يجري مولود تشاوش أوغلو وزير الخارجية التركي محادثات رسمية في السعودية في أول زيارة لمسؤول تركي رفيع بعد الأزمة التي وقعت بين البلدين في أعقاب اغتيال خاشقجي. تتناول المباحثات الأحداث الجارية في القدس الشرقية المحتلة.
إعلان
وصل وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو الإثنين (10 مايو/ آيار 2021) إلى السعودية لإجراء محادثات، في أول زيارة من نوعها منذ قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول في 2018.
جاءت الزيارة أيضاً في وقت تجددت فيه المواجهات بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في المسجد الأقصى بالقدس الشرقية المحتلة.
وكتب وزير الخارجية التركي في تغريدة على تويتر "نحن موجودون في المملكة العربية السعودية بهدف البحث في علاقاتنا الثنائية ومناقشة القضايا ذات الشأن التي تهم منطقتنا، وعلى رأسها الاعتداءات على المسجد الأقصى واضطهاد الشعب الفلسطيني".
وتدهورت علاقات أنقرة والرياض بدرجة كبيرة في تشرين الأول/ أكتوبر 2018 على خلفية مقتل جمال خاشقجي الصحفي وكاتب المقالات في صحيفة "واشنطن بوست" والذي قُتل داخل قنصلية المملكة في اسطنبول، حيث توجّه للحصول على وثائق لإتمام زواجه من خطيبته التركية.
ولطّخ قتل خاشقجي واختفاء جثته سمعة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وزجّ بالرياض في أزمة دبلوماسية.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان حينذاك إن الأوامر بقتل خاشقجي صدرت عن كبار المسؤولين السعوديين. كما حاكمت تركيا غيابياً مساعدَين مقرَّبين من ولي العهد السعودي إضافة إلى 24 مشتبها آخرين.
تركيا والسعودية.. تاريخ طويل من المد والجزر وأشياء أخرى
على مدى قرنين من الزمن، مرت العلاقة بين السعوديين والأتراك بفترات مختلفة: حروب وقطيعة، برود وتباعد، استقرار وازدهار، انتكاسة وتوتر. مزيد من الضوء على هذا الموضوع في ملف الصور التالي.
حرب فتاكة
شهدت العلاقات بين آل سعود والعثمانيين تاريخ طويل من التوتر وصل حد الحرب. وعلى سبيل المثال شنت الدولة العثمانية وإبراهيم باشا، ابن محمد علي باشا والي مصر، بين عامي 1811 و1818 حرباً على الدولة السعودية الأولى انتهت بهزيمة السعوديين واندثار دولتهم الأولى وتدمير عاصمتها الدرعية.
صورة من: picture alliance/dpa/CPA Media Co. Ltd
عهد جديد
في الثالث من آب/ أغسطس 1929، شهدت العلاقات الحديثة بين تركيا والسعودية بداية جديدة، إذ اعترفت تركيا بالسعودية. وفي هذه الفترة بالذات، وقع البلدان اتفاقية سلام وصداقة مشتركة، ولكن بقيت تلك العلاقات تتسم بالبرود حتى ثمانينات القرن العشرين، رغم أن البلدين كان مناهضين للمعسكر الشيوعي/الشرقي في الحرب الباردة.
الثمانينات.. المصالح تقرب البعيد
كانت تركيا والسعودية أكثر الدول المتضررة من أزمة النفط التي تسببت فيها الحرب بين العراق وإيران، ما نتج عنه تقارب بين البلدين؛ ولأن تركيا كانت تستورد النفط من السعودية عبر العراق، فقد زار الرئيس التركي آنذاك "كنعان إيفرين" السعودية عام 1984. وفي نفس العام، زار رئيس الوزراء التركي "تورغوت أوزال" أيضاً السعودية. الغاية كانت البحث عن طرق جديدة لتمديدات النفط وبناء علاقات حيوية واستراتيجية بين الطرفين.
صورة من: picture alliance/UPI
التسعينات..الحيوية والفعالية في العلاقات
كان لاحتلال العراق للكويت في بداية التسعينات، دوراً فعالاً في إيصال العلاقات بين أنقرة والرياض إلى أعلى مستوى من الحيوية والفعالية. حيث دعم الرئيس التركي حينها تورغوت أوزال، الموقف السعودي المعارض لهذا الاحتلال. هذا الدعم، دفع بالسعودية إلى التعبير عن امتنانها لتركيا ليس فقط برسائل وإنما بتقديم مليار دولار لصالح الخزينة المالية للجيش التركي، بالإضافة إلى هبة نفطية بمقدار 1,2 مليار بدون أي مقابل.
صورة من: picture-alliance/ dpa
2003.. انتعاش بعد جمود في العلاقات
طرأت الكثير من التغيرات على الحكومات التركية وغاب الاستقرار عن أوضاعها في الجانب السياسي والاقتصادي مما جعل العلاقة بين تركيا والسعودية تعرف نوعاً من الجمود. لكن عام 2003، سيجد البلدان نفسيهما في حاجة إلى التعاون خاصة بعد الإطاحة بنظام صدام حسين في العراق، وظهور مستجدات سياسية واقتصادية في منطقة الشرق الأوسط.
صورة من: AP
زيارات وصفقات تسليح
في تشرين الثاني/ نوفمبر 2007، زار الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز تركيا، لكن الأمر لم يتوقف هنا وإنما تكررت الزيارات بين البلدين وذلك لتقوية العلاقات من الجانبين العسكري والاقتصادي. حيث تم توريد بعض الأسلحة التركية إلى السعودية، كما اهتمت شركات تركية بتصليح وتحديث المعدات العسكرية السعودية وأيضاً التوقيع على عقود لطائرات بدون طيار والعربات المدرعة وغيرها.
صورة من: AP
الأزمة السورية.. اتفاق ثم اختلاف
عززت الثورة السورية التقارب بين الرياض وأنقرة. إذ سعى الطرفان إلى إسقاط نظام بشار الأسد. لكن هذا التقارب لم يستمر طويلاً. فقد افترقت الدروب وانشغلت السعودية بحرب اليمن، فيما سيطر على تركيا هاجس قيام دولة كردية في شمال سوريا.
صورة من: picture-alliance/Anadolu Agency/A. Suleyman
حرب اليمن.. بداية الصراع العلني
توتر العلاقات برز أكثر في الأزمة اليمنية. إذ أنه بالرغم من أن تركيا وقفت إلى جانب السعودية في عملية "عاصفة الحزم"، إلا أن مصالح البلدين عادت لتفترق من جديد.
صورة من: Reuters/Saudi Press Agency
الأزمة القطرية.. تباين في التوجهات
في 5 يونيو/ حزيران 2017، أعلنت بعض الدول العربية ومنها السعودية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر؛ مبررين ذلك بتدخلها في شؤونهم الداخلية ودعم الإرهاب. في تلك الأثناء التزمت تركيا الحياد لفترة، لكنها لم تلبث حتى أعربت عن وقوفها إلى جانب قطر. وصرح رجب طيب أردوغان في 9 يونيو/حزيران 2017 بأن تركيا ستستمر بدعم أشقائها القطريين، ولن تتركهم وحدهم.
صورة من: picture-alliance/abaca/K. Ozer
2017.. حرب إعلامية
كانت السنة الفائتة سنة استثمار سعودي كبير في تركيا. إلا أن هذا لم يمنع البلدين من شن حرب إعلامية على بعضهما. إذ شكل موقف تركيا من القدس مادة دسمة للإعلام السعودي. في حين انهارت "الهدنة" التي تبناها الإعلام التركي لزمن، وشن هو الآخر هجوماً إعلامياً على السعودية، على خلفية الأزمة مع قطر وصراع الرياض مع الإخوان المسلمين.
صورة من: picture alliance /dpa/Saudi Press Agency
2018.. عام تبديد الخلافات؟
بالرغم من أن التنافس بين السعودية وتركيا حول قيادة العالم الإسلامي قد يبدو جلياً للبعض، إلا أن وسائل الإعلام التركية قد أعلنت عن زيارة مرتقبة لولي العهد محمد بن سلمان إلى أنقرة، وهو ما جعل البعض ينتظر هذه الزيارة التي من الممكن أن تذيب أي خلاف يكون قد نشب مؤخراً ويعيد للعلاقات حيويتها من جديد. إعداد: مريم مرغيش