث مقر حكومة كاتالونيا الإقليمية، بمئات المتظاهرين الذين يضعون كمامات ملتزمين قواعد التباعد الإجتماعي، رافعين لافتات باللغة الإنكليزية للتنديد بالعنصرية في إسبانيا وأوروبا.
ودعت منظمة جالية السود والأفارقة والمتحدرين من أصل افريقي في إسبانيا للتظاهر في نحو عشر مدن، من بامبلونة في إقليم الباسك إلى جزر الكناري قبالة السواحل الإفريقية.
في صور: الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد تشعل أمريكا
أدت الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد وضد سوء المعاملة الممنهج تجاه السود في الولايات المتحدة على أيدي الشرطة إلى مواجهات عنيفة. من جهته أكد الرئيس دونالد ترامب أن الجيش "جاهز ومستعد وقادر" على التدخل.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Cortez
"لا أستطيع التنفس"
الاحتجاجات الغاضبة من وحشية الشرطة ضد السود لعقود من الزمن، انتشرت بسرعة من مينيابوليس إلى مدن أخرى في جميع أنحاء الولايات المتحدة. بدأت الاحتجاجات وسط الغرب في وقت سابق من هذا الأسبوع، بعد أن قام ضابط شرطة بتكبيل جورج فلويد والضغط على رقبته بركبته. وواصل الأمر رغم صراخ فلويد وهو رجل أسود يبلغ من العمر 46 عاما، بأنه لا يستطيع التنفس، إلى أن فارق الحياة.
صورة من: picture-alliance/newscom/C. Sipkin
"العملاق اللطيف"
نشأ فلويد في مدينة هيوستن بولاية تكساس، وانتقل إلى مينيابوليس بولاية مينيسوتا في عام 2014 للعمل. وقبل وفاته، كان يبحث عن عمل بعد تسريحه من عمله كحارس مطعم للوجبات السريعة بسبب إجراءات الإغلاق على خلفية تفشي فيروس كورونا. وصفه أصدقاؤه بالعملاق اللطيف نظرا لقامته التي كانت تبلغ المترين.
صورة من: picture-alliance/NurPhoto/O. Messinger
من السلمية إلى العنف
اتسمت غالبية الاحتجاجات السبت الماضي بالسلمية، غير أن عددا منها أصبح عنيفا مع حلول الليل. في العاصمة واشنطن تم نشر الحرس الجمهوري أمام البيت الأبيض. وفي وسط مدينة إنديانابوليس بولاية إنديانا، قتل شخص على الأقل في إطلاق للنار قالت الشرطة إنها لم تكن ضالعة فيه. وفي فيلادلفيا بولاية بنسيلفانيا أصيب عدد من عناصر الشرطة بجروح، في حين صدمت سيارتان تابعتان للشرطة حشدا من الناس في مدينة نيويورك.
صورة من: picture-alliance/ZUMA/J. Mallin
متاجر مخربة ومنهوبة
في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا واجه المتظاهرون عناصر الشرطة هاتفين "حياة السود مهمة!"، قبل أن تنهال عليهم الشرطة بالعصي وتطلق عليهم الرصاص المطاطي. وفي بعض المدن، بما فيها لوس أنجلوس وأتلانتا ونيويورك وشيكاغو ومينيابوليس، تحولت الاحتجاجات إلى أعمال شغب، قام فيها البعض بنهب المتاجر وتخريبها.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/C. Pizello
"عندما يبدأ النهب ..."
هدد الرئيس دونالد ترامب بإرسال الجيش لقمع الاحتجاجات، قائلاً إن "إدارته ستوقف العنف الغوغائي بشكل نهائي". ازدادت حدة التوتر في كافة أنحاء البلاد إثر تهديد ترامب، الذي ألقى باللائمة على الجماعات التي زعم أنها من أقصى اليسار. لكن حاكم ولاية مينيسوتا "تيم وولز" قال للصحفيين إنه سمع عدة تقارير غير مؤكدة تفيد بقيام مجموعات التي تنادي بتفوق البيض العنصرية بتأجيج العنف.
صورة من: picture-alliance/ZUMA/K. Birmingham
وسائل الإعلام في مرمى النيران
استهدفت قوات الأمن العديد من الصحفيين الذين كانوا يغطون الاحتجاجات. من بينهم مراسل CNN عمر خيمينيز وطاقمه الذين تعرضوا الجمعة الماضية للاعتقال أثناء تغطيتهم لأحداث مينيابوليس. وأصيب العديد من الصحفيين بقذائف أو احتجزوا أثناء بثهم على الهواء. كمت أطلقت الشرطة النار على مراسل DW ستيفن سايمنس أثناء تغطيته للاضطرابات في عطلة نهاية الأسبوع.
صورة من: Getty Images/S. Olson
الغضب يتجاوز الولايات المتحدة
احتجاجات عالمية في كندا المتاخمة للولايات المتحدة الأمريكية من الشمال حيث نزل الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع في فانكوفر وتورنتو. وفي العاصمة الألمانية برلين، تجمع المغتربون الأمريكيون ومتظاهرون آخرون خارج السفارة الأمريكية. وفي عاصمة بريطاينا لندن، ركع المتظاهرون في ساحة ترافالغار قبل أن يسيروا أمام البرلمان ويتوقفوا أمام السفارة الأمريكية.
صورة من: picture-alliance/dpa/C. Soeder
عند باب ترامب الأمامي
احتدمت الاحتجاجات في العاصمة الأمريكية واشنطن بعد أن بدء سريان حظر التجول في الساعة 11 ليلا. تجمع أكثر من 1000 متظاهر في حديقة لافاييت قبالة البيت الأبيض، وأضرمت بعض النيران خارج مقر إقامة الرئيس. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن المخابرات نقلت ترامب إلى مخبأ محصن كإجراء احترازي.
صورة من: Reuters/J. Ernst
حظر التجول في المدن الأمريكية الكبرى
مددت نيويورك ولوس أنجلوس وشيكاغو وميامي وديترويت وواشنطن العاصمة ومدن أمريكية أخرى حظر التجول مع دخول الاحتجاجات الليلة السادسة. ولاية أريزونا في غرب البلاد فرضت حظرًا للتجوال على مستوى الولاية على مدار أسبوع بعد اشتباك المتظاهرين مع الشرطة. كما تم نشر حوالي 5000 جندي من الحرس الجمهوري في 15 ولاية أمريكية.
صورة من: Reuters/P.T. Fallon
ترمب والكتاب المقدس
في مواجهة تجدد الاحتجاجات يوم الأحد، هدد ترامب بنشر الجيش إذا فشلت الولايات في "الدفاع عن سكانها". ثم سار ترامب من مقر إقامته إلى كنيسة في الحديقة، حيث كان يحمل إنجيلًا عالياً خلال فرصة لالتقاط الصور. هذا التصرف أثار استياء الأسقف ماريان إدغار بودي بعد أن زار ترمب كنسيتها دون إذن مسبق ودون الصلاة في الكنيسة.
صورة من: Reuters/T. Brenner
مظاهرات سلمية
رغم انتشار العنف بقيت عدة احتجاجات في الولايات المتحدة محافظة على سلميتها. في ساحة تايمز سكوير في مانهاتن في نيويورك، استلقى المتظاهرون على الأرض وأيديهم خلف ظهورهم، محاكين الوضعية التي كان فيها فلويد عندما قتل. وعلى الرغم من لجوء بعض المتظاهرين إلى العنف، أشاد العديد من رؤساء البلديات والحكام الأمريكيين بمستوى الاحتجاجات.
صورة من: Getty Images/AFP/T.A. Clary
ركوع ضباط من الشرطة أمام المتظاهرين
لكن رغم تصاعد حدة العنف، فهناك مواقف أظهر فيها المتظاهرون وضباط الشرطة في الولايات المتحدة نوعاً من التضامن. إذ أظهرت فيديوهات منتشرة على التواصل الاجتماعي ضباط شرطة يركعون للتضامن مع المتظاهرين. يشير الركوع إلى لاعب كرة القدم السابق في اتحاد كرة القدم الأميركي كولين كايبرنيك، الذي احتج على بهذه الوضعية خلال النشيد الأمريكي ضد العنصرية وعنف الشرطة ضد السود في الولايات المتحدة. كرستيان كوبلر/س.أ