1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أوروبا والاعتماد على النفط الروسي.. هل السعودية هي البديل؟

٩ مارس ٢٠٢٢

يتفق الخبراء على أن العقوبات على روسيا لن تؤتي ثمارها تماما ما لم تشمل قطاع النفط والغاز. بيد أن هذا الأمر من شأنه أن يؤدي لارتفاع جنوني لأسعار الطاقة. فهل تقدم دول الشرق الأوسط الغنية بالنفط لا سيما السعودية يد العون؟

متظاهرون في واشنطن يطالبون بوقف استخدام النفط الروسي ردا على الحرب في أوكرانيا (06.03.2022)
متظاهرون يطالبون بوقف استخدام النفط الروسي ردا على الحرب في أوكرانياصورة من: Michael Brochstein/Zumapress/picture alliance

مع دخول الغزو الروسي لأوكرانيا أسبوعه الثاني، ازدادت الدعوات إلى فرض عقوبات جديدة تتناول قطاع الطاقة، إذ حثت 465 منظمة في 50 دولة على التوقف عن استيراد الغاز والنفط من روسيا.

وفي بيان وقعت عليه "السلام الأخضر" و"تمرد ضد الانقراض"، حذرت هذه المنظمات من أن "إدمان الوقود الأحفوري في العالم يمول الحرب التي يشنها (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين".

وتأتي  روسيا  في المرتبة الثانية في إنتاج النفط الخام في العالم، أي بنسبة 14 بالمائة من إجمالي إنتاج النفط في العالم خلال العام الماضي، حسبما ذكر معهد أكسفورد لدراسات الطاقة.

وأضاف المعهد في تقرير صدر في مارس/ آذار أن حوالي 60 بالمائة من صادرات روسيا من النفط الخام تذهب إلى القارة الأوروبية فيما تحصل آسيا على حصة تبلغ 35 في المائة منه.

وبهذه النسبة التي تقترب من الستين بالمائة، تزود روسيا  القارة الأوروبية  بنحو ثلث احتياجاتها من النفط فيما يقدر الخبراء أنه وفقا لأسعار الطاقة الحالية فإن أوروبا تدفع لروسيا حوالي 350 مليون يورو (382 مليون دولار) يوميا مقابل الصادرات النفطية.

وفي ذلك، حذرت المنظمات في بيانها من تداعيات الاعتماد على الطاقة من موسكو، مضيفة "إذا استمر العالم في استخدام النفط والغاز الروسيين، فإن هذا من شأنه أن يلغي تأثير أي العقوبات والمقاطعة الدولية التي من المفترض أن تدفع روسيا إلى الانسحاب من أوكرانيا."

يأتي ذلك في وقت أعلن فيه الرئيس الأمريكي جو بليدن في خطاب في البيت الأبيض الثلاثاء (الثامن من مارس/ آذار 2022) "حظر جميع واردات النفط والغاز الروسية" بسبب غزو أوكرانيا. وأوضح الرئيس الأمريكي أن هذا يعني أنه لن يتم قبول النفط الروسي بعد الآن في الموانئ الأمريكية و"سيوجه الشعب الأمريكي ضربة قوية أخرى لآلة حرب (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين".

ونقلت وكالة بلومبرغ للأنباء عن بايدن قوله "الولايات المتحدة تستهدف الشريان الرئيسي للاقتصاد الروسي.. لن نشارك في دعم حرب بوتين". وذكر بايدن أن الحرب في أوكرانيا ستسبب ارتفاعاً إضافياً في  أسعار البنزين، لكنه حذر صناعة النفط والغاز من زيادات مفرطة وتفوق الحد في الأسعار.

وترفض أوروبا في الوقت الحالي فرض حظر على الواردات الروسية من الطاقة. لكن الولايات المتحدة هي مصدّرة بحتة للطاقة أي أنها تُنتج كميات نفط وغاز أكثر من حاجتها الاستهلاكية، حسبما ذكّر بايدن. وأوضح "يمكننا اتخاذ هذا القرار فيما لا يستطيع آخرون". وتابع "لكننا نعمل بشكل وثيق مع أوروبا وشركائنا لوضع استراتيجية على المدى الطويل من أجل تخفيف اعتمادهم على الطاقة الروسية". وأضاف الرئيس الأمريكي "نبقى متّحدين في نيّتنا مواصلة ممارسة ضغط متزايد على بوتين وعلى آلته الحربية".

العقوبات.. قطاع الطاقة الروسي "مستثنى"

ويرجع السبب وراء عدم معاقبة قطاع الطاقة الروسي من قبل أوروبا إلى اعتماد الأخيرة عليه. وفي ظل هذه المعضلة، يرى مراقبون أنه في حتى في حالة رغبة الحكومات الأوروبية في أن تتضمن العقوبات قطاع الطاقة الروسي، فمن الطرف الذي يمكن أن يعوض الصادرات النفطية الروسية؟ بيد أن السؤال الأهم يكمن في كيفية استبدال النفط الروسي دون التسبب في تزايد ارتفاع أسعار النفط؟

يشار إلى أنه قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، شهدت أسعار النفط ارتفاعا وذلك بسبب تزايد الطلب مع تعافي العالم من جائحة كورونا، بيد أن الطلب المتنامي يواجه تباطؤا في زيادة الإمدادات من الدول المنتجة.

وعلى وقع الحرب في أوكرانيا وما تلا ذلك من مخاوف من نشوب المزيد من الاضطرابات، ارتفعت أسعار النفط أكثر حيث تجاوز سعر "خام برنت "139 دولارا للبرميل ليقترب من مستواه القياسي البالغ 147.50 والمسجل عام 2008 الذي يعد أعلى مستوى لأسعار النفط.

وفي هذا السياق، توقع معهد أكسفورد لدراسات الطاقة أن يتجاوز متوسط ​​سعر البرميل حاجز الـ 116 دولارا فيما يعد جليا أن هذه الزيادة في الأسعار تصب في صالح روسيا وتمولها، لكنها في الوقت تؤثر سلبا على اقتصادات الدول الغربية. وفي ظل هذه المعطيات، بات من الملح للغاية البحث عن بدائل للنفط الروسي وكذلك طرق لمواجهة أي ارتفاع لأسعار الطاقة إزاء ذلك.

السعودية.. هل تكون البديل؟

ومن أجل حل إشكالية التقليل من الاعتماد على النفط الروسي وزيادة الإنتاج دون التسبب في ارتفاع في أسعار الطاقة، فإن الأمر يقع على عاتق السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، إذ يرى الخبراء أن السعودية وجارتها الإمارات التي تعد ثالث أكبر منتج للنفط الخام في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، يمكنهما ضخ المزيد من إمدادات النفط.

من جانبها، قالت كارين يونغ، مديرة "برنامج الاقتصاد والطاقة" في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، إنه من الصعب أن يحل النفط السعودي والإماراتي محل النفط الروسي بشكل سريع.

وفي مقابلة مع DW، قالت إن "زيادة الإنتاج النفطي لا تعني بالضرورة وبشكل مباشر زيادة الصادرات النفطية إلى أوروبا لأنه لا يمكن إعادة توجيه ظروف أسواق النفط بهذه السهولة". ورأت يونغ أن الفارق الذي قد يحدثه زيادة إنتاج النفط السعودي سوف يتمثل في خفض الأسعار.

يشار إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قد طلبت من السعودية والإمارات ضخ المزيد من انتاجهما النفطي للحد من زيادة الأسعار وذلك في منتصف فبراير/ شباط الماضي قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، بيد أن الرياض وأبوظبي ترفضان الأمر.

فقد خرج أحدث اجتماع لتحالف "أوبك بلس" الذي يضم 23 دولة من أعضاء في أوبك بالإضافة بلدان أخرى مصدرة للنفط لكنها خارج المنظمة مثل روسيا، باتفاق الأعضاء على عدم الانحراف عن خطة التحالف المتفق عليها في وقت سابق من هذا العام.

وقد اتفق تحالف "أوبك بلس" على زيادة الإنتاج وإن كان بوتيرة بطيئة العام الجاري بعد أن أدى وباء كورونا إلى انخفاض تاريخي في الطلب.

وخلال خلال الاجتماع الأخير لتحالف "أوبك بلس" في الثاني من مارس/ آذار الجاري، تعهدت الدول الأعضاء بزيادة الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يوميا في أبريل/نيسان المقبل كما كان متفقا عليه بشكل مسبق فيما لم يشير البيان إلى الحرب في أوكرانيا.

تعارض دول الشرق الأوسط المنتجة بالنفط خاصة السعودية والإمارات رفع إنتاجها من النفط.صورة من: Amr Nabil/AP Photo/picture alliance

لا تحول إلى روسيا

وفي ذلك، يسلط حسن الحسن، الباحث المتخصص في سياسة الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ومقره لندن، الضوء على إشكالية تواجه أوبك فيما يتعلق بتأثير الأحداث السياسية على معدل إنتاج النفط.

وفي مقابلة مع DW، قال "لدى أوبك سياسة تتبناها منذ وقت طويل تتمثل في عدم تغيير معدلات الإنتاج أو العرض على أساس المتغيرات الجيوسياسية. إن التغير يرتبط فقط بالمتغيرات في أساسيات السوق."

وإزاء ذلك، يتساءل مراقبون حيال الأمر الذي قد يدفع الدول الغنية بالنفط في الشرق الأوسط إلى تغيير مواقفها بشأن زيادة إنتاج النفط.

بدوره، يرى الحسن أن الضغط الأمريكي على دول المنطقة قد يساعد في تغيير المواقف، مضيفاً "الولايات المتحدة تعد الحليف والشريك الأمني الوثيق لدول الخليج التي لم تحرك بوصلتها صوب روسيا بعد".

وقال إنه قد يطرأ تغيير في مواقف السعودية في حال تفاقم الصراع في أوكرانيا بما يحمل في طياته انخراط دول أخرى أو حلف شمال الأطلسي (الناتو) في الصراع أو فرض حظر شامل على صادرات النفط الروسية.

بيد ان الحسن شدد على أن عدم معاقبة قطاع الطاقة الروسي يضعف أي مساعي أوروبية لدفع دول الخليج إلى زيادة إنتاج النفط، مضيفاً "من دون فرض عقوبات من هذا القبيل، فإنه من الصعب إقناع دول الخليج بتعريض مصالحها للخطر وتغيير سياسة أوبك طويلة الأمد".

أما كارين يونغ، فتذهب إلى القول بأنه إذا استقبل بايدن "ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أو قدم طلباً مباشراً له، فإن هذا قد يشجع الرياض على زيادة الانتاج النفطي". يشار إلى أن جو بايدن لم يتحدث إلى ولي العهد السعودي بشكل مباشر.

ويرى الخبراء أن الرد العالمي على الغزو الروسي لأوكرانيا بما يشمل استراتيجيات ما تُعرف "بالعقاب الذاتي" قد يدفع السعودية إلى تغيير سياستها الإنتاجية من النفط.

وفي هذا السياق، رفض عمال الموانئ تفريغ النفط الروسي فيما رفضت مؤسسات مالية تقديم ائتمان أو طرق لسداد صفقات النفط الروسية.

البحث عن حلفاء جدد

وفي ذلك، يعتقد بعض محللي السوق إنه كان من الأفضل للولايات المتحدة والدول الأوروبية تحسين علاقاتهم مع بلدان الشرق الأوسط خاصة أن بلدان المنطقة الغنية النفطية باتت تحظى بأهمية كبيرة في ضوء الحرب في أوكرانيا.

بدورها، ترى سينزيا بيانكو، الخبيرة في شؤون الخليج والزميلة الزائرة في فرع المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في برلين، إنه "حتى إذا حققت الدبلوماسية الغربية نجاحاً في دفع دول الخليج إلى الانخراط، فإن دول المنطقة تخشى أن هذا التقارب الدبلوماسي سيكون مؤقتاً".

بدورها، تعتقد دينا اسفندياري، الخبيرة في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، أن أهمية الدول العربية المنتجة للنفط تزايدت ثم تضاءلت.

وأضافت "أعتقد أن ثمة إدراك بين منتجي الطاقة على المدى المتوسط بأن (دول الخليج) ليست بهذا القدر من الأهمية في الوقت الحالي خلافاً عما كان الحال عليه عندما كان العالم يعتمد عليهم بشكل كبير."

وفي الصدد، يؤكد الحسن على ضرورة دراسة تداعيات ممارسة أي ضغوط على منتجي النفط في الشرق الأوسط، لأن زيادة الضغوط من شأنها أن تؤدي إلى "تأكيد مخاوف دول الخليج"، حسب قوله. وأضاف "قد تعمل دول الخليج على المدى المتوسط ​​في تسريع جهودها لتوسيع دائرة حلفائها الدوليين".

 كاثرين شاير/ م.ع

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW